Al-Quds Al-Arabi

هجوم إيراني يستهدف كردستان... ومستشار بارزاني يدعو لتزويد اإلقليم مبنظومة دفاع جوية

صواريخ وطائرات مسّيرة قصفت مقرات حزبية... ومقتل عنصر في البيشمركه

- من مشرق ريسان ـ ووكاالت:

شــنت إيران، في ســاعة مبكرة من فجر أمس اإلثنني، هجومــا بالصواريــ­خ والطائرات املســيرة، اســتهدف جتمعات ألحــزاب كرديــة ـ إيرانية معارضــة تتخذ من مناطق في إقليم كردســتان، مقــرات لهــا، وفيما تدافع إيران عن «شــرعية» هجماتها املتكررة في ظل عدم اتخاذ احلكومتني االحتادية والكردية، أي، خطوات لكبح جماح املعارضني لها، حسبما تراه، دعا إقليم كردستان، اجملتمع الدولي إلى التدخل، ووقف العدوان اإليراني على أراضيه وانتهاكه املستمر للسيادة.

وحســب «فرانس برس»، فقد شــنت إيران ليل األحد ـ اإلثنــني، ضربــات جديــدة اســتهدفت مجموعات من املعارضــة الكرديــة اإليرانيــ­ة املتمركزة في كردســتان العراق، بعد أقل من أسبوع على ضربات مماثلة استهدفت هذه الفصائل التي تتهمها طهران، بإثارة التظاهرات التي تشهدها إيران.

وقالت أجهــزة مكافحــة اإلرهاب في كردســتان، إن «احلرس الثوري اإليراني اســتهدف مجدد ًا أحزاب ًا كردية إيرانية».

وقــال علي بوداجــي، العضــو القيادي فــي احلزب الدميقراطي الكردســتا­ني لفرانس برس إن «عنصرا من البيشــمرك­ه يدعى بهزاد قتل في قصف إيراني في منطقة كويسنجق».

وأكد احلزب، أن الضربات اســتهدفت مقاره، وحتدث عن إســقاط طائرة إيرانية مســيرة في كويسنجق أثناء الهجــوم، مشــيرا إلى اســتهداف موقعني قــرب أربيل، بـ«قصف صاروخي وطائرات انتحارية بال طيار».

وقال، أقدم حزب كردي في إيران - تأســس في العام -1945 إن «هــذه الهجمات العشــوائي­ة تأتــي في وقت يعجز النظام اإليراني عن وقــف التظاهرات اجلارية في كردستان». ونشر على حسابه في «تويتر» مقاطع فيديو ُتظهر كرات نار تتصاعد في السماء ليًلا.

وتتهم احلكومــة اإليرانية هذه اجلماعــات املعارضة بإثارة االضطرابات التي تشــهدها إيــران منذ 16 أيلول/ سبتمبر، إثر وفاة مهسا أميني، بعد توقيفها بأيدي شرطة األخالق.

وكان عدد من كبار املســؤولن­ي اإليرانيــ­ني قد وجهوا حتذيرات في هذا الشأن إلى السلطات في بغداد وأربيل، مطالبني إياها بتحييد هذه اجلماعات املعارضة.

وكانت هــذه الفصائل الكرديــة اإليرانية متركزت في العراق منــذ ثمانينيات القرن املنصــرم، وتصفها طهران بإنهــا «إرهابية» وتتهمها بشــن هجمــات على األراضي اإليرانية. لكن هذه اجملموعات التي قادت متردًا مســلحًا لفترة طويلة، يقول خبراء، إنها أوقفت تقريبا أنشــطتها العسكرية.

خسائر «كبيرة»

في املقابــل، أعلنت العالقــات العامة للقــوات البرية للحرس الثــوري، إحلاق خســائر كبيرة مبــا وصفتهم «اإلرهابيني في كردستان العراق».

وقالت، العالقات العامة، في بيان: «اســتمرارا لتدمير مقــرات ومراكــز التآمــر واســتقرار وتدريــب وتنظيم اجملموعات اإلرهابيــ­ة االنفصالية املناهضــة إليران في إقليم شمال العراق، مت تنفيذ ومنذ ساعات الفجر األولى، دفعة جديدة من الهجمات الصاروخية والطائرات املسيرة واستهدفت ما تبقى من مقار مرتزقة االستكبار العاملي».

و»خالل هذه الهجمات التي نفذت في عمق إقليم شمال العراق، مبــا في ذلك جيزنيكان وزرقيز وكوي ســنجق، مت تدمير األهــداف املقصودة وتوجيــه ضربات وإحلاق خسائر كبيرة باإلرهابين­ي»، حسب البيان.

كمــا بني املتحدث باســم وزارة اخلارجيــة اإليرانية، ناصر كنعانــي، إن إيــران تأمل أال تتعــرض ألي تهديد انطالقا من األراضي العراقية، وأال تكون األخيرة، مصدرا لتهديد إيران وأمنها.

وفي مؤمتر صحافي أســبوعي، ذكــر: «أننا نعول على احلكومــة املركزية وحكومة اإلقليم العمل مبســؤوليا­تها الدولية والتعهدات التــي قدمتها خالل اللقاءات الثنائية مع الطــرف اإليرانــي»، مبينــا أن «هذا لــم يحدث رغم الوعود املكررة التي تلقيناها مــن الطرف العراقي وبناء على حقوقنا الشــرعية للدفاع عن أمننــا وأمن املواطنني اإليرانيني اتخذنا خطوات لردع التهديدات».

وأوضح أن، «خالل جلستني في طهران طرحنا مطالبنا، وأكدنا ضرورة عدم استمرار تدفق األسلحة واملعدات من إقليم كردســتان العراق الســتخدام­ها من قبل جماعات املعارضة املسلحة ضد أمن املواطنني»، مؤكدا أن «السيادة العراقية مهمة بالنســبة لنا، ونؤكد أن هــذه اجلماعات اإلرهابية تنتهك الســيادة العراقية بخطواتها اإلرهابية املسلحة قبل أن تهدد أمن إيران».

وأضاف: «نرحب ببســط ســيادة احلكومة العراقية على كامل أراضيها، ونأمل أن توقف التهديدات ضد إيران انطالقا من شمال العراق».

وعلى املســتوى ذاتــه، نقلت وكالة األنبــاء اإليرانية الرسمية عن الســفير اإليراني لدى بغداد محمد كاظم آل صادق، قوله بأن طهران «طلبت من العراق ضبط حدوده ونزع سالح اجلماعات الكردية املناهضة لبالده».

وطبقــا للوكالــة اإليرانيــ­ة، فــإن رئيــس البعثــة الدبلوماسـ­ـية اإليرانية في بغداد أعلــن في تصريحات أن بــالده طلبت مــن العراق «مســك احلــدود» و«نزع ســالح اجلماعات املناوئة إليران وإعادتهم إلى اخمليمات كالجئني».

وذكــر أن العراق طلــب «مهلة» فيمــا يخص موضوع نزع الســالح من اجلماعات املناوئة إليران، مشيرا إلى أن «احلكومــة العراقية وافقت على مطلبني وطلبت مهلة فيما يخص موضوع نزع الســالح»، عالوة على اإلشــارة إلى دراســة «موضوع تبادل املطلوبني بنــاء على مذكرة بني النظام القضائي العراقي واإليراني».

وتعليقا على الهجوم اإليرانــي األخير، طلبت حكومة إقليم كردستان العراق، من احلكومة االحتادية في بغداد واجملتمع الدولي بوقف الهجمــات اإليرانية املتكررة على شمال العراق.

وقالــت في بيــان صحافــي، «ندين بأشــد العبارات الهجوم الذي شنته اجلمهورية اإلسالمية اإليرانية الليلة املاضيــة على إقليم كردســتان»، مبينــة إن «االنتهاكات اإليرانيــ­ة املتكــررة التي متس ســيادة العــراق وإقليم كردســتان العراق غير مبررة، وتشــكل انتهاكًا صارخًا لألعراف الدولية وعالقات حسن اجلوار».

ودعــت، إيران إلــى «وقف هــذه احلملة ضــد إقليم كردســتان»، مؤكدة إن «االســتقرا­ر لن يتحقق من خالل العنف على اإلطالق».

كما دعت أيضا أصدقاءها وشــركاءها في بغداد واألمم املتحدة واجملتمع الدولي عامة، إلى «اتخاذ موقف واضح وصريح جتاه االعتداءات اإليرانية املستمرة».

منظومة دفاع

في األثناء، علق مسعود حيدر، مستشار رئيس احلزب الدميقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني على الهجمات، فيمــا دعا اجملتمــع الدولي إلــى تزويد اإلقليــم وبغداد مبنظومة دفاع جوية.

وقــال، في «تدوينــة» له، إن «الهجمــات الصاروخية واملسيرات جتاوز على سيادة الدولة العراقية وتعريض حياة املدنيني في كردستان للخطر».

وأضــاف أن «اإلدانــة، ال متنع تكرارهــا، على اجملتمع الدولي مســاعدة وبيع أربيل وبغــداد منظومة دفاعات جوية لردع هذه الهجمات، فالصواريخ تردع بالصواريخ، ال باإلدانات».

كما عد نائب رئيس مجلس النواب، شاخوان عبدالله، القصف اإليراني بأنه «جتاوز مرفوض وانتهاك للسيادة الوطنية».

بيان ملكتبــه أفاد بأنــه «أدان القصــف اإليراني على محافظة أربيل بالصواريخ والطائرات املســيرة»، مؤكدا أن «االعتــداء­ات املتكــررة هو جتاوز مرفــوض وانتهاك للسيادة الوطنية».

وطالــب، احلكومــة االحتادية بـ«اتخــاذ اإلجراءات الكفيلــة للحد مــن اعتــداءات دول اجلــوار»، فيما دعا اجملتمع الدولي «للتدخل ومساعدة العراق ملعاجلة قضية االعتداءات»، مضيفا أن «استمرار القصف سيعرض حياة املدنيني للخطر وميس باألمن واالستقرار في البالد».

موجة اإلدانات شملت أيضا بعثة األمم املتحدة العاملة في العراق «يونامي»، التي دعت إلى وقف االنتهاكات على األراضي العراقية.

وشــددت في «تغريدة» لها على وجــوب أن «تتوقف الهجمات املتكررة التي تنتهك السيادة العراقية»، مشيرة إلــى إن «مثل هذا العــدوان ال يزيد التوتــرات على نحو طائٍش فحسب، بل يتسبب أيضًا في وقوع مأساة».

وتابعت: «أيا كانت احلســابات اخلارجية التي تسعى دولٌة مجــاورٌة إلى تســويتها، فإن اســتخدام األدوات الدبلوماسـ­ـية املعمول بهــا هو الســبيل الوحيد للمضي قدما».

كما دانت القيــادة املركزية للقوات األمريكية، القصف، وقال قائد القيادة الوســطى مايكل كوريــال في بيان، إن «الهجمات اإليرانية العشــوائي­ة تعــرض املدنيني للخطر وتنتهك السيادة العراقية».

وأضــاف: «نديــن ضربــات إيــران الصاروخية عبر احلدود وهجومها باملســيرا­ت قرب أربيــل في العراق»، معتبرا أن «هجمات إيران العشــوائي­ة وغيــر القانونية تعرض استقرار العراق والشرق األوسط للخطر».

في الســياق ذاته، أعلنــت اململكة املتحــدة، تضامنها مع إقليم كردســتان العراق، ضد ما وصفته بـ «العدوان اإليراني».

وجاء فــي «تدوينة» للقنصليــة البريطانية في أربيل إنه «مرة أخرى، يواجه سكان كردستان العراق، ضربات صاروخيــة وطائرات بدون طيار من قبل احلرس الثوري الثوري».

وأضافت، أنه «منذ ســبتمبر، قتلت هذه الهجمات ما ال يقل عن 12 شخصا وجرحى وشردت املزيد، وتقف اململكة املتحدة إلى جانب (اإلقليم) في مواجهة هذا العدوان». وختمت بالقول: «رسالتنا واضحة: توقفوا». كذلك، دانــت القنصلية األملانية في إقليم كردســتان، الهجمات. وقالت في بيان: «نكرر اإلعراب عن اســتيائنا الشــديد من الصواريخ اإليرانية املتكررة وهجماتها عبر املسيرات على مناطق في إقليم كردستان العراق. وتشكل هذه الهجمات انتهاكا صارخا آخر لسيادة العراق».

كما دعت إيــران إلى «ايقــاف هذه الهجمــات فورا». واألســبوع املاضــي، دان العــراق بعبــارات شــديدة و ُمكررة، ما أقــدم عليه اجلانب اإليراني من قص ٍف مدفع ٍي وبالطائرات املسيرة، على عدٍد من مناطق إقليم كردستان العراق.

وذكــرت وزارة اخلارجية في بيــان صحافي حينها، أن «هذا النهج اُألحادي، العدائي، لــن يكون عامًال للدفِع

أحد املصابن بهجمات إيرانية استهدفت كردستان قبل أيام

بحلوٍل ُتفضي لالستقرار، وســبقت املواقف لتؤِشر خطر هذا التجاوز السافر على ســيادة العراق وأمن مواطنيه، وما يعكســه من تهدي ٍد مست ِمر سيتســبب بإربا ِك املنطقة ويرفع مستوى التوتر فيها».

وتعهــدت الــوزارة، بـ«اتخاذ إجراءات دبلوماســي­ة عالية املســتوى في هذا اجلانب، غيــر متوانية عن حفظ وصون سيادة العراق، ومبا ُيعِزز أمن شعبه».

يأتي ذلك في وقٍت هدد مسؤول إيراني بارز أثناء زيارة لبغداد بعملية عســكرية برية في شــمال العراق، إذا لم يحصن اجليش العراقي احلدود املشتركة ضد اجلماعات الكردية املعارضة، وفقا ملا نقلته وكالة «أسوشييتدبر­س» عن عدد من املسؤولني العراقيني واألكراد.

وقالت الوكالة إن عملية كهذه في حال تنفيذها ستكون «غير مسبوقة» في العراق، وستفاقم التداعيات اإلقليمية في ظــل االضطرابات التي تشــهدها إيــران، وتعتبرها مؤامرة خارجية، من دون أن تقدم دليال على ذلك.

وكشــفت الوكالــة أن التهديــد اإليرانــي نقلــه قائد فيلق القدس التابــع للحرس الثوري، إســماعيل قآني، الذي وصــل لبغداد اإلثنني املاضي في زيــارة غير معلنة اســتغرقت يومني، وجــاءت بعد يوم واحــد من هجوم صاروخي إيراني اســتهدف قاعدة للمعارضة في أربيل، وراح ضحيته ثالثة أشخاص.

وتشــير املعلومات إلى أن قآني التقى برئيس الوزراء، محمد شياع الســوداني، وقادة آخرين في حتالف اإلطار التنســيقي، والرئيس اجلديد عبداللطيف رشيد، إضافة إلى فصائل مسلحة مدعومة من إيران.

وكانت مطالب قآني من شــقني: نزع سالح اجلماعات الكردية املعارضة إليران في شــمال العــراق، وحتصني احلدود ملنع التسلل.

فتح حوار استراتيجي

إلى ذلك، اعتبر، ائتالف «النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء األســبق حيدر العبادي، أن، علــى دول اجلوار العراقــي إدراك أن مــا ال ميكن كســبه بالســالم ال ميكن حتقيقه باحلرب.

وقال في بيان، إنه «نرفض جعل العراق ســاحة صراع مكشوف لدول اجلوار، وميدان ألجندات داخلية وإقليمية لتصديــر األزمات وتصفية احلســابات، ونحذر اجلميع، بأن انتهاك الســيادة العراقية وتفجير الوضع عســكريا وأمنيا ســتطال شــظاياه اجلميع، واملتضــرر لن يكون العراق وحده، وعلــى دول اجلوار العراقي إدراك أن ما ال ميكن كسبه بالسالم ال ميكن حتقيقه باحلرب».

كما دعا، احلكومة العراقية لـ»فتح حوار اســتراتيج­ي شــامل مع كل من تركيــا وإيران لوضــع احللول جلميع القضايا اإلشــكالي­ة وبالــذات املتصلة باألمن وســالمة احلــدود وإطفاء بؤر التوتر، والتأســيس ملرحلة جديدة حتفظ األمن والسالم والتنمية للجميع».

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom