Al-Quds Al-Arabi

الإقليم الكردي: إيران تفضل بافل طالباني وبايدن قد يفقد محفظته على ضفاف دجلة

- تسفي برئيل

■ بافل طالباني ليس أحد الزعماء الذين تظهر صورهم على أغلفة المجلات الدولية، فهو ليس رئيس حكومة ولا عسكرياً معروفاً، لكنه من النشطاء الذين يحدثون تأثير الفراشــة. وإن لم تكن حركته ملموسة فقد تحدث هزات غير متوقعة. حتى بداية هذا الشهر كان رئيساً شريكاً مع شــقيقه لاهور طالباني في حزب الاتحاد الوطني، وهو حزب العائلة الذي أسســه والده جلال طالباني. في هذا الشــهر، ســيطر بافل على الحزب وعين نفســه الرئيس الحصري له. كلمة «حزب» هــي تعريف مقلص لتنظيم يســيطر على الجزء الشــرقي للإقليم الكردي في العراق. ولقيادته قوة عســكرية، ويســيطر على حقل الغاز الوحيد الموجود في شــمال العراق، إضافة إلى آبار النفط التي تضخ حوالي 10 فــي المئة من إجمالي النفط الذي ينتج في الإقليم. لهذا التنظيم علاقات خارجيــة وتجارية وثيقة مع إيران، الجارة، ليس لأســباب أيديولوجية بل لأســباب اقتصادية، ويختار وفقاً لذلك الشركاء السياســيي­ن في البرلمان والحكومة العراقية.

يبدو الإقليم الكردي تجاه الخارج منطقة متجانسة تؤيد الغرب، وله علاقات وثيقة مــع الإدارات الأمريكية علــى أجيالها. ولكن لا حاجة إلــى مجهر للعثور على الخلافات العميقة والخصومات العنيفة أحياناً والفجوات بين أجزاء الإقليم وفي كل جزء فيه. بعد الحرب الأهلية الطويلة والدامية في التسعينيات بين مؤيدي طالباني ومؤيدي بارزاني، تم الاتفاق وبجهود كثيرة، على إقامة ســلطات حكم موحدة تدير أجزاء الإقليم، وتقسيم الوظائف بحيث يفيد الطرفين اقتصادياً.

ولكن الهيكلية السياسية المتفق عليها لم تُزل العداء السياسي بين شطري الإقليم بــن أتباع كل من طالبان وبارزانــي لأنه إقليم عائلي. رئيس الإقليم هو نتشــروان بارزاني، ابن شــقيق مسعود بارزاني الذي كان رئيس الإقليم حتى العام 2017، وهو حفيد مصطفى بارزاني، الزعيم الأسطوري للأكراد في العراق. رئيس حكومة الإقليم هو مســرور بارزاني ابن مسعود بارزاني. سلالة عائلية موازية تدير الجزء الشرقي للإقليم. رئيس الحــزب، كما قلنا، هو بافل طالباني. شــقيقه كوباد هو نائب رئيس حكومة الإقليم. وابن شــقيقه لاهور، الابن الثاني لجــال طالباني، كان رئيس جهاز المخابرات في شرق الإقليم الكردي، «جسم استخبارات مواز يعمل في غرب الإقليم».

المشكلة هي أن لاهور الذي تم «إبعاده» الآن من قبل بافل، هو حليف قديم ومخلص للإدارة الأمريكية والمخابرات الأمريكية. وقد كان شخصية رئيسية في نضال الأكراد ضد «داعش» ومعارضاً شــديداً لتدخل إيــران وتركيا في الإقليــم الكردي. وتركيا تعاديه لأنه أوجد علاقات بين الإدارة الأمريكية والأكراد في ســوريا، الذين تعتبرهم منظمة إرهابية وحليفــاً لحزب العمال الكردســتا­ني «بي.كي.كي»، الذي تدير ضده حرباً ضروســاً. العلاقات بين إيران ولاهور جيدة، لكن إيران تفضل بافل لأنها تقدر بأن التحكم فيه أسهل.

التفســير الســائد الآن في الإقليم الكردي هو أن ســيطرة بافــل على الحزب هي نتيجة تخطيط ومساعدة مشــتركة من إيران وتركيا، المعنيتين في ترسيخ نفوذهما في شرق الإقليم، ومن خلال ذلك التأثير أيضاً على نتائج الانتخابات العامة المتوقعة في العراق في تشرين الأول القادم. وبعد فترة قصيرة على سيطرة بافل على رئاسة الحزب، قام بتعيين سلمان أمين ووهاب حلبجي في رئاسة المخابرات المحلية ورئاسة وحدة محاربة الإرهاب. وهما كانا عضوين في الحركة الإســامية الكردية ويقيمان علاقات وثيقة مع المخابرات الإيرانية. قد يدل هذا التعيين على أن قيادة شرق الإقليم تتجه نحو تنســيق وطيد مع طهران، ومنذ الآن وحتى موعد الانتخابات ستركز على تعزيز الكتلة التي تؤيد إيران في البرلمان العراقي.

في الشــهر الماضي زار وفد برئاسة بافل طالباني بغداد من أجل الالتقاء مع زعماء الأحزاب الشــيعية وفحص احتمالات تشــكيل كتل مشتركة. رئيســة قائمة الاتحاد الوطنــي في البرلمان )حزب طالباني(، علا طالباني، أعلنت في حينه أن «كتلة الفاتح هي الحزب الأكثر قرباً من الاتحاد الوطني الكردي». كتلة الفاتح العراقية تتشكل من أحزاب شيعية تؤيد إيران، برئاسة هادي العامل، وهو الزعيم السياسي للمليشيات الشيعية التي قامت قوات أمريكية بمهاجمتها مؤخراً رداً على مهاجمة أهداف أمريكية في العراق.

يبدو أن هذا الموقف المؤيد لإيران هو رد مضاد للتعاون الذي تم نســجه بين رئيس الحكومة العراقي، مصطفى الكاظمي، وبــن البارازاني­ين والزعيم الانفصالي مقتدى الصدر، الذي يعارض تدخل أمريكا وتركيا وإيران في العراق. قبل عشرة أيام، أعلن الصدر أنه ورجاله الذين حققوا انتصاراً كبيراً في الانتخابات السابقة لن يتنافسوا في الانتخابات القادمة. ولا تأكيد على تمسكه بهذا الإعلان، لكن طهران تفحص كيفية استغلال الفراغ الذي سينشــأ وأي دور ســيكون لحلفائها الأكراد لملئه. في حين أن الإدارة الأمريكية لا تسارع إلى تشكيل سياستها في الجبهة العراقية والسورية، وفي الوقت الذي يظهر فيه اسم بافل ولاهور وكوباد كأسماء لأبطال من قطاع الطرق، فإن جو بايدن قد يكتشف أن محفظته قد سرقت منه على ضفاف دجلة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom