قيادات من فلسطينيي الداخل تدخلت إلعادة اجلثمان اخملطوف لدواع إنسانية وقطع الطريق على مخططات إسرائيلية

أثارت قضية خطف الشــاب تيران فرو من داليــة الكرمل مخاوف قيادات فلســطينيي الداخل في ظل محاوالت إســرائيلية لدق األســافني بني أبناء الشــعب الواحد والدفع نحو فتنة. جاء ذلك على خلفية كون الشــاب القتيل فرو ينتمي للطائفة العربية الدرزيــة، مما دفع القيادات املذكورة للتدخل من أجل استعادة جثمان الشــاب لدواع إنسانية وقطع الطريق أمام من يصطاد في املياه العكرة.

واســتلمت عائلة الشــاب تيران فرو 18( عاما) في داليــة الكرمل داخل أراضي 48 جثته، فجر أمس اخلميس، وذلك في نهاية االتصاالت بني سلطات االحتالل اإلسرائيلي والسلطة الفلسطينية، إثر احتجاز اجلثة من قبل شبان مسلحني من مستشفى ابن سينا في جنني بالضفة الغربية احملتلة.

وأعادت «كتيبة جنني» جثة الشاب فرو الذي يحمل اجلنسية اإلسرائيلية بعد احتجازها داخل مخيم جنني، مطالبة بتسليم جثامني شهداء فلسطينيني محتجــزة لدى االحتالل. وقال الناطق بلســان جيش االحتــالل أمس: «ان اجلثمان أعيد الى عائلة فرو».

وجــاء في بيان أصدره اجليش، ان اســترداد اجلثمان مت بالتنســيق مع األجهزة األمنية الفلســطينية. هذا وأغلق الليلة املاضيــة متظاهرون دروز طريق رقم ســتة جنوبا في مفرق الياكيم احتجاجــا على اختطاف اجلثمان، وغادروا املــكان بعد تدخل الرئيس الروحي للطائفة الشــيخ موفق طريف، وذلك بعد ان حتدث مع وزير األمن الداخلي عومير بار ليف عن هذا املوضوع.

تهديدات بالعقاب اجلماعي

وأفاد موقع «واينت» اإللكتروني بأن االنفراج في مفاوضات تســليم جثة الشــاب فرو بدأ عند الســاعة 3:30 فجرا، بعد أن أيقن املســلحون في جنني خطورة القرار اإلســرائيلي على اقتصاد املدينة مبنــع إدخال املواد الغذائية والسكان العرب من الداخل إليها، وفق زعمه.

ونقلت اإلذاعة اإلسرائيلية الرسمية عن مسؤول أمني إسرائيلي كبير قوله إنه «لم نقدم أي شيء للمسلحني مقابل إعادة جثة الشاب من دالية الكرمل».

وأضاف «نقلنا رسالة واضحة للمسلحني، إما أن يعيدوا اجلثمان أو نعيده بأساليبنا».

وذكر املســؤول اإلسرائيلي في إحاطة لوســائل اإلعالم أنه «لم نتفاوض مع املسلحني. احملادثات كانت جتري مع أجهزة األمن الفلسطينية التي سعت كثيرا حلل القضية حتى جنحت بذلك».

ويأتي ذلك بعد أن كان الشــاب فرو قد لقي مصرعه في حادث سير، شمال الضفــة الغربيــة احملتلة، حيث ادعى مصدر أمني إســرائيلي أن املســلحني الفلســطينيني الذين اختطفوا اجلثة من املستشفى «اعتقدوا أنه تابع لوحدة املستعربني». وأفادت وسائل اإلعالم اإلسرائيلية بأن أفراد عائلة فرو مع من يعرف مبنسق عمليات احلكومة اإلسرائيلية في الضفة الغربية احملتلة اللواء غســان عليان، ورئيس اإلدارة املدنية، العميد فارس عطيلة، تســلموا جثة تيران فرو بعد جلبها من جنني.

وســلم املسلحون جثمان الشاب فرو إلى شــخصيات اعتبارية من أهالي مخيــم جنــني والذين بدورهم ســلموه لالرتباط الفلســطيني الــذي تابع إجراءات نقله عبر سيارة إسعاف تابعة للهالل األحمر، إلى حاجز سالم غرب جنني، حيث تسلمته هناك عائلته.

وكان الشــاب فرو لقي مصرعه في حادث طرق قــرب جنني، ومت احتجاز جثمانه من قبل مجموعة من املسلحني لالعتقاد بأنه من اجلنود اإلسرائيليني، وتدخل العديد من الوســاطات منها أممية، وســط تهديــدات من االحتالل بالتدخل العسكري قبل أن تنجح املفاوضات بإعادته.

ويواصــل االحتالل احتجــاز جثامني711 شــهيدا فلســطينيا منذ عودة سياســة احتجاز اجلثامني عام ؛2015 بينهم 12 طفال وشــهيدتان و9 أسرى استشهدوا في ســجون االحتالل اإلســرائيلي، ومن بني اجلثامني احملتجزة 17 فلســطينيا من محافظة جنني، وفق إحصاءات احلملة الوطنية السترداد جثامني الشهداء والكشف عن مصير املفقودين.

وأصدر النائــب أمين عودة رئيس قائمة اجلبهــة والعربية للتغيير الذي تابع قضية تيران فرو منذ حلظتها األولى مع الســلطة الفلســطينية بشــكل حثيث، بيانا أخبر به أن جثمان املرحوم تيران فرو وصل إلى ذويه في دالية الكرمل. وأشاد عودة بجهود القيادة الفلسطينية من أجل إرجاعه إلى ذويه. وأكد أن هذا احلدث من أساســه ُمدان ومرفوض كلًيــا. وقال عودة إنه يجب

إخــراج كل املدنيني من حالة الصراع، كيف واحلديث عن أبناء شــعب واحد وقضية واحدة وهم واحد؟! وحّيا اجلهود الهائلة التي بذلها أهالي دالية الكرمل ومجلسها احملّلي. وقــال إّن املوضوع الذي ُطــرح وهو احتجاز جثامني الفلســطينيني لدى مؤسسات االحتالل، ال عالقة له بخطف إنســان مدني بريء. ولكن احتجاز اجلثامني هي قضية بحد ذاتها تؤكد مدى بشــاعة هذا االحتالل اجملرم. وقال «هذه القضية يجب أن تشــغلنا جميعا حتى حتريــر اجلثامني، بالطريق إلى حترير الشــعب الفلسطيني من هذا االحتالل اجملرم». وتابع»رحم الله تيران فّرو ولذويه في دالية الكرمل الصبر والسلوان.ونبقى شعًبا واحًدا متكاتفني مبواجهة املآسي من أجل اخلير للجميع».

إعادة جثمان تيران لذويه

وكانت احلركة اإلسالمية في الداخل الفلسطيني الشق اجلنوبي، قد دعت في وقت ســابق جميع الفصائل واجلهات الرســمية الفلســطينية والسلطة الفلســطينية للعمل على حترير جثمان الشــاب تيران فرو ابــن قرية دالية الكرمل وابن كل اجملتمع العربي في الداخل، وإعادته إلى ذويه وأهله بأسرع وقت ممكــن كي يوارى الثرى بني أهله ويدفن بشــكل الئق ومحترم في ثرى بلده.

وأكــدت في بيانها على ما جاء في بيان القائمــة العربية املوحدة في وقت ســابق أول من أمس األربعاء من أن الشاب تيران فرو لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، وقد دخل إلى مدينة جنني مســتأمنا ومساملا، وأن املوقف اإلنساني والديني والوطني يســتدعي ممن قــام باحتجاز اجلثمــان مراجعة املوقف والتراجــع عن هذه اخلطوة التي من شــأنها أن متــس بالعالقات والوحدة الوطنية بني أبناء الشــعب الواحد، فيما أثنت احلركة اإلسالمية على موقف عائلة الشــاب التي دعت اجلهات اإلســرائيلية إلى عــدم ارتكاب أي عدوان وعدم إراقة الدماء في ســبيل إعادة جثمان ابنها اخملتطف، كما أثنت احلركة على جهود نواب املوحدة أمام جميع اجلهات املسؤولة وذات الصلة في سبيل إنهاء القضية وحترير اجلثمان.

وهذا مــا أكده محمد بركة رئيس جلنة املتابعة العليا الذي أشــار الى «ان تيران فرو فتى من ابناء شعبنا، جاء الى جنني لقضاء أمر عادي وأصيب في حادث سير خطير، ونقل لتلقي العالج في مستشفى جنني».

وتابع في بيانه «ال يوجد أي مبرر إنساني او وطني او ديني الختطافه من املستشفى. هذا احلدث قد يحمل إسقاطات صعبة وباألساس على قيمنا وعلى عدالة قضيتنا وعلى نسيج شعبنا».

وخلص بركة ليقول فور الكشــف عن القضية: «إننا ندعو كل من له عالقة باألمر وكل من له تأثيــر على هذا احلدث املؤلم ان يعمل إلعادة جثمان تيران الى أهله»، موضحا ان هذا مطلب وطني وانســان وهو ليس رأيًا شــخصيًا وحسب، ونتمنى العمل مبوجبه.

املرشد الروحي

وعقب املرشــد الروحي للطائفــة العربية الدرزية الشــيخ موفق طريف على احلادثة بالقول «بعد طول ال ّتر ّقب واالنتظار، يعود اآلن جثمان ال ّشــا ّب تيران حســام فّرو إلى الّديار، لُيوارى الثرى وفقا جلميــع األعراف الّدينّية واالجتماعية املتعارفة».

وتابع «كلمة شك ٍر جلميع من أ ّدى رسال ًة وساهم في عمل ّية إرجاع اجلثمان، وتك ّبــد عناء بناء اجلســور ورأب ال ّصدع خــالل هذه األ ّيــام احلرجة. لك ّل واح ٍد من هؤالء، أفرا ًدا ومؤ ّسســات، فضل وأثر في إعطاء عائلة تيران ح ّقها ال ّطبيع ّي في توديع غاليها.

أ ّمــا اآلن، علينــا جميًعــا أن نتآلف ونعمــل معا على تقليــص الفجوات واستلهام العبر والدروس من هذه احلادثة.

خالل هــذه احملنة وغيرها مــن الّصعوبات واإلشــكاالت، أثبتت الّطائفة ال ّدرز ّية أ ّنها كانت وال تــزال ال ّطائفة املو ِّحدة، مح ّقق ًة على أرض الواقع مثول طبق ال ّنحاس ا ّلذي يســتجيب بجميع أطرافه عند وقت احلاجة، ُمسم ًعا ذات ال ّصوت واملوقف واملبدأ، سائرين على الوص ّية اخلالدة: «ال ُنعادي وال نعتد ّي ولكننا نتكاتف وننتصر».

ندعو اجلميــع إلى الّتحّلي باملســؤولّية املطلوبة، والوقــوف إلى جانب العائلة في وداعهم األخير لتيــران. هذه هي مهّمتنا اجلماعّية األولى واألهّم. ولنتذ ّكر دائ ًما: «اإلنسان ّية ث ّم اإلنسان ّية ث ّم ال ّدين».