Al-Quds Al-Arabi

... و«نيويورك تايمز»: ماذا بعد «الانقلاب» في تونس؟

- لندن «القدس العربي»:

قالت صحيفة «نيويــورك تايمز» في تقرير لمراســلته­ا فيفيان لي إن التحــركات التي اتخذها الرئيس التونســي قيس ســعيد بعزل رئيس الوزراء وتجميد عمل البرلمان والسيطرة على البلد تعتبر تهديداً للديمقراطي­ة التي ظهرت بعد تظاهرات الربيع العربي ويصفها معارضوه بالانقلاب. وقالت إن الرئيس التونســي اتخذ قراراته بالســيطرة على البلاد نهاية يوم الأحد بعد تظاهرات معارضة للحكومة انتشرت في مدن البلاد التي تعاني من أزمة صحية واقتصادية.

ووصفــت التحركات بأنها تهديد للديمقراطي­ة التونســية الناشــئة منذ عقــد ووصفها حزب النهضــة بـ«الانقلاب على الديمقراطي­ة التونســية والدســتور» و«خيانة لكل تونســي» وطالب ســعيد بالتراجع عن قراراته حالاً. وفي بيان لحركة النهضة جاء فيــه «تونس هي قصة النجاح الوحيــدة في الربيع العربي، ولا تنتهي القصة عند هذا الحد» و«ندعو كل داعم دولي للديمقراطي­ة بأن يجتمعوا معــا والتحدث بصراحة وحالا ضد الظلم وإعادة البرلمان فوراً». وتواجه الدولة في شــمال أفريقيا توترا سياســيا منذ عدة أشهر حيث خاض ســعيد صراعا على السلطة بين رئيس الوزراء المشيشــي ورئيس البرلمان الشيخ راشــد الغنوشــي. ويعاني البلد من نسبة عالية من البطالة والفقر والشلل الاقتصادي مما قاد الكثيرين للتساؤل عن مكاسب الثورة في وقت فاقم فيه انتشــار فيروس كورونا من متاعب النظام الصحي، حيث زاد عدد التونسيين الذين ماتوا بسبب كوفيد-19 لمستويات تعتبر الأعلى في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

وفي تحرك أثار قلق المعارضين الذين اعتبروا أن ســعيد تجاوز صلاحياته فيها، قام بتســليم عملية الرد على وباء كورونا إلى الجيش وسط الفوضى في مراكز التطعيم والمستشفيا­ت. وأعلن الرئيس في بيان نشــر على صفحة فيســبوك للتلفزيون الرســمي أنه عزل المشيشي من منصبه وســيتولى المهام التنفيذية «بمساعدة» حكومة جديدة سيعينها بنفسه. وعن تجميد عمل البرلمان مدة 30 يوما وتجريد أعضائه من حصانتهم. وقال إنه عمل هذا «للحفاظ على أمن واســتقلال البلد وحماية عمل مؤسســات الدولة». وجاءت تحركات ســعيد بعد تظاهرات واســعة في كل أنحاء البلاد يوم الأحد والتي دعت إلى حل البرلمان. وظهرت صور على منصات التواصل المحتجين وهم يرقصون ويزغردون ويطلقون زمارات الســيارات ويرفعون العلم التونسي بعد الإعلان عن عزل المشيشي.

وأظهرت صور فيديو ســعيد وهو في طريقه إلى شارع بورقيبة المزدحم في العاصمة التونسية والذي كان مركز الثورة التونسية التي أطاحت زين العابدين بن علي. وترى الصحيفة أن الخطوة المقبلة غير واضحة. ففي بيانه تحدث ســعيد بطريقة مبطنة عن مرســوم ســيصدر في الساعات القادمــة لتنظيم الإجراءات الاســتثنا­ئية التي تمليها الظروف. قائلاً إنه ســيتم رفعها بعد نهاية الظروف.

وانتخب سعيد في 2019 كمرشح خارج منظومة الأحزاب السياسية في ثاني انتخابات رئاسية حرة في تاريخ البلد. وعبر الكثير من التونســيي­ن عن أملهم بتغيير الأمور، ولا يزال يتمتع بسمعة وشــعبية بين الكثيرين في البلاد، لكنه رفض بعد تعيين المشيشي في العام الماضي المصادقة على تعيين 11 وزيــرًا في الحكومة الجديدة، مما قــاد إلى اتهامات بتجاوزه صلاحياته الدســتوري­ة. وحظي المشيشــي بدعم من حزب النهضة الذي فاز بغالبية في الانتخابات البرلمانية لكنه ظل مثار انقسام بسبب أرضيته الإسلامية.

وقســم الدســتور التونســي لعام 2014 الســلطات التنفيذية بين الرئيس والبرلمان ورئيس الوزراء. لكن ســعيد اســتند إلى المادة 80 من الدســتور التي قال إنها تمنحه سلطات استثنائية. وقال إنه تشاور مع المشيشي والغنوشي وعقد اجتماعات طارئة قبل التحرك. صحيح أن المادة 80 تعطي الرئيس سلطات واســعة لو كان هناك خطر محتوم. ونفى الغنوشي يوم الأحد استشارته في القرارات ببيان. وشجب الغنوشــي في البيان الذي نشره على صفحته في «فيسبوك» ما رأه «انقلاباً» ووصف تجميد البرلمان بغير الدســتوري وغير القانونــي واللاغي. وقال إن البرلمان لا يزال منعقداً ويواصل واجباته.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom