Al-Quds Al-Arabi

في ظل انهيار اقتصادي وكوارث مناخية محتملة... هل يتحول لاجئو الدول المحيطة إلى تيار يدق باب إسرائيل؟

- أيال زيسر

انهيــار الدولة اللبنانية الــذي يقيد حرية عمل منظمة «حزب اللــه» ويلزمها بتوظيف جل جهدها في مشــاكلها الداخلية، لم يجلب معــه هدوءاً إلى حدود الشمال. نشــهد مراراً محاولات تســلل من الأراضي اللبنانية إلــى الأراضي الإســرائي­لية. غير أن هؤلاء ولشــدة المفاجأة، ليســوا مخربين، بل مهاجرو عمل يبحثون عن مأوى وعمل في إسرائيل.

كلما تفاقمــت الأزمة في لبنان ســتزداد محاولات التســلل إلى إسرائيل، وسيضاف إلى مهاجري العمل الأجانب من تركيــا وإفريقيا لبنانيــون محليون بل وفلسطينيون يعيشون في هذه الدولة.

إن تســلل شــبان يبحثون عن عمل هو أمر عادي من الأراضي الأردنية أيضــًا، مثلما دلت أحداث نهاية الأســبوع. هذا فضلاً عن أن إســرائيل تسمح لآلاف الأردنيين بالدخول إلى أراضيها للعمل في الفنادق في إيلات. وأخيراً، يحاول شــبان فلسطينيون من غزة أيضاً التسلل إلى أراضي إسرائيل، وليس بهدف تنفيذ عملية، بل بحثاً عن عمل. فبعد كل شيء، إسرائيل هي دولــة العالم الأول الوحيدة التــي لها حدود برية مع العالم الثالــث المحيط بها، والتي يمكن الوصول إليها سيراً على الأقدام.

كانت الحدود مع مصر مفتوحة أمام عشــرات آلاف مهاجري العمل من إفريقيا ممن ســاروا قطعوا آلاف الكيلومتــ­رات من الســودان أو إرتيريــا، دفعوا مالاً طائلاً للمهربين البدو واجتازوا الحدود إلى إسرائيل بلا صعوبة. غير أن أحداً ما في إسرائيل صحا، وأُقيم على طول الحدود حاجز أوقف تيــار مهاجري العمل مثلما أوقــف أيضاً محاولات تســلل مخربي منظمة» داعش» ممن ســيطروا على شبه جزيرة سيناء. ومع ذلك، فإن بضع ســنين من الهدوء إلــى جانب ضعف حراسة للجدار الحدودي وصيانته من قد يؤديان إلى تجدد موجات الهجرة إلى إسرائيل.

إن جاذبيــة إســرائيل لمهاجــري العمــل، لقربها الجغرافــي وقدرة الوصــول إليهــا، ذات صلة بعدة مســائل طرحت على جدول أعمالنــا مؤخراً، بما فيها قانون المواطنة، والتســهيل­ات لجماعــات مهاجري العمل الذين يعيشــون في إسرائيل، وبالطبع مسألة «حق العودة» التي لا تزال تحــوم في الهواء كمطلب فلسطيني لا مفر منه لكل تسوية محتملة في المستقبل.

غيــر أن الكثيرين ممن يبحثون في هذه المســائل يفوتون الأمر الأســاس. هكــذا مثلاً زعــم أن معظم الفلسطينيي­ن لن يستغلوا «حق العودة» وسيفضلون البقاء في أماكن ســكناهم، وبالتالي لا توجد صعوبة في أن تتقرب إســرائيل منهم وتعــرض بادرة طيبة رمزيــة ، «حق عــودة افتراضــي »، إذ لا خوف من أن

يحاول الفلسطينيو­ن تحقيقه.

ولكــن لا يوجــد مــا يدعونــا للافتــراض بــأن الفلسطينيي­ن مثل كل ســكان المجال الذين يسعون بعد ذلك لإيجاد سبيل للهجرة إلى الغرب، إلى الدول المتقدمة والمتطورة- لن يســتغلوا الفرصة التي تقع فــي أيديهــم. ليس كجزء مــن خطة كبــرى لتصفية إســرائيل، بل بسبب رغبة بشــرية لتحسين شروط معيشــتهم وعرض مســتقبل أفضل لأبنائهم. كما أن قانون المواطنة هــو الآخر أداة سيســعى الكثيرون لاستغلالها لتحســن وضعهم، وكذا أيضاً كل تسهيل تمنحه إسرائيل لمهاجري العمل أو للفلسطينيي­ن الذين يسعون للسكن فيها.

إن الانهيــار الاقتصادي للــدول المحيطة بنا، واقع الفوضى الأمنية وبالأســاس الكوارث المناخية التي تضيق مصادر الرزق والمعيشة، ستزيد تيار اللاجئين الذي يهدد بدق بوابات إســرائيل. هــذا ليس نزاعاً قومياً، وبالتالي فإن خطوط العمل السياســية تجاه الجيران العرب لن تحل المشكلة.

إسرائيل اليوم 2021/7/26

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom