Al-Quds Al-Arabi

آلية تنفيذ مبادرة رئيس الوزراء السوداني

- ٭ كاتب سوداني

■ نواصل تقديم المقترحات والتنبيهات بشأن مبــادرة الأخ رئيس مجلس الوزراء، إتســاقا مع موقفنا الداعي إلى التعامل الإيجابي مع المبادرة، والذي ينــادي بالتفاعل العملي مــع مقاصدها ومراميها، بــدلا عن التعامل الســالب الذي يكتفي بطرح الأسئلة والتعليقات الكســولة وغير المفيدة، أو يتخذ وضعية المراقب ويتوقف عند الإنتقادات دون طرح البدائل. وللتذكير، فإننا حتى اللحظة قدمنا مجموعة من الإقتراحات والتنبيهات، ضمت:

1 ـ أن تلتــزم الحكومة وتتقيــد بمبدأ المراجعة والتقــويم في إطار ثلاثية المشــاورة والشفافية والمساءلة، وأن تنشــئ، في هذا السياق، آلية مناسبة يُخاطب بها رئيس الوزراء الناس بشكل منتظم، راتب ودوري.

2-أن يُســرع رئيس الوزراء بعقد مؤتمر مائدة مســتديرة وفق المحاور المطروحــة في المبادرة، للتوافــق حول كيفية إنقاذ الوضــع الراهن المأزوم، وحتى لا يتسلل الفشــل إلى خلايا الفترة الإنتقالية، على أن يخلص المؤتمر إلى مقررات قابلة للتنفيذ، ولا ينتهي إلى مجرد أوراق وأطروحات تظل معلقة في الهواء.

3 ـ إنشاء مكتب يتبع مباشرة لرئيس مجلس الوزراء، متخصص في رسم السياسات العامة ويساعد ويدعم الحكومة في عملية إتخاذ القرار على ضوء حيثيات علمية يوفرها المكتب.

4 ـ أن يشــرف رئيس الــوزراء على تفعيل آلية متابعــة تنفيذ القرارات، ســوى عبر إجتماعات مجلس الوزراء أو عبر الوحدات المتخصصة بمتابعة التنفيذ في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، والعمل الجاد لإكتشاف كل إمكانات الأمانة، والإستفادة القصوى منها.

5 ـ أن يكون المجلس القومي للتخطيط الإســترات­يجي ضمن أهم أولويات إهتمامات الحكومة الإنتقالية.

تنص الفقرة الأخيرة في مبادرة الأخ رئيس الوزراء على أنه حال الإتفاق على القضايا الواردة في المبادرة، يتم تكوين آلية مشــتركة من كل الأطراف لمتابعــة تنفيذها، وتطوير الإتفــاق بين مختلف مكونات الفتــرة الإنتقالية. بالنســبة لتطوير الإتفاق، فأعتقد أن مكانه مؤتمر المائدة المستديرة، والذي ضمّنا تفاصيله في إقتراحنا الثاني الذي ناقشــناه مــن قبل، أو أي وعاء أو منبر آخر يُتوافق عليه.

أما الآلية المشــتركة مــن كل الأطراف لمتابعــة التنفيذ، فنــرى، وهذا هو إقتراحنا السادس، أن يقوم الأخ رئيس الوزراء بتشكيلها فورا، بعد التشاور مع الجهات المعنية. وهنا أشير إلى أن فهمي لعبارة «كل الأطراف » هو أن تشمل القــوى خارج الحرية والتغيير وخارج مجلس شــركاء الفتــرة الإنتقالية، المؤمنة بالثــورة وبميثاق الحرية والتغيير، وخاصة القوى الشــبابية التي ظلت تهدر في الشوارع دفاعا عن روح الثورة، لأن بخلاف ذلك ستكون الآلية مجرد إستنســاخ لمجلس الشركاء، لا طعم له ولا لون!. الإسراع بتشكيل هذه الآلية يعني التقدم خطوة في إتجاه تنفيذ مهام الفترة الإنتقالية الواردة في متن مبادرة الأخ رئيــس الوزراء، والتي تتطابق تمامــا مع المهام المنصوص عليها في الوثيقة الدســتوري­ة التي تحكم الفتــرة الإنتقالية. فالفصل الثاني في الوثيقة الدســتوري­ة، حدد بدقــة المهام المطلوب إنجازهــا خلال الفترة الإنتقاليـ­ـة، وكان كل المطلــوب من حكومتنــا الإنتقالية إضافــة التفاصيل الضرورية والعملية، ثم تحويل هذه المهام إلى برنامج عمل ومصفوفة جاهزة للتنفيذ وفق جدول زمني محدد. وهذه المهام تشــمل: 1 ـ وقف الحرب الأهلية وتحقيق الســام الشامل والعادل. 2 ـ محاسبة منســوبي النظام البائد عن كل الجرائم التي إرتكبوها بحق الوطن والمواطن منذ إغتصابهم الســلطة. 3 ـ تفكيك بنية التمكين لنظام الإنقاذ وبناء دولة القانون والمؤسسات. 4 ـ إلغاء القوانــن والنصوص المقيدة للحريات. 5 ـ الإصــاح القانوني وإعادة بناء المنظومة العدلية بما يحقق ويضمن إستقلال القضاء وسيادة حكم القانون. 6 ـ تســوية أوضاع المفصولين تعســفيا من الخدمة المدنية أو العسكرية. 7 ـ إيقاف التدهور الاقتصادي وتخفيف أعباء المعيشــة وإرساء أسس التنمية المســتدام­ة. 8 ـ إصلاح أجهزة الدولة المدنية والعســكري­ة بما يحقق قوميتها وعدالة توزيع الفــرص دون الإخلال بمبــدأ الأهلية والكفــاءة. 9 ـ إنتهاج سياســة خارجية متوازنة على أساس الإســتقلا­لية والمصالح المشتركة. 10 ـ توفيــر خدمات الصحة والتعليم والســكن والضمان الإجتماعي وإصحاح البيئة. 11 ـ عقد المؤتمر القومي الدســتوري وإنشــاء آليات وضع الدستور الدائم للبــاد. 13 ـ إجراء تحقيق شــفاف ودقيق في جريمــة مجزرة فض الإعتصام في الثالث من يونيو/حزيران 2019. 14 ـ سن التشريعات وتكوين الآليات الضرورية مثل المفوضيات، قوانين العمل النقابي...الخ.

صحيح أن المهام المذكورة في المبادرة تكاد تكون متطابقة، وقع الحافر على الحافر، مع تلك المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، وبالتالي هي واجبة التنفيذ، بــل أن تقصير الحكومة حيــال تنفيذها يعد خرقا دســتوريا. ومع ذلك فإن الآلية المشــتركة المقترحة في مبادرة رئيــس الوزراءـ قد تعالج هذا القصور وهذا الخرق، والذي إمتد لأكثر من عامين، إذ أنها في إعتقادي ستمثل مصدرا ودافعا لبــث الإرادة والعزيمة والثقة في مجلس الــوزراء، كما أنها ســتتيح منبرا ملائما لإدارة حوار بناء حول كيفية تنفيذ المهام الأكثر تعقيدا مثل إصلاح القطاع الأمني والعســكري، تأكيد ولايــة وزارة المالية على المال العام...الخ، فهذه القضايا، وغيرها، تحتاج إلى تفاهمات وحوارات صريحة وشفافة، بعيدا عن العنتريات والضجيج الإعلامي الذي لا طائل له، بل يغذي بذور الخلافات والإنقســا­مات. كما أن الآلية يمكــن أن تتولى مهام التحضير لمؤتمر المائدة المســتدير­ة المقترح، أو لأي شكل آخر للحوارات المجتمعية حول قضايا المبــادرة وكيفية إنجاح الفترة الإنتقالية. مختصر الكلام، أن يشــكل رئيس وزراء هذه الآلية المشــتركة اليوم قبل الغد، وإلا فإن المبادرة ستنتهي إلى مجرد زوبعة في فنجان.

الإقتراح الســابع، وهو تنبيه للأخ رئيس الوزراء إما أن يُســرع، وفورا، بتشكيل المفوضيات القومية، ليس لأنها إستحقاق دستوري منصوص عليه، ولكن الأهم من ذلك، لأنها الآليات الرئيســية لاستعادة الدولة المخطوفة من براثن النظــام البائد لصالح دولــة الوطن، أو يخرج للنــاس ليحدثهم عن المعوقات التي تمنعه من ذلك. هذا التنبيه كررناه كثيرا، وســنظل نكرره إلى أن يُنجز أو يســقط، وعندها قطعا ستســقط الحكومــة الإنتقالية في عيون الثورة والثوار.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom