سموتريتش: أقبل بـ«املالية» مقابل نقل ملف «يهودا والسامرة» من «الدفاع»
متطلعا أن يكون «رئيس حكومة االستيطان»
إن اســتقاللية هيئات إنفــاذ القانون وجهاز القضــاء هي مدمــاك مركزي فــي الدميقراطية. فالقدرة على االمتناع عن اتخاذ القرارات حسب نــزوات واحتياجات السياســيني هــي بالفعل أســاس في الفصــل بني الســلطات، الضروري حلماية مبنى النظام اإلسرائيلي.
غيــر أن رئيــس الــوزراء املرشــح، بنيامــني نتنياهو، اآلن يوافــق على خرق هذا التوازن من خالل الســماح للوزير املرشــح لألمــن الداخلي ايتمــار بــن غفيــر بتغيير قانــون أمر الشــرطة. والتعديل ســيخضع اجلهاز، الــذي يتمتع حتى اليــوم باســتقاللية، لرئيس «قــوة يهودية»؛ بن غفير، وهو الذي سيقرر سياسة الشرطة.
يــدور احلديث عــن جعل بــن غفيــر، الرجل اليميني املتطرف واخلطير الذين أدين بسلســلة جرائم جنائية، مفتشــ ًا عام ًا للشــرطة. سيكون بــن غفيــر هو مــن يقــرر للشــرطة أن تخصص مقدراتها، وكيف تعمل في امليدان، وحيال من.
إن القوة التي يوشك نتنياهو على إيداعها في يديه ستجعل رجال الشــرطة موظفيه، وعليهم أن يأمتروا بإمرته. واملعنى هو تسييس الشرطة فــي صالــح اليمــني املتطــرف، وعمليــا املــس بالفصل بني السلطات، بل وبخطر حقيقي على حقوق مواطني إســرائيل العرب. دون صلة بنب غفير، تهديد ســلطة القانون هو لتغيير املقترح، لكــن عندما يؤمتن في يدي محب إشــعال النار، فسيكون اخلطر مزدوج ًا ومضاعف ًا.
إن تغييــر القانــون املتفــق عليه ســيعطي بن غفير مكانة عليا: بدءا بتخصيص الشرطة ملهام معينــة، وحتى ســيطرة مطلقة علــى ميزانيات الشرطة.
ليس اخلطر هــو املس بحقــوق املواطنني بل هو أيضا خطر إمكانية أن يتســبب تغيير ســلم أولويات الشــرطة دحر التحقيقات في الفساد إلــى الهوامــش وإلــى ما هــو أبعــد بكثيــر من وضعها احلالي.
ملــن يتوقع مــن املفتش العام للشــرطة كوبي شــبتاي أن يعارض املس مبكانته وباستقاللية اجلهــاز، فبانتظــاره خيبــة األمل. فحتــى قبل أن يتســلم املنصــب، منح املفتش العــام احترام ومكانة الوزير املرشــح. في األســبوع املاضي،
فــي احتفال شــرطي نهض على شــرفه، انتظر ليصافحه بل وعانق من رأى فيه قبل نحو سنة مســؤوال عن أحداث «حارس األســوار». يدرك شــبتاي بأن بن غفير ســيكون هو من سيحسم مستقبل سنته الرابعة في املنصب. وعليه، فهو مستعد جلعل نفســه دمية تشد باخليطان ممن هو نفسه حذر منه.
ترتســم أمام ناظر اجلمهور صــورة مخيفة: من يفترض بهم حمايــة الدميقراطية يصبحون جنودا في خدمة السياسيني. هكذا يكون عندما يعــني متهم باجلنائي مدان ًا باجلنائي مســؤو ًال عمن يؤمتنون بحماية القانون والنظام العام.
هآرتس 2022/11/22
بهــدوء، ودون معارضة، يتبلــور توافق بني كل عناصر االئتالف بأن مادة ما ســتجاز: تسوية «االســتيطان الفتي». وبكلمات أخــرى، حتويل البؤر االســتيطانية بخاصة تلك التي أقيمت بعد ،2001 إلى بلدات شــرعية وقانونية. سيكون في كل منها حكــم محلي، ورمبا يعــني حاخام أيضا، وستربط بالشبكات، وســتدفع رواتب. وكل ذلك للدفع قدما مبشروع دولة واحدة كبرى. ثمة نقاش جماهيري في مواضيع مهمة، مثل فقرة التغلب، أو فصل النساء عن الرجال، أو املسار القانوني الذي سيكون ممكنًا عبره تعيني آريه درعي وزيرًا، لكن املوضوع األكثر أهمية الذي من قد يؤدي باملشروع الصهيوني إلى نهاية ثنائية القومية، نسي وكأنه لم يكن.
هــذا أمر لم يحصــل في حكومات ســابقة، وال حتى في السنوات التي كان فيها بنيامني نتنياهو رئيسا حلكومة مع ائتالف بأحزاب ميينية صرفة. وهــذا لم يحصل ألن نتنياهو نفســه أيضا يعرف بأن هذا هدف يســجل في مرمــى الذات. هو ليس مؤيدا لدولة فلســطينية حتى لــو قال هنا وهناك إنه يؤيد هــذا احلل. لكنه يخشــى الدولة ثنائية القومية، ويعرف أن هذا ســيئ إلسرائيل. يعرف أن هذا انتهــاك لتعهد قطع منذ 2003 بإخالء البؤر االستيطانية غير القانونية. وهو يعرف بأن هناك شيئ ًا واحد ًا أسوأ من دولة فلسطينية: دولة ثنائية القومية.
حلظــة، حلظة، ميكن ســماع األصــوات، فهذا مــا قررته أغلبيــة الشــعب. الكتلــة اليمينية – احلريديــة تلقت التفويــض. عمليا، وفــي كل ما يتعلق باملوضوع السياســي، وفــي مركزه النزاع اإلسرائيلي – الفلسطيني، فإن أغلبية أولئك الذين انتخبــوا الكتلة لم ينتخبوا البرنامج السياســي لبتســلئيل ســموتريتش، بــل برنامــج بنيامني نتنياهو. نعم، هذا نتنياهو إيــاه الذي امتنع عن الضم. هو نتنياهو إياه الــذي فضل التوقيع على اتفاقــات إبراهيم. هو نتنياهو الذي كان شــريكا خملطط ترامب الذي يتضمن دولة فلسطينية، لكن سموتريتش عارض. هذا هو نتنياهو الذي هدمت حكومة ميينية برئاسته مباني في بؤرة «حومش» االستيطانية في .2021
وماذا اآلن؟ يريد ســموتريتش حقيبة الدفاع. لــن يقرر متــى ســتقصف طائرات ســالح اجلو في ســوريا، فهي أمور يقررها قــادة جهاز األمن؛ يوصون ورئيس الــوزراء يقر، وكذا وزير الدفاع. لكــن هناك مجا ًال واحد ًا لــوزارة الدفاع فيه تأثير دراماتيكي: مجال االســتيطان. وزارة الدفاع، من خالل اإلدارة املدنية ومحافــل أخرى، هي احلكم. وسموتريتش يريد أن يكون رئيس حكومة «يهودا والسامرة». هو الذي يقرر ما يحصل بـ»حومش»، و»أفيتار» وباقي البؤر االستيطانية وكذا باخلان األحمــر. ال هدية أفضل لـــ .––– بقــدر ما يدور احلديث عن قرار أغلبية اجلمهور تؤيده – فليكن. فمسموح لألغلبية أن تقرر انتحار ًا زاحف ًا.
في هذه األثناء، وحســب منشورات يوم أمس، فإن ســموتريتش مســتعد للنزول عن الشجرة وأن «يكتفي» بحقيبة املالية. لكن له شــرطا: نقل الصالحيات املتعلقــة بـ»يهودا والســامرة» من وزارة الدفاع إلــى وزارة املالية. هــو أيضا يقرر في شــرعنة البــؤر االســتيطانية، ورمبــا ببؤر اســتيطانية أكثر بكثير، وكذا ســيكون هو الذي ميولها. «حكومة اإلخوان املســلمني» لم تكن هنا، لكن قــد نتلقى «حكومة فتيــان التالل». في مجال االســتيطان األقل. بهذا لن ينزل سموتريتش عن
أي شجرة، بل العكس؛ يريد منا كلنا أن نصعد إلى الشجرة، ثم نقع.
إن القــرارات املتعلقة باالســتيطان في «يهودا والســامرة» قد تكــون األهم، في املــدى البعيد، وفي كل ما يتعلق بضمان وجود إســرائيل كدولة يهودية ودميقراطية. لن تتخــذ قرارات كهذه ألن حزبًا متطرفًا جنح في فرض سياســته. ورسميًا، هذا ممكن. هذه هي الدميقراطية، وهذه تشويهاتها أيضــ ًا. لكــن قــرارات كهذه تســتوجب نقاشــ ًا جماهيري ًا واســع ًا. قرارات في هذا اجملال يجب أن تتخذ في ظل إجماع واســع قدر اإلمكان. بالضبط مثل تلك التي في القوانني األساس. وهذا املوضوع بالذات نال نقاشــًا بائســًا في حملة االنتخابات. شرك «فقط ال بيبي» أغشــى عيون املعسكر الذي يريد دولة يهودية ودميقراطية. بدال من اإليضاح لكثير من مصوتي كتلــة نتنياهو بأنهم قد يودعوا مصير احللم الصهيوني فــي أيدي مؤيدي الدولة ثنائيــة القوميــة، أطلقوا شــعارات ضد «رئيس وزراء مــع الئحة اتهام». لوائــح االتهام موضوع مهام وأخالقي، لكن يهوديــة الدولة هو املوضوع الوجودي. ألم يفهموا بأن هذا هو املوضوع األهم؟
مــن ضحك القــدر أن هناك شــخص ًا واحد ًا قد يقف في وجه ســموتريتش وينقذنــا من مصيبة دولة ثنائية القومية، وهو شــخص يدعى بنيامني نتنياهو. ميكنــه أن يفعل هذا مــن خالل حكومة أخرى، وشــريطة أن ينــزل لبيــد وغانتس عن الشــجرة. ميكنه ِفعل هذا كما فعل خالل سنواته في حكومة اليمني. ببســاطة، منع التوسع املبالغ بــه للمســتوطنات. ولم مينــح الشــرعية للبؤر االستيطانية، بل أخلى «حومش»، وغيره وغيره. فهل ســيملك القوة واإلرادة ملنــع املصيبة؟ نحيا ونرى.
يديعوت أحرونوت 2022/11/22