Al-Quds Al-Arabi

مصافحة اردوغان والسيسي: اختراق في مسار إعادة تطبيع العالقات بني الطرفني

أنقرة وصفتها بـ «اخلطوة األولى» والقاهرة حتدثت عن «عمق الروابط التاريخية»

- من إسماعيل جمال:

بــدت املصافحة بــن الرئيــس املصري عبد الفتاح السيســي، ونظيــره التركي رجب طيب اردوغان، خــال مونديــال قطــر، أول أمس، مؤشــرا على إمكانية حصول اختــراق حقيقي هذه املرة في مســار إعادة تطبيع العاقات بن أنقرة والقاهــرة، خصوصــا وأن تصريحات، أمس اإلثنن، صبت في هــذا االجتاه، إذ حتدثا عن «بداية جديدة» و«خطوة أولى».

واألحد، تصافح اردوغان والسيســي للمرة األولى على هامــش افتتــاح كأس العالم لكرة القدم فــي قطر، وهو ما أعاد إلى الواجهة مجددا ملف إعادة تطبيع العاقات بن البلدين، وفتح الباب واســعا أمام األســئلة حول ما إن كان ما جرى هو «مجرد مصافحة» أم «اختراق حقيقي» في مسار حتسن العاقات الذي شهد تعثر ًا الفت ًا في األسابيع األخيرة، بســبب عودة اخلافات حول امللف الليبي وشرق املتوسط.

وبعيدا عن التكهنات، قالت الرئاسة املصرية، أمــس اإلثنن، إنــه «مت التوافق بن السيســي ونظيــره التركي، علــى أن يكــون لقاؤهما في الدوحة «بداية لتطوير العاقــات الثنائية بن البلدين»، وفق بيان نشــره املتحدث الرســمي باســم الرئاســة املصرية، بســام راضي، على صفحته الرسمية عبر «فيسبوك».

تصريح إيجابي

وأفاد البيان بأن «الرئيس السيســي تصافح مــع الرئيس اردوغــان في الدوحــة، حيث مت التأكيد املتبادل على عمــق الروابط التاريخية التــي تربــط البلديــن والشــعبن املصــري والتركــي»، مضيفــا: «كما مت التوافــق على أن تكون تلك بداية لتطويــر العاقات الثنائية بن اجلانبن».

ويعتبر هذا التصريــح املصري أبرز تصريح إيجابــي يصدر من القاهرة حــول العاقات مع تركيا منــذ تدهورها قبل أكثر من 10 ســنوات، وهو ما يعطي مؤشــرًا رســميًا على أن ما جرى في الدوحة أكبــر من مجرد مصافحة، وأن هناك اختراقا حقيقيا قد جرى فــي العاقات قد ميهد خــال األســابيع املقبلة إلى لقاءات سياســية رفيعة وصــوال لعقد قمة رســمية بن اردوغان والسيسي، في القاهرة أو أنقرة.

«مسار جديد»

وفــي أول تعليق لــه على ما جــرى، وصف أردوغان اللقاء بأنه «خطــوة أولى مت اتخاذها من أجل إطــاق مســار جديد بــن البلدين»، وقال: «أنا أنظر لألمر بهذا الشــكل، لم يكن لقاء بــن زعيمي مصر وتركيا. الروابــط القائمة في املاضي بن الشعبن التركي واملصري هامة جدا بالنســبة لنا، فما الذي مينع من أن تكون كذلك مجددا، وقدمنا مؤشرات بهذا االجتاه».

وأضاف: «آمل أن منضي باملرحلة التي بدأت بن وزرائنا إلى نقطة جيدة الحقا عبر محادثات رفيعة املستوى»، معتبرا أن مطلب باده الوحيد من املصرين بالتوازي مع اللقاءات بن البلدين،

أن «يقولوا ملن يتخــذ مواقف معادية ضد تركيا في منطقة املتوســط نريد إرســاء الســام في املنطقــة»، وختم بالقول: «إن لم يحدث شــيء طارئ سنتخذ هذه اخلطوة بخير إن شاء الله».

انفتاح القاهرة

وفي اخلطوات السابقة التي جرى اتخاذها بن البلدين، وخاصة عقب احملادثات االستكشــا­فية، التزمــت القاهرة بالصمت وعــدم التعليق، بينما كانت أنقرة دائما ما توجه رسائل إيجابية تهدف من خالها إلى دفع مســار املباحثات، إال أن بيان الرئاســة املصرية اإلثنــن، ميكن اعتبــاره أهم إشارة إيجابية من اجلانب املصري، ما يؤشر إلى انفتاح القاهرة هذه املرة على حتقيق اختراق في العاقات عقب اللقاء.

وتكمــن أهمية اللقــاء أنه يأتي عقب أســابيع قليلة مــن إعان القاهرة عن تعثــر املباحثات مع أنقرة حول إعادة تطبيع العاقات بســبب جتدد اخلافات بن البلدين حول امللف الليبي وشــرق املتوســط، وهو يؤشــر إلى إمكانية عودة قريبة للمحادثات االستكشــا­فية التــي توقفت، والتي كان يتوقع أن تتطور ملباحثات دبلوماسية رفيعة ولقــاء على مســتوى وزراء اخلارجية ميهد لعقد لقاء بن اردوغان والسيسي.

يضــاف إلى ذلــك، رمزيــة وأهميــة حصول املصافحــة األولى في قطــر التي أعــادت تطبيع عاقاتها مــع مصر مؤخرا، حيــث جرى احلديث كثيرا عن إمكانية أن تلعب الدوحة دور الوســيط إلعادة تطبيع العاقــات بن القاهرة وأنقرة التي ال تخفي رغبتها الواضحة في حتســن العاقات مع مصر في ســياق مسار دبلوماسي أوسع يهدف إلى العودة لسياســة «صفر مشاكل» التي جنحت من خالهــا في إنهــاء اخلافات مع الســعودية واإلمارات ودول أخرى تعتبر حليفة للقاهرة.

وعقب قرابــة عامن من تراجــع التصعيد في امللف الليبي وتراجع اخلافات اإلقليمية وخاصة بن مصر وتركيا التي ســعت إلى إعــادة تطبيع العاقات مع القاهرة منذ أكثر من عام، عاد التوتر مجددا بــن البلدين مع توقيع أنقــرة وطرابلس على اتفاق للتعاون في التنقيب عن الغاز والنفط في حدود مناطق اتفاق ترســيم احلدود البحرية املوقــع بن البلديــن والذي يتعــارض ويتداخل مــع مناطق اتفاق ترســيم احلــدود البحرية بن مصــر واليونان، وهو مــا دفــع البلدين إلعان رفــض االتفــاق والتلويــح بإجــراءات ملنع أي حتركات تركية في املناطــق املتنازع عليها. ومنذ أشهر طويلة، جرت مســاع واسعة إلعادة تطبيع العاقات بن تركيا ومصر، حيــث جرت أكثر من جولة من املباحثات االستكشافي­ة وخطوات بناء الثقــة واإلجراءات املتبادلة، وهــو ما كان يتوقع أن ينتج عنه اتفــاق على إعادة تبادل الســفراء قد ميهد للقاءات سياســية على أعلى املستويات من البلدين، إال أن التطــورات األخيرة يبدو أنها نســفت ما جرى التوصل إليه وأعادت اخلافات إلى املربع األول. وإلى جانــب معوقات مختلفة، كان ملف ليبيا وشــرق املتوسط أحد أبرز امللفات اخلافية بن البلدين، حيــث تدعم تركيا حكومة الدبيبة في طرابلــس، بينما ال تزال القاهرة تدعم برملان طبرق واحلكومات املنبثقة عنه، إلى جانب اصطفاف القاهرة إلى جانب اليونان في حسابات شرق املتوســط التي تعتبر حاليا مبثابة القضية االستراتيج­ية األولى لتركيا. املصافحة بن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره املصري عبد الفتاح السيسي بحضور أمير قطر الشيخ متيم بن حمد آل ثاني

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom