جراحة خاصة بني نواب األردن حتتاج إلى «إرادة سياسية»
كيف ميكن االستعداد ملرحلة «مقاعد األحزاب»؟
عمان - «القدس العربي" من بسام البدارين:
ال ميكن حتى اآلن، رغم كثرة النقاش وكثرة املقترحات املطروحة على الطاولة، فهم وتوقع االجتاهات التي ســتذهب لها عملية يبدو أنها ستخضع للجراحة قريبا حتت عنوان مأسسة العمل البرملاني وإعادة هيكلة النظام الداخلي جمللس النــواب، متهيــدا فيما يبــدو ملرحلة األحزاب السياسية.
ال توجد بوصلة محددة في هذا االجتاه، وال توجد أوهام بخصوص احلاجة امللحة لغطاء سياسي ومؤسسي، ألن رئيس اجمللس اجلديد أحمد الصفدي أكد مرتني أمام "القدس العربي" بأن "مأسسة العمل البرملاني" واستعادة هيبة اجمللس ودوره، هي مساحات ال تقبل اخلالف، واجمللس سيد نفسه في اإلجراء واملتابعة.
الصفــدي يبذل جهــدًا كبيــرًا ويخصص
وقتا أكبر لتحديد خارطة مالمح عبر سلســلة حــوارات مع النواب واخلبــراء حتت عنوان االحتياج ملعادلة إدارة جديدة مؤسسية أكثر في ملفي التشريع والرقابة، ومتيل إلى ضبط الســلوك البرملانــي بصورة منتجــة، ومتهد األرضية متامــا لنهضة مؤسســية في العمل البرملاني قــد تغير الكثير مــن املالمح، وقد ال تفعــل إذا لم حتظ بإرادة سياســية وبالعمل وفقا للبرملاني الســابق محمــد احلجوج، مع مقاربة وطنية مؤسسية تفرش األرضية لدور األحزاب والتحديث املقبل.
كلف على األرجــح الصفدي بذلك مرجعيا، ولديه شــخصيا طموحات في ترك بصمة في هذا االجتاه مع العمل على إعادة هيبة مجلس النواب.
ونخبة مــن احملللني واملتابعــني يعتبرون مجلس النواب بحلته اجلديدة ومكتبه الدائم الفاعل املســتجد قادرا في االشتباك اإليجابي علــى اخلوض في مــا أخفقت جلان تشــاور
مســار التحديث اخلوض فيه. لكــن مقادير جناح الصفدي أو املكتــب الدائم للمجلس في فرض بصمة علــى النظام الداخلــي وإعادة هيكلة مسألة الســلوك النيابي وتفعيل بنود الرقابة والتشــريع و"العمــل اللجاني"، هي مسألة حتتاج لالختبار، خصوصا أنها تتطلب إعادة جمع األوراق اخمللوطة أو التي ال ينتمي بعضها إلى بعض حتت عنــوان حالة كتلوية جديدة تنعكــس عمليا على جلان التشــريع والرقابة.
الطموحات كثيرة في هذا االجتاه والبرامج متعددة. لكن كما يحصل مع مختلف تصنيفات مســار التحديــث السياســي، ميكــن القول بــأن بعض األفــكار اجلريئة بدأت تتســرب هنا وهناك في أوســاط النــواب، لكنها أفكار ومقترحات من الطراز الذي يحتاج إلى جرأة سياســية، ال بل إلى إرادة سياســية ميكن أن يعمل عليها النواب برئاسة الصفدي.
وهنا تبرز في هذا الســياق عدة إشكاالت ال ميكن االستهانة بوجودها عمليًا، خصوصًا إذا تعلق األمر مبحاولة ضبط ســلوك النواب ووقف حاالت االحتكاك بالوزراء ومأسســة التواصــل واالتصال بني الــوزراء والنواب، بحيث ميتنــع النــواب بعــد اآلن إال بعملية تنسيق جماعية عبر رئاستهم واملكتب الدائم واألمانة العامة جمللس النواب بدال من أو عند الزيارات الفجائية للوزراء.
وعنــد االحتــكاك مــع الــوزراء وكبــار الشخصيات بعد االســتدعاء البرملاني، وهو أمر يحتــاج لقناعــات، لكنها قناعــات تبرر حاجة موضوعية اليوم وتبدو الكتل البرملانية منفتحة عليها.
االنطبــاع قوي عنــد احلكومــة على األقل والســلطة التنفيذية بأن مأسســة التواصل واالتصال بني الــوزراء والنواب برنامج مهم يدعمــه كل من رئيس الوزراء الدكتور بشــر اخلصاونة ورئيس اجمللس أحمد الصفدي.
وهو برنامج يســعى بطموح غير مسبوق
إلى تقليص االحتكاك الشــخصي أو ألسباب شــخصية بني النواب وعناصر وأفراد الطاقم الــوزاري، والعمــل فــي إطــار التواصل مع الكتــل والبرامج وتخصيــص أوقات وآليات وتقنيات محددة مســبقا عبر وزارة الشؤون البرملانيــة حصرا لتنفيــذ احتياجات النواب ملناطقهم االنتخابيــة ولدوائرهم ولناخبيهم، على أن يكون كل ذلك فــي إطار خطة طموحة يتحدث عنها بعض الــوزراء والنواب اليوم، لكــن تفاصيلها لــم تعلن وحتتــاج إلى وقت الختبارها.
وفي مسار قريب، ميكن القول بأن املطلوب ألغراض مساري حتديث املنظومة السياسية والتمكني االقتصادي اعتبــارا من العام 2023 هو تهيئــة الظــروف البرملانيــة للتعامل مع تداول حزبــي قوي بدال من كتــل البرملان في املراحل املقبلــة، حتديدا بعد االنتخابات التي يتوقع أن تكون مبكرة في نهاية العام .2023
ويعنــي ذلــك أن مجلس النــواب احلالي
ســيمهد أرضية وقبة البرملــان حلالة جديدة على املــزاج السياســي والبرملانــي األردني عمومــا، عنوانها هــذه املرة احلــرص على جلوس وكيفية إدارة األمور حتت القبة عندما تتحرك األحــزاب البرامجية وتشــكل الكتلة األكبر في البرملان.
ويفتــرض أن حتصر مقاعــد البرملان في االنتخابات املقبلة بنسبة الربع أو الثلث على األقل لألحزاب السياســية وفــي االنتخابات التي تليها تقترب من الثلثني، وبعد نحو تسع سنوات يفترض -حســب اخلطة املوضوعة ملســار التحديث- أن تصبح القوى احلزبية بنسبة %100 في العمل البرملاني.
وهو أمــر يتطلب من اليــوم جتهيز البنية الدســتورية والنظام الداخلي جمللس النواب وضبط إعدادات السلوك النيابي الفردي قبل الوصول إلى استحقاقه الزمني. الطموح كبير هنــا، واألفكار ضخمة، لكــن تنفيذها مرهون بإرادة سياسية في الوقت نفسه.