«واشنطن بوست»: قمع إيران للمتظاهرين ومساعدتها لروسيا يقضيان على فرص املفاوضات النووية
حتــت عنــوان "شــوارع إيران مشــتعلة في وقت تثير املشــاكل في اخلارج"، نشــرت صحيفة "واشــنطن بوســت" افتتاحية قالت فيهــا إن حركة االحتجاج التــي جتتاح إيران هزت شرعية اجلمهورية اإلسالمية التي ردت عليهــا بالقوة املفرطــة. وفي الوقت نفســه، فمســاعدة إيران لروسيا وإرســالها طائرات مســيرة وقدرات لتصنيعها لالســتخدام في أوكرانيا ميثالن حتديًا قويًا للواليات املتحدة وحلفائهــا. مضيفة أن تضافــر األحداث يزيد مــن ضبابية املفاوضــات التي تهــدف لوقف طموحات طهران النووية.
ففي عــام 2009 هزت احتجاجات واســعة إيران دعما للمرشح املعارض بعد االنتخابات التي انتصــر فيها الرئيس فــي حينه محمود أحمــدي جنــاد. ومت اعتقــال اآلالف وقتل - حســب تقدير - 72 متظاهرا فيما صار يعرف بالثورة اخلضــراء، وهو لــون احلركة التي دعمت اإلصالح ونظــر إليه على أنه إشــارة لألمل. واندلعت في عام 2019 تظاهرات أخرى احتحاجا على ارتفاع أسعار الوقود والتي قتل فيها حســب تقديرات حوالي 1.500 شخص. لكن االحتجاجات احلالية، والتي أشعلها مقتل الفتاة الكردية اإليرانية مهسا أميني في أيلول/ سبتمبر عندما اعتقلتها الشرطة الدينية بسبب عدم ارتدائها احلجاب بطريقة مناســبة، تظل مختلفة عن االحتجاجات السابقة.
فالتظاهــرات اجلماعيــة تدفعها ســنوات من الغضب وهــي غير دينيــة وتدعو لتغيير النظام. وتقودها النساء اإليرانيات والشباب وحازت على تعاطف السكان واملناطق. ويبدو املتظاهــرون أكثر جرأة من الذين ســبقوهم، وأظهرت لقطات فيديو شــبابا وهم يتقدمون نحو املاللي ويخلعون عنهــم عماماتهم. وقام حــكام إيران الذين وجدوا أنفســهم في وضع ضعيف بإطالق العنــان للعنف والقمع. وقتل حتــى اآلن 419 متظاهرا مبــن فيهم أطفال إلى جانــب 54 من عناصر األمن، إلى جانب اعتقال 17451 متظاهرا.
وخالل يومي الســبت واألحد، استخدمت قــوات األمــن العربــات املصفحــة إلطــالق الرصــاص احلي علــى احملتجني فــي املناطق الكرديــة. وأصدرت احملاكــم اإليرانية أحكاما باإلعدام على أربعة أشخاص بزعم مشاركتهم في تظاهرات الشــوارع، وهو حكم مقيت ضد املشــاركة في احتجاج. ولم تثبط األحكام من عزمية احملتجني، فقد قــام مئات رجال األعمال وملدة أسبوع من شــهر تشرين الثاني/نوفمبر بإغــالق متاجرهــم واحتج الطــالب وأعلن الكثير من العمــال عن إضرابات إحياء لذكرى قمع .2019 وذكرت قناة "إيران انترناشونال" ومقرها لنــدن أن اإلضرابات شــملت مصانع الفوالذ، مما يعني أن االحتجاجات توســعت لتشمل قطاعات واسعة. ورغم كل هذا وكتحٍد للمجتمع الدولي زودت طهران موسكو مبئات من مســيرات شــاهد 136 لكي تســتخدم في احلرب األوكرانية. وذكرت الصحيفة في تقرير لها أن روسيا وإيران وقعتا على اتفاقية للبدء في تصنيع مئــات من املســيرات على التراب الروسي. واســتخدمت روسيا املسيرات ضد محطــات املياه والكهرباء فــي أوكرانيا. وإلى جانب هذا، كشف مدير اخملابرات البريطانية، أم أي فايف، عن 10 محــاوالت اختطاف وقتل للمعارضــني اإليرانيــني ومنــذ بدايــة العام احلالي. ووصــف إيران بأنهــا الالعب "الذي يتجاوز وبشــكل منتظم احلدود إلى اإلرهاب" ومستعدة الســتخدام العنف من أجل إسكات املعارضــني. ومن هنــا فتالقــي االضطرابات احملليــة مــع العدوانية فــي اخلــارج أثرت بالضرورة على فرص إحياء االتفاقية النووية املوقعة عام 2015 للحد من نشاطات إيران.
وهــي االتفاقية التــي خرج منهــا دونالد ترامــب عــام 2018 ووعــدت إدارة بايــدن بإحيائهــا. ذلك أن إيران ومنــذ خروج ترامب وفرضه عقوبات قاسية عليها زادت من جهود تخصيب اليورانيوم وباتــت قريبة من إنتاج القنبلة النووية.
وتعلــق الصحيفــة بأنهــا طاملــا رأت أن االتفاقية مهمة جدا ويجب عدم إحباطها، ولكن بات من الواضــح أن اســتئناف احملادثات ال ميكن املضي به والقيادة اإليرانية تقوم بسحق املعارضني لها ومســاعدة روســيا على تدمير أوكرانيــا. فاالضطرابــات التــي خلقتها هذه األحداث يجعل من إمكانيــة وقف الطموحات اإليرانية بعيد ًا جد ًا.