تعقيبا على مقال غادة السمان: اللميعة والدكتور جعيط وموتنا الآتي!

نساء كالنخلة

الســومرية الباســقة صاحبة ) لو انبأني العراف( لميعــة عبــاس عمــارة رحلــت عموديــاً كمــا هــي عادة النخيــل في بلادي ، فنســاء بلــدي كالنخلة حين تثمر وحين ترحل، وقد كُتب عنها الكثير من عبارات الرثاء، ولاحظــت حالة الحزن التــي عمت الأوســاط الأدبية، وحين استذكر عباراتها الدافئة أشعر أنها تغمرني … "أنا إن لم أمت فقد مات في نفسي كثير يارب موت يهون" … ولابــد من التوقــف عند مرفــأ الأســتاذة الأديبة العراقيــة الاســتاذة إنعــام كجــه جــي التــي كانت تربطها علاقة صداقة عميقة مع الشاعرة فقد وثقت مقطعاً مؤثراً من وصية الراحلة )لا تســجنوني في الكتب وواصلوا نشر قصائدي( .

ومــن المدهش أن القيثارة الســومرية لميعة عمارة تركت مغلفات مــن ذكريات وصور ووثائق وبعض مذكراتها وصلــت عبر البريد إلى الأديبة إنعام كجه جــي، وحقيقة فقد أحســنت الاختيــار حين أودعت تلك الأمانة الكبيرة.

نجم الدراجي ـ العراق

الساحة الثقافية

ترى هل ســيجود الآتي من الزمان بأمثال هؤلاء الراحلين عن الساحة الثقافية المغربية.

إفتقدت أســماء لامعة مؤخــرا كان آخرهم قبــل أيام قليلــة المفكــر محمد ســبيلا، وقبله بشــير قمري وإبراهيم الحجــري رحمهم الله جميعا. قلم الرصاص

حياة أخرى

المــوت هو حياة أخرى مجهولة، وكل ما نعرف عنه هــو من خــال الكتب الســماوية ومن بعض الثقافــات الأخــرى من خــال نظرتهــم إليه، ولم يتوصــل الفلاســفة والعلمــاء لحــد الآن من حل لغزه وسره، ومن طبيعة الإنسان الخوف من كل مــا هو مجهول، لذا الكثير لا يريد معرفة وســماع الحقيقة عنــه. لكن في الغرب ينظر الإنســان إلى المــوت بمنطق وبُعــد وبواقعية أكثــر، حيث يتهيأ لهــذا اليوم في اختيــار كل المراســيم والترتيبات التي يرغب بها مثل نوع خشــب الكفن، والملابس التي ســيدفن بها وكذلــك مكانه الأخيــر إضافة إلــى التأمين على الحياة، ترفقهــا وصية قانونية يوصــي بها. وقد صــادف مــرة أن حضرت هذه المراســيم ، ووجدت المتوفي في هيئة وقار جميلة محاطاً بالزهور .

أفانين كبة ـ كندا

أبو نواس

لا أســتطيع إلا أن أتذكر صوت لميعة عباس وهي تحكي بلســان المغترب عن وطنه وارتباطه بالأرض الأم مهمــا ســافر ورحل بعيــدا عنها قائلــة: التقيت بعدة مهاجرين من لبنان والعراق لا نستمتع بجمال الأشياء التي نراها في العالم إلا إذا شبهناها بمكان في العراق. نرى الجبال ونقول هذه جبال الشمال نرى النهر ونقول هذا دجلة نرى الشارع نقول هذا أبو نواس وهذه قلعة أربيل، مع أن الأشــياء التي نراها الآن أجمل من ذكرياتنا..

هرم فكري

غادرنــا في بحر هذا الأســبوع، هــرم فكري ضخــم قل نظيره فــي مجال البحث فــي الفكر الفلســفي، وهــو الدكتــور محمد ســبيلا الذي وضع داء كورونا اللعين حدا لمسيرته الحياتية والفكريــة والإبداعيــة؛ تــاركا خلفــه كمــا من الدراســات والمؤلفــات والأبحاث فــي مختلف المواضيــع الفلســفية والثقافيــة والاجتماعية، وخاصــة فــي نطــاق المواضيــع ذات الصلــة بالحداثــة والإيديولوجيــا، وأعتقــد أن مــوت مثل هذه الرموز لا يمكن تمثله بالشــكل العادي الذي ينصرف إلى مختلف البشر إلا في مسألة الاندثار الجســدي الذي يرتبــط بطبيعة انتماء الإنســان فــي جزئــه المتجســد إلى ما تشــمله قوانــن البدايــة والنهايــة والتحــول، ولكنــه يجــب أن ينظر إليه من خــال التواجد المعنوي المســتمر على مــر الأجيال والأزمنــة؛ الموت هو عمليــة انتقال وعبــور لكل النــاس ولكن المبدع لــه خاصية البقــاء بفعل تــرك الأثــر رغم ذلك العبور…

آخر الأحزان

مــن أغرب العبارات التي تقــال في العزاء "إن شــاء الله آخر الأحزان"، و لكــن بما أن الأحزان لا يمكــن أن تنتهي إلا بانتهاء حياة أي إنســان، فكأن المعزي هنا يتمنى بحسن نية نهاية الحياة للشخص الذي يعزيه.

غريبة

التجارب المريرة

المــوت الجســدي مســألة ليســت مهمــة إذا تــرك الإنســان أعمــالًا خالــدة للأجيال المقبلــة بعده. لكن يبــدو أن التجارب المريرة التــي تعرضت لها المجتمعــات عبر العصور والإيمان بتأثير الملام على الأخير كالحســد مثلًا جعلتنا نفكر بهــذه الطريقة التي يمكن وصفها بالإنهزامية بدلًا من مواجهة الواقع بكل بساطة.