Al-Quds Al-Arabi

مرصد حقوقي يتحدث عن جرمية تعذيب في مقر أمني في كركوك

جلنة حتقيق بوفاة شاب في أحد سجون البصرة

-

دعــا املرصــد «األورومتوس­ــطي» حلقــوق اإلنســان، أمس الثالثاء، رئيس الوزراء العراقي اجلديد، محمد شــياع السوداني، إلى فتح حتقيق مســتقل في حادثة «احتجاز وتعذيــب» مواطن عراقي، في أحد مراكز األمن الرسمية في محافظة كركــوك، ومنع اجلنــاة من اإلفالت مــن العقاب، وسط مطالبات مماثلة حلادثة أخرى متثلت بوفاة شاب في أحد سجون البصرة.

وقال في بيــان صحافي، إنه «وثــق احتجاز وتعذيب قوات األمن الرســمية الشــاب حســن الطائي 29( عامــا) في مقر جهاز االســتخبا­رات في محافظة كركوك شــمالي العراق، ما أسفر عن إصابته بتشــوهات جســدية بالغة، ومضاعفات نفســية قد تكون طويلة األمــد، وأجبرت عائلته بعد ذلك على توقيع صلح عشائري أفلت مبوجبه اجلناة من العقاب».

وبّيــن أّن حادثــة الطائــي «متّثــل منوذجًا مكتمًال لظاهرة التعذيب فــي العراق، إذ يتعّرض املوقوفــو­ن واملعتقلون في الســجون الرســمية للتعذيــب ومختلــف أشــكال املعاملة الســيئة واحلاطة بالكرامة، مبا يخالــف التزامات العراق مبوجب اتفاقيــة مناهضة التعذيــب التي صدق عليها عام ،2008 وفي ظل غيــاب تدابير حكومية جادة للحد من هذه املمارسات».

الباحــث القانوني في املرصد، عمر العجلوني، قال، إن «ما حدث مع حسن الطائي، يلخص بشكل جلّي واقع منظومة العدالة فــي العراق، بدءًا من تلفيق التهم ومرورا بالتعذيب اجلسدي والنفسي واإلكــراه علــى االعتــراف، وانتهاء مبســاومة الضحايا من أجل إفالت اجلناة من العقاب».

تلفيق التهم

وفي إفادة لفريق املرصد، قال الضحية حســن الطائي: «بدأ األمر فــي 15 يونيو/ حزيران 2021 عندما كنت أعمل لدى إحدى شركات احلراسة في احلي الصناعي في كركوك، حن أراد رجل قال إنه منتسب في احلشد الشعبي كسر قفل أحد اخملازن التــي كلفت بحمايتهــا، فمنعته من ذلــك، فدون اسمي الثالثي ثم انصرف».

وتابع: «في 21 يونيو/ حزيران ،2021 أوقفتني قوة مــن الشــرطة االحتادية، الفرقة اخلامســة والفرقة الثالثــة، واقتادتني للتحقيــق، وأثناء التحقيق جاء الشــخص الذي منعته من كسر قفل أحــد اخملازن وكان معه اثنان مــن الضباط، وبدأ بالتحقيق معي، وتب ّين لي أ ّنه تق ّدم بشكوى ضدي ولم يذكر فيها أنه كان يريد كسر قفل أحد اخملازن، واتهمنــي باإلرهــاب والعمل لصالــح عصابات داعش».

وأضاف الطائي أن «بعــد 5 أيام على توقيفي، مت حتويلي إلى قاضي التحقيــق، وأنكرت جميع االدعــاءا­ت الكيدية. أعادوني إلــى التحقيق ملدة 10 أيــام، وعرضونــي بعدهــا مرة أخــرى على قاضي التحقيق فأنكرت مجــددا جميع االتهامات الباطلــة. وأعدت مرة أخرى إلــى التحقيق، وفي غضون ذلــك تقدم والدي بشــكوى ضد الضباط بسبب مماطلتهم في عرضي على القاضي لتدوين أقوالــي. وبعد مرور ثالثــة أيام أعـــادوني إلى القاضي واستطعت تدوين أقوالي بعد 21 يوما من توقيفي».

حول تعذيبــه، قال «بعد تدويــن أقوالي لدى القاضي، أعــدت للتحقيق مجددًا ملــدة 16 يومًا، ليصبح العــدد الكلي أليــام التحقيــق 37 يوما، تعّرضت خاللها ألشــكال قاســية مــن التعذيب شــملت الصعق بالكهرباء، واخلنق، وتكبيل يدي باألصفاد وتعليقي في الســاحة اخلارجية للمركز حتت أشعة الشمس احلارقة لعدة أيام، ما تسبب بحروق شــديدة فــي يدي ومناطــق مختلفة من جســدي، ترتب على إثرها بتــر أصابعي الحقا. ضباط التحقيق هم الذيــن قاموا بتعذيبي، وكان معهم عنصر احلشد الشعبي الذي تقدم بالشكوى الكيدية ضدي».

أربع عمليات جراحية

وتابع: «بعد نقلي للمستشــفى، جاء إلي أحد الضباط وهــو (املقدم خليل) وقــال للحراس إذا أراد الهــرب إتركــوه يهرب حتى تثبــت الدعوى ضده. وفــي اليــوم الثاني جــاء (املــالزم أول محمد) وقال لي: ســيزورك القاضــي غدا، ولكن ال تشــكونا إليه وأنا أتكفل بإخراجك من السجن ومنحك راتــب رعاية اجتماعيــة، وقبل خروجه قال بلهجة تهديد: ال تنــدك بالضباط (أي ال تقدم شــكوى بحقهم). وعلى إثر التعذيــب، مكثت في املستشفى خمسة أشهر و21 يوما خضعت خاللها ألربع عمليــات جراحيــة بترت فيهــا أصابعي، إلى جانب تشوهات في الســاعد األمين والرأس ومناطق أخرى من جســدي». وأطلع املرصد على صور ووثائق عدة تظهــر اإلصابات البالغة التي تعــرض لها الطائــي نتيجة التعذيب وال ســيما احلروق، وراجع تقارير طبّيــة تخّص حالته، إذ جاء في أحد التقارير املوجهة بتاريخ 8 أغسطس/ آب 2021 مــن مستشــفى «آزادي التعليمي» إلى مديرية استخبارات الشــرطة االحتادية (الهيئة التحقيقيــ­ة- كركــوك)، أن الضحيــة يعاني من «حــروق الدرجة الثالثة في اليدين والســاعدي­ن وفروة الرأس، وبحاجة إلى إجراء عملية تنظيف وبتر في أصابــع الكف األيســر وحالته متأخرة جدا، وهذا بســبب عدم إجراء عملية اســتباقية له ما تســبب في ظهور املضاعفات لــه». وفي 30 أكتوبر/ تشــرين أول ،2021 أرســلت املستشفى التقرير الطبي النهائي إلى مديرية االستخبارا­ت وجاء فيــه أن املوقــوف مصاب بـ«حــروق من الدرجة الثالثة في اليدين وفروة الرأس. أجري له العمليات الالزمة مع بتر الكف األيسر وتشوهات شــديدة في الكف األمين مع ســلق إثــر حرق في فروة الرأس وحتدد في املرفق األيســر». لم يكتف الضباط بتعذيب الطائي جســديا، بل مارســوا ضــده ترهيب ًا نفســي ًا من ّظم ًا، إذ قــال له أحدهم: «سنجعلك مجنونا أو نحكم عليك بالسجن ملدة 20 عاما أو نسبب لك عاهة مستدمية جتعلك تتذكرنا طوال عمرك». وهــدده ضابط آخر بجلب زوجته إلى االحتجــاز كنوع من أنواع الضغط النفســي ليجبره على «االعتراف بالتهم امللفقة».

احملاكمات اجلائرة

وأبلغ الطائي فريق املرصد أنه تقدم بشــكوى للجهات القضائية ضد الضباط الذين تورطوا في تعذيبه، لكنهم لم يخضعوا ألي إجراءات تأديبية أو جنائية.

في 19 يناير/ كانــون ثان ،2022 قضت احملكمة بحبس الطائي 6 ســنوات بناء علــى االدعاءات امللفقــة ضده، ولكنه اســتطاع االســتئنا­ف على القرار وحصل على قرار إفراج بتاريخ 22 مارس/ آذار .2022 وبســبب شــكوى جديدة على خلفية ذات االدعــاء املتعلق باإلرهاب، لــم يتم اإلفراج عن الطائي وبقي في الســجن. وفي غضون ذلك، أبلغ والده رئيس محكمة كركوك بوجود خلل في اإلجراءات القانونية، واشتكى الضباط والقاضي البدائي، وأخبر رئيس احملكمــة أن جنله تعرض للتعذيــب واإلكراه ولم يعترف بشــيء من التهم امللفقة سواء في الدعوى األولى أو الثانية.

وظل الطائي، قيد التوقيف بناء على الشكوى الثانية، حتى قدم إليه أحد الضباط واقترح عليه عقد جلســة صلح عشــائري مع الضبــاط الذين تورطوا في تعذيبه. وبالفعل اضطرت عائلته إلى عقد جلسة صلح عشــائرية مع عشائر الضباط، وبعدها بســبعة أيام فقط، أفرج عنه من السجن بتاريخ 28 يونيو/ حزيران .2022

فــي 15 نوفمبر/ تشــرين ثان، وجــه رئيس الوزراء اجلديد، محمد الســوداني، مستشــاره حلقوق اإلنسان مبتابعة حالة الطائي، وبسؤاله عن ذلك، قــال إّن وفــدًا حكوميــًا زاره قبل أيام واســتمع إلى ما حدث معه، لكنه لــم يقدم له أي وعود ملموســة. واختتم إفادته بالقول: «يئست من منظومــة العدالة فــي العراق ومــن محاولة محاســبة املتورطــن. كل مــا أطلبه اليــوم هو احلصول علــى اللجوء في دولــة حتترم كرامتي بعيًدا عن تلفيق التهم والتعذيب».

حتقيق مستقل

ودعــا املرصــد، احلكومة العراقيــة إلى «فتح حتقيق مستقل في حادثة توقيف وتعذيب الشاب حسن الطائي، ومحاسبة املتورطن في احتجازه التعســفي وإخضاعه للتعذيب وأشــكال مختلفة مــن الضغــط والترهيب»، مشــد ًدا على ضرورة «التركيز على املســاءلة اجلنائية، وعدم االكتفاء باإلجراءات اإلدارية».

وحثها على «الوفاء بالتزاماته­ا مبوجب اتفاقية مناهضة التعذيب، واتخاذ إجراءات رادعة وجادة لوقف سياســة التعذيب املمنهج في الســجون، وتفكيــك منظومة اإلفالت من العقاب ومحاســبة املتورطن فيها، وحتقيق العدالة للضحايا».

في مقابل ذلك، طالب «مركــز العراق» حلقوق ضابط شرطة يقود مشتبها عراقيا قبض عليه في مركز للشرطة في البصرة

اإلنســان، بالتحقيق في وفاة شــاب في سجون محافظة البصرة، في أقصى جنوب العراق.

وقــال فــي بيــان صحافــي أمــس: «نطالب بالتحقيــق الفوري حلادثة وفاة الســجن مهدي احللفي وإعــالن نتائجها أمام الــرأي العام دون التسويف ووفق توقيتات زمنية محددة».

كما طالب بـ«بفتح الســجون ملنظمات حقوق اإلنسان وتسهيل مهمتها اإلنسانية والتي غايتها دعم العدالة ومبادئ حقوق اإلنســان في العراق والبصرة بشكل خاص».

وتابــع: «كذلك على الفرق التفتيشــي­ة من قبل رئيس الــوزراء ووزارة الداخلية تكثيف زيارتهم وفتح ملفات التحقيق الســابقة واحلالية من أجل زرع الثقة واملوضوعية أمام اجملتمع».

على إثر ذلك، أصدرت قيادة شــرطة محافظة البصرة، توضيحا بشــأن املتهم الــذي توفي في شعبة مكافحة إجرام أبي خصيب.

وذكرت في بيان، بــأن «في الوقت الذي تعزي فيه شرطة البصرة ذوي أحد املتهمن الذي وافاه األجل اليوم (أمس) واملوقوف وفق املادة 406 من قانون العقوبات بعــد تدهور حالته الصحية، لذا نود أن نوضح أنه بعد أن ســاءت احلالة الصحية ملتهــم موقــوف منذ أكثر مــن شــهرين على ذمة التحقيق في شــعبة مكافحة إجرام أبي اخلصيب املوقــوف وفــق أحــكام املــادة 406 مــن قانون العقوبات».

وأضافــت، أن «املتهــم كان يعانــي من مرض عجز في القلب ومت إرســاله اليوم إلى مستشفى أبي اخلصيــب العام، ومت إجراء الــالزم من قبل املستشــفى وبعــد تلقيه العــالج مت إخراجه من

املستشفى وإعادته إلى شعبة مكافحة إجرام أبي اخلصيب كونه موقوفا لديهم».

وتابعت: «وقد ســاءت حالته الصحية للمرة الثانيــة ومت نقله إلى املستشــفى وفارق احلياة أثناء نقله إلى املستشفى نتيجة ملرضه».

وأشــارت إلى «فتــح حتقيق ملعرفة أســباب الوفاة احلقيقية»، مؤكدة أن قيادة شرطة البصرة ســتعلن عن نتائــج التحقيق وكل املســتجدا­ت، إميانا منها وحرصها على الشفافية التامة وإلطالع الرأي العام عن النتائج».

وســبق أن وجه الســوداني، في وقت سابق، بإجراء التحقيقات األصولية بشــأن سجن مطار املثنى، وسط العاصمة بغداد.

وذكر مكتبه اإلعالمي بأنه «بنــاء على ما ورد من معلومــات ملكتب رئيس مجلــس الوزراء وما تداولته وســائل اإلعالم، بخصوص سجن مطار املثنى وســجون أخرى، وجه القائد العام للقوات املســلحة رئيس مجلــس الوزراء محمد شــياع الســوداني اجلهات اخملتصة بإجراء التحقيقات األصوليــة ووفق القانــون، كما أوعز ملستشــار حقوق اإلنســان للقيام بزيارة سجن مطار املثنى وإجراء املقابالت مع النــزالء هناك ورفع النتائج بأســرع وقت». وفي تطور الحق، أعلنت الدائرة اإلعالميــ­ة جمللس النــواب، إجــراء جلنة حقوق اإلنســان النيابية، زيارة «مفاجئة» لسجن مطار املثنى. وقالت في بيــان إنه «أجرت جلنة حقوق اإلنسان النيابية برئاسة النائب أرشد الصاحلي رئيس اللجنة يرافقه وحدة اجلميلي نائب رئيس اللجنة، زيــارة مفاجئة ملركز التوقيف االحتياطي التابع ملديرية االســتخبا­رات العســكرية (سجن

مطــار املثنــى)، وبحثت فــي لقائها مــع كوادر االدارة اجلديدة للسجن مســألة أعداد املوقوفن واحملكومن».

وأضــاف البيان: «مــن جانبه، أشــار النائب الصاحلي إلى ضرورة العمل على توضيح األمور واحلقائــق للرأي العام لكون ملف الســجون من امللفات التي تولي اللجنة أهمية لها في عملها عبر اإلطالع على الشــكاوى وإيجاد احللول املناسبة لها وأهمها اإلسراع بتشريع قانون العفو العام».

وتابع: «وفي الشأن ذاته ذكرت النائب وحدة اجلميلــي أن املوقــوف واحملكوم لــه حقوق مثل مواجهة ذويه والطبابة والتشــميس»، مشــيرة الى أن «مكتبهــا مفتوح لذوي عوائــل املوقوفن واحملكومن لالستماع ملشــاكلهم وتهيئة احملامن لهم كونه حق من حقوق اإلنسان».

وأشــار البيان، إلى أنه «على هامش الزيارة، أجــرى النائبان الصاحلــي واجلميلــي لقاءات بعدد من املوقوفن في قاعة احلجز التابعة جلهاز اخملابــرا­ت لالطالع على أوضاعهــم واإلجراءات القانونيــ­ة املتخذة بحقهــم، إذ أكــد اجلميع أن ادارة الســجن متعاونة معهم من ناحية اإلطعام واملواجهة والتشميس واالتصال بذويهم».

وأكــد الصاحلــي، حســب البيــان، «حرص جلنة حقوق اإلنســان على اســتمراره­ا بدورها التشــريعي والرقابي للنهوض بواقع ملف حقوق االنسان في العراق خاصة تشــريع قانون العفو العــام ومتابعته مع رئاســة اجمللس لإلســراع باجراءات التصويت عليه بأقــرب وقت ممكن»، الفتا إلى أن «اللجنة سترفع تقريرا خاصا بزيارة السجن لرئاسة اجمللس النواب».

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom