احلرب وأطفال اليمن: صور مأساوية ومؤشرات مخيفة
أكــد املتحــدث باســم وزارة اخلارجيــة اإليرانية، ناصــر كنعاني، في مؤمتر صحافي، أن إيــران اتخــذت «إجراءات» في منشــآتها النووية فــي فــوردو ونطنــز، ردا على قرار الوكالــة الدولية للطاقة الذرية في األســبوع املاضــي. وفــي األثناء، أكــدت أملانيــا دعمها لتحويل التركيز في التعامل مــع إيران بعيدا عن إحياء االتفاق النــووي مع إيران إلى دعم الشــعب اإليراني. وحول مسار االحتجاجات في إيران، قــال رئيس اخملابرات العســكرية اإلســرائيلية أمــس، أهــارون حاليفــا، إن االحتجاجات حتولت إلى ما يشــبه انتفاضة شــعبية دون أن تشــكل خطرا علــى النظام، مؤكدا إحراز تقــدم كبير نحو إنتاج 09 من اليورانيوم اخملصب.
ونقلــت وكالــة «بلومبرغ» لألنبــاء، أمس االثنني، عن املتحدث باسم اخلارجية اإليرانية القــول إن اإلجــراءات مت تنفيذها في حضور مفتشــي الوكالة الدولية للطاقــة الذرية. ولم يقدم كنعاني مزيدا من التفاصيل.
واعتبــر وزير اخلارجية اإليراني، حســني أمير عبد اللهيان، صــدور قرار مجلس احلكام املناهض إليران «اســتمرارا لسياســة أمريكا املنافقة هذه األيام واســتغالل الوكالة الدولية للطاقة الذرية سياســيا»، بحســب ما أوردته وكالــة أنباء اجلمهورية اإلســالمية اإليرانية (إرنا) األحد. وانتقد وزير اخلارجية اإليراني «اإلجراء غيــر البناء» جمللس حــكام الوكالة الدولية للطاقة الذريــة في املصادقة على قرار ضد إيران، وقال: «بينما توجه قبل أســبوعني وفد من مســؤولي اخلارجيــة ومنظمة الطاقة الذرية اإليرانية إلى فيينــا، وجرى لقاء بناء مع الســيد رافائيل غروسي ومت االتفاق بشأن تعاون أقوى بني إيران والوكالة الدولية، جند أنه استمرارا لسياســة النفاق األمريكي هذه األيام، يتم وضع قرار ضد إيران على الطاولة، من خالل االستغالل السياسي للوكالة».
وقــال أمير عبــد اللهيان إن بــالده «ضمن التزامها بالقوانني الدولية وتعهداتها الدولية، ستتخذ اإلجراء املضاد واملؤثر في هذا اجملال».
وجدير بالذكر أن اللجنة التوجيهية للوكالة الدولية للطاقــة الذرية كانت قد اتهمت طهران يوم اخلميس املاضي بانعدام الشــفافية، فيما يتعلــق بالبرنامج النــووي اإليراني وهددت بشكل غير مباشر بالدعوة لعقد اجتماع جمللس األمن الدولــي. وكان قرار بهــذا املعنى قد مت متريره في فيينا.
وفي األثنــاء، اعتبر متحدث باســم وزارة اخلارجية األملانية، أمــس، أن بالده تتفق مع الواليــات املتحدة في حتويــل تركيزها بعيدا عن إحياء االتفاق النــووي مع إيران إلى دعم الشــعب اإليراني. وقال املتحــدث في مؤمتر صحافي روتيني للحكومــة: «نتحرك بالفعل وفقــ ًا لــذات املســارات». وأضــاف: «حالي ًا،
متظاهرون إيرانيون يرددون شعارات في بيرانشهر غرب إيران
تركيزنا منصــب على دعم الشــعب اإليراني وممارســة الضغــوط علــى النظــام احلاكم اإليراني لوقف قمع حقوق شعبه».
ووصلت احملادثات إلحياء االتفاق النووي املبرم عــام 5102 بني إيران وقــوى عاملية إلى طريق مسدود منذ سبتمبر /أيلول.
وقال روبــرت مالــي، املبعــوث األمريكي املعني بامللف اإليراني، هذا الشــهر، إن إدارة الرئيس جو بايدن ستترك الباب مفتوحا أمام اســتئناف الدبلوماســية «عندما وإذا» حان الوقت املناســب، لكن واشنطن ستواصل اآلن تطبيق سياســة فرض العقوبات وممارســة الضغط.
واندلعت مظاهــرات مناهضة للحكومة في إيران في ســبتمبر/أيلول بسبب وفاة الشابة الكرديــة اإليرانية مهســا أمينــي وهي رهن احتجاز الشرطة التي اعتقلتها بسبب ما قالت إنه انتهــاك لقواعد الزي اإلســالمي. وفرض االحتــاد األوروبي والواليــات املتحدة وكندا وبريطانيا عقوبات بســبب انتهاكات حقوق اإلنســان، باإلضافة إلى بيع طائرات مسيرة إلى روســيا منذ غزو قوات موســكو أوكرانيا اجملاورة.
واســتدعت وزارة اخلارجيــة اإليرانيــة، األحد، سفير اململكة املتحدة لدى طهران للمرة الرابعــة منذ بدايــة االحتجاجات، حســبما
أفادت وكالة «إرنــا». وأكدت وكالة األنباء أنه «مت استدعاء ساميون شــيركليف لالحتجاج على هجوم شنته مؤخرا مجموعة عنيفة على السفارة اإليرانية في لندن».
ولفتــت «إرنا» إلى أن «املديــر العام لدائرة البروتوكــول فــي وزارة اخلارجيــة أبلــغ الدبلوماســي البريطانــي احتجــاج طهران الشــديد علــى عدم كفــاءة وعجز الشــرطة البريطانية في منع الهجوم على سفارتها».
وحصل االســتدعاء، وفــق الوكالة، بعدما «هاجمت مجموعة عنيفة مبنى ســفارة إيران في لندن وشــتمت العلم املقــدس جلمهورية إيران اإلسالمية». ولم ُيحّدد تاريخ احلادثة.
وبحســب الوكالة، عبر السفير البريطاني عن «أســفه للحــادث»، مضيفا أنه «ســينقل احتجاج إيران إلى لندن». وعّبر أيضًا عن أمله في «أال تتكرر مثل هذه احلوادث مرة أخرى في املستقبل»، بحسب املصدر نفسه.
وحول مســار االحتجاجات في إيران، قال رئيس اخملابرات العسكرية اإلسرائيلية، أمس، أهارون حاليفا، في معهد أبحاث األمن القومي بجامعة تل أبيــب: «أعتقــد أن االحتجاجات حتولت بالفعل إلى ما يشبه انتفاضة شعبية». وأضاف: «عندما تنظر إلــى بعض احلوادث، حتــى توقيت وقوعها، واألضــرار التي تلحق مبؤسسات الســلطة ورموزها، وعدد القتلى،
هناك شــيء مختلف يحدث هنا يؤرق النظام بشدة». وتابع قائًال: «ال أرى خطرًا على النظام في املرحلة احلالية»، لكنه حذر من أن «التنبؤ بسلوك اجلماهير ليس أمر ًا ممكن ًا لرئيس جهاز اخملابرات العسكرية».
وفيما يتعلق بالبرنامــج النووي اإليراني، ذكر حاليفــا أن إيــران أحرزت تقدمــًا كبيرًا نحــو إنتاج 09 % مــن اليورانيــوم اخملصب. وأضــاف أن «إيــران حتت الضغــط، وعندما تتعرض للضغط تصبح تصرفاتها عدوانية». وأوضــح حاليفــا أنــه «مــع زيــادة الضغــوط علــى إيــران، تــزداد صعوبــة ردود فعلهــا علــى األحــداث ضدهــا». وبشــأن امتالك إيران ســالحًا نوويــًا، قال: «في الوقــت احلالــي، يعتقد املرشــد األعلى إليــران أن املضــي قدما لــن يخــدم البالد، لكــن هــذا التقييــم ميكــن أن يتغيــر مبرور الوقــت». وأوضــح أن «صنــاع القــرار فــي إســرائيل يقتربون من النقطة التي ســيتعني عليهم فيها اتخــاذ قرارات في هذا الشــأن». وزعــم حاليفا أن «إيــران نظــرت مؤخرا في شــن هجوم خالل بطولة كأس العالم، إال أنها تراجعت بســبب القلق مــن ردود فعل الدولة املضيفة قطر». وفي األثناء، يقوم رئيس أركان اجليش اإلسرائيلي أفيف كوخافي بزيارة إلى واشنطن تركز على امللف اإليراني.
صنعاء «القدسالعربي» من أحمد األغبري:
يدفــع األطفــال في اليمــن ثمنــا باهظا للحرب، إذ ميثلون الفئــة األكثر تضررا من خالل ما يتعرضون من انتهاكات له ســواء على صعيد كونهم ضحايا العنف واإلرهاب واألعمال العدائية بشكل مباشر، أو ضحايا بشــكل غير مباشــر من خالل تــرك مقاعد الدراسة واللجوء لســوق العمل أو الوقوع في مصائــد التجنيــد أو املعانــاة نازحني مفتقرين ألبسط احلقوق ومعرضني ألشكال مختلفة من االنتهاكات واحلرمان في أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية هي األسوأ جراء احلرب املســتعرة هنــاك منذ أكثر من سبع سنوات اتســعت خاللها دائرة معاناة األطفال.
ملعاناة األطفال في اليمن واحلرب تطوي ســنتها الثامنة جوانب متعــددة، بدءا من فقدان املساعدة واحلماية، وهنا تقول األمم املتحدة إن مــا ال يقل عن ثمانية ماليني طفل بحاجة إلى املســاعدة، فيمــا هناك أكثر من مليون طفل بحاجة ماسة للحماية.
ونتيجة لذلك يســقط ســنويا املئات من األطفــال ضحايا مباشــرة للحــرب. تقول منظمة إنقاذ الطفولة، ومقرها بريطانيا، إن 033 طفــال قتلوا وجرحوا منــذ بداية العام اجلاري، حسب بيان مبناسبة اليوم العاملي لألطفال 02( نوفمبر/تشرين الثاني).
وترتفع نتيجــة مؤشــرات اإلعاقة لدى األطفال الذيــن يتعرضون للعنف بشــكل مباشــر كوقوعهم مثال ضحايــا النفجارات األلغام على سبيل املثال.
واتســم الصراع في اليمن باالســتخدام املكثف لألسلحة املتفجرة، مبا في ذلك آالف الغارات اجلوية وقذائف املدفعية والهاون، فضال عن األلغام األرضيــة وأنواع مختلفة من الذخائر املتفجــرة، التي أحلقت أضرارا بالغــة باألطفال، وكانــت محصلتها وفيات وإصابات وتدمير البنية التحتية املدنية.
وقالــت املديــرة القطرية ملنظمــة إنقاذ الطفولة في اليمن، راما حنسراج: «يتعرض األطفــال للقتــل والتشــويه واإليــذاء، ويجبرون على القلق بشأن البقاء في اليمن كل يوم».
وأضافــت: «ال ميكن أن يكــون هناك أي مبرر لقتل األطفال أو اإلساءة إليهم، ويجب على العالم أن يتحرك اآلن لوقف اإلفالت من العقاب على هذه اجلرائم. يعتمد مســتقبل اليمن على أبنائه، وســالمتهم ورفاههم هي املؤشرات احلقيقية للسالم واالستقرار».
فيما قال أحمد القرشــي رئيــس منظمة ســياج حلماية الطفولة، في مدونة له على صفحته في «فيســبوك»: «مر اليوم العاملي لألطفــال 02( نوفمبر/تشــرين الثانــي) وأطفال اليمن األعلــى في معدالت التعرض خملتلف االنتهاكات واجلرائم اجلسيمة على مستوى العالم في ظل احلرب احلالية التي ضاعفت أعداد ونســب الضحايا بشكل غير مسبوق خالل احلرب احلالية».
وأضاف: «لألســف الشــديد، أغلب تلك اجلرائــم واالنتهــاكات لم حتــظ بالرصد والتوثيــق الضامــن حلصــول الضحايــا وذويهــم علــى العدالة واإلنصــاف وجبر الضــرر مســتقبال. وبالتالــي، ال توجــد إحصاءات شاملة موثقة لها، وهذه إشكالية كبيرة تســاهم في اســتمرار أطراف النزاع بارتكاب االنتهاكات دون خوف من رادع».
أول تأثيرات احلرب بعد القتل واإلصابة يتجلى اجلوع في مقدمة املؤشرات ...وعلى هذا الصعيــد يعاني األطفال فــي اليمن من حرمان ارتفعت معه مؤشرات سوء التغذية احلاد، الذي يعاني منــه حوالي 2.2 مليون طفــل دون اخلامســة، مبن فيهــم أكثر من 000،005 طفــل يصارعون من أجــل البقاء على قيد احلياة، حسب منظمة األمم املتحدة للطفولة «يونيسيف».
فيما تشــير منظمــة إنقــاذ الطفولة إلى نحــو 4.8 مليون طفــل ال يحصلــون على امليــاه النظيفة وخدمــات الصرف الصحي والنظافة.
كمــا يتجلى الوضــع أكثــر وضوحا في معدالت االلتحاق باملدارس والتسرب منها. وهنا تشير منظمة «يونيسيف» إلى أكثر من مليوني طفل ميني خارج املدرسة، والغالبية العظمى من هؤالء األطفال من الفتيات.
وأوضحــت املنظمة الدوليــة أن التعليم األساســي غير متــاح حتــى اآلن لكثير من الفتيات، وال سيما اللواتي يعشن في املناطق الريفية النائيــة، معتبــرة «زواج الفتيات اليافعات هو سبب آخر لعدم التحاق العديد مــن الفتيــات اليمنيات بالتعليــم أو إمتام تعليمهن الدراســي. إذ يتزوج ما يزيد على ثلثي الفتيات في اليمن قبل بلوغهن سن 18 عاما، حيث جتبر الفتيات على الزواج املبكر ويعلقن في دوامة الفقر وشح اإلمكانات».
على صعيد النزوح، يشــهد اليمن واحدة من أكبر أزمات النــزوح الداخلي في العالم إن لــم تكن هي األزمة األكبر )...( وحســب صندوق األمم املتحدة للسكان فإن 77٪ من النازحني داخليا في اليمن البالغ عددهم 3.4 مليون نسمة هم من النساء واألطفال. وهنا تكــون معاناة األطفال ال حــدود لها في ظل العيش في بيئة غير مســتقرة، وتفتقد فيها العائلة ألبســط االحتياجات وأقل احلقوق؛ وبالتالي تكون عرضة ألشــكال مختلفة من االنتهاكات.
نتيجــة لذلك، ارتفعت مؤشــرات جتنيد األطفــال من قبل جميع األطــراف املتحاربة لألســف الشــديد )...( فاجلوع واإلحباط الناجم عن احلرمان من احلقوق األساســية يدفع باألطفال إلى ســوق العمل، وبالتالي ارتفعت مؤشــرات عمالة األطفال، ومن بني هــؤالء األطفال مــن يكونون لقمة ســائغة لالســتدراج للتجنيد، عالوة على تعرضهم لالســتغالل مبختلف أشــكاله مبا في ذلك التحرش واالغتصاب والقتل.