Al-Quds Al-Arabi

إلى أي مدى يعاني املصابون بـ «كوفيد الطويل»؟ وكيف ميكن للنساء التأقلم مع اإلصابة؟

-

■ برلــني - د ب أ: كان االســتحما­م مؤملا جدا بالنسبة لســيلفانا هيلر- شومنان، املريضة مبا يســمى بـ «كوفيد الطويــل» (أو مرض فيروس كورونا طويل االمد)، حيث كان من الصعب عليها حتمل مالمسة مالبسها جللدها.

وتقول هيلر- شومنان 50( عاما): «أشعر بأن رأسي أشبه بوسادة بها دبابيس».

وكان يتعــني عليها، شــأنها شــأن الكثير من األشخاص، أن تصارع اآلثار العنيفة طويلة املدى للمرض. وفي الوقت نفسه، من املمكن أن تضيف موجة جديدة من حاالت االصابة مبرض «كوفيد ،»-19 التــي مت تســجيلها في فصلــي اخلريف والشــتاء األخيريــن بنصــف الكــرة األرضية الشمالي، إلى أعداد املصابني مبا يسمى بـ «كوفيد الطويل».

ويعتبر ضعف اإلدراك أحد األعراض الشائعة ملرض «كوفيد الطويــل». والحظت فجأة هيلرشــومن­ان، التي تتلقــى العالج حاليــا في مركز «زيهوف» إلعــادة التأهيــل في بلــدة تيلتوف األملانيــ­ة الواقعة بالقرب من برلــني، أنها تعاني من تشــوش في الذاكرة بعــد إصابتها بفيروس كورونا في شباط/فبراير املاضي.

وتقول: «لم أعد أتذكر الطريق الذي يتعني على أن أسلكه من أجل الذهاب إلى أماكن معينة... ولم أستطع الكتابة بشــكل صحيح: لقد كانت بعض احلروف التي أكتبها على الورق معكوســة. كان ذلك أمرا مخيفا جدا، وبدأت أتساءل عما إذا كان ميكنني أن أقوم بعملي في مثل هذه احلالة.»

وحسب اجلمعية الطبية األملانية، فإن ما يصل إلى 15 فــي املئة من األشــخاص الذين يصابون مبرض «كوفيد »-19 تظهر عليهم أعراض طويلة املدى. وتســببت تلك االعراض في تعطيل حياة هيلر-شومنان كثيرا، حيث لم تتمكن لعدة أشهر من القيام مبهامها في منصبها اإلداري.

وعلــى عكس أعــداد املرضــى اآلخرين، فإن نسبة كبيرة بشكل واضح من املصابني بـ «كوفيد الطويل» في مركــز «زيهوف» إلعــادة التأهيل، حاصلني على شــهادة إمتام الدراســة الثانوية، أو لديهم شــهادة جامعية. وقد كان ذلك مفاجأة بالنســبة للمدير الطبي للمركز، وهــو الدكتور فولكــر كولنر، الذي يجمع بــني عمله كطبيب مع إجراء األبحاث املتعلقة مبرض «كوفيد .»19

ويقول: «على مدار الثالثني عاما التي قضيتها في إجراء األبحاث، لم أشهد أبدا مثل هذا التباين الكبير في املســتويا­ت التعليمية بني املرضى كما رأيــت في الدراســة املتعلقة بكوفيــد الطويل»،

مشــيرا إلى أن األشــخاص الذيــن يعملون في وظائف تتطلــب بذل الكثير مــن اجلهد الفكري، يشــكون بشــكل خاص من وجــود صعوبة في التركيز».

وتتأثــر النســاء بقدر غير متناســب مبرض «كوفيد الطويل»، بحســب كولنــر، حيث يقول: «قد تكــون هناك أســباب وراء ذلــك لها عالقة بالهرمونات أو املناعة»، مضيفا أن النســاء أكثر عرضــة باملقارنة مــع الرجال، لتحملهــن أعباء مزدوجة جتمع بني العمل واملسؤوليا­ت املنزلية، وبالتالــي أقل قــدرة على أخذ فتــرة نقاهة بعد االصابة مبرض كوفيد.

والسؤال هو، كيف ميكن للنســاء التأقلم مع االصابة؟ من جانبها، توصلت ســيلكه فيتشمان /52 عاما/ املصابة مبــرض «كوفيد الطويل»، إلى طرق للتعامل مع أوجه النقص اجلديدة لديها.

وقالــت فيتشــمان، التي تضمنــت األعراض اخملتلفة التي كانت تعانــي منها بعد إصابتها في نيســان/أبريل من عام ،2021 االصابة بضيق في التنفس وقلة التركيز: «أخذت فترات من الراحة، وفــي بعض األيام كنــت أقول إنني ال أســتطيع القيام بالتســوق أو نشر الغسيل، وإنه يجب أن يقوم شخص آخر بذلك».

وتقول إنها قادرة حاليا على التعامل بصورة جيدة مع األعراض التي تعاني منها، وذلك بفضل العــالج الذي حتصل عليه فــي مركز «زيهوف»، حيث تتبع برنامجا للتمارين الرياضية.

وقد تعلــم األطبــاء واملعاجلــ­ون الكثير منذ تفشــي جائحة كورونا قبل أكثر من عامني. وكان استصواب ممارسة املرضى للرياضة، على وجه اخلصوص، عالمة استفهام كبيرة. فهل تضر أكثر من كونها تساعد؟ صار العالج من خالل ممارسة التماريــن الرياضيــة منذ ذلك احلــني، عنصرا أساســيا في اســلوب العالج الذي يتبعه كولنر عند التعامل مع مرض «كوفيد الطويل».

ويقول: «تستفيد الغالبية العظمى من املرضى من تدريبات التحمل التي يتم قياسها بعناية، إلى جانب العالج بالتمارين الرياضية».

ومن جانبها، توصــي اجلمعية األملانية لعالج األمراض التنفســية، بشــدة، بالعالج من خالل التماريــن الرياضية بالنســبة ملرضــى «كوفيد الطويل» أيضــا. جدير بالذكر أنه قد مت القيام مبا يقرب مــن 10 آالف عملية إلعادة التأهيل من آثار اإلصابة مبــرض «كوفيد »-19 في عــام ،2021 حيث يتم تقدمي العالج للمرضى ملدة 26 يوما في املتوسط.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom