Al-Quds Al-Arabi

نقص األدوية األساسية مؤشر على تدهور النموذج االقتصادي للقطاع وقدرته على االستمرار

-

■ باريــس - أ ف ب: بــن األدويــة املبتكرة التي تباع بعشــرات آالف اليوروهات والنقص في األدويــة األساســية كاملضــادا­ت احليوية، تطرح األ سئلة بشكل متزايد عن قابلية النموذج االقتصادي للدواء لالســتمرا­ر على ما هو عليه على املدى الطويل.

وتؤدي املشــاكل املتكررة إلى جلوء منظمات غير حكومية وشــركات مصنعة إلى إعادة النظر في براءات االختراع املعطاة لعدد من العالجات. وفــي مقدم املشــاكل يبــرز النقص فــي بعض املنتجات والذي يتزايد منذ عقد في العالم.

وعــام ،2021 تلقــت وكالة ســالمة األدوية الفرنســية 2169 تقريرا عن نفاد مخزون عدد من األدوية أو خطر نفاد الكميات اخملزنة من املتاجر، وتشــمل األدوية بصورة رئيســة األنســولن الضــروري ملعاجلة مرض الســكري واملضادات احليوية.

وتطرقــت الوكالة الفرنســية إلــى "ضغوط كبيرة" تشــهدها إمدادات األموكسيسي­لن الذي يؤخــذ عن طريق الفم ويشــكل مضــاد ًا حيوي ًا يوصف بصورة شــائعة لألطفــال. وقبل بضعة

أســابيع، أشــارت إدارة األغذيــة والعقاقيــ­ر األمريكيــ­ة إلى املشــكلة نفســها فــي الواليات املتحدة.

وتذكــر املتخصصة في علــم اجتماع الصحة واملرض غاييل كريكوريان، التي نشــرت حديثا مقالة تتنــاول هــذه اُملســالة، أّن األدوية التي تواجه ضغوطــًا في البلدان الغنيــة حاليًا، هي مفقودة منذ مدة طويلة في البلدان النامية.

وتضيف "ما تغّيــر هو أن املشــاكل املرتبطة بإمكانية احلصول عليها تظهر اآلن أيضا في دول الشمال".

وتتابع "ما ُيشار إليه عادًة بـ+عجز السوق+ يتكاثر أينما كان، وأصبح مــن الواضح أن األمر يش ّكل فش ًال في النظام".

أما التفســيرا­ت املرتبطة باملشكلة فهي كثيرة ومعروفــة. فمع العوملة، أصبــح إنتاج املكونات النشطة التي تو ّفر فاعليتها لألدوية، يتركز حالي ًا في عدد قليل من البلدان اآلســيوية، مما يتسبب مبشــكلة في خط اإلنتاج ويعطــل نظام وصول األدوية في الوقت املناسب.

ومن بــن األســباب األخــرى عــدم وجود منوذج اقتصــادي لبعض األدويــة كاملضادات احليوية التــي غالبا مــا تباع بصيغــة الدواء املكافئ (اجلنريك)، إذ متيــل اخملتبرات الكبيرة إلــى التخلي عن بعض أدويــة األمراض أو عدم االكتراث باألســواق النامية األقل قدرة على دفع أســعار مرتفعة مقابل احلصــول على املطونات اجلزئية لبعض األدوية.

فمن ناحية أولــى ثمة أدوية لــم تعد حتظى باهتمــام اخملتبــرا­ت، ومــن جهة ثانيــة تبرز العالجات املبتكرة الباهظة التكلفة التي ال تواجه مشــاكل في اإلمدادات بل تثقــل كاهل ميزانيات األنظمة الصحية.

وفي ظل كل مــا يحصل، تعيــد منظمات غير احلكوميــة النظر في براءات االختــراع املعطاة لعــدد من العالجــات. وتنتظــر أطبــاء العالم األربعاء صدور قرار من مكتب براءات االختراع األوروبي الذي رفعــت املنظمة طعنا أمامه في ما يتعلق بعالج التهاب الكبد "ســي" الذي يطرحه مختبر "غلياد" في األســواق بـ24 ألف دوالر 41( ألف يورو). ويشــير املسؤول عن أسعار األدوية

لدى منظمــة أطباء العالم أوليفييــه ماغيه، في حديث إلى وكالة فرانس برس، إلى أن "الشركات املصنعــة لألدويــة امتنعت عن إجــراء أبحاث منذ ثمانينــات القرن الفائــت وأصبحت تعتمد على الشركات الناشــئة للحصول على براءات االختراع" التي يتعين عليها شراؤها مقابل مبالغ مرتفعة.

ويقــول ماغيه إن النتيجــة تتمثل في "زيادة صعوبــة العثــور علــى األدويــة التــي تؤخذ ملعاجلة أمراض شــائعة ألنها تدّر أرباحًا أقل من االبتكارات ولم تعد في صلب اهتمامات الشركات املصنعة".

وتقترح عاملــة االجتماع غاييــل كريكوريان تطوير القوانــن من خالل التفكيــر في "تطوير احلقوق اجلماعية (في شــأن براءات االختراع) أل ّن البحوث الطبية مت ّثل قبل أي شــيء مجهود ًا جماعي ًا"(حتديد ًا عبر التمويل العام للبحوث).

وتكافح املنظمــات غير احلكوميــة أيضا من أجل حتقيق مزيد من الشــفافية على مســتوى األســعار، من خالل عقد مفاوضات سرية بن كل بلد ومختبر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom