Al-Quds Al-Arabi

استقطاب حاد داخل قوى «الحرية والتغيير» في السودان... وخلاف حول المصالحة مع الإسلاميين

مجموعة الإصلاح تسعى لوقف إجراءات تشكيل التشريعي وتعيين الولاة

- الخرطوم ـ «القدس العربي» من عمار عوض:

تسود المشــهد السياســي السوداني حالة من الارتباك والاســتقط­اب الحاد ما بين مجموعتــن داخل تحالــف «الحرية والتغييــر» يقــود الأولى رئيــس حركة «تحرير الســودان» مني منــاوي، رئيس أحد أجنحــة الجبهة الثوريــة، والثانية تمثل تحالف «الحرية والتغيير» المتنفذ في الحكومة التنفيذية ومجلس السيادة.

دعوة للإصلاح

ويدعــو منــاوي وعــدد مــن أحزاب الحريــة والتغيير والقــوى الثورية، إلى إصــاح التحالــف الحاكم، وقــد أعلنت مجموعتــه أمــس الإثنــن أنهــا بصدد مخاطبــة رئيــس مجلس الســيادة عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، حول رؤيتهم للإصلاح الهيكلي والمؤسسي وإيقاف كل الإجراءات المتعلقة بالتعيينات في المجلس التشريعي وولاة الولايات، وذلــك بعد أن دعــت حمدوك والبرهان، في وقت سابق، للوقوف على مسافة واحدة من طرفي تحالف «الحرية والتغيير».

فــي الموازاة، أعلنــت 3 من المجموعات الرئيســة في التحالف والمشاركة بشكل واســع فــي الحكومــة التنفيذيــ­ة، عبر مجموعــة المجلــس المركــزي والجبهــة الثورية، وحــزب الأمــة، وحدتها تحت رايــة «الحريــة والتغيير» مــع تأكيدها على ضرورة عقــد المؤتمر العام للتحالف الحاكم بعد توســعة قاعدتــه من القوى الثورية.

وقال القيادي فــي «الحرية والتغيير» مجدي عبد القيــوم، لـ«القدس العربي»: «هــذا الخلاف ألقى بظلاله الســالبة على

جميع أوجه عمــل الحكومة، إن كان لجهة إكمال هياكل الحكم من مجالس تشريعية فــي المركز والولايــا­ت أو تعيــن وإعفاء الــولاة وتشــكيل الحكومــات الاقليمية والولائيــ­ة، كمــا أنــه أوجــد حالــة من الاستقطاب السيئ وصل حتى العسكريين المشاركين في الحكم .»

إنهاء الاختطاف

وتابــع: «هنــاك اتفــاق عــام داخل المجموعتــ­ن علــى ضــرورة الإصــاح وتوســعة قاعــدة الحريــة والتغييــر، بجانب اتفــاق في كلتــا المجموعتين على ضرورة إنهاء ســيطرة أو اختطاف ثلاثة أحزاب فقط لاســم الحرية والتغيير، دونا عــن الآخرين، وســيطرتهم علــى القرار والتعيينــ­ات في الحكومــة، وهي البعث العربــي والتجمــع الاتحــادي والمؤتمر الســوداني، وهناك اتفاق عام لإنهاء هذا الاختطاف والاستفراد بالقرار .»

وأوضــح «لكن الاختلاف هو في المنهج وآلية الإصلاح، حيث نلحظ أن المجموعة الأولى التــي يقودهــا منــاوي والبعث الســوداني قيادة يحيى الحســن، ومن معهم من أحزاب، يريدون توســعة قاعدة التغييــر بإضافة الإســاميي­ن والمصالحة معهم، وإعادتهم للحياة السياســية، إما بإدخــال مجموعات منهم في المؤتمر العام للحرية والتغيير أو المصالحة السياســية معهم .»

مركز قيادي مواز

وزاد : «المجموعة الثانية ترى أن توسعة الحريــة والتغيير يجب أن تشــمل قوى الثورة غيــر الممثلة في جســم التحالف، ماعدا الإســاميي­ن التي ترفض المصالحة معهم أو إعادتهم للحياة من جديد.»

وواصل: «نحن نــرى أن الإصلاح يبدأ

بتوســعة الحريــة والتغييــر وأن يكون التمثيل بشــكل حزبي منفردا، وليس عبر الكتل، وأن يشــمل ذلــك المجلس المركزي )أعلى هيئة في التحالف( ليكون التمثيل فيــه فرديا وليــس عبر تمثيــل يأتي من الكتل، ولكــن المجموعة الثانية تريد إلغاء الجســم الشــرعي الحالي أو بنــاء مركز قيادي مواز له على أنقاض الجسم الحالي للتحالــف». ولفت إلــى أن «هذا الخلاف أوجد انقساما رأســيا، واستقطابا داخليا وإقليميا .»

وقال «هذا الواقع خلّف انقساما رأسيا في الأحزاب نفسها، مثلا تجد في المجموعة الأولــى من قوى الســام حركــة تحرير السودان قيادة مناوي والتوم هجو، ومن حزب الأمة نائب الرئيس إبراهيم الأمين، ومن الأحزاب البعث السوداني والتحالف الســوداني وعددا من قادة القوى المدنية. أما المجموعة الموجودة في الحكومة فتجد فيهــا كل قوى الســام )الهــادي إدريس ومالك عقار والطاهر حجر أعضاء مجلس الســيادة( بجانــب رئيس حــزب الأمة المكلف اللــواء برمة ناصر والواثق البرير ومجموعة تجمــع المهنيين والمجتمع المدني وحركة حق والمؤتمر الســوداني والبعث العربي /السنهوري والتجمع الاتحادي.»

وتابع «هذا الشــقاق أوجــد حالة من الاســتقطا­ب السياسي لهاتين المجموعتين لجهة القــوى التــي تبحث لهــا عن دور ووجود، أو لجهة الاستقواء بالعسكريين الذيــن هم أكبــر المســتفيد­ين مــن هذا الشــقاق، كما أن دائرة الاستقطاب تشمل القــوى الإقليمية المؤثرة مثل الســعودية والإمــارا­ت ومصــر والتــي لــكل منهم ارتباطات فــي المجموعتين وتســعى كل واحدة منها لتوحيد القوى الإقليمية خلف رؤاها وأهدافها .»

وأكد أن «الحــل يكمن في انعقاد مؤتمر عام وشــامل للحرية والتغيير ويســبقه

فتح الباب للقــوى الثورية، وفتح المجلس المركــزي، ليضم غير الممثلــن في الهياكل دون إقصــاء، ما عدا جماعة الإســاميي­ن والمؤتمر الوطنــي، ويتواضع الجميع على هياكل جديــدة فيها أكبر طيــف من قوى الثورة والتغيير، بعد إجازة لائحة العمل الجديدة لتكون ملزمة للجميع.»

وكانت مبــادرة اللجنة الفنية لإصلاح الحرية والتغيير والجبهة الثورية، عقدت اجتماعــا أمــس الأول، في مقــر مناوي، بحضور كل القيادات ورؤســاء الأحزاب السياسية والمنظمات المطلبية.

منهجية الإصلاح

وقالــت في بيان رســمي أمــس «بعد مداولات ونقاشــات جادة اســتعرضت فيها الوضع السياســي الراهن الذي تمر به البلاد وأمنها ومعــاش الناس، خلص الاجتماع إلــى التأمين علــى وحدة قوى الحريــة والتغييــر وعدم إقصــاء أي من مكوناتها في عمليــة الإصلاح الجارية مع البدء في تكوين لجان المؤتمر التأسيســي والعــودة لمنصــة التأســيس ومواصلة الاتصال بكل قوى الثــورة الحية ولجان المقاومة الســوداني­ة التي لاقت التهميش في الفترات الســابقة وإشراكها في عملية الإصلاح». إلى جانب «تشكيل وفد القوى السياسية الذي ســيقابل رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء لتسليم مذكرة قوى الحرية والتغيير المتفق عليها. كمــا تم الاتفــاق على منهجيــة الإصلاح والبرنامــ­ج للمرحلة القادمــة مع التأكيد على الشــفافية مع الشــعب الســوداني لإعادة ثقة الشعب السوداني وقواه الحية في الحرية والتغيير».

وكشــفت عن اجتماع يعقد في غضون أيام مع رئيسي مجلسي السيادة والوزراء لاطلاعهمــ­ا علــى مخرجــات الاجتمــاع المشــترك بــن اللجنــة الفنيــة لإصلاح الحريــة والتغييــر، والجبهــة الثورية ـ جناح مناوي. وقــال عضو اللجنة الفنية، شــهاب إبراهيم، لصحيفة «السوداني»: «من المقــرر أن يلتئم اجتمــاع بعد يومي الثلاثــاء والأربعــا­ء المقبلين برئيســي مجلســي الســيادة والوزراء وإطلاعهما على مخرجات اجتمــاع الفنية والثورية الذي عقد أمس الأول في الخرطوم، بعدما أمن الاجتمــاع على دعم مبــادرة رئيس الوزراء عبد الله حمــدوك، وقيام المؤتمر التأسيســي لقوى الحريــة والتغيير، في فتــرة لا تتجاوز الـــ45 يومــا، بمعالجة القضايا السياســية والتنظيمية الخاصة بهيكلة الحرية والتغيير .»

وتابع البيان: «أهم مخرجات الاجتماع تتمثل في إيقاف الإجراءات التي يقوم بها المجلس المركزي للحرية والتغيير ومجلس الشــركاء في تكوين المجلس التشــريعي وتغيير الولاة، وإيقــاف كل اللجان التي تعمــل على اختيــار المناصــب التنفيذية العليا بالدولة .»

لا مصالحة

فــي الســياق، جزمت قــوى «الحرية والتغييــر» بعــدم وجــود أي مبــادرة للمصالحة مع الإســاميي­ن، مشــيرة إلى أنهم «مارســوا التعذيب والفساد في فترة حكمهم، والأمر يتطلب عدالة انتقالية».

وقالت عضو المجلس المركزي لـ«الحرية والتغييــر» أمينــة محمود، أمــس الأول «ما بيننا وبــن الإســاميي­ن إرجاع المال الــذي ســرقوه ومحاســبته­م علــى كل صغيــرة وكبيرة». إلى ذلــك، رحب نائب رئيس حركة «الإصلاح الآن» حســن رزق بالمصالحة، بشــرط أن تكون وفق مبادئ وأسس متفق عليها.

وقــال إن الحديث عــن اتصال رئيس الــوزراء بغــازي صــاح الديــن حول المصالحة مجرد شائعة.

 ??  ?? مناوي يتحدث في ورشة عمل عن السلام في دارفور
مناوي يتحدث في ورشة عمل عن السلام في دارفور

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom