أمين زيدان يبرئ بوتني ويحكم على فيصل القاسم بالسجن مع األشغال الشاقة...ماذا يحضر اإلعالم املمانع لالجئني السوريني؟
راشد عيسى ٭
فــي برنامج تلفزيونــي يتســلى مبحاكمة املشــاهير، منح الفنان الســوري أمين زيدان البراءة للرئيس الروســي بوتني، وعلل ذلك بسببني: «كسوري في الداخل كان املوقف الروسي سياسي ًا إيجابي ًا وجيد ًا. كسوري خارج من محنة كان (بوتني) شريكا بتخليصنا».
أما الســبب الثاني، فليــس هو بالضبط ما يثيــر، إمنا كيف قدم لــه الفنان: «ولكــن هناك ســبب آخر يخصنــي أنا كأمين زيدان». عبارة تدفعك لترقب ســبب شــخصي مــا، كأن يكون بوتني، أو روســيا عمومًا، وراء إنقاذه شــخصيًا، أو أن الرجل مديــن لهم بدين شــخصي. ثــم تأتــي العبارة، الســبب: «كان (بوتــني طبعــًا) أولــى اخلطوات للتخلــص من هيمنــة القطب الواحد املتعبة التي متارســها الواليات املتحدة». وأمين زيدان، كما تعلمون، مشــغول وقلق للغاية، متعــب من هيمنة القطب، ال بــد أنه يطمــح لقطب آخر يــوازن العالم بضربــات كيميائية فــي غوطة دمشــق وخــان شــيخون (لزيدان تصريح شــهير قال فيه: كيميائي بالوطن وال بارفــان بالغربة)، باإلبقاء على بشار األســد، بإطالق يد فاغنر، بغزو أوكرانيا اآلمنة وتهجير شــعبها وتدمير بناها التحتية، مبحاربة الكرة األرضية بسالح التجويع، ويا له من توازن!
في املقابل، لم يتردد الفنان، اخملرج، واملمثل، عندما عرضت عليه صورة مواطنه فيصل القاســم فــي جترميه واحلكم عليه بالسجن مع األشغال الشاقة. قال حرفي ًا: «بالنسبة لي نهائي ًا، ال منطقــه، وال إقصاؤه السياســي وال صيــغ حتريضه». فهل هناك من يرى في عبــارة زيدان األخيرة، وقبل ذلك في حكمه، ما هو أقل إقصاء وإلغاء؟ وألســباب تتعلق بالكالم وحســب، ال بصواريــخ ســكود وال بالبراميــل العشــوائية املتفجرة، وال بالكيميائــي. اللهم إال إذا كان جترمي القاســم على مســاهمته العظيمة في تعزيز هيمنة القطب الواحد املتعبة واملقلقة جدا!
الالجئون في مرمى النيران
رمبــا علينا أن نحذر اإلحلــاح في اإلعالم املمانــع على نغمة التحريض على الالجئني الســوريني (ليس ســلوكًا مستجدًا، إمنا فــوق العادة فــي اليومني األخيريــن)، إذ يتكفــل اإلعالم اإليراني حتديدا بالتأكيد علــى أن «إرهابيي النصرة» يخبئون الســالح «في مخيمات حارم وســلقني مبحافظــة إدلب، حيث قامــوا بوضــع مســتودعات لألســلحة والذخيــرة فــي هــذه اخمليمات في محاولة إلخفاء أنشــطتهم اإلجرامية»، ومينعون وصول املنظمات الدولية إليها.
اخلبــر الثانــي قد يكون ســرياليا بعض الشــيء.. وعنوانه «بالوثيقــة.. نازحــون ســوريون يتلقــون رســالة نصيــة من مفوضيــة أوروبــا لشــؤون النازحــني». وفيــه أن النازحــني السوريني في لبنان تلقوا «رسالة نصية على هواتفهم احملمولة من املفوضية األوروبية لشــؤون الالجئــني، تبلغهم فيها أنهم لن يتلقوا املســاعدة املالية الشهرية وقدرها مليون ليرة لبنانية ابتداء من بداية العام اجلديد». أما الوثيقة املرفقة فهي صورة للرسالة النصية كما هي على شاشة موبايل.
فيا لها من وثيقة، ويا لها من فضيحة حني تثبت أن الالجئني كانوا يتقاضون مساعدة شهرية قدرها مليون ليرة لبنانية.
فإمــا أن اإلعــالم اإليرانــي يــرى في اكتشــاف املســاعدة املليونيــة إدانة لالجئي املؤامرة الكونيــة، وبالتالي هو يحاول الدفع مبنســوب النقمة لــدى اجلمهور املضيــف، أكثر مما هو مرتفع أساســا، أو أنه ال يســتطيع أن يخفي سعادته من قطع املساعدة. ومن املرجح أنه يريد األمرين معا.
لكن اإلعالم املمانــع، وقبل قليل، في اخلبر األول فقط، كان يشــكو أن «إرهابيي النصرة» وســالحهم مينعون املساعدات اإلنسانية من الوصول للمخيمات!
فيلم «الهيبة» واملزاج املصري
سحب فيلم «الهيبة» (وهو النسخة السينمائية عن املسلسل الذي عرض على شاشــات التلفزيون بأجزاء عديدة) من دور العــرض الســينمائية فــي مصر، بعد أقــل من شــهر على بدء عرضه. الســبب هو أن إيراداته على مدار ثالثة أســابيع كانت ضعيفة. وهو ســبب مقنع نظرًا ألن أنواعــًا فنية عديدة هابطة متر في صاالت العرض املصرية من دون أن تقابل باســتنكار، من دون أن يحجم اجلمهور املصري عن مشاهدتها.
لم ُيســَمع كالم عن أن املصريني رأوا فيه ترويجًا للمخدرات أو متجيد الســالح أو اخلروج عن الدولة وقوانينها، أو سواها من أغراض املسلســل، لرمبا أحجموا عنه ألنه، ببساطة، ثقيل الظــل، وهو ســبب ال يســتهان به لــدى املواطــن املصري كي ينهض عــن مائدة ســينمائية، وال يجب أن يســتهني مشــاهد بهكذا سبب.
«الهيبة»، برمته، عمل ثقيل الظل.
حائكو السجاد
من ســوء حظ احملتجــني في إيران أن ثورتهــم تأتي في ظل احتدام عاملي اســتثنائي، خصوصا مع غــزو بوتني ألوكرانيا وانشــغال الكرة األرضية برمتها بترقــب احتمال حرب كونية ثالثــة، ونهائيــة. وإال كان كل تفصيــل فــي الغضب الشــاب والعارم في تلك البالد يستحق أن يدوي في أرجاء األرض.
العالم، بإشــاحة وجهه عن إيران، يخسر مشاهد وأغنيات وفيديوهات وقصائد مذهلة. عندما جاء زمن حائكي السجاد األكثر روعة أدار العالم عينيه.