Al-Quds Al-Arabi

مطعم «ريكس» في املغرب فضاء للسفر إلى عوالم فيلم «كازابالنكا» الشهير

-

■ الدار البيضاء - أ ف ب: يســتقطب مطعم «ريكس» في الدار البيضاء سياحا من مختلف أنحاء العالم، يأتون مثل الكندية ويندي، ليعيشــوا جتربــة الفيلم األمريكي الشهير «كازابالنكا»، إذ هو نسخة طبق األصل عن مطعم أقامته شركة «وارنر» في استديوهاته­ا وتدور فيه أحداث العمل الذي أنتج قبل 80 عاما، فــي ذروة احلرب العاملية الثانية.

ويحاكي «ريكس» بتفاصيله كافة املطعم املتخيل الذي يحمل االسم نفســه وشــيد على بعد آالف الكيلومترا­ت داخل استديوهات «وارنر» في كاليفورنيا، حيت صورت جل مشــاهد الفيلم األســطوري الذي يحكــي قصة حب جمعت ريك بالين (همفري بوغارت) وإلسا لوند (انغريد برغمان)، في الدار البيضاء.

وافتتح فــي العــام 2004 مببادرة من الدبلوماسـ­ـية األمريكية الســابقة في املغرب كاثي كريغر (التي توفيت في ،)2018 ليصبح قبلة للســياح. وكانت إحدى عاشقات الفيلــم الذي أخرجــه ميكاييل كورتيز فــي العام ،1942 ويصور أحداثا تدور في خضم اإلنزال العسكري األمريكي بالدارالبي­ضاء خالل احلرب.

تقول ويندي «كنت مصرة علــى أن آتي إلى هذا املكان رغم علمي أن الفيلم لم يصور هنا. األجواء رائعة».

وتضيف بحماســة «زيارة هذا املــكان جتربة فريدة، نوســتاجلي­ة ورومانسية، ال بد أن نعيشــها ولو مرة في احلياة».

ال يســتقطب املطعم املعجبني بالفيلم فحسب، بل صار من املعالــم الســياحية للعاصمة االقتصاديـ­ـة للمغرب، حيث يزوره أيضا سياح لم يســبق أن شاهدوا الشريط الســينمائ­ي مثل االســباني­ة ألكســندرا التــي ال تخفي «انبهارها» به.

وتقــول «تقترن الــدار البيضاء فــي مخيلتي مبطعم ريكس».

يشــعر الوافد على هذا الفضاء، املتكئ على أحد أسوار املدينة العتيقة املطلة على احمليط األطلســي، وكأنه يلج زمنا آخر حيث دارت أحداث الفيلم املتخيلة.

وقد متت تهيئتــه داخل «رياض»، وهو عبارة عن بيت تقليدي من طبقتني تتخلله أعمدة تزينها نقوش بســيطة على طريقة املعمار املغربي.

ويقول مســيره عصام شبعة، وهو أيضا عازف بيانو، «الريكس عبارة عن نســخة مطابقة لألصــل من املطعم الذي يظهر في الفيلم، إنه استنساخ مثالي لروح املكان».

وتذكر تفاصيل كثيرة بالفيلم املصور مثل األباجورات املطرزة واألضــواء اخلافتة، وقطع من موســيقي اجلاز والبلوز تعود لســنوات الثالثينات واألربعينا­ت، فضال عن ملصقات إشهارية للفيلم.

كذلك يحضر البيانو الذي تعزف عليه كل مساء أغنية «أز تامي غو بــاي»، التي يؤديها أحد شــخصيات الفيلم «سام»، الذي جسد دوره املوسيقي دولي ويلسون.

وســط كل هــذه التفاصيــل، «ال ينقص ســوى لعبة الروليت فــي الكازينــو ودخان الســجائر وأجواء تلك احلقبة»، كما يقول الســائح اإليرلندي طوني مازحا وقد جاء ليكتشف املكان مع رفيقته وزوج من أصدقائه.

ويضيف الرجل الستيني «طبع هذا الفيلم أجياال عدة، ولم نسلم نحن أيضا من تأثيره».

على الرغم من أن هؤالء السياح اإليرلندين­ي ليسوا من عشاق السينما، إال أنهم يحفظون مقاطع شهيرة من الفيلم عن ظهر قلب. ويردد أحدهم العبارة الشــهيرة «تبقى لنا باريــس دائما»، في إحالة علــى مغامراتهما الغرامية في عاصمة األنوار، قبل سقوطها بني أيدي النازيني في العام .1940 يلقي بطــل الفيلم ريك تلك العبارة في أذن حبيبته إلســا حلظة توديعها في مدرج مطار الدار البيضاء، بعد أن فضل التضحية بحبهما إلنقاذ زوج عشــيقته اليهودي الذي كان يطارده النازيون، حسب سيناريو الفيلم.

وتلخص املؤرخة األمريكية رميريديت هندلي رســالة الفليم في أن البطل يختــار االصطفاف في صف احللفاء ضد النازيني، وهو «ما كان يتماشــى متاما مع انتظارات اجلمهور األمريكي حينها».

وتذكر بأن مواطنيها اكتشــفوا في الفترة نفسها الدار البيضاء أوال من خالل إنزال القوات األمريكية في املدينة، في عملية «تورتش» (بني 8 و61 تشــرين الثاني/نوفمبر .)1942 حيث كانت خاضعــة آنذاك لقوات تابعة حلكومة فيشي الفرنسية املتعاونة مع السلطات النازية، بينما كان املغرب خاضعا للحماية الفرنســية. لعب انتصار احللفاء

في هذا اإلنزال دورا حاســما في الســيطرة على شــمال إفريقيا واتخاذها بعد ذلك قاعــدة لعملياتهم في أوروبا ضد األملان.

وقد تزامن العــرض ما قبل األول لفيلــم «كازابالنكا» الدعائي مع تلك العملية.

كما اســتفاد الحقا من حدث سياســي آخر تزامن مع عرضــه للعموم فــي كانــون الثاني/ينايــر ،1943 وهو مشــاركة الرئيــس فرانكلــني روزفلت في مؤمتــر الدار البيضاء الذي جمع قادة احللفاء لتنسيق احلرب.

وال تزال شــعبيته وحضــوره في اخمليــال اجلماعي كبيرين إلى اليوم. فقد أضحــى «جزءا من جتربة احلرب األمريكية وصناعتها الثقافية» كما تضيف هندلي.

وهو أيضا «عابر لألزمنة ســيبقى راســخا إلى األبد»، كما يلخص املوسيقي جنيب سليم، وهو عازف في الفرقة املوسيقية ملطعم «ريكس» منذ 15 عاما.

 ?? ?? لقطة من مدخل املطعم
لقطة من مدخل املطعم

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom