Al-Quds Al-Arabi

استمرار احلملة على قطر في إسرائيل وبعض اجلهات فيها يرد: هذا نفاق وازدواجية معايير

-

تواصل وســائل اإلعالم العبريــة النظر بعني الســوء لقطر واملونديــ­ال فيها، وال تفــوت فرصة للقــدح والتباكي على حقوق اإلنســان، مما دفع حتــى بعض اجلهات اليهودية للسخرية من هذه االنتقادات واتهامها بالنفاق وازدواجية املعايير.

ويســتدل مما يقال ويكتب بني الكلمات وخلف الســطور وأحيانا بشــكل مباشر في الصحافة اإلســرائي­لية أن «املوضوع مش علــى رمانة بل على قلوب مليانة»، كما يقول املثل العربي الشــعبي، فالقصد احلقيقي مــن وراء هذه االنتقادات هو محاولة االنتقام من قطر ملوقفها من القضية الفلسطينية وبالذات مساندتها حلركة حماس.

وكانــت الصحافة اإلســرائي­لية وتزامنا مع هجمات غربية على قطر، قد شــرعت في محاولة تســويد صفحة قطر ومحاولة النيل منها بنشــر مــواد كثيرة عن حقوق اإلنسان املفقودة لألجانب في البالد وعن موت آالف العمال األجانب في أعمال بناء البنى التحتية والفوقية متهيدا للمونديال.

والبداية كانت مع القناة 13 اإلســرائي­لية، حيث نشــرت محررة قســم الســياحة ميشــال بن آري مينور تقريرا بعنوان «أربعة أسباب لعدم السفر إلى مونديال قطر»، هاجمت فيه استضافة الدوحة لكأس العالم.

وهاجمــت الصحافيــة دولة قطر بادعــاء أنها تنتهك حقوق اإلنســان، وتضطهد املــرأة واملثليني، وأنها حصلت على حقوق تنظيم كأس العالم عبر صفقات مشــكوك فيهــا، وأنها تســتخدم الرياضة واإلعــالم لتبييض صورتها، وأنهــا تدعم املنظمات اإلرهابية مثل حركة املقاومة اإلســالمي­ة (حماس) وجماعة اإلخوان املسلمني، وفق زعمها. وبعدما نشرت حتقيقا موسعا يوم األحد املاضي تواصل صحيفة «غلوبس» االقتصادية اإلســرائي­لية القــول إن الطريــق لالحتفال بكأس العالــم كان مرصوفا بالفساد وأودى بحياة آالف الضحايا.

وحمل أحد أبرز معلقي صحيفة «يديعوت أحرونوت» اإلسرائيلي­ة بن دورو مييني علــى قطر وقال إنهــا تنتمي لـ «محور الكراهيــة» إلى جانب إيران، مشــيًرا إلى أنها أصبحت دولة المعة بسبب أغلى حملة عالقات عامة في تاريخ البشرية».

وانضمت صحيفة «يسرائيل هيوم» املقربة من حزب «الليكود»وبشكل شخصي من نتنياهو وكذلك عدد كبير من وســائل اإلعــالم العبرية: موقع «والال»، القناة 12 « التي غردت في سرب واحد في تقارير كيدية معادية إلى قطر وشارك في التحريض مراسلو وسائل اإلعالم العبرية هذه وهم على أراض قطر لتغطية وقائع املونديال.

يشار الى أن املغني الكولومبي الشهير، مالوما، وبخ يوم اجلمعة املاضي اإلعالمي اإلســرائي­لي املوفــد عن القناة العبرية الرســمية إلى قطر لتغطية أحــداث املونديال، موآف فاردي، بعد إصرار األخير على طرح أســئلة استعالئية متطفلة. وسأل فاردي الفنان الكولومبي عن عدم استجابته لدعوات عدم املشاركة في احتفاليات املونديال للمزاعم القائلة إن قطر ال حتترم حقوق اإلنســان، فكان رد مالوما أنه جاء ليشــارك الفرح فــي احلياة ومهرجان كرة القــدم. لكن اإلعالمي اإلســرائي­لي أصر على إعادة طرح الســؤال على مالوما، ما دفع األخير ملغادرة املقابلة قائال لإلعالمي «أنت وقح» وخرج من األستوديو. وانتشر مقطع آخر للمراسل اإلسرائيلي نفسه وهو يحاول أن يقابل شابا قطريا في أحد أسواق الدوحة، وبعد أن علم الشاب القطري بأن املراسل إسرائيلي رفض إجراء احلوار معه، لكنه حاول اإلصرار على إجراء املقابلة.

وكان هناك بعض األصوات اإلســرائي­لية املتحفظة من احلملــة اإلعالمية العبرية علــى قطــر، وكان من أبرزهــا املذيع في «إذاعة اجليش» رينو تســرور الذي اســتهل برنامجه اإلذاعي صباح أمس بالقول «كفى للنفاق اإلســرائي­لي.. تتباكون على موت العمال في قطر وفي إســرائيل يقتل ســبعون عامال عربيا وأجنبيا في ورشات عمل والسلطات هنا ال تفعل شيئا».

مــن جهتــه قــال النائــب اليهودي الشــيوعي مــن اجلبهــة الدميقراطي­ة للســالم واملســاوا­ة الدكتور عوفير كاسيف إن الصحافيني اإلسرائيلي­ني الذين ينتقدون قطر ويتجاهلون االحتالل اإلسرائيلي وجرائمه هم منافقون.

فــي كلمتــه من الكنيســت تابع كاســيف «مقتل العشــرات من العمــال في البالد بات منذ ســنوات ظاهرة متفاقمة وتســتحق التحقيق فيها وإقامة ســلطة مســتقلة ملتابعتها».

وتبعه النائب أحمد الطيبي الذي قال في الكنيست إن افتتاح املونديال كان خالبا ورائعــا في الدوحــة لكنني أريد التحدث اليــوم عن املعيار املــزدوج والفوقية للغرب ولبعض األوســاط اإلسرائيلي­ة، خاصة عن الصحافيني اإلسرائيلي­ني املوجودين في قطر هؤالء الذين يتحدثون عن حقوق اإلنســان وهم يحتلون شعبا آخر، ويتحدثون عن حوادث العمل في قطر بينما مئات من العمال الفلسطينين­ي ميوتون هنا في البالد وال أحد يهتم بهم ألنهم عرب.

وتابع الطيبي»لو كان املونديال في أمريكا لصفقتم بقوة رغم أن الواليات املتحدة دمــرت العــراق وقتلت مئــات اآلالف مــن العراقيني، ولــو كان املونديال فــي أملانيا وفرنســا كذلك لصفقتم أيضا بقوة، وهــذا هو النفاق الغربي واإلســرائ­يلي بالذات فلماذا هذه املرارة لديكم؟ .«

كمــا أصــدرت القائمة العربية املوحدة برئاســة منصور عباس بيانا شــكرت فيه قطر على تنظيم هــذا املهرجان العاملي الكبير خدمة للرياضة واإلخوة وللســالم بني الشعوب وللتعريف احلق باإلسالم والعروبة.

يشار الى أنه على خلفية كل ذلك كان رئيس الفيفا جياني إنفانتينو، قد قال خالل مؤمتر صحافي، إن قطر ســتنظم أفضل نســخة مــن املونديال في التاريــخ، كما رد بشدة على االنتقادات املوجهة إلى دولة قطر.

وانتقــد إنفانتينــ­و، فــي املؤمتــر الصحافــي «الــدروس األخالقيــ­ة» الناجمة عن «النفــاق»، وأضــاف أنه «علــى أوروبــا أن توقف االنتقــاد­ات وتركز على حتســني أوضاع املهاجرين»، مشيرا إلى أنه «ينبغي على األوروبيني أن يعتذروا للشعوب قبل إعطاء الدروس».

وطبقا للجزيرة أجمع ساســة وخبراء في السياســة واإلعالم والرياضة على أن احلمالت األخيرة التي تسعى للنيل من سمعة قطر والتشكيك في قدرتها على تنظيم مونديال ناجــح، موجهة من جهات ومنظمات تضمر احلقــد لدولة قطر وجناحاتها املتعددة، وتسعى لالختباء وراء ملفات حقوقية لتحقيق أهداف سياسية.

ورّدت الســلطات القطرية بوضوح عبر سلسلة من التصريحات واملقاالت وفّندت االدعــاءا­ت واالتهامــ­ات، كما أجرى االحتــاد الدولي لكرة القدم (فيفــا) حتقيقا في كيفيــة فــوز قطر باســتضافة كأس العالــم لكرة القدم عــام 2022 وبــرأ الدوحة من الرشوة، بينما نفت الدوحة مرات عديدة أي صلة لها بالتنظيمات اإلرهابية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom