Al-Quds Al-Arabi

«الشيوعي» و«التجمع الجمهوري» لن يشاركا في انتخابات العراق

اعتبرا أنها ستعيد إنتاج المنظومة السياسية ذاتها

- بغداد ـ «القدس العربي»:

قرر الحزب «الشــيوعي» وحزب «التجمع الجمهــوري» العراقيان، تعليق مشــاركتهم­ا في الانتخابات التشــريعي­ة المبكّرة المقررة في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، معتبرين إن المشــاركة في العملية الانتخابية يعيد انتاج المنظومة السياسية ذاتها، التي حمّلوها نتيجة الأزمات التي يعاني منها الشعب العراقي. ووفقاً للجنة المركزية للحزب الشــيوعي العراقي، فإن «في ظل تعمق الأزمة السياســية والاجتماعي­ة في البلاد متمثلة في استحواذ القوى المتنفذة على المشــهد السياســي، وتحكمها بمصائر البلاد ووجهة التطور الاجتماعي، وفي تفشي الفساد وعدم محاسبة رؤوسه، وفي عمليات الاغتيال والاختطاف والترويع، إضافة إلى تردي الأوضاع المعيشــية للنــاس، خصوصا الكادحين، بفعل تزايــد الفقر والبطالة وغياب الخدمات الأساســية، في ظل هذه الأجواء المعقــدة والمثقلة بالأزمات والمخاطر، لم يعد الحديث عــن توفير أجواء مؤاتية لإجراء انتخابات حرة نزيهة ســوى وهم تفضحه الوقائع اليومية المأســاوي­ة ومعاناة الملايين المريرة».

وأضافت، في بيان صحافي: «انطلاقا من ذلك، جاء إعلاننا تعليق المشــاركة في انتخابات تشرين الأول /إكتوبر، في بيان اللجنة المركزية للحزب الصادر في 9 أيار/مايو 2021 حيث اعتبرنا أن مشاركتنا لا يمكن أن تتم دون توفر الشروط الضرورية لضمان إجراء انتخابات نزيهة عادلة نريد لها، انسجاما مع ما عبرت عنه إرادة انتفاضة تشــرين، أن تكون رافعة للتغيير المنشود. وأكدنا أن، ما لم تتوفر بيئــة انتخابية آمنة، عبر قانون انتخابات عــادل ومفوضية انتخابات مســتقلة حقا، وإجراءات تمنع اســتخدام المــال السياســي، وتوقف انفلات السلاح، وتحاســب رؤوس الفساد، وما لم تتم الاســتجاب­ة لمطالب المنتفضين العادلة والكشــف عن منفذي أعمال الاغتيال ومــن يقف وراءهم، ما لم يتحقق هذا، فإن المشاركة في الانتخابات لن تكون سوى عملية إعادة انتاج للمنظومة السياسية ذاتها، منظومة المحاصصة والفساد، ولاّدة الأزمات والمآسي».

وتابع: «ارتباطا بذلك واســتجابة لتطورات الواقع، قررت اللجنة المركزية العــودة إلى تنظيمــات الحزب، لاتخاذ قــرار جماعي عبر اســتفتاء أعضائه كافة بشــأن المشــاركة في الانتخابات او مقاطعتها. وقــد تم ذلك بالفعل أوائل تموز /يوليو الحالي، وجاءت نتائج الاســتفتا­ء الذي يعد تجســيدا للممارسة الديمقراطي­ة الداخلية، مؤيدة المقاطعة بأغلبية واضحة. علما أن نســبة عالية مــن أعضاء الحزب في ســائر منظماته في المحافظات جميعــا وخارج الوطن، شاركوا في الاســتفتا­ء بنشــاط. وينتمي هؤلاء الرفاق إلى شرائح اجتماعية متنوعــة، الأمر الذي يبيّــن أن عيّنتهم لا تمثل الشــيوعيي­ن فقط، وإنما تعكس مزاجا شعبيا واضحا».

ورأى الحزب أن «لا حاجــة هنا، للتأكيد، أن مقاطعتنــا الانتخابات في ظل الأزمات الخانقة الراهنة لا تســتهدف العملية الانتخابية كممارسة ديمقراطية، وإنها بالنسبة إلينا أحد أساليب العمل السلمي من أجل التغيير، الذي يستدعي الجمع بين كل أشكال الكفاح الجماهيري والسياسي والفكري والاقتصادي. كما إنها ترتبط كشــكل من أشــكال الكفاح، بهدفنا الواضح في التغيير الرامي إلى إقامة دولة مدنية ديمقراطية على قاعدة العدالة الاجتماعية».

وزاد: «إننــا اليوم أمام مهمة التغيير الحقيقــي والمعالجة الجذرية، الرامين إلى تغيير النهج السياسي المسؤول عن الأزمة المتعمقة، كذلك النهج الاقتصادي الذي أدى إلى تراكم الثروات بيد فئة اســتغلالي­ة ضئيلة وأقلية حاكمة متنفذة على حســاب غالبية الشــعب المســحوقة والمحرومــ­ة، وإلى ديمومــة البنى الاقتصادية الهشة، وإعاقة تطور القطاعات الوطنية الإنتاجية».

تغيير المسار السياسي

وفيما دعا الحزب إلى «المقاطعة» حثّ أيضاً على «تغيير المســار السياســي بالقطيعة مع نهج المحاصصة والطائفية السياســية الــذي قامت عليه العملية السياســية المأزومة، وتحقيق الديمقراطي­ة التي يهددها من يلجؤون ؤلى المال السياسي والســاح المنفلت والتزوير واشاعة ثقافة الفساد، ومن يلتفون على أية امكانية لإنقاذ البلاد من الهاوية التي تنحدر نحوها».

ومن خلال المقاطعة، دعا الحزب «جماهير شــعبنا المكتوية بنار المحاصصة والفســاد، وعوائل شــهداء انتفاضة تشــرين وقادتها الشــجعان وشبابها الأبطال وكل داعميها الوطنيين، وندعو ســائر قوى شعبنا الحية وكل من يعز عليهم مســتقبل البلاد ووجهة تطورها الاجتماعي السلمي، إلى توحيد الجهود والنضال من أجل إصلاح كامــل المنظومة الانتخابية، وســن قانون انتخابي عــادل، وتحقيق شــروط إجراء الانتخابــ­ات النزيهة، التي تعبر فيها أوســع جماهير الشــعب عن إرادتها الحرة، دون تلاعب وتزويــر، في اختيار ممثليها الوطنيين الحقيقيين .»

ولفت الحزب إلى «الحاجة الماســة لمنظومة كاملة من الإجراءات السياسية والاجتماعي­ة والاقتصادي­ة المدروسة، الرامية إلى إنقاذ البلاد من الأزمة الخانقة وتحقيق التغيير. فمن دون هذه الإجراءات، سيستمر التدهور ويتعمق، ويعاد إنتاج المنظومة السياسية الحاكمة بما يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.»

وأهــاب بمنظماتــه وأصدقائــه أن «يعملوا بنشــاط على تفعيــل الحراك الجماهيري، وتصعيده وتنويع أســاليبه الســلمية في مواجهــة التحديات، والانفتاح على أوســع الجماهير والســير فــي طليعتها، دفاعا عــن حقوقها وحرياتها، وتحفيزا لكفاحها من أجل الديمقراطي­ة والعدالة الاجتماعية.»

كذلك، أعلنت الامانة العامة لحزب التجمع الجمهوري العراقي، برئاسة سعد عاصم الجنابي، قرارها بالانسحاب من المشاركة في الانتخابات المقبلة.

لن تفضي لتغيير

وجاء في بيــان أصــدره التجمّع، «عقــدت الأمانة العامة لحــزب التجمع الجمهــوري العراقي اجتماعاً مهمــاً تداولت فيه طبيعة الاوضاع السياســية والاقتصادي­ــة والأمنيــة والصحية والتراجعــ­ات الخطيرة التــي باتت تهدد المقومات الاساسية للحياة العامة في المجتمع العراقي» خرجت من خلاله بقرار الانسحاب.

وقالت أمانة الحزب إن «بقاء الساحة العراقية على نفس ذات النهج المتحكم بأوضاع البلد لقوى المحاصصة والفســاد والطائفية السياسية المتنفذة، يعزز الإدراك لدى الكيانــات الوطنية أن الانتخابات المقبلة لن تفضي إلى إحداث أي تغيير في المشهد السياسي العراقي».

وأضافت: «لقد ناقشــنا بعمق مع العديد من القوى الوطنية والمدنية جميع تلك المســائل وأكدنا علــى أهمية أن تتوفر فــي الانتخابات المقبلة الشــروط الأساســية التي تضمن نزاهة العمليــة الانتخابية وعدالتهــا وإيجاد البيئة الآمنــة للناخبين والمناخ الديمقراطي البعيد عن الضغوط وما جاءت به مطالب انتفاضة تشــرين البيضاء، بما يتناســب وحجم التضحيات المقدمة من دماء الشهداء والجرحى، إلا أن المال السياسي الذي بات يبذخ لشراء الذمم بطريقة لا أخلاقية واتســاع دور الميليشــي­ات وســاحها المنفلت خارج إطار القانون وضيــاع هيبة الدولــة ورواج تجارة المــوت والمخدرات التــي أصبحت تهدد بشــكل خطير البنية الأساسية للمجتمع ومستقبل الأجيال، إلى جانب أساليب التضليل بمحاســبة رؤوس الفســاد الصغيرة وترك الحيتــان الكبيرة، جعل الصورة التي ســتكون عليها الانتخابات المقبلة شبيهة إلى حد كبير بسابقاتها من حيث المضمون والنتائج». وزادت: «لقد عمل حزبنا عبر الســنوات الماضية على القيام بالــدور الإيجابي المطلوب في إصلاح العملية السياســية، غير أن إرادة قوى الفســاد والمحاصصة هي التي تتحكم بالمسارات، وهي التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه الآن من تراجعات خطيرة، إذ بات ساحة مستباحة من قبل قوى إقليمية ودولية معينة وفقد العراق هيبته واســتقرار­ه وأنعكس ذلك على الوضع الداخلي المأســاوي الذي يعيشه أبناء شعبنا في ظل ظروف اقتصادية وصحية وبيئيــة وأمنية بالغة الخطورة، كانت حجر عثــرة وعقبة في طريق العمل الوطني الحر الساعي لتقدم البلد بعيداً عن الإرادات الخارجية».

ووفقاً لما تقدّم، قررت الأمانة العامة لحزب التجمع «الانســحاب من المشاركة في الانتخابات المقبلة، وتؤكد أن قرارنا هذا يمثل انحيازاً لمصالح أبناء شــعبنا وتأكيداً لمنهجنا الثابت في الالتزام بالمنهج الوطني القائم على أساس بناء دولة المواطنة والمؤسسات والعدالة الاجتماعية )الدولة المدنية الديمقراطي­ة)».

وفي 15 تموز/ يوليو الجاري، قال زعيــم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، إنه لن يشارك في الانتخابات العراقية المقبلة، وسحب دعمه للحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، والحكومة التي تليها.

في المقابل، لم تتلق مفوضية الانتخابات أيّ طلبٍ رسمي من حزب سياسي أو تحالف أو تكتّل انتخابي، بالانسحاب من السباق الانتخابي.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom