Al-Quds Al-Arabi

«الغارديان»: الإمارات استخدمت «بيغاسوس» لملاحقة عضو في البرلمان البريطاني ومقربين من الأميرة هيا

-

قالت صحيفــة «الغارديان» إن الإمــارات مرتبطة بوضع مئات مــن المســؤولي­ن والأفــراد البريطانيي­ن علــى قائمــة للمراقبة من خــال برنامج التجســس «بيغاســوس» الذي أنتجته الشــركة الإسرائيلي­ة «أن أس أو غروب».

وأضافت إن عضواً في مجلس اللوردات البريطاني ورد اسمها على قائمة 400 شخص تظهر أرقام هواتفهم البريطانيـ­ـة فــي القائمة التي حددها عمــاء «أن أس أو غروب» خــال الفترة ما بــن ‪2019. 2017-‬ وتبدو الإمارات الحكومة الرئيســية التي قامت بمتابعة أرقام واختيارها للمراقبة أو المراقبة المحتملة. وهي من بين 40 دولة حصلت على برنامج «بيغاسوس» الذي يستطيع سرًا اختراق الهواتف المحمولة والسيطرة عليها.

ويُعتقــد أن حاكم دبي، محمد بن راشــد آل مكتوم، من الزبائن الذين اشــتروا «بيغاســوس». فقد وردت على القائمة هواتف ابنته الشيخة لطيفة التي حاولت الهروب من دبي عام 2018، وكذا اســم زوجته السابقة الأميرة هيا الحسين التي هربت من البلد عام 2019. كما وردت أسماء عدة نساء على علاقة مع المرأتين، خاصة في حالة الأميرة هيا.

وفي سلسلة من التصريحات، قالت الشركة المنتجة للبرنامــج إن ظهور الاســم لا يعني أنه إشــارة على مراقبته أو احتمال المراقبة: «ظهور الاســم ليس جزءاً من أهداف بيغاسوس أو الأهداف المحتملة» وقالت إن الأرقام في القوائم لا علاقــة لها بمجموعة «أن أس أو» بأي طريقة.

لكــن «الغارديان» والمؤسســا­ت الإعلامية الأخرى ترى أن ورود الرقم يعني أن صاحبه هو شخصية مهمة للمراقبة، وتضم القائمة هواتف أشخاص حول العالم ظهرت علامات بيغاسوس عليها بعد الفحص.

ومــن الأرقــام البريطانية التي وردت فــي القائمة الإماراتية، ليدي أودين، عضو مجلس اللوردات والتي ورد رقمهــا بــن 2017 و2018. وقالت إنهــم لو كانوا يتجسســون على أعضاء البرلمان فسيكون هذا بمثابة «خرق للثقة» و»تعارض مع سيادتنا». وورد رقم محامٍ يعمل بالنيابة عن الأميرة هيا. وكذلك جون غوسدين، مدرب الخيول الذي يعمــل في نيوماركت وكان صديقا للأميرة هيا، وهي نفســها فارســة، وأيضاً أرقام عدد من فريــق العلاقات العامة التابع للأميرة. كما ورد رقم جون تيشمان، المدير التنفيذي لمركز الأبحاث في المعهد الدولي للدراســات الاســترات­يجية الذي نظم مؤتمراً عــن البحرين، حليفة الإمارات. وكــذا ماثيو هيدجيز، الباحــث البريطاني الذي اعتقلتــه الإمارات وحكمت عليه بالســجن بتهمة التجســس لصالــح الحكومة البريطانية في 2018 قبل أن يُفرج عنه. وقال هيدجيز: «أريد أن أعرف ماذا ستفعل الحكومة البريطانية حيال هذا ؟».

رئيسة تحرير «فايننشال تايمز»

ومن الأســماء الأخرى رولا خلف، رذيســة تحرير صحيفة «فايننشــال تايمــز» التــي ورد رقمها عندما كانــت نائبة لرئيــس التحرير فــي 2018. وقالت «أن أس أو» لاحقــاً إنه لم تجر محاولــة أو عملية اختراق ناجحة لهاتف خلف. وفي بداية هذا الأســبوع، كشفت «الغارديان» عــن ورود رقم محامي حقوق الإنســان رودني ديكســون، الــذي عمل مع هيدجيــز وخديجة جنكيز، خطيبة الصحافي جمال خاشــقجي الذي قتل في القنصلية السعودية عام 2018.

وقال محامون عن «أن أس أو» إنه من المستحيل على السعودية اســتهداف هاتف ديكســون. لكن الفحص الجنائــي لهاتفــه والذي قــام به «ســيكيورتي لاب» التابع لأمنستي إنترناشــو­نال، أشار إلى نشاطات لها علاقة ببيغاســوس لكن دون نجاح. وقامت أمنســتي بفحص هاتفــن لرقمــن بريطانيين، وكشــف واحد منهما نشــاطات في هاتف ديكسون من طراز «أيفون» أما الثانــي فهاتف «أندرويد» ولــم يظهر أي محاولات ونشــاطات ناجحة لاختراقه عبر بيغاسوس. ولم ترد السعودية أو الإمارات ودبي على طلبات التعليق.

وقال تيل دانيكل، المحامي الألماني الذي يمثل الشيخ محمد بن راشد لصحيفة «سادوتشي زايتونغ»: «ينفي عميلنا بشــدة أي محاولة اختراق لهواتف الأشخاص الواردة في طلبكم أو أنه أمر بهذا». وقال ممثلون عنه، إن الشيخ خاف في السابق من أن ابنته الشيخة لطيفة تعرضت لحادثة اختطاف، ولهذا أمر بعملية إنقاذ لها.

وأكدت الشــركة المنتجة للبرنامج، أنها لا تستطيع الوصول إلى البيانات التي يجمعها زبائنها. وفي بيان عبر محاميها، قال إن تحالف مشــروع «بيغاســوس» قام بتقــديم «افتراضات غير صحيحــة» حول الزبون الذي قام باســتخدام التكنولوجي­ا. وظهر الناشطون والمعارضون في بريطانيا على القائمة الإماراتية، وهو ما يثير أسئلة حول الإمارات المرتبطة تقليدياً بعلاقات تجارية وتعتبــر حليفاً مهماً للمملكــة المتحدة، ويملك حكام أبو ظبي نادي «مانشستر سيتي» الإنكليزي.

وتحولت الإمــارات بســرعة إلى قــوة إلكترونية يديرهــا محمد بن زايــد، ولي عهد أبو ظبــي، وأخوه طحنون بن زايــد، مدير الأمن القومــي. وقالت ثلاثة مصادر، إن شــركة «أن أس أو» جرّدت في العام الماضي دبي من رخصتها. وقالوا إن هذا بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنســان، لكنهم لم يختلفوا في أن القرار نابع من استخدام الشيخ محمد البرنامج ضد عائلته.

أين دور «أم أي فايف»؟

ولا يُعرف إن كانت «أم أي فايف» وكالة الأمن الداخلي البريطاني واعية بالأنشــطة التجسســية الإماراتية. وبشــكل عام، فلو علمت بوجود رقابة على أفراد، فإنها تقــوم بتحذيرهــم، خاصة لــو كانــت حياتهم عرضة للخطــر. لكن الحكومــة البريطانية أصــدرت توبيخاً مبطناً للإمارات بعد الكشــف عن مشروع بيغاسوس. وقال متحدث باســم الحكومة البريطانيـ­ـة: «من المهم أن يستخدم لاعبو الســايبر بطريقة قانونية، مسؤولة ومتناســبة، والتأكد من بقاء الفضاء الســيبران­ي آمناً ومكاناً مزدهراً للجميع».

وتســاءلت الصحيفة عن ســبب اختيار أشخاص للرقابة، فأودين كانت أول مســلمة يتــم اختيارها في مجلس اللوردات، لكنها لم تكن متخصصة في الشؤون الخارجية، «لو كان التجســس الذي حدث ضد واحدة من أعلى مؤسسات الســيادة في البلد، فستثار أسئلة إن كانــت حكومتنا واعية بالأمر». أمــا ماثيو هيدجيز، فقــد كان طالب دكتوراة في جامعــة درام ووضع رقمه على القائمة في آذار/ مارس 2018، أي قبل شــهرين من اعتقاله. وكان يجمع معلومات حول بحث عن الإمارات.

ونفت وكالة الأمن الخارجي البريطانية «أم أي 6» أن يكون هيدجيز عميــلًا لها. ولم تكن هناك فرصة لفحص هاتف هيدجيز نظرا لمصادرة الســلطات الإماراتية له. وظهر اسم محمد كزبر، مدير مسجد فينزبري بارك على القائمة عام 2018. والمسجد يعتبر من أشهر المساجد في بريطانيا بعدما كان مركزا لنشــاطات حركة متشــددة بزعامة أبو حمــزة المصري، لكن المســجد أصبح تحت إدارة جديدة تتواصل مع المجتمــع. وكان مركزاً لتقديم لقاحات كوفيد-19 في الفترة الأخيرة.

وقال كزبر إنه فوجئ بكونه شــخصاً مثيراً لاهتمام الدولة الخليجية. وعبّر عن مخاوفه من «إمكانية تعرض المواطنين البريطانيي­ن للانتهاك من كل دولة في العالم» حتى تشــجب الحكومة البريطانية إســاءة استخدام برنامــج «أن أس أو» حــول العالــم. أمــا المعارضون الذين ركّز بعضهم على الســعودية والبحرين وناشط بريطاني واحد، فقد ظهرت أرقامهم على قائمة الإمارات.

وتضــم القائمــة آلاء الصديق )33 عامــاً( المولودة فــي الإمــارات، وتوفيــت في حــادث ســير بمنطقة أوكسفوردشـ­ـاير الشــهر الماضي. وكانــت آلاء مديرة منظمة القسط لحقوق الإنســان، وبعد حديث الشرطة مع منظمتهــا، توصلت إلى أنه لا توجــد دوافع غامضة وراء وفاتها. ومن بين الأسماء التي وردت على القائمة أيضا، هاتف سعيد الوادعي، المدافع عن حقوق الإنسان في البحرين. واختارت رقمه الإمارات.

ودعا الوداعي الحكومة البريطانية «للحديث ووقف دفاعها عن هذه الحكومة المســيئة». كما ورد رقم هاتف روري دوناهي، الناشــط في حقوق الإنسان وذلك في الفترة ما بين ‪-2018 2017‬ حســب تحليــل البيانات. وكان عرضــة لعملية اختراق إماراتيــة أخرى لا علاقة لها ببرنامج بيغاســوس. وعمل دوناهــي لمدة 3 أعوام مع موقع «ميدل إيست آي» في لندن والذي ينتقد دائماً الإمارات. ولكن وقت وضع رقمه على قائمة الأهداف كان يعمل في شــركة استشارية للشرق الأوسط متخصصة في سوريا وأزمة اللاجئين.

كما ورد اسم رئيسة الجمعية الإسلامية البريطانية رغد التكريتي، والتي كانت أول امــرأة تقود الجمعية. وكانت فــي الماضي نائبة رئيس مؤسســة قرطبة التي أنشــأها أخوها أنس التكريتي لدعم الحــوار الثقافي المتبــادل حيث ورد اســمها ما بــن 2017-2019. وتم اختيار عدد من موظفي ثلاث شــركات أمنية بريطانية، وفي حالة واحدة، ورد اســم مدير الشــركة مع رقمين يعــودان لزوجته. وتتعاون الشــركات مــع عملاء في الخليج.

الأميرة هيا

وأشــارت الصحيفة إلــى الأميرة هيــا التي وصلت مــع ولديها في نيســان/ أبريل 2019 إلــى لندن هاربة من زوجها حاكم دبي، كانــت تعتقد أن قضية الحضانة ســيتم حلها في قاعة المحكمة، لكنها لم تعرف أن رقمها وأرقام مساعديها والمستشاري­ن لها وأصدقاءها دخلت

في نظــام كمبيوتر في إمــارة دبي، الزبــون لبرنامج بيغاسوس.

فرقــم الأميرة هيــا وثمانية من المقربــن لها ظهرت على قاعــدة بيانات لأرقام الهواتــف الذين يعتقد أنهم اعتبروا شــخصيات مهمة لزبون «أن أس أو». والأرقام التي سُربت عبر الموقع غير الربحي «فوربدن ستوريز» ضمت مساعدها الشخصي ومســؤولاً بارزاً في شركة أمن خاصة، وواحداً من المحامين الذين يقدمون النصح لها بشأن حضانة ولديها. وما نعرفه عن قضية الأميرة هيا ورد في جلسات المحكمة، وبدأت علاقتها مع الشيخ محمد التي كانــت ودية، لكنها تدهــورت بعد المحاولة الفاشلة لهروب الشيخة لطيفة.

الشيخ محمد: تلقيت أخباراً سيئة عنك

وبدأت الأميرة هيا تبحث عن وضع الشــيخة لطيفة وســامتها، لكنها بدأت تواجه جواً معادياً من الشيخ ومســاعديه. وفُصل المســاعدو­ن الموثوقون لها دون موافقتهــا، ومُنعت من الدائرة المقربة من الشــيخ مما كان بمثابة «صفعة علنية على الوجه». واكتشــفت أن الشــيخ محمد طلقها شرعياً في 7 شباط/ فبراير 2019. وهي ذكرى وفاة والدها دون إخبارها.

وبعد أســابيع اتصل بها الشــيخ محمــد وقال لها: «تلقيت أخبارًا ســيئة عنك» في إشــارة غير مباشرة لعلاقتها مع أحد حراســها وقال لها «بدأت أشك فيك». وقالــت الأميرة هيا للمحكمة إنها شــعرت بالرعب من المكالمة. ووجدت رسائل مجهولة وحتى أسلحة في غرفة نومها. وفي 11 آذار/ مارس 2019، هبطت مروحية أمام بيتها، وقال قائدها إنه جاء لنقل سجين إلى العوير.

وحاولت الأميــرة نزع الأزمة بتصويــر الأمر على أنه نكتة، حيث غادرت الطائرة لاحقاً. وأخبر الشــيخ المحكمــة أن الحادث كان «مجرد خطأ». وكتب الشــيخ محمد، وهو شــاعر هاوٍ قصيدة أشار فيها إلى هيا. ففي شــباط/ فبرايــر 2019 كتب قصيــدة «ضربة حظ مرة أخرى» وقال فيها إن روحه تعافت منها، وأنه لا يشــعر بالسعادة عند رؤية وجهها.

وفي قصيدة أخرى قال إنه لم يعد يهتم لو كانت حية أو ميتة. وهو ما قادها إلى نتيجة وهي أن حياتها لم تعد آمنة، ولا يمكن استمرار الوضع على ما هو عليه. وبعد وصولها إلى لندن، بدأ رقمها وأرقام مساعديها بالظهور في قاعدة بيانات «بيغاسوس».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom