مناورات عسكرية جديدة بني املغرب وفرنسا في ظل تقلص التعاون األمني وانعدام احلوار السياسي
جتــري البحريــة الفرنســية ونظيرتهــا املغربيــة منــاورات حــول عمليــات إنقــاذ وتدخل في البحر األبيض املتوسط واحمليط األطلســي. وجتري هذه املناورات في وقت لم تتقــدم املفاوضات بني الربــاط وباريس حلــل األزمة القائمــة بني البلدين منذ ســنة ونصــف ومن عناوينها عدم وجود ســفراء في العاصمتني.
ونشــرت البحرية الفرنســية تغريدة في موقعهــا في تويتــر تخبر بوجــود مناورات مــع البحريــة املغربيــة وباألســاس الــدرك احلربــي التــي تشــارك بفرقاطة عــال بن عبــد الله رفقة فرقاطات فرنســية. وتتجلى املنــاورات فــي التدخل في عمليــات اإلنقاذ اخملتلفة وكذلــك ملواجهة التحديات األمنية. ويعد املغرب وفرنسا من الدول القليلة التي لديها وجود بحري على واجهتي األطلســي والبحر املتوسط، وهي خاصة متتلكها فقط إسبانيا، وبالتالي يرفعان التنسيق البحري بينهما.
ويجــري املغرب منــاورات بحرية مكثفة مع فرنســا بحكم أن ساحه البحري مكون فــي الغالب مــن فرقاطات فرنســية الصنع اقتناها خال العقدين األخيرين خاصة بعد
أزمة جزيرة ثورة صيــف 2002 عندما وجد نفســه أعزل أمام البحرية اإلسبانية. عكس ساح اجلو املكون في غالبيته من الطائرات املقاتلة األمريكيــة مثل إف 61، ولهذا يجري مناورات مــع األمريكيني تركز علــى القتال اجلــوي. وتأتي هــذه املنــاورات بعد أخرى جــرت خــال الشــهر اجلــاري فــي منطقة األطلــس املغربية، كما جرت أخرى ســابقة شرق املغرب خال آذار/ مارس املاضي.
وعــادة ال يتأثــر التعــاون العســكري واألمني بني الــدول احلليفة خال األزمات بــل يســتمر ألنــه يكــون فــوق التجاذبات السياســية والدبلوماســية، هــذه األخيرة التي تكون عابرة بينما التعاون العســكري يحتــاج إلــى الثقــة املســتمرة. وإذا كان التعــاون العســكري بني املغرب وفرنســا لــم يتأثــر، فقــط تأثــر التعــاون األمنــي واالســتخباراتي الــذي يوجــد فــي أدنــى مســتوياته وشــبيه مبا حدث ســنة 2014 بســبب ماحقة القضاء الفرنســي ألمنيني مغاربة وكذلك ســنة 1992 بســبب صدور كتــاب «صديقنــا امللــك» عن امللــك الراحل احلسن الثاني.
وبهــذا، يكــون التعــاون العســكري مســتمرا، بينمــا تقلــص األمنــي واالســتخباراتي في حني ينعــدم التعاون واحلــوار السياســي والدبلوماســي. فــي هــذا الصــدد، تســتمر األزمة بــني الرباط
وباريس، حيــث ال جتري زيــارات متبادلة لــوزراء البلديــن، فــي حــني لم يحــدث أي اتصال بني امللك محمد السادس والرئيس الفرنســي إميانويــل ماكــرون خــال األســابيع األخيــرة، عكس ما نشــرته عدد من وســائل اإلعــام. ومن عناويــن األزمة السياســية والدبلوماســية بــني البلديــن، سحب فرنسا لســفيرتها من املغرب خال ســبتمبر املاضــي دون تعويضهــا، ورد املغرب بســحب ســفيره مــن باريس خال أكتوبر املاضــي دون تعويضه. ومن ضمن نتائــج انعــدام احلــوار الدبلوماســي هــو عــدم حل منح التأشــيرات للمغاربة لزيارة فرنســا، بعدما قلصت باريس النســبة إلى أقل من ،›50 واســتهدفت وزراء ســابقني بحرمانهم من التأشــيرة رغم توفرهم على الشروط املطلوبة.
ويســتمر كل بلد متشــبثا بروايته حول األزمــة، حيــث تؤكــد فرنســا، وإن كان بطريقــة غيــر معلنــة، أن ســبب األزمة هو التجســس علــى رئيســها ماكــرون وعدد مــن الوزراء بواســطة برنامج بيغاســوس اإلســرائيلي. في حني ينسب املغرب األزمة إلــى موقــف فرنســا الغامــض مــن نــزاع الصحــراء الغربية بعدم دعم واضح ملقترح احلكــم الذاتي عــاوة على مــا يعتبره قلق باريس من اســتثمار الشركات املغربية في إفريقيا الغربية، معقل النفوذ الفرنسي.