حكومة نتنياهو: التركيب االنفجاري ودميقراطية املوز
■ يائير لبيد رئيس الوزراء اإلسرائيلي املنتهية واليتــه توجــه إلى ناخبــي الليكود بسلســلة من األســئلة، تتعلق باالســتعصاء الراهن الذي وقع فيــه بنيامــن نتنياهو املكلــف بتشــكيل حكومة جديدة بعد خروجه ظافرا في انتخابات الكنيست األخيرة، صحبة أحزاب دينية متشــددة وقومية وفاشــية. «هل هذا مــا أردمت؟ من أجــل هذا كان تصويتكــم لليكود؟ كي يأخذوا املــال من اجلنود ويعطــوه لطالب املــدارس الدينية؟»، ســأل لبيد. ولــم يتوقف عند هذا، بل أضاف فــي نبرة ابتزاز واضحــة بــأن زعيــم حــزب الصهيونيــة الدينية بتســلئيل ســموتريتش «يريد حظر مباريات كرة القــدم أيام الســبت، وســتصدر قــرارات بفصل الرجــال عن النســاء في األماكن العامــة»، مذكرا أنصار الليكود بأنهم ليسوا في إيران.
وبالطبع لــم يكن احلياء وحــده وراء إحجام لبيــد عــن توجيه ســؤال معكــوس إلــى ناخبي حزبــه «هنــاك مســتقبل»: ملــاذا قصــرمت فــي انتخابنــا، وتركتم األبواب مشــرعة أمام عودة رجــل يواجه القضاء باتهامات فســاد متعددة، وترأس احلكومة 12 ســنة متواصلة ســبقتها 3 ســنوات بن 1996 ،1999و ومعروف أنه سوف يخضــع إلرادة املتدينن والقومين املتشــددين الذيــن ال حكومــة ســوف يترأســها مــن دون مباركتهــم؟ كانت أالعيب النفــاق واملراوغة هي األســبق هيمنة على منطوق أســئلة لبيد خاصة حن أوحى بالتمييز بن إيران ودولة االحتالل، متناســيا أن منــع االختــالط يطبــق لتــوه بحق النســاء عند حائــط املبكى، ومتجاهــال عنصرا آخر أهم من اقتطاع مخصصات اجلنود لصالح طــالب املــدارس التوراتيــة، أي إصــرار حلفاء نتنياهو املتشــددين على إبطال عدد من قرارات احملكمــة العليا، مبــا يجعل «واحــة الدميقراطية الوحيــدة» فــي الشــرق األوســط أقــرب إلــى
جمهورية موز.
بعــض الساســة واملعلقــن واحملللــن اإلســرائيلين، ممن بوغتوا بهذه املوجة العارمة من أحزاب اليمــن الديني املتطرف والفاشــي، اســتطابوا ترويج الســردية الكاذبة التي تقول إن نتنياهو يرفــض منح حقائب الدفاع أو األمن الداخلــي أو املاليــة أو إلــى أمثال ســموتريتش وإيتمار بــن غفير وأرييــه درعي تفاديــا للحرج مــع البيت األبيــض بالنظر إلى ســجالت هؤالء اإلرهابيــة الفاضحــة. وأما في واقــع األمر فإن تركيب حكومة تقوم أركانها على متطرفن سبق أن طالبــوا بطــرد العــرب أو ضم املســتوطنات أو منح املــدارس التوراتية مزايــا فائقة للعادة، عــدا عن حتويل احملكمــة العليا إلى نــاد للثرثرة القضائيــة مجــرد مــن الصالحية، لــن يتجاوز التركيــب االنفجــاري الهــش املرشــح للتفــكك واالنهيار كلما هبت عاصفة.
ولن يكــون مفاجئــا أن يطــوي لبيد أســئلته إلــى جمهــور الليكــود، وأن يتوجه فــي املقابل إلى أنصاره وناخبي شــركائه الســابقن أمثال بينــي غانتــس ونفتالــي بينيت لالنضمــام إلى نتنياهو وتشــكيل حكومة وحــدة وطنية، ليس علــى قاعــدة أن مصلحــة دولة االحتــالل فوق كل خــالف حزبي كما صرح تعليقــا على نتائج انتخابات الكنيست، بل ألن اجلشع إلى السلطة هــو االعتبــار األعلــى لديــه فــي حقيقــة األمر. واالســتعصاء الراهــن في مفاوضات تشــكيل احلكومــة، أو احتمــال انحناء نتنياهــو صاغرا أمام شــركائه، أو حتى ابتزاز اجلميع عن طريق التلويح بحكومة ائتالفية عريضة، هذه وسواها ليست سوى األعراض األوضح لكيان عنصري ديني متطــرف يتجه حثيثا نحــو األبارتيد، وما خفــي من أعراض أخــرى قد تكشــف األيام أنه أعظم وأفدح.