Al-Quds Al-Arabi

«منظمة التعاون االقتصادي والتنمية»: يجب إعطاء األولوية ملكافحة التضخم وسط تباطؤ النمو العاملي

-

■ باريس/لنــدن - وكاالت: يتراجــع النمو العاملي بســبب ارتفاع التضخم إلى مســتويات غير مسبوقة منذ عقود، حســبما أعلنت منظمة التعــاون االقتصادي والتنمية أمــس الثالثاء، داعية إلى تشديد السياسات النقدية ومزيد من الدعم احلكومي "املوجه بدرجة أكبر".

وتتوقــع املنظمة أن يســجل النــاجت احمللي اإلجمالــي العاملي منوا بنســبة 3.1 في املئة هذا العام، ما يوازي نصف تلك النسبة العام املاضي.

كما أنه من اُملرَّجح أن يســتمر التراجع العام املقبل مع انخفاض النمو العاملي إلى 2.2 في املئة قبل أن ينتعش قليال إلى 2.7 في املئة عام ،2024 وفق تقديرات املنظمة ومقرها باريس.

وفي ظــل تداعيــات احلرب الروســية على أوكرانيا "تراجع زخم النمو بينما التضخم ثابت في وقــت تراجعت الثقــة وازدادت الضبابية"، بحسب التوقعات األخيرة للمنظمة.

وقال ماتياس كورمان، األمن العام للمنظمة، خالل مؤمتر صحافي أمس"إنهاء احلرب وإحالل سالم عادل ألوكرانيا ســيكونان الطريقة األكثر تأثيرا لتحسن التوقعات االقتصادية العاملية".

وقال ألفارو ســانتوس بيرييرا، كبير خبراء االقتصــاد لدى املنظمــة، أن االقتصــاد العاملي "يرزح حتت وطأة أكبر أزمة طاقة منذ سبعينيات القرن املاضي".

وأضــاف أن صدمة الطاقة تتســبب بارتفاع التضخم "إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود" وتؤثر على النمو االقتصادي حول العالم.

وكان التضخم يرتفع حتى قبل اندالع النزاع نتيجة االختناقات في سالســل اإلمداد العاملية بعدمــا رفعت الــدول تدابير اإلغــالق املرتبطة بوباء كوفيد-91.

لكن املنظمــة توقعت أن يصــل التضخم إلى ثمانية في املئة في الفصــل الرابع من هذا العام في دول مجموعة العشرين، ليتراجع إلى 5.5 في املئة في 2023 .2024و

وقال كورمان أن الضغوط التضخمية تتراجع لكنه حض البنــوك املركزية على املضي قدما في رفع أسعار الفائدة.

وأضاف "نتوقع أن يتراجع التضخم تدريجيا مع بــدء تطبيق سياســات نقديــة أكثر صرامة وتراجع الضغوط على الطلب وأسعار الطاقة مع الوقت، وعودة أســعار النقل ومواعيد التسليم إلى طبيعتها بشكل مستمر".

ومع ذلــك ، شــدد على أنــه ال يــزال هناك احتمال أن "يصبح النشــاط االقتصادي أضعف إذا ارتفعت أســعار الطاقــة أكثــر أو إذا أثرت اضطرابات الطاقة على أسواق الغاز والكهرباء في أوروبا وآسيا".

وشــددت املنظمة علــى أن "أولويتها" تتمثل مبكافحــة التضخم، فــي وقت يــؤدي االرتفاع الكبير في األســعار إلى تراجع القدرة الشرائية للسكان حول العالم.

وقال سانتوس بيرييرا "السيناريو الرئيسي لدينا ليس ركودًا عامليًا بل تباطٌؤ كبير في النمو بالنســبة القتصاد العالم في ،2023 إضافة إلى تضخم مرتفــع، وإن كان يتراجع، في العديد من الدول".

وأوصت املنظمة بتشديد السياسات النقدية في البلدان حيث بقيت األسعار مرتفعة، وتقدمي دعم موجه للعائالت والشــركات لتجنب تفاقم الضغــوط التضخميــة، فيما تكاليــف الطاقة "ســتبقى على األرجح مرتفعــة ومتقلبة لبعض الوقت". وقالت "في هذه األوقات الصعبة وغير املؤكدة أصبــح للسياســات دور حاســم مرة أخرى: زيادة تشــديد السياســات النقدية أمر ضــروري ملكافحة التضخم، ودعم السياســات املاليــة ينبغــي أن يصبح موجهــا بدرجة أكبر ومؤقتا".

ودعــت املنظمة التــي تضم 38 عضــوا إلى تسريع االستثمارا­ت نحو تبني وتطوير مصادر وتكنولوجيا طاقة نظيفة، للمســاهمة في تنويع اإلمدادات. غير أن تشــديد السياســات النقدية أثار مخاوف من إعاقة النمــو االقتصادي بينما يصبح االقتراض أكثر تكلفة بالنســبة للشركات واألفراد.

وحــذرت "منظمــة التعــاون القتصــادي والتنميــة" مــن أن النصف الشــمالي من الكرة األرضية يواجه شــتاءًا "صعبًا" رغم مســاعي أوروبا لتجديــد احتياطياته­ا من الغاز الطبيعي وكبح الطلب.

وجــاء في تقريــر املنظمة أن ارتفاع أســعار الغاز أو تعطل اإلمدادات من شأنه أن يؤدي إلى "تباطؤ النمو بشــكل ملحوظ وتضخم أعلى" في العالم في العامن املقبلن مشــددا على أن تأمن اإلمدادات وتنويعها أمر "ملح".

من جهة ثانية حــذر "البنك األوروبي إلعادة اإلعمــار والتنميــة" أمس بأنــه ال يتوقع عودة الوضع فــي العالم إلى طبيعته بعــد أزمة وباء كوفيد-91 وفي ظل عواقب احلرب في أوكرانيا.

وشــددت بياتا يافوريتش، رئيســة قســم االقتصــاد فــي البنك، علــى أن هــذه األحداث املتزامنــ­ة التــي لكانت احلكومات والشــركات وجدت صعوبة في مواجهتها لو امتدت على مدى عقد، "وقعت خالل ثالث سنوات فقط".

وأضافت وفق ما جاء في تقرير نشــره البنك أنــه "مع توقــع اضطرابات جديــدة قادمة، من الواضــح أن ال عودة إلى أوضــاع ما قبل الوباء وكأن شيئا لم يكن".

وأوضــح البنك في تقريره الصــادر بعنوان "أعمــال غيــر اعتيادية" أن الهجوم العســكري الروسي على أوكرانيا تسبب بـ"أكبر عملية نقل قسري ألشخاص في أوروبا منذ األربعينات".

غيــر أن تدفــق الالجئــن األوكرانين لديه في املقابــل "القدرة على زيــادة اليد العاملة في االحتاد األوروبي بحوالي %0,5 بحلول نهاية ،"2022 وهذا "قد يخفف مــن حدة بعض أزمات العمال في االقتصــاد­ات األوروبية التي تواجه شيخوخة سريعة".

وكشــف التقرير أن حوالي ثالثة الجئن من كل عشــرة في أوروبا وجــدوا وظائف في دول االستقبال.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom