Al-Quds Al-Arabi

الفارون من الانهيار الاقتصادي في لبنان يبحثون عن الأمن والرواتب في الإمارات

-

■ دبــي - رويتــرز: حتــى أشــهر قليلة مضت، كانت اللبنانية ميشــيل شــعيا )32 عامــاً( تعمــل متخصصة فــي إدارة الموارد البشــرية فــي شــركة متعددة الجنســيات فــي لبنــان. والآن تعمل نادلة )غرســونة( فــي حانــة في دبي لترســل المال لأســرتها فــي الوطن حيــث تســببت أزمــة مالية في إفقار كثيرين. ولطالمــا كانت دولة الإمارات مقصداً لأصحاب أعمــال ومهنيين لبنانيين يدفعهم عدم الاســتقرا­ر في بلدهم الصغير إلى الفرار للخارج.

ومــن جــاءوا، مثل ميشــيل شــعيا، إلى الإمارات العام الماضــي تركوا خلفهم لبنان الــذي كان بالفعل في حالــة يرثى لها حتى قبــل انفجار مرفــأ بيــروت فــي الرابع من أغســطس/آب الذي أدى إلى تفاقم الانهيار المالي وانهيار الليرة وفقدان فرص العمل.

وقالــت ميشــيل شــعيا «بعــد الانفجار حســينا )شــعرنا( أننا بــا أمــل. بالتالي اغتنمــت أول فرصــة أتيحت للســفر خارج لبنان .»

وقــال فــادي اســكندران­ي، وهــو أحــد الأطباء جراحيّ الأطفال القليلين في لبنان، الــذي انتقــل إلــى دبــي الشــهر الحالي أن تراجع العملة معناه انخفاض الأجور بنحو 95 في المئة عن نفس حجم العمل.

فبعد أن تدرب في الخارج عاد للمساعدة فــي إعــادة بناء بلــده بعد ســنوات الحرب الأهلية، وكان قرار المغادرة مؤلما للغاية.

ودفعــت الأزمة اللبنانيــ­ة أكثر من نصف الســكان إلى براثن الفقــر، حيث حالت بين وصــول المودعين لحســاباته­م فــي البنوك وفاقمت النقص في السلع الأساسية.

وشــهد قطاعا التعليم والطــب، بما لهما من قيمــة عالية، في لبنان مغــادرة المواهب بأعــداد كبيرة. وتشــير التقديــرا­ت إلى أن زهاء 1200 طبيب غادروا لبنان.

ويقول الطبيب النفسي جوزيف خوري، الذي انتقل إلى دبي هذا العام مع أسرته، أن الأطباء اللبنانيين يملأون أقساما كاملة في مستشفيات في الدولة الخليجية. وأضاف «وتيرة الأطباء القادمين من لبنان مذهلة.»

وتكثف الإمــارات جهودها لجذب القوى العاملــة الماهرة والاحتفاظ بهــا مع احتدام المنافســة علــى المواهب في منطقــة الخليج العربيــة حيــث تتجــه الــدول إلــى تنويــع اقتصاداتها بعيداً عن عائدات النفط.

وتتيــح دولــة الإمــارات، حيــث ترتبــط تأشــيرات الدخــول لغيــر المواطنــن عادة بالتوظيف، لبعــض المســتثمر­ين والمهنيين المهرة تأشــيرات إقامة جديدة طويلة الأجل لمدة خمس أو عشــر سنوات قابلة للتجديد، وقد تمنحهم الجنسية.

وقال عابــد محفوظ، وهــو مصمم أزياء زفــاف لبنانــي، أنه قيــل له أن في وســعه التقدم للحصول على ما يســمى «التأشيرة الذهبية .»

وبعــد أن دمر انفجار بيــروت عمله، أعاد محفوظ مشروعه في مركز تجاري فخم في دبي، وهي مركز سياحي وتجاري يجتذب العملاء المتميزين الذين يلبي احتياجاتهم.

وقال عابد محفــوظ أن دبي حلت مكان بيروت بصراحــة، وأن الذي يشــاهده في «ســيتي ووك» يوفر له في أسبوع أو عشرة أيــام مــا كان يــراه في لبنــان منــذ أربع أو خمس سنين، وان الناس «تشتري وتفصِّل فساتين عرس .»

لكن على عكــس النخبة المهنية في لبنان، يكافح العديــد من الشــباب للحصول على وظائف في الإمارات.

فقد جاءت اللبنانية ســها )28 عاما( إلى دبــي بحثاً عن عمل بعد دمــار المقهى المكتبة الذي كانت تعمــل به في بيروت في انفجار المرفأ. وقالت ســها، التي رفضت ذكر اسم عائلتهــا، «أتيــت مــن المجمــع الصغيــر في لبنــان، بالتالي فــإن ســيرتي الذاتية تبدو وكأنها لا شــيء مــع أنني أشــعر بأنني قد أنجزت الكثير .»

وتكرس ســها نفســها من أجل مزيد من البحث عن عمــل في دبي، المدينة التي يمكن أن تمنحها الشعور بالأمان الذي تتوق إليه. وقالت «أريد فقط أن أجلس في مكان أشعر فيــه براحة بال وبأنه لن يقع انفجار في أي لحـظة .»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom