Al-Quds Al-Arabi

البرملان األوروبي يرفع حزمة من التوصيات حول امللف الليبي واالحتاد اإلفريقي يكشف عن مبادرات قريبة

- –

دعت املعارضــة التونســية الرئيس الفرنســي إميانويل ماكرون إلى التوقف عن دعــم الرئيس قيس ســعيد، والعمل البالد.باملقابل- على تشــجيع عودة املســار الدميقراطي املتوقف في

وكان ماكــرون أكــد فــي تصريــح لوســائل إعــالم فرنســة علــى هامش القمة الفرنكفوني­ة فــي تونس أنه يعتبر الرئيس ســعيد «صديقــًا»، مؤكــدًا أن فرنســا «موجودة ملرافقــة التحول الذي تعيشــه تونــس (فــي إشــارة لتدابير ســعيد)، فتونس بلد عاش ثورة وعانى من اإلرهاب وانتصر عليه، ومن تداعيات جائحة كوفيد مثله مثل بقية دول العالم. اليوم هناك تغيير كبيــر في تونس. آمل أن يتواصل هــذا التغيير إلى نهايته، وال بد أن جتــري انتخابات 17 كانون األول/ ديســمبر في إطار ســلمي ومبشاركة كل القوى السياسية».

وعبرت جبهة اخلالص الوطني (أكبر تكتل معــارض) عن رفضها ملــا ورد في تصريح ماكــرون، والــذي اعتبرت أنه يســيء للدميقراطي­ة التونسية ويساند «املشــروع الســلطوي واألحادي لقيس سعيد».

وأضافت، فــي بيان اخلميــس: «هذا املوقــف املقلــق ال يعــدو إال أن يشــجع الرئيــس التونســي على مواصلة شــن حمالت التشويه واإليقافات واحملاكمات أمام القضاء العســكري ضــد معارضيه اســتنادا إلــى قوانــن قمعية وســالبة للحريــة وضعت علــى املقــاس. وهذه النظــرة لألشــياء تذكرنا مبــا صرح به أحد الرؤســاء الفرنســين إثــر زيارته إلى تونس، قائال حول حقوق اإلنســان بأنها «قبل كل شــيء احلق فــي الطعام والصحــة»، وهو نفس ما أتته الســيدة اليو ماري (وزيرة اخلارجية الســابقة) في فيفري (شباط) ،2011 بعد تصريحها املزدري حول الثورة التونسية».

موقف عدائي

وقالت اجلبهة إن املوقف الفرنســي «العدائي» جتاه الشــعب التونســي ال يخدم االنسجام والصداقة بن البلدين اللذين عمال بسالسة وتوافق منذ عقود من الزمن.

وأضافــت: «علــى الرغــم مــن أن التونســين يعيشــون أزمة سياسية الرئيس الفرنسي إميانويل ماكرون خالل مشاركته في القمه الفرنكفوني­ة في تونس

واجتماعيــ­ة واقتصاديــ­ة، فإنهــم ال يقبلــون التضحيــة بحريتهــم التــي حتصلــوا عليها بعد أن دفعــوا الغالي والنفيــس باستشــهاد العديــد منهم وســيدافعو­ن عنهــا مهمــا كان الثمن. وعلى هذا األساس يســاندهم اجملتمع الدولي املســاند للحقــوق واحلريات واملنظمات الدولية».

وأعربت عن أملها بـ»عودة فرنســا، مهد اإلعالن العاملي حلقوق االنســان، إلــى املواقــف املتماشــي­ة مــع قيمها التاريخية، ألن احلريــة وحَدها قادرة على بناء دُميومة االستقرار والّسلم في العالم».

وكتب الوزيــر الســابق رفيق عبد الســالم: «الفرنســيو­ن مصرون على دعم قيس سعيد وتســليطه على رقاب الشــعب التونســي بزعم الوقوف الى جانب الشعب التونسي والرأفة بحاله (أمنا فرانســا قلبها حنــن علينا)، مع االكتفــاء مبطالبــة قيــس ســعيد مبا يسمونه إجراء حوار إدماجي مع القوى السياســية واحترام حقوق اإلنســان لتزين أفعالهم الشــنيعة، أي «تزييت» االنقالب حتى مير بسالسة أكثر».

وأضاف في تدوينة على فيســبوك: «من الواضح اآلن أن انقالب قيس سعيد هو صناعة فرنسية بامتياز وما كان له أن يحرك دباباته دون الضوء األخضر مــن باريس، وما كان له أن يســتمر كل هذا الوقت من دون حماية الفرنســين

ورعايتهم له ضد إرادة الشعب ودستور البالد. لقد دعموا بن علي من قبل حتى الرمــق األخير، واحتضنوا السيســي في مصر، وبعد ذلك صنعوا مترد حفتر علــى حكومة معترف بهــا في طرابلس وزودوه بكل أنواع األسلحة، وقبل ذلك وبعده أســدلوا بســاط حمايتهم على الدكتاتوري­ات واالنقالبا­ت في إفريقيا، ومع ذلك يصــرون على تقدمي الدروس حول التنوير».

واعتبر الوزير السابق خالد شوكات، أن أهــم منجــزات القمــة الفرنكفوني­ة هــو أنها «كشــفت لنا حقيقــة الرئيس الفرنســي إميانويل ماكرون. لقد وقف عاريا أمامنــا، بنظرتــه «االحتقارية» البائسة لنا كتوانسة، ال نستحق برأيه الدميقراطي­ــة مبعانيهــا املســتقرة في الغرب، وبتفويضه لرئيسنا الذي يعلم كيف يتصرف معنا، فقد ظننا للحظة أن الرجل بالنظر إلى سنه وخلفيته ينتمي إلى جيــل جديد من القــادة األوربين أكثر تقدمية، يريد أن يعتذر على جرائم احلقبة االســتعما­رية ويطمح الى بناء عالقات أكثر احتراما وعدالة مع شعوب اجلنوب وبلــدان العالــم النامي، لكن هذا التقدير ســقط في املــاء من خالل ســحنات وجه ممتقع فــي جربة يقطر تعاليا، وعبارات ذات داللة تشــير إلى مــن وقــف وراء االنقالب على مســار االنتقال الدميقراطي، وتؤكد اســتمرار ذات الرؤيــة لــدى الدولة الفرنســية

العميقة التي يبدو أن ارتباطها عضوي باملصالــح االســتعما­رية فــي بالدنــا ومنطقتنا وقارتنا».

رسالة استغراب

وكانت عبير موسي، رئيسة احلزب الدســتوري احلر، كشــفت أن حزبها بعث رسالة ملاكرون عبر سفارة بالده في تونس، عبر فيها عن استغرابه من مواصلة دعمــه «لنظام غير دميقراطي ومســار مفــروض علــى الشــعب وانتخابات فضيحة، ومسار سياسي وانتخابــي غيــر مطابــق للمعاييــر الدولية التي تلتزم بها فرنسا وتونس، بناء على االتفاقيات الدولية».

وعبــرت موســي، خــالل مؤمتــر صحافــي فــي العاصمة التونســية األربعاء، عن «اســتغرابه­ا وصدمتها إزاء تصريحات ماكــرون خالل القمة الفرنكوفون­ية والتي أعلن فيها صراحة أنه صديق لقيس سعيد وأنه سيسانده إلمتام كل التغييرات التي ينوي القيام بها في البالد»، وهو ما اعتبرته «ضربة للدميقراطي­ة ومشــاركة في اإلســاءة للشعب التونسي».

ودعت ماكرون إلــى تعديل موقفه، فـ»مســاندة تونس يجــب أن تكون مطابقة للمعاييــر الدولية واملعاهدات واملواثيــ­ق املتعلقة باحتــرام حقوق اإلنسان».

طرابلس «القدسالعرب­ي» من نسرين سليمان:

يتصاعــد يومــا بعد آخــر االهتمام الدولــي واإلقليمي بامللــف الليبي، فقد بدأ هــذا االهتمــام في الســير بطريقة تصاعدية منذ تعين مبعوث أممي جديد لليبيا، وقد أثر ذلك كون املبعوث إفريقي اجلنسية على التحركات في إطار القارة الســمراء أيضا وما ميثلها من احتادات وهيئات ومؤسسات ودول.

ففــي تصريــح جديــد قــال رئيس مفوضية االحتاد اإلفريقي، موسى فقي، إن االحتــاد اإلفريقي بصدد عقد اجتماع متهيدي للتحضيــر ملؤمتر مصاحلة بن كل الليبين وعلى أرضهم.

وشــدد فقي في تصريح على هامش القمــة الفرانكوفو­نية فــي تونس، على ضــرورة إيجاد صيغة تســمح لليبين باملصاحلــ­ة ثم بعــد ذلك الذهــاب إلى االنتخابات الختيار من يدير أمور البالد .وأوضح املســؤول اإلفريقــي أن هناك دفعة جديدة لعملية سياســية في ليبيا تتضمن عــدة مراحل، دون أن يكشــف ماهية هذه املراحل.

وقــال رئيــس مفوضيــة االحتــاد اإلفريقــي، موســى فقــي، إن الليبين يشــعرون بامللل مــن انســداد الوضع وكثرة املشــاكل في البالد، موضحا أنهم يفضلــون العمــل على ملــف املصاحلة الوطنيــة التــي ميكن أن تفتــح اجملال التفاق سياسي.

وأشــار الفقي إلى نتائج جولة وزير خارجيــة جمهورية الكونغــو برازافيل جان كلود جاكوســو األخيرة إلى ليبيا بصفتــه مبعوثــا للمفوضيــة وللجنة العليا التابعة لالحتاد اإلفريقي اخلاصة بليبيــا، حيث أكد وجــود صعوبات في البداية لم يفسر طبيعتها، لكنه استدرك بالقول إن هناك آذانــا صاغية لالحتاد اإلفريقي مــن األطــراف الليبية، بعدما كلفت الهيئة مبلف املصاحلة الوطنية .

وفي تصريحات صحافية حتدث فقي عن جتاوب ليبي في إطار لم الشمل بن الليبين في كل املناطق، وأرجع ذلك إلى مللهم من كثرة املشاكل وانسداد الوضع السياســي، مشــددا على أهمية إيجاد صيغة للتســوية والتوجه بعدها نحو االنتخابات.

وفيما يتعلق بتأثير صراع احلكومتن على جهود االحتاد اإلفريقــي، أكد فقي أن لقاءهم جــرى مع كل األطراف واألمر املهم أن يجد ممثلو الشعب الليبي فرصة للتحاور فيما بينهم، لذلك يفضل االحتاد اإلفريقــي التركيز علــى املصاحلة التي ميكن أن تفتح اجملال التفاق سياسي.

وكان املبعــوث اخلــاص للرئيــس الكونغولــ­ي رئيــس بعثــة االحتــاد اإلفريقي، جان كلود جاكوسو، قد أجرى سلسلة لقاءات مع مختلف الشخصيات في شــرق وغرب ليبيــا، حن وقف عند آخــر تطــورات األوضاع السياســية واخلطوات التي تبناها اجمللس الرئاسي إلجناح مشروع املصاحلة الوطنية.

وتزامن مــع االهتمام اإلفريقي بامللف الليبي اهتمام أوروبي بذات املســتوى، حيث دعــا البرملــان األوروبــي الدول األعضــاء فــي االحتــاد إلــى التحدث بـصوت واحد عندما يتعلق األمر بليبيا، مقترحــا تعيــن ممثل خــاص لالحتاد األوروبي في البالد، وحث على االمتناع عن اســتخدام النفط كأداة سياســية، وإبقــاء جميع اآلبار ومحطــات الطاقة مفتوحة.

ووافق البرملــان األوروبي، األربعاء، على سلســلة مــن التوصيات بشــأن الوضع السياسي في ليبيا بأغلبية 454 صوتــ ًا مقابــل 130 صوتــ ًا وامتناع 54 عضوا عن التصويــت، وجرى رفع هذه التوصيات إلــى املفوضيــة األوروبية والــدول األعضاء في االحتــاد ورئيس السياســة اخلارجية لالحتاد األوروبي جوزيب بوريل.

وشــدد البرملان في بيــان، احلاجة إلــى انتقال سياســي مســتقر ووحدة بن األطــراف الليبية، ودعــا إلى دعم ليبيا في جهــود توحيد عملية اإلصالح الدستوري، معربا عن دعمه املفاوضات التي تيسرها األمم املتحدة بشأن خارطة طريق إلجراء انتخابات حرة ونزيهة.

ودعا البرملــان االحتاد األوروبي إلى تكثيف جهوده الدبلوماسي­ة الستعادة الســالم واألمن في ليبيا، وحض الدول األعضاء علــى التصــرف بطريقة أكثر توحيدا والتحــدث بصوت واحد عندما يتعلق األمر بليبيا، وجتنب األســاليب املتناثرة التي كانت ســائدة في املاضي. ولهــذا الهدف دعــا البرملانيو­ن االحتاد األوروبــي إلــى تعيــن ممثــل خاص لالحتاد األوروبي في ليبيا كأولوية.

وألح أعضــاء البرملان األوروبي على انســحاب جميــع املرتزقــة واملقاتلن والقوات األجنبيــة من األراضي الليبية مبا في ذلــك مجموعة فاغنر الروســية

شبه العســكرية، وحثوا جميع اجلهات الفاعلــة الدوليــة املعنية، مبــا في ذلك روســيا واإلمارات وتركيــا، على عدم التدخل في ليبيــا واالمتناع عن تأجيج التوترات من خالل التدخالت العسكرية املباشرة، وفق التوصيات ذاتها .

كما طالب البرملــان األوروبي جميع اجلهات الفاعلة في ليبيــا إلى االمتناع عن اســتخدام النفــط كأداة للمواجهة السياسية، وإبقاء جميع اآلبار ومحطات الطاقة مفتوحة، وحث االحتاد األوروبي على بناء شراكة طاقة أكثر استقرارا مع ليبيا؛ ما سيســاعد على زيادة القدرات الليبية في هذا القطاع وتنويع إمدادات الطاقة في االحتاد.

وشــجع أعضاء البرملــان األوروبي الســلطات الليبية على إجــراء إصالح قضائي شــامل، إذا لزم األمر بدعم فني من بروكســل من أجــل معاجلة اإلفالت من العقاب الســائد فــي البالد، ومتهيد الطريق للمصاحلة والسالم. كما طالبوا الســلطات بإنهاء حملتها القمعية على منظمــات اجملتمــع املدنــي، ومحاربة الفساد والتصدي لالنتهاكات اجلسيمة حلقوق اإلنسان.

وتبنى أعضــاء البرملــان األوروبي توصيات أخرى تدعم جهود يوبام ليبيا ومهمة إيريني وهما مهمتان مشتركتان لالحتــاد األوروبــي لسياســة األمــن والدفاع للمســاهمة في السالم واألمن واالستقرار املستدامن في ليبيا.

وفيمــا يتعلــق مبجــال اللجــوء والهجرة، طالب البرملان أيضا بضمانات بــأن أي دعم مــن االحتــاد األوروبي للحــدود الليبيــة أو األجهــزة األمنية مشــروط باحتــرام القانــون الدولي وقانــون االحتــاد األوروبــي. علما أن ليبيا كانت لســنوات عديدة نقطة عبور ومغادرة رئيســية للمهاجرين، ال سيما من إفريقيــا جنوب الصحــراء الكبرى الذين يعبرون البحر األبيض املتوسط للوصول إلى أوروبا.

وطالــب البرملان األوروبــي حكومة الوحدة الوطنية بإلغاء مذكرة التفاهم التركية لعام 2019 بشأن ترسيم احلدود البحرية في البحر األبيض املتوســط. داعيا األطراف املعنية إلى عدم تنفيذ أي بند مدرج في االتفاقية الالحقة مع تركيا بشــأن موارد الطاقة املوقعة في الثالث مــن أكتوبر هــذا العــام، واعتبرها من أعمال التنقيب غير القانونية في املناطق االقتصادية اخلالصة لــدول أخرى من بينها قبرص واليونان.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom