Al-Quds Al-Arabi

الديمقراطي­ة التونسية تواجه أكبر أزمة منذ الإطاحة بنظام بن علي

-

■ تونــس - رويتــرز: واجهت تونس أكبــر أزمة لها منــذ تذوقها الديمقراطي­ة قبل عشــر ســنوات أمس الاثنين بعــد أن أطاح الرئيس قيس سعيد بالحكومة وجمد أنشــطة البرلمان بكل اختصاصاته وذلك بمســاعدة من الجيش في خطوة وصفتها الأحزاب الرئيسية، بما في ذلك الإسلاميون، بأنها انقلاب.

وجاء ذلك بعد أزمات وخلافات دامت عدة أشــهر بين ســعيد، وهو سياسي مستقل، ورئيس الوزراء هشام المشيشي وبرلمان منقسم على نفســه في وقت انزلقت فيه تونس في أزمة اقتصادية تفاقمت بســبب جائحة كورونا التي فتكت بالبلاد.

وندد رئيس مجلس النواب راشــد الغنوشــي، الــذي يرأس حزب النهضة الإســامي المعتدل الذي لعب دورا فــي الحكومات الائتلافية المتعاقبــ­ة، بهذه الخطــوة باعتبارها اعتداء علــى الديمقراطي­ة ودعا التونسيين للخروج إلى الشوارع احتجاجا عليها.

وتراشــق أنصار الفريقين المتناحرين بالحجارة أمام مبنى البرلمان صباح أمــس الاثنين ممــا أدى لوقــوع إصابات. وجلــس رجل على الرصيف والدماء تنزف من رأسه.

وانتشــر الجيش، الذي لم يعلق بعد على تحركات سعيد، عند مقر الحكومة في القصبة ومنع الموظفين من دخول المبنى. كما حاصر جنود البرلمان ومنعوا رئيسه المنتخب راشد الغنوشي من دخوله.

وقالت قنــاة الجزيرة التلفزيوني­ة إن الشــرطة اقتحمت مكتبها في تونس وطردت العاملين فيه.

وفي بيان صدر في ساعة متأخرة من مســاء الأحد استخدم سعيد الدستور لإقالة رئيس الوزراء هشــام المشيشي وتجميد عمل البرلمان لمدة 30 يوما قائلا إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد.

وقال مصدر مقرب من المشيشي ومصدران أمنيان إن المشيشي، وهو أيضا مستقل، في منزله وليس رهن الاعتقال. ولم يذكر سعيد بعد متى سيعين رئيسا جديدا للوزراء. وجاءت هــذه الخطوة بعد يوم مــن الاحتجاجات ضــد الحكومة وحزب النهضة، وهو أكبر حزب في البرلمان، عقب زيادة في الإصابات بفيروس كورونا وتزايد الغضب من الشــلل السياســي والمشــكلا­ت الاقتصادية.

ويشكل هذا أكبر تحد حتى الآن لتونس بعد ثورة 2011 التي أطلقت شرارة "الربيع العربي" وأطاحت بالحكم المطلق لكنها فشلت في تحقيق الحكم الرشيد أو الرخاء.

وفي الســاعات التي أعقبت إعلان ســعيد تجمعت حشود ضخمة لدعمه في العاصمة تونس ومدن أخــرى وتعالت الهتافات والزغاريد في الوقت الذي طوق فيه الجيش مبنى البرلمان والتلفزيون الحكومي.

تجمع أنصار ســعيد وأنصار حزب النهضة خارج مبنى البرلمان في وقت مبكر من صباح اليوم وتبادلوا الســباب والإهانات وتراشــقوا

بالزجاجات.

وقال شــاب ذكر أن اســمه أيمن "نحن هنا لحماية تونس. رأينا كل المآسي في ظل حكم الإخوان المسلمين". وكان يشير إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تأسســت في مصر في 1928 والتي ألهمت الإسلاميين في مختلف أرجاء العالم العربي ومنهم حزب النهضة.

وفي الســنوات الأخيــرة نأى حزب النهضة بنفســه عــن جماعة الإخوان المسلمين قائلا إنه لا علاقة له بالجماعة التي أطاح بها الجيش من حكم مصر في 2013 بتشجيع من مظاهرات حاشدة ضد حكمها.

وشــبه عماد العيادي العضــو في حزب النهضة ســعيد بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان في 2013.

وقال إن سعيد "هو السيســي الجديد" الذي يريد السيطرة على كل السلطات وأضاف أن الحزب سيتصدى للانقلاب على الثورة.

ووصل الغنوشــي إلى مبنى البرلمان في الساعات الأولى من صباح الاثنين حيث قال إنه سيدعو إلى جلسة تحدٍ لسعيد لكن قوات الجيش المتمركزة خارج المبنى منعت الغنوشــي البالغ مــن العمر 80 عاما من الدخول.

وقال خارج مبنى البرلمان إنه يعترض على جمع كل السلطات في يد شخص واحد.

ورفض سعيد، السياســي المستقل الذي تولى الســلطة في 2019، الاتهامات بأنه قام بانقلاب. وقال إنه اســتند في إجراءاته على المادة 80 مــن الدســتور ووصفها بأنها رد شــعبي على الشــلل الاقتصادي والسياســي الذي تعاني منه تونس منذ سنوات. وقالت الأحزاب ذات الأعداد الأكبر من مقاعد البرلمان إن المادة 80 لا تدعم خطوة سعيد.

وانضم حزبان رئيسيان في البرلمان وهما قلب تونس والكرامة إلى حزب النهضة في اتهام ســعيد بالانقلاب. وقال سعيد، في بيانه الذي أعلن فيه إقالة المشيشــي وتجميد البرلمان، إنه علــق أيضا الحصانة القانونية لأعضاء البرلمان وتولي رئاسة النيابة العمومية.

وحذر سعيد من أي رد مسلح على إجراءاته وقال "أنبه الكثير الذين يفكرون في اللجوء للســاح... ومن يطلق رصاصة ستجابهه القوات المسلحة بوابل من الرصاص". ويحظى سعيد بدعم مجموعة كبيرة من التونسيين بما في ذلك الإسلاميون واليساريون.

وظلت حشــود يصل عددها إلى عشــرات الآلاف في شوارع تونس ومدن أخرى حيث أطلق البعض ألعابا نارية لساعات بعد إعلان سعيد في الوقت الذي كانت طائرات هليكوبتر تحلق في سماء المنطقة.

بموجب الدستور فإن الرئيس مســؤول بشكل مباشر عن الشؤون الخارجية والجيش فقط لكن بعد ما شــهدته مراكز التطعيم من فوضى الأســبوع الماضي طلب الرئيس من الجيش تولي مســؤولية التصدي للجائحة.

 ??  ?? من إحدى جلسات البرلمان التونسي
من إحدى جلسات البرلمان التونسي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom