Al-Quds Al-Arabi

امليرغني يعود للسودان: حزبه يضربه االنقسام والتحالف مع العسكر غير مستبعد

على منت طائرة مصرية خاصة... وبعد غياب 9 سنوات... وحزب البشير رحب به

- من ميعاد مبارك:

بعد أكثر من تسع سنوات على مغادرته الســودان، عاد أمس اإلثنن إلــى الباد، مرشــد الطريقة اخلتمية، ورئيس احلزب االحتادي الدميقراطي األصل، محمد عثمان امليرغني، في ظل انقسامات واسعة تضرب حزبــه، تفاقمت عقب اإلعان عن تســوية مرتقبة بن «احلرية والتغيير» والعسكر.

وعلى منت طائــرة مصرية خاصة، أقلته من القاهرة التي قضى فيها معظم ســنوات غيابــه، وصــل امليرغني إلــى اخلرطوم، وسط استقبال حاشــد من أنصار احلزب االحتــادي األصــل، الــذي يعد مــن أقدم األحزاب في السودان.

وكان امليرغنــي قد غادر الباد بشــكل مفاجــئ في 25 ســبتمبر/ أيلــول من عام ،2013 إلــى اململكــة املتحــدة، حيث أعلن حزبه وقتها، أنه ســافر إلجراء فحوصات طبية، في وقت قال مقربون منه، إنه سافر «غاضبا»، بسبب الصراعات داخل حزبه، وأنباء حــول خافات مع نظــام الرئيس الســابق عمر البشير، واســتقالة الوزراء االحتادين في احلكومة وقتها.

وبعد فتــرة قصيرة قضاهــا في اململكة املتحــدة ســافر إلــى القاهرة، فــي وقت اســتمرت الشــراكة بن االحتادي األصل ونظام البشــير، حتى ســقوطه، على إثر االنتفاضة الشــعبية في 11 أبريل/ نيسان .2019

تأييد الثورة

وعلى الرغم مــن تلك الشــراكة، أعلن امليرغني وقتها تأييده للثورة السودانية، وبعدها دعم احلكومة االنتقالية برئاســة رئيس الوزراء الســابق عبد الله حمدوك، مع أن حزبه لم يكن جزءا من اتفاق الوثيقة الدستورية والفترة االنتقالية قبل انقاب القائد العــام للجيش عبد الفتاح البرهان، فــي 25 أكتوبر/ تشــرين األول مــن العام املاضي.

وفــي ظــل انقســامات يعانــي منهــا االحتــادي الدميقراطـ­ـي األصــل، أعلنت مجموعة في داخله، في 25 يونيو/ حزيران املاضــي، تعديات داخل مؤسســاته، من ضمنها تعيــن إبراهيــم امليرغنــي أمينا للقطاع السياســي، وقالــت إن التعديات بتوجيــه من رئيس احلــزب محمد عثمان امليرغني(األول من اليسار) عند استقباله من قبل قيادات موالية له في اخلرطوم

امليرغني.

اجملموعة التي أقرت التعديات، رأسها نائــب رئيس احلــزب وجنــل امليرغني، احلسن. وأشــارت في بيان، إلى ما وصفها بـ «األزمة السياســية احلادة التي متر بها الباد»، مبدية اســتياءها مما وصفتها بـ «حالة االنقسامات والفنت في السودان».

لكن مجموعــات أخرى داخــل احلزب يرأسها جنل املرغني الثاني جعفر، رفضت التعديات، مؤكــدة أنها لم تتــم بطريقة مؤسسية.

واخلافات بن الشقيقن جتاوزت ذلك، حيــث وقع احلســن على وثيقــة اإلعان الدســتوري املقترحــة مــن قبــل اللجنة التســييري­ة للمحامن والتي حتظى بتأييد «احلريــة والتغييــر» واجملتمــع الدولي، في وقــت انضم جعفــر لتحالــف «الكتلة الدميقراطي­ة» الذي يضم حركات مســلحة وأحزابا مقربة من اجليش.

وقبل أيــام، خرج امليرغني في تســجيل مصور، معلنًا جعفر نائبــًا وحيدًا له، حيث وجهه بحسم من وصفهم بـ«املتفلتن داخل احلزب»، وذلــك قبل إعان موعــد عودته للباد.

واألحــد، حــذرت مجموعــة «القيــادة التاريخيــ­ة للحزب االحتــادي األصل»، من استغال عودة امليرغني في تأجيج الصراع

بن األشــقاء، مشــيرة إلى وجــود جهات مســتفيدة من هذا الصراع خللق حتالف بن العســكر واالحتادي بعيدا عن قوى الثورة السودانية.

حدث تاريخي

وعلى الرغم من مخاوفهــا من أن تؤدي عودتــه إلــى تشــظي احلــزب، اعتبرت اجملموعة عودته «حدثًا تاريخيًا هاما لزعيم ســوداني فذ ميثل ثقا سياسيا وجماهيريا كبيرا».

وناشدت جماهير احلزب بأن «تكون على قدر حجم املسؤولية لهذه املناسبة العظيمة واحملافظة على النظام سواء كان باملطار أو مسجد الســيد علي امليرغني في اخلرطوم بحري».

وســبق للميرغني، والذي ظــل إلى حد كبيــر، بعيدا عــن األضواء لســنوات، قد أعلن عبر تســجيل مصور، في مارس/ آذار املاضي، مبادرة للوفاق الوطني وحل األزمة السياسية في الباد، مشــيرا إلى أن الباد تواجــه تهديدات خطيرة ومتــر في مرحلة دقيقة تستلزم وفاقا وطنيا شاما.

ودعا إلى حوار سوداني- سوداني بن كل املكونات العســكرية واملدنية في الباد، مؤكدا على مشــاركة اجلميــع دون إقصاء

في هذا احلوار، مطالبا الفصائل والتيارات االحتادية بدعم املبادرة والتنسيق املشترك وصوال إلــى توحيد االحتادين واإلســهام فــي القضايــا الوطنيــة لتحقيــق مطالب السودانين.

وقال وقتها، إنه سيعود إلى الباد قريبا لإلعان عن وحدة االحتادين، واالستمرار في املســاهمة في العمــل الوطني في الباد وتكوين جلنة تنســيقية للعمل املشــترك، تضم املوقعن على إعان وحدة االحتادين وتكون مفتوحة ملن يرغبون باالنضمام إليه من الفصائل االحتادية األخرى.

والحقا، في نهاية مــارس/ آذار املاضي، وقعت ستة فصائل احتادية إعانًا سياسيًا إلعــادة توحيد احلزب االحتــادي األصل، الذي ظل يعاني من انقســامات واســعة، تفاقمــت بعد مغادرة رئيســه إلى القاهرة، وشائعات طالت وضعه الصحي.

وجاء التوقيع بعــد يوم واحد من زيارة البرهــان للميرغنــي فــي مقــر إقامته في القاهرة، حيث أكد قائــد اجليش وقتها أنه يدعو لوحــدة األطراف الســوداني­ة، قبل أن يتســلم في 21 أبريل/ نيســان املاضي، نســخة من مبادرة امليرغني. وفي 6 يونيو/ حزيران املاضي أعلن حزبا االحتادي األصل واألمة القومي، واللذان دائما ما يشار إليهما باحلزبن الكبيريــن، التوافق على عدد من القضايا، مؤكدين على ضــرورة االنخراط في حوار ســوداني ـ ســوداني حلل األزمة الراهنة في الباد، وذلك قبل أقل من شــهر من إعان البرهان في يوليو/ متوز املاضي، خروج العسكر من العملية السياسية التي تيسرها اآللية الثاثية املشتركة املكونة من بعثة األمم املتحــدة املتكاملة لدعم االنتقال الدميقراطي فــي الســودان (يونيتامس) واالحتاد األفريقــي وإيغاد، مطالبا املدنين بالتوافــق على حكومة مدنيــة تدير الباد وصوال لانتخابات.

وكان اجمللــس املركــزي لـــ «احلريــة والتغييــر» قد أعلن األربعــاء املاضي، عن وصوله لتفاهمات مع العسكر لتوقيع اتفاق إطــار يفضي إلــى تكوين حكومــة مدنية، وإنهاء األزمة املتفاقمة في الباد منذ انقاب البرهان علــى احلكومــة االنتقالية في 25 أكتوبر/ تشــرين األول املاضي، يستند على إعان الدســتور االنتقالي املطروح من قبل اللجنة التسييرية للمحامن.

وعلى الرغم مــن التلميحات التي أطلقها البرهان خال خطاباتــه األخيرة، بوجود تفاهمــات مــع بعــض قيــادات «احلرية والتغييــر»، إال أنــه لــم يعلــن حتى اآلن شــروعه في توقيع اتفاق إطــاري، بينما ال تزال األحزاب املقربة من العسكر ترفض أن يكون إعان احملامــن املرجعية ألي اتفاق وتطالــب بدمجه مــع إعانات دســتورية ورؤى سبق أن طرحتها.

تغيرات في املشهد

ومــع وصــول امليرغنــي إلــى الباد، يتوقع مراقبون حدوث تغيرات في املشــهد السياســي، فــي خضم تنافــس على خلق اصطفافات وتكتات سياسية بن البرهان ونائبه، مــع إرهاصات قــرب التوصل إلى اتفاق بن املدنين والعسكرين.

وتأتــي عــودة امليرغني كذلــك في ظل تظاهــرات مســتمرة لإلســامين الذين يأملون في اســتمالة حزبه إلى جانبهم في معركتهم ضــد «احلريــة والتغيير»، حيث أصدر حزب املؤمتر الوطنــي احمللول بيانا رحب فيه بعــودة الزعيم الســوداني إلى الباد.

ويعتقد مراقبون أن امليرغني، املقرب من القاهرة، رمبا يصطــف إلى جانب اجليش، وهو الذي ســبق وأن وقع اتفاقا مع النظام الســابق، األمر الذي كان قد منح الســلطة وقتها مصداقية سياســية كبيرة، كما ساهم في شق صفوف املعارضة وإضعافها.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom