Al-Quds Al-Arabi

المغرب: جدل حول إلزامية جواز التطعيم اقتداء بفرنسا وخبير يعارض الإجراءات المشددة

رغم تسارع وتيرة التطعيم ضد «كوفيد 19» فإن الوضع ما زال مقلقاً

- الرباط ـ «القدس العربي»:

رغم تســارع وتيرة التطعيم ضد "كوفيد 19" في المغرب، فإن الوضع الصحــي ما زال مقلقًــا، إذ تكاثــرت الإصابات والحــالات الحرجة في أقســام العناية المركزة. وموازاة مع ذلك، بدأ الجــدل يثار حول احتمال اللجوء إلى اعتماد جواز التطعيم كشــرط للتنقل وولوج الأماكن العامة وفضاءات العمل، انســجاماً مع التدابير التقييدية والإلزامية المطبقة في عدد من دول العالم.

ففي فرنســا، ســيجري ربط حركة المواطنين، اعتبارًا من أوائل آب/ أغســطس، بتقديم التصريح الصحي أو جواز التطعيم، كشرط للدخول إلى المقاهــي والمطاعم والصــالات الرياضيــة والثقافيــ­ة والقطارات والطائرات وغيرها. وســيكون أمام العاملين فــي قطاع الصحة أجل 15 أيلول/ ســبتمبر لتلقي اللقاح، وإلا فإنهم يخاطــرون بفقدان وظائفهم. وينتظر المواطنون الفرنســيو­ن قرار الحسم في هذه الإجراءات من لدن "المجلس الدستوري" خلال الأيام القليلة المقبلة. واختارت إيطاليا طرح موضوع جــواز التطعيم على أنظار العدالة، بينما تجري مناقشــته في المملكة المتحدة من لدن المؤسسة التشريعية.

وكشــف موقع "ميديا 24" المغربي أن الرباط قد تتجه إلى فرض جواز التطعيم، ونقل عن الدكتور سعيد عفيف، عضو اللجنة العلمية المختصة، أن الســلطات المحلية ســتعتمد التطعيم الإجباري، وســتجعل بطاقة التطعيم شرطًا للتنقل والوصول إلى أنشطة أو أماكن معينة.

وقال: "ســيتعين على الجميع التلقيح. ونظرًا للتطورات الحاصلة في الوضع الصحي، لن يتمكن من الوصول إلى أماكن معينة والتنقل ســوى الأشــخاص الذين تم تلقيحهم. بعبــارة أخرى، ســننتقل إلى التطعيم الإجباري كما هو الحال في فرنسا".

وأوضح قائلًا: "حاليًا، ينطبق هذا الالتزام فقط على الســفر بين المدن. لكن، سيتعين أن يمتد ليشمل جميع الأنشطة التي تقام فيها التجمعات".

واجب مواطناتي

بالإضافــة إلى الطابــع "الإلزامي"، يعتقد الخبير نفســه أن التطعيم واجب مواطناتي. "إنه شأن وطني. نريد الخروج من الوضعية الراهنة، وندرك أن السبيل الوحيد لذلك هو من خلال التطعيم".

وبحسب الأرقام الأخيرة التي أعلنها وزير الصحة المغربي، فإن 0.09 في المئة ممن جرى تطعيمهم مصابون بمرض كوفيد في المغرب، أي 9000 شــخص. وهو رقم ما زال منخفضًا جدًا، ما يعني أن اللقاح يحمي 93 في المئة من الحالات الحادة وأكثر من 99 في المئة من الموت".

وتفيد المعطيات الرســمية أيضًــا بأنه جرى تطعيــم 94 في المئة من الأشخاص البالغين 60 ســنة فما فوق، أما بالنسبة لمن تتراوح أعمارهم بين 40 و59 عامًا فتبلغ نسبة التلقيح 70 في المئة. فيما تقتصر النسبة على 39 في المئة بالنسبة للمتراوحة أعمارهم بين 30 و40 عامًا.

متحور دلتا

ويؤثــر متحور "دلتا" على الشــباب أكثر، ورغم عــدم ظهور أعراض خطيرة عليهم، فإنهم ينقلون الفيروس إلى أشخاص آخرين، وعندما لا يتم تطعيمهم، ينتهي بهم الأمر في العناية المركزة، كما هو حاصل حاليًا، يلاحظ الدكتور سعيد عفيف.

أما بخصوص الجدل الدائر حول إجبارية التطعيم، فيوضح خبراء أن الحكومة المغربيــة أقرت منذ ظهور وباء كوفيد 19، إعلان حالة الطوارئ الصحية التي أتاحت لها اتخاذ تدابير اســتثنائي­ة مناســبة، لا سيما من حيث الاحتراز والوقاية، وقد يندرج ضمنها استخدام لقاح إجباري.

ويعتبرون أنه بموجب المرســوم المتعلق بحالــة الطوارئ الصحية، يمكن للدولة اتخــاذ "جميع التدابير اللازمة التــي تتطلبها هذه الحالة بهــدف التدخل الفوري والعاجل لمنع تفاقم الحالــة الوبائية، كما يتعين عليها تعبئة جميع الموارد المتاحة لحماية حياة الناس وضمان سلامتهم.

في ما يتعلق باشــتراط التلقيح على العمال، ترى المحامية نســرين رودان، أن رب العمــل لا يمكنه فرض التطعيم علــى موظفيه، ما لم يكن تقر الســلطات المغربية إلزامية ذلك، وتوضح أن المسألة ملقاة على عاتق المشرع. وتســتطرد قائلة في تصريح للموقع المذكور، إن "صاحب العمل لا يمكنه إجبــار موظفيه على التطعيــم، لأن هذا القــرار يقوض حرية الموظفين، حتى لو كان تحركه الرغبة في مواجهة انتشار الوباء.

فرض التطعيم

وجهــة نظر أخرى تذهب إلى اعتبار أن صاحــب العمل يلتزم بحماية ســامة موظفيه، وبهذا المعنى يمكنه أن يفرض التطعيم. إلى هذا الرأي تذهب المحامية مي مريم برادة، التي تستشهد بالمادة 24 من قانون الشغل التي تنص علــى أنه يتعين علــى صاحب العمل اتخاذ جميــع التدابير اللازمة للحفاظ على ســامة الموظفين وصحتهم وكرامتهم في أداء المهام التي يؤدونها تحت إشرافه.

كما يرى المحامي منير فوناني، أن قرار صاحب العمل بفرض التطعيم على موظفيه يندرج في إطار صلاحياته ضمن تســيير الشركة، خاصة أنه ملزم بضمان ســامة الموظفين في مكان العمــل مثلما ينص على ذلك القانون. ومع ذلك، إذا كان هذا القرار لا يناسب الموظف الذي لا يرغب في التطعيم، فيمكنه اتخاذ الإجراءات القانونية لطلب إلغاء القرار.

في مقابل ذلك، يعتبر الدكتور الطيب حمضي، الباحث في السياسات والنظم الصحية، أن الوضعية الوبائية في المملكة "مقلقة جدًا"، مؤكدًا أن الحل في خفض الحــالات الحرجة يكمن في التلقيح والتقيد بالإجراءات الاحترازية، وليس بالإجراءات التشديدية وحدها.

وأوضح في تصريح أوردته وكالة الأنباء المغربية، أن المغرب ســجل خلال الأيــام الأخيرة أرقامًــا كبيرة من حيث عــدد الإصابات الجديدة بكوفيد-19، وصلت مســاء أول أمس الخميس إلى 8995 حالة، خلال 24 ساعة، كما بلغ عدد الحالات الحرجة855 حالة.

وقال إنه "لحسن الحظ، تســجل بلادنا أرقامًا قياسية أخرى، وأهمها تلقيح أزيــد من نصف مليــون مواطن فــي اليوم الواحــد، وتلقيح ما يقرب مليون ونصف مواطن في ثلاثة أيام. وكذلك رقم قياســي في عدد الفحوص المنجزة في 24 ساعة".

تلقيح أكثر من 13 مليون شخص

وبلغ عدد الأشــخاص الذين تلقوا الجرعة الأولــى من اللقاح المضاد 13 مليون و388 ألفًا و726 شــخصًا، فيما بلغ عدد المستفيدين من الجرعة الثانية 10 ملايين و94 ألفًا و160 شــخصًا. أما عدد الفحوص المنجزة أول

أمس فبلغ 43925 فحصًا.

وأكــد الدكتور حمضي أنه يجــب توقع أرقام جديــدة أكبر من حيث الإصابــات والحالات الحرجــة والوفيات والضغط على المستشــفي­ات والكوادر الطبية، بسبب سلوك التراخي بل اللامسؤولي­ة أحيانًا وبسبب المتحورات الجديدة الأكثر سرعة في الانتشار.

وأوضــح أن المطعمين اليوم بشــكل كامل يشــكلون 28 فــي المئة من السكان، كما أن أكثر من 36 في المئة من الساكنة تلقت جرعة واحدة على الأقل، مشــيرًا إلى أنه بفضل التركيبة الشابة للمجتمع المغربي فإن هذه النسب سمحت بالوصول اليوم إلى استهداف الفئات العمرية الشابة 25 سنة فما فوق.

وســجل أنه بفضل انخــراط المواطنين في عمليــة التطعيم ووصول اللقاحات بشكل منتظم وحســن تدبير الحملة الوطنية، استطاع المغرب حماية الفئات الأكثر هشاشة بشكل كبير.

واعتبر أن التغطية المهمة بالتطعيم للفئات الهشة ستسهم في خفض عدد الحالات التي تتطلب الاستشفاء والحالات الحرجة، وبالتالي تقليل الضغط على المنظومة الصحية والتقليل من الوفيات.

وأكد الباحث أنه للحفاظ على عدد قليل في الحالات الحرجة والوفيات دون تهديد المنظومة الصحية بالانهيار، فإن المملكة تتوفر على خيارين: نقص الحالات الجديدة، أي التحكم في انتشــار الفيروس بالإجراءات الاحترازية الفردية والجماعية، والرفع من نسبة التلقيح داخل المجتمع، مسجلًا أنه كلما ارتفعت نسبة الملقحين انخفضت نسب الحالات الخطرة والوفيات وتكسرت سلاسل نقل العدوى.

وختــم الباحث بالقول إنه "اليــوم بإمكاننا تجنــب تهديد المنظومة الصحيــة بســبب الانتــكاس الوبائي بفضــل التلقيــح والاحترازا­ت البسيطة، دون اللجوء إلى تدابير تشديدية تهدد مصادر الرزق وحركية المجتمــع وحريته والدورة الاقتصادية والحياة المدرســية. وســيكون من غير المنطقي الاعتماد على الإجراءات التشــديدي­ة التي قد تصل إلى الإغلاقات للتحكم فــي الوضع الوبائي، عوض اســتعمال آلية التلقيح والإجراءات الاحترازية البسيطة".

الحالة الوبائية مقلقة

وأكد البروفيســ­ور ســعيد المتوكل، عضو اللجنة العلمية والتقنية لكوفيد ورئيس قســم الجراحة في مستشــفى ابن رشــد فــي الدار البيضاء، أن الحالة الوبائية بالمغرب مقلقة، لأنها تشهد ارتفاعًا كبيرًا في عدد حالات الإصابات اليومية بكوفيد 19، حيث أصبحت تقارب أو تفوق 7 آلاف حالة في اليوم، مع تسجيل ارتفاع أيضًا في عدد الحالات التي تستوجب الاستشفاء في مراكز العناية المركزة والإنعاش، التي سجلت أكثر من 160 حالة في اليوم.

ويرى المتوكل، أن هذه الحالة الوبائية ستشــكل ضغطًا كبيرًا على المنظومة الصحية التي يقول إنها كانت مرهقة منذ حوالي سنتين، أي منذ ظهور وباء كوفيد في المغرب.

وأوضح في تصريح لصحيفة "الصحراء المغربية"، أن هذا الارتفاع في عدد الحــالات يتميز بارتفاع إجمالي لعــدد الموتى، الذي يناهز ما بين 27 و30 حالة في اليوم، مشــيرًا إلى أن هــذا المنحى الارتفاعي في الحالات، بات يصاحبه كذلك ارتفــاع طفيف مقارنة مع الموجة الأولى التي عاشها المغرب في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وذلك من خلال تســجيل عدد كبير في الموتى، وهذا يؤكد أنه راجــع لعملية التطعيم وعــدد اللقاحات التي أصبحــت الآن تناهز 30 في المئة من الســكان استفادت من حقنتين.

 ??  ?? سيارة إسعاف مغربية تنقل مصابة بفيروس كورونا
سيارة إسعاف مغربية تنقل مصابة بفيروس كورونا

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom