Al-Quds Al-Arabi

معجزات الدورة 44 ملهرجان القاهرة السينمائي الدولي!

- كمال القاضي كاتب مصري

■ كالعــادة ســبقت إطــاق الــدورة 44 ملهرجان القاهــرة الســينمائ­ي الدولي عدة تســاؤالت حــول اجلديــد واملختلــف مــن األفــام وبرامــج العــروض والضيــوف وأوراق العمــل واحملــاور وخافــه، وكمــا هــو معلوم من املهرجــان بالضرورة جاءت ردود رئيس املهرجان حسني فهمي مطمئنة وواثقة إلــى حد كبيــر مع التذكيــر بأهمية اتبــاع النظام فــي حفل االفتتــاح وحضور عروض األفام إلــى آخر التوصيات املقررة في كل دورة.

دعوات خفية

وألن التجــاوزا­ت ال تتوقــف واألخطــاء تتكــرر باســتمرار جــاءت شــائعة إخفــاء الدعوات عن بعض الصحافيني واإلعاميني ُمبررًا قويــًا إلقالة أحد العاملــني في املركز الصحافي، ألنه تورط فــي تصريحات غير صحيحــة أدت إلــى إثــارة البلبلــة وأعطت الفرصــة لانتقادات احلادة للمهرجان قبل بداية الــدورة بأيام قليلــة، وبالطبع جاءت تصريحات رئيــس املهرجــان مغايرة ملا مت الترويج له، ومؤكــدة على حق الصحافيني واإلعاميني في احلضور والتغطية، كل حســب موقعــة ومنبــره، حيــث ال جــدوى مــن وجــود فعاليــات فنيــة وثقافيــة دون متابعــة إعاميــة وصحافية جادة.

وبانقضــاء حفــل االفتتاح بطقوســه وزخمه وضيوفــه وتكرمي من مت تكرميه، بدأت ســوءات كل دورة تطفــو علــى الســطح مع األيــام األولى للعيد الســينمائ­ي الســنوي الكبيــر، فقد لوحظ غياب عدد من جنوم االفتتــاح املعهودين في كل عام، وأشــير في هذا الشــأن إلى أســماء بعينها من جنــوم الكوميديا املعروفني ولم يتم اإلفصاح عن أســباب الغيــاب، إال بتلميحــات خاطفة عن انتقادهــم لقــرار تعيــني حســني فهمي رئيســا للمهرجــان، بعد فشــله في احملاولــة األولى قبل عدة ســنوات، األمر الذي أغضــب فهمي ودفعه إلــى تبييــت النية إلبعادهــم عن حفــل االفتتاح، كنوع من رد الفعل، أو تعبيرا عن عدم رضاه ملا مت تداولــه من أخبار وآراء علــى صفحات التواصل االجتماعي.

غير أن التركيز على لبلبة كواحدة من املكرمني كان الفتــا بشــكل ما، حيث طالت فتــرة وقوفها على املســرح أكثر مما ينبغي، فــي دالل وخياء

وهــي التــي ســبق تكرميها فــي عدة مناســبات خــال األعــوام القليلة املاضيــة، علمــا بأنها لم تقــدم جديدًا ُيذكــر، ووجه االعتــراض ليس هو تكــرمي الفنانة االســتعرا­ضية الكبيــرة، في حد ذاته وإمنــا جتاهل جنوم كثر يحــق لهم التكرمي واالحتفــا­ء هو مصــدر املامة والعتــاب، ناهيك من شــبهة اُملجاملة والتحيز في اختيار اُملكرمني بشكل عام وغياب املعايير الفنية واإلبداعية التي يتم على أساســها االختيار الذي يوصف أحيانا بالعشوائية وقصر النظر.

لقد رفع مهرجان القاهرة الســينمائ­ي الدولي هــذا العام شــعارات براقــة لإليهام بــأن الدورة الرابعة واألربعني جد متميزة، وفيها من التطوير والتحديــث ما يدعو لانبهار، وآيــات هذا الوهم ذلك التركيز علــى بعض العناوين التي ال تفضي في النهاية لشــيء ذي قيمة، اللهــم غير املتاجرة اإلعاميــة فقط ال غيــر لزوم الترويــج والدعاية، فهناك من بــني ما ذكر من احملــاور، أن املهرجان العريــق ســيبحث مــع اخملتصــني كيفيــة توفير احلماية النفسية لُصناع األفام وهذا كام ُملغز، إذ كيف يقدم املهرجان هذه امليزة الوقائية، وفي أي صيغــة ُيمكــن أن ُتقدم؟ كمــا أن العنوان ُيثير الريبة حول مضمون احلماية النفسية وأسبابها

ودوافــع التفكير فيهــا! فما يمكــن أن يتبادر إلى األذهــان هــو وجــود حــاالت اضطراب نفســي وعصبي بــني مبدعي الســينما وصناعها، وهذا

ًُ ما لم نحط به علما، عامليــا أو دوليا أو إقليميا أو محليا، فلــم تظهر حاالت مرضية مــن هذا النوع تســتدعي إطاق شعار بهذه األهمية واخلطورة، وهــو ما ُيحيــل العمليــة بُرمتها إلى الظــن بأنها مجــرد تقاليع يراد بها إحــداث حالة غير واقعية من التفكير خارج الصندوق، في ما يخص صحة صنــاع الســينما، كأن اآلثــار اجلانبيــة للمهنــة تقتصر فقط علــى التوتر والعصبيــة وما دونها من مشكات أقل أهمية!

السينما والبيئة

وما يثير الدهشــة أيضا في جــدول األبحاث واحملــاور الثقافيــة ذات الصلــة هــو الدعوة إلى جعل الســينما صديقة للبيئة، باعتبار أن العادم الذي يخرج مــن صناعة األفــام يضبب الرؤية، ويؤثر في صحة املواطن املحب للفن والســينما، إن الصيغة املثلى لتوجيه الســينما خلدمة البيئة هي التوصيــة بإنتاج أفام توعويه وإرشــادية، حتــذر من مخاطــر التلوث، وتدفع إلــى االهتمام

بالبعد عن مصادر التأثير السلبي للنفايات وهذه عملية تضطلع بها السينما التسجيلية فــي املقــام األول لتكويــن ثقافــة تراكميــة عــن مظاهــر التحضــر والوقايــة الصحية وخافة، فليس معنــى أنك تتناغم مع فكرة املحافظة علــى املناخ واتقاء شــر االنبعاث احلراري اُملخيف أن ُتحمل الســينما تبعات مــا ُيســتجد من ُمشــكات هي فــي األصل خارج دائــرة تخصصهــا، وإن اتصلت بها اتصا ًال هامشي ًا.

أما عن بقية األفــكار اجلديدة واملتجددة التــي حملتهــا الــدورة 44 للمهرجــان الســينمائ­ي املصــري املهــم، فتتمثــل فــي الدعوة إلــى ترميم بعض األفــام التراثية، التي أصابها التلف وأوشكت على التحلل، وهذه دعوة تأخرت كثيرا، أو تأخر تفعيلها بشــكل جدي ألن صيحــات املطالبة بترميم األفام انطلقت منذ فتــرة طويلة، لكن أحدا من املسؤولني في وزارة الثقافة واملعنيني باألمر لم يعرها اهتمامًا كافيًا، فما مت ترميمه بالفعل ال يتعــدى فيلمــا أو فيلمني من بينهما فيلم الشــني الــذي متت ُمعاجلتــه وُعرض فــي افتتاح إحدى دورات مهرجان الســينما الروائية قبل عشــرين عام ًا تقريب ًا.

أمــا عــن بروتوكــول التعــاون مــع الســينما الكندية، فهو أمر مســتحب، لكــن يجب أن يكون مرهونــًا بدعم ملمــوس وواضح وُمحــدد، كأن يتم تفســير أوجــه التعــاون وشــروطه، ومدى االســتفاد­ة منــه ســينمائيًا وثقافيــًا، فمــا أكثر البروتوكوا­لت التي مت االتفاق عليها ولم تســفر عن شيء، إال مجرد التعامل الدبلوماسي في إطار العروض واألمســيا­ت وإقامــة احلفات وكفى، وبالقطــع لم يــؤد ذلك ملنفعــة تختــص باإلنتاج املشــترك أو تبادل اخلبــرات التقنية والصناعية كما كان مأمــوال، واخلوف مــن أن تقتصر بنود البروتوكول الكندي املصري املرتقب على إظهار حســن النوايــا بتكثيف احلفــات واحلديث عن الروابط احلضارية املشتركة.

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom