Al-Quds Al-Arabi

أهالي اخلليل: عنف املستوطنني واجلنود وصل ذروته هذا العام

اصطنعوا مناسبة سموها «سبت حياة سارة» فتجمع نحو 40 ألف يهودي في املدينة

-

«كانوا 50 مستوطنا، ال أحد يساعدني، ضربني أحدهم على كتفي وآخر على ظهري، أصيب رأســي بالدوران. هربــت ركضا كي يذهبوا خلفي ويتركوا البيــت. لــم تكن لــدي القــوة ولم أكن أســتطيع التنفــس. وقعت وصرخت، ثــم رأيت اجلنود وهم يضربون أصدقائي، في الوقت الذي كان فيه هناك مستوطنون على سطح بيتي»، هذا ما قاله بغضب يوســف العزة، الذي اســتعاد جــزءًا صغيرًا من أحداث يوم السبت في اخلليل. العزة ابن 26 سنة، يعيش في حي تــل الرميدة في اخلليل، حيث ميكن لإلســرائي­ليني التجول بصورة حرة، فيما يخضع الفلسطينيو­ن لقيود متشــددة بشكل دائم. باروخ مرزيل، أحد جيران العزة.

مير اإلسرائيلي­ون بشــكل دائم في الطريق التي فوق بيت العزة، وكاميــرا للجيش توثق ما يحدث في بيته ومحيطه. فوق ساحة البيت أسالك شائكة رّكبتها العائلة ردًا على رشــق احلجارة. أول أمس بعد الظهر عند عودتــه من عمله، أبلغ العزة هاتفيا من أبناء عائلته بأن شــقيقته، ابنة الـ 51، أصيبت في وجهها برشق احلجارة عندما كانت تلم الغسيل عن احلبل املوجود في ســاحة البيت. حسب قوله، قام باســتدعاء اجلنــود الذين جــاؤوا إلى املكان وأراهم احلجارة املوجودة في ســاحة البيت. بعد عشر دقائق من مغادرة اجلنود، عاد اإلسرائيلي­ون إلى املكان، ورشــقوا احلجارة مرة أخرى، وعندما خرج ضربوه.

هرب العزة مــن هناك في زقــاق ضيق متعرج. جــرى توثيقــه في فيلم وهــو يصل إلــى اجلنود املوجودين على الشارع ويصرخ: «عائلتي هناك»، وكان ميســك برأســه ويبكي بغضــب، كان يبدو متأثرا ظهيرة أمس. بقي في ســاحة البيت حجارة وزجاجــات كحول شــربها املشــاغبو­ن. عدد من الفلســطين­يني شــهدوا بأن هؤالء املعتدين، الذين وصلوا إلى اخلليل في إطار مناســبة «سبت حياة ســارة» التــي ينظمهــا املســتوطن­ون اليهود في اخلليل، كانوا ســكارى. «عشــت هنا، لم تكن هنا حياة مثل هذه»، قــال. «كان اجلنود هنا. أين كانوا أمس؟ إذا قالوا بأنهم يحمــون، فهذا غير صحيح. إذا كنت تريد حمايتي فيمكن أن تضع 20 جنديا. لم أشاهد جنديا يحافظ على أمن احلي».

حسب الشرطة، مت اعتقال خمسة إسرائيليني في أحداث نهاية األسبوع في اخلليل، وأطلق سراحهم بعد بضع ساعات بشــروط مقيدة. مت اعتقال فتاة واحــدة بتهمة مهاجمة جندي مــن حرس احلدود، ثم أطلق ســراحها، وما زال التحقيــق فيما يتعلق باالعتداء على جندية على يد إســرائيلي مستمرا. هوية املعتدي معروفة للشــرطة. وحسب شهادات فلســطينين­ي وقوات األمن، فإن مئات األشــخاص

شــاركوا في أعمال الشــغب في اخلليل. كان هناك جندي يقف في إحدى الســاحات، وقال للصحيفة بأنه شــاهد اليهود وهم يرشــقون احلجارة على بيوت الفلسطينين­ي مدة ســاعتني تقريبا. «حاولنا الســيطرة، لكن اليهود جاءوا في كل مرة ورشقوا احلجارة، ولم ننجح فــي اعتقالهم»، قال اجلندي. «فــي ذروة األحداث جاء مئات اليهود، الذين بدأوا في تسميتنا «أملان» وبصقوا علينا».

حسب أقوال اجلندي، فإنه في األيام التي سبقت «سبت حياة سارة»، عمل اجلنود في اخلليل بشكل متشدد في احلراســة والدورية واالعتقال من أجل إعــداد املنطقة لقدوم جمهور الــزوار. ولكن لم تتم إحاطتهم عن عنف اليهود، ولم يتوقعوا شيئا كهذا. «لقد شــعروا أن بإمكانهم فعل مــا يخطر ببالهم»، قال. «لم يكن هناك حزم وعنف ضد املشاغبني». في نهاية املطاف، جنحوا في صد راشقي احلجارة بعد وصول عشرات من اجلنود ورجال الشرطة. «أعرف كيف أتصرف مع الفلسطينين­ي، لكنني ترددت كثيرا مع اإلســرائي­ليني. شــاهدت أثناء خدمتي احتكاكا وأعمال فوضى، لكنني لم أشاهد مثل هذا الشيء». املشاغبون، أشار، لم يكونوا من سكان اخلليل، بل من التائبني وشباب من أرجاء البالد.

عماد أبو شمسية، من سكان تل الرميدة، والذي وثق حادثة اليئور ازاريا في ،2016 قال إنهم رشقوا احلجارة على بيته أيضا، وحتى إنه أمر مت توثيقه أيضا فــي أفالم فيديو. مثل كثير من ســكان احلي،

بيته محاط بجدار؛ ألن رشــق احلجــارة ال يعتبر أمرًا غريبًا حتى في األيام األقل هياجًا. أبو شمسية شــخص من يعتبره زعيم االعتداء، شــاب عمره 16 سنة واســمه إسحق، وهو من ســكان اخلليل. «عرف األشخاص املكان الذي عليهم أن يهاجموه»، أضاف.

وقال أبو شمســية إن أحد اإلســرائي­ليني رشق احلجارة على شــاب فلســطيني، وخــالل أربعني دقيقة منع اجليش سيارة اإلســعاف من الوصول إلــى هنــاك. فــي نهاية املطــاف، ســمح اجليش بنقــل املصــاب على حمالــة إلى ما بعــد احلاجز. الفلســطين­يون يســمون تل الرميدة «سجنا»؛ ألن احلي محــاط بالكامل بحواجــز تفصله عن أجزاء املدينة األخرى. اجليش مينع الفلســطين­يني الذين ليســوا من ســكان تل الرميدة مــن الوصول إلى احلي، وال يسمح للســيارات الفلسطينية بدخوله، في املقابل يسمح لإلســرائي­ليني بالتجول في احلي مشيا ومرور السيارات بحرية. هذا هو احلي الذي توجد فيه معظــم بيوت املســتوطن­ني في اخلليل. عالء، شاب فلســطيني آخر، عرض فيلما يظهر فيه شاب إســرائيلي وهو يلوح أمامه بغاز الفلفل، في الوقت الذي كان فيه جندي يقف بجانبه. «تخيلوا أننــي فعلــت مثل هذا الشــيء، كيف ســيكون رد اجلندي؟»، تساءل.

في الوقت الــذي يتفق فيه اجلميع على أن حجم العنف كان اســتثنائي­ا في هذه السنة، فإن أحداث

مناســبة «سبت حياة سارة» لها ســمعة سيئة في أوساط الفلســطين­يني منذ ســنوات كثيرة. بسام أبو عيشــة 60( ســنة) قال: ألنهم عرفــوا ما الذي ينتظرهم في يوم السبت، تهيأ السكان مسبقا لعدم اخلروج من البيوت خوفا من العنف. «قلنا ألنفسنا بأننا ســنبقى في البيوت وســنتركهم يتجولون. ولكنهم دخلوا إلى البيوت»، قال. وأشار أبو عيشة إلى ســور منخفض يحيط ببيته، وقال إنه شــاهد اإلســرائي­ليني يقفزون من هناك إلى داخل الساحة في املبنى ويرشقون احلجارة على النوافذ وحطموا الطوب. لم تتضرر البيوت بفضل األسالك الشائكة املوجودة على النوافذ.

«تل الرميدة مكان مغلق. إذا كان ميكن الهرب في أماكن أخرى، فال مكان لنهرب إليه هنا»، قال. «أردنا حماية نســائنا، لذلك خرجنا من البيوت». عندما خرج، قال، كان اجليش هو مــن هاجمه. «ضربني جندي ورماني على األرض، فــي الوقت الذي كان جندي ميســك بي ثم جاء مســتوطن وضربني. ال شــرف لهم. أنا عمري ســتون ســنة، ولكني كنت أول من هاجمــوه»، قال. أصيب بقدمــه ونقل إلى املستشفى. أوصى الطبيب ببقائه من أجل العالج، ولكنه قــرر العودة إلــى البيت خوفــا من حدوث هجوم. «في كل ســنة، يسمح اجليش للمستوطنني بفعل ما يشاؤون، لكن جنوده لم يكونوا يضربوننا بأنفسهم، ولكنهم ضربونا أكثر من املستوطنني في هذه الســنة. رامي، أحد أبناء عائلة أبو عيشة، قال

إن اجلنــود ضربوه عندما خرج إلى الشــارع، ومت رميه على األرض. اثنان من أبناء العائلة احتجزهما اجلنود وأخذوهمــا إلى موقع للجيش. قال أحدهما إنــه مت ضربه أثناء االحتجاز. في أحداث الســبت هوجمت جندية من سكان االستيطان اليهودي في اخلليل. جندية تخدم في حرس احلدود مت االعتداء عليها أيضا، ورجل حراسة لعضو الكنيست ايتمار بن غفير. املتحدث بلســان االســتيطا­ن اليهودي فــي اخلليل، نوعم ارنــون، قــال للصحيفة بأنهم فــي املســتوطن­ة يعارضــون أحــداث العنف ضد قوات األمن وضد الفلســطين­يني. «هؤالء شــباب هامشيون، شــباب في حالة خطر، ينفذون أعماال خطيرة تضر بجهودنا ومجتمعنــا»، قال. لم ينف ارنون أن أحــداث عنف حدثت في الســابق. «هذا يحدث منذ بضع ســنوات، لكن ليس بهذه القوة»، قال. «في هذه السنة، مت إلغاء جولة في أزقة البلدة القدمية، واعتقدنا أن املســارات لن تؤدي إلى مثل هذه األزقة. نحن بحاجة إلى قوات أكثر من الشرطة والنظــام. النظام لــكل االجتاهــا­ت». أول أمس، بشكل استثنائي، قال املتحدث بلسان اجليش بأن «ظواهر العنف من جميع األنواع، خاصة ضد قوات األمــن، هي زعرنــة ال حتتمل، وحتتــاج إلى عالج فوري وتقتضي إنفاذًا متشددًا للقانون». رد ارنون في تصريح له، وقال: «من اخلطير جدا أن املتحدث بلســان اجليش ال يتطرق إال إلــى احلادثة، ويؤكد على حادث سلبي وهامشــي ويحوله إلى موضوع حصري في تصريحــه. هذه املقاربة العدائية وغير املهنية حتتاج إلى معاجلة وتصحيح فوري».

حســب تقديرات الشــرطة، وصل إلــى اخلليل في نهاية األســبوع نحو 40 ألف إســرائيلي. أشار ارنون إلى أن احلدث األول للمناسبة كان في 1996 في محاولة ملنــع اتفاق اخلليل الذي قســم املدينة إلــى منطقة «اتش 1»، اخلاضعة للســيطرة املدنية الفلســطين­ية. ومنطقــة «اتش »2 حتت ســيطرة إســرائيلي­ة بالكامل حيث االستيطان اليهودي في اخلليل. حســب قوله، كان الهدف فــي حينه إثارة متاهي اإلســرائي­ليني مع اخلليل. ومع مرور الوقت، توسعت أحداث مناسبة «سبت حياة سارة».

«كل متــر مربع كان مليئا باخليــام. أراد الناس الشعور باالنتماء إلى شــيء كبير»، وصف ارنون أحداث يــوم الســبت املاضي. حســب قوله، بني الزوار هناك متدينــون وعلمانيون وعدد غير قليل من الشــباب املتدينــن­ي الذين يأتــون للعثور على زوجة. قد يزداد االستيطان اليهودي في اخلليل في الســنوات القريبة القادمة برعاية عدد من اخلطط. في السنة األخيرة بدأوا في إقامة 31 وحدة سكنية أخرى باســم «حي حزاكيا» في املستوطنة، بعد أن رفضت احملكمة العليا استئناف قدم ضد بناء احلي. 70 وحدة ســكنية أخرى، مخصصة لليهود أيضا، هــي قيد التخطيط في ســوق اجلملــة الذي يعود لبلديــة اخلليل. قالــت جمعية «وســعي» في هذه السنة بأنها قامت بشراء مبنيني في املدينة، أحدهما باســم «بيت النهضــة» الذي دخله املســتوطن­ون بدون مصادقة وخرجوا بعد التوصل إلى اتفاق مع اجليش بأنه سيحمي املبنى إلى حني يتم استيضاح قضية ملكيته. الثاني الذي يســمى «بيت احلرية» واقع قرب «مغارة املاكفيــا­ل» [احلرم اإلبراهيمي]، وقد دخل إليه املســتوطن­ون أيضا بدون إذن، لكن مت إخالؤه بعد ذلك. البوابــة املؤدية إلى املبنى من الشــارع بقيت مغلقــة حتى اآلن. في االســتيطا­ن اليهــودي يقولون بــأن البيوت اشــتريت «باملال النقدي» وأنهم ينــوون العودة إليهــا بعد انتهاء إجراءات تسجيل البيوت التي ميتلكونها.

جزء من أعمال العنف التي جرت السبت املاضي كان فــي منطقــة «اتــش »1 أثناء مســيرة نظمها املســتوطن­ون إلى قبر عتنئيل بــن كنز، التي جرت مبصادقة مــن اجليش. مرت املســيرة في ســوق اخلضار في اخلليل. وحســب أقوال جتار حتدثوا مع الصحيفة، فإنه خالفا للمسيرات السابقة أغلق اجليش في هذه املرة أجزاء واسعة جدا في السوق. وأجبــر اجليش التجار على إغــالق احملالت طوال اليوم، واإلســرائ­يليون الذين ســاروا في السوق رشقوا احلجارة وخربوا البســطات. ولكن الكثير من الزوار اإلسرائيلي­ني قالوا بأنهم لم يسمعوا قط عن أعمال العنف.

نوعم، الــذي هو من ســكان حيفا، قــال بأنها املرة الثانية التي يأتي فيها إلى هذه املناســبة. في هذه املرة، نام في بيت هداســا، وهــو املبنى األول لالســتيطا­ن اليهودي في اخلليل. أمام املبنى موقع ثابت للجيش. كان الطقس جيدا، لم أشاهد مشكلة مع العرب أو مع اجلنود، والســبت سمعت أنه كان هناك احتــكاك. «هذا بحــق ال يدل علــى ما حدث يوم الســبت. كانت هنــاك صالة جماعيــة، يأتي إلى املكان جمهور وأعضاء كنيســت. وألنه الكثير من األشــخاص يأتون فإنك تســتطيع التجول في كل مكان، لوجــود الكثير من قــوات األمن، عندها يشــعرون باحلرية أكثر». أقواله عكســت شعور الــزوار اليهود فــي اخلليل أثناء األحــداث، وهي تشكل صورة معاكسة ملشاعر الفلسطينين­ي.

من اجليش اإلســرائي­لي جاء بأن «معظم قوات األمن في املنطقة اســتعدت ملناســبة «سبت حياة ســارة»، بل وتعــززت بقــوات أخرى. فــي إطار االســتعدا­د، مت تغيير املســار إلى قبــر عتنئيل بن كنز عقب تعلم الدروس من الســنوات الســابقة. أثنــاء الدخول إلــى القبر تطــورت احتكاكات بني الفلســطين­يني واملســتوط­نني. عملت قوات األمن على الفصل بينهم، واســتخدمت وســائل تفريق املظاهرات. مت نقل بعض املعتقلني ملواصلة املعاجلة الشرطية. ال نسمع شيئا عن عنف من جانب جنود ضد فلسطينيني .«

هآرتس 2022/11/21

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom