Al-Quds Al-Arabi

«فايننشال تايمز»: مزاعم التجسس المغربي على ماكرون تزيد من توتر العلاقات وتفتح جبهة ثالثة على الرباط

- لندن - «القدس العربي»:

قالت صحيفة «فايننشال تايمز» إن اتهامات التجســس علــى الرئيــس الفرنســي وترت العلاقات المغربية مع فرنســا. وجاء في التقرير الذي أعدته هبة صالــح وليلى عبود أن الرباط تنفــي تنصتها علــى هاتف الرئيــس إيمانويل ماكــرون إلا أن السياســة المغربيــة الخارجية أصبحت في الفترة الأخيــرة أكثر حزماً. وقالت الصحيفــة إن المملكة في شــمال أفريقيا تعيش علاقات متوترة مع القــوى الأوروبية حتى قبل الكشــف عن محــاولات المغــرب التنصت على هاتف ماكــرون كما زعم الأســبوع الماضي. فقد ســمح المغرب للمهاجرين بالتدفق نحو إسبانيا لانزعاجه من مدريد، وتشــاجر مع ألمانيا بشأن موقفها من الصحراء الغربية.

وجاءت المزاعــم الأخيرة التي كشــفت عن اســتخدام الحكومات برنامج التجســس الذي طورته الشــركة الإسرائيلي­ة «أن أس أو غروب» لتزيــد مــن التوتر أكثــر. وجــاءت المزاعم من خــال تحقيق قام بــه تحالف دولي «مشــروع بيغاسوس» وشاركت فيه صحف أوروبية عدة وأمريكية وعالميــة أخرى تعاونت مــع المنظمة غيــر الربحية في باريس «فوربدن ســتوريز». وكشــفت صحيفــة «لومونــد» الفرنســية عن استهداف المغرب لهواتف يســتخدمها ماكرون و15 وزيراً كجزء من عملية تجســس إلكترونية

والتي قد تكون شــملت 6.000 رقم هاتفي تعود إلى مسؤولين وساسة جزائريين.

وتعتبر فرنسا، المســتعمر السابق للمغرب، الرباط حليفاً مهماً في قتال الجهاديين وشــريكاً تجاريــاً مهماً. وقال ريــكاردو فابيانــي، مدير برنامــج شــمال أفريقيا في مجموعــة الأزمات الدولية إن توقيت الكشــف «مضر بشــكل كبير للمغــرب الذي يواجــه أزمتين سياســيتين مع إســبانيا وألمانيا، لكنها لا تســتطيع فتح جبهة ثالثة مع فرنسا .»

وتقــول الصحيفة إن العلاقات مع إســبانيا شــابها التوتر هذا العام عندما استقبلت مدريد زعيم حركة البوليساري­و إبراهيم غالي، والمقيم في الجزائر والتي تطالب باســتقلال الصحراء الغربية، وجاءت زيارتــه لتلقي العلاج الطبي. وفــي أيار/مايو تدفــق آلاف المهاجرين المغاربة إلى سبتة ومليلة الخاضعتين للحكم الإسباني، بســبب تخفيف الربــاط القيود علــى الحدود احتجاجًا على زيارة غالي.

واختلفــت المملكة التي تســيطر على معظم الصحراء مع ألمانيا. واســتدعت فــي أيار/مايو ســفيرها بعدما قالت ألمانيا إنها لن تغير موقفها من المنطقــة. وكانــت إدارة دونالــد ترامب قد اعترفت بســيادة المغرب على الصحراء الغربية مقابــل التطبيع المغربي مع إســرائيل. وتطالب الأمم المتحــدة بعقــد اســتفتاء لتقريــر مصير الصحراء لكن الخطة متوقفة منذ عقود.

وحســب شــركة «نــورث أفريقــا ريســك كونســالتي­نغ» ومقرهــا أمريــكا «يمكننا القول بــأن موقف المغرب في أوروبا لــم يكن في أدنى مســتوياته» كما هــو الآن. وقالــت إن عملية التجسس المحتملة «تتناسب مع النمط العدواني للسياســة مع السياســة الخارجية المغربية». وقال فابيانــي إن التغير في موقــف الولايات المتحدة جعــل المغرب «أقل مرونة» في مســألة الصحراء وشــجعها لكي توســع من الاعتراف بسيطرتها على المنطقة.

وأعلنت فرنسا عن تحقيق في التنصت، وبعد لقاء مع المســؤولي­ن الأمنيين أعلن قصر الإليزيه أن الرئيــس ماكرون يتعامل مــع المزاعم بجدية ويتابــع التحقيق عن كثب. لكــن البيان أكد «لا تأكيدات بــرزت في هذه المرحلــة» وأن المزاعم صحيحة. من جهته نفى المغرب وبشــدة قيامه بأي عمل أو أنه اشــترى البرنامج الذي يخترق الهواتف المحمولــة. وقال الســفير المغربي في تونس شكيب بن موســى لمجلة «لو جورنال دو ديمانش» إن مــن قام بالحديث عــن الاتهامات المضرة عليه تقديم أدلة «في هذه القصة، المغرب هو ضحية» و»هذه محاولة للزعزعة».

وأشار أوليفر براتيلي، المحامي الفرنسي الذي يمثل المغرب في تصريحات للصحافة الفرنسية إن المملكة ســتقاضي منظمة «فوربدن ستوريز» ومنظمة «أمنستي إنترناشونا­ل» بتهمة التشهير بباريس. وقدمت المنظمة الحقوقية الدعم الفني

للتحقيق الإعلامي. وقالت المنظمة في الســابق إن لديهــا أدلة عن اســتخدام المغــرب برنامج التجسس بيغاســوس لاختراق هاتف صحافي

محلي وناشطين في حقوق الإنسان.

وقالــت الرباط إن «أمنســتي» لم تظهر أدلة عن علاقة المغرب بالتجســس على الصحافيين.

وتعتبر فرنســا أكبر مســتثمر وشريك تجاري للمغــرب، وهي من أكبــر الداعمين لمصالحها في الصحــراء المغربية في مجلس الأمــن الدولي. وقال دبلوماســي فرنســي ســابق «طالما رغب المغــرب في معرفة مــا نفكر به عــن الصحراء، وليس ما نقولــه لهم» و«هم مهتمــون بما يفكر به اللاعبون في فرنســا حول الصحراء». وفي الوقت الذي كان فيه الدعم الفرنســي للموقف المغربي في الصحراء الغربيــة لا يتزعزع إلا أن باريس «اختلفــت في بعض الأحيان مع المواقف المتشــددة التي أبدتها حول الموضوع» كما يقول فابياني، مضيفاً «ليس مســتغرباً قيام المغاربة بمراقبة الفرنسيين .»

وقال إن علاقة فرنســا مــع الجزائر الداعم الرئيســي للبوليساري­و أســهمت في حالة عدم الثقة بين المملكــة وباريس. ورغم الإحراج الذي تسببت به مزاعم التجســس للمغرب والخوف الفرنسي منها إلا أن البلدين في حاجة لاحتواء تداعياتها من أجــل التعاون الأمني. وحســب دبلوماسي فرنســي فإن المخابرات المغربية «في حالة تأهب وفعالة» و«ســاعدوا فرنســا كثيرًا في التحقيق بالهجمــات الإرهابية منذ هجمات مدريد عام 2005 وكذلك البقاء على رأس التهديد الإســامي في أوروبا». وتوقع أن يتفق البلدان على ترك الموضوع يتلاشى بعد «أن تنتهي دورة الأخبار، وعندها ســيتفق البلــدان على أن ترك الموضوع يموت بنفسه .»

 ??  ?? الملك المغربي محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء تدشينهما القطار السريع في محطة طنجة عام 2018
الملك المغربي محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء تدشينهما القطار السريع في محطة طنجة عام 2018

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom