Al-Quds Al-Arabi

مجلس حقوق اإلنسان يقرر إنشاء مهمة لتقصي احلقائق في قمع التظاهرات في إيران

-

قــرر مجلس حقــوق اإلنســان التابــع لألمم املتحــدة، أمس اخلميس، إنشــاء مهمــة لتقصي احلقائق في اإلجراءات التي اتخذتها إيران أثناء االحتجاجات.

وكانــت محاولــة صينية لتمريــر تعديل على االقتراح فــي اجمللس قــد باءت بالفشــل، حيث كانت تســعى إللغاء الفقرة الرئيسية التي تشير إلى حتقيق جديــد في قمع إيــران لالحتجاجات الشعبية.

وأبلغ مبعوث الصني اجمللــس قبل وقت قصير من التصويت املقرر أن االقتراح الذي تقوده أملانيا «ينتقــد (طهران) بصورة مبالــغ فيها». وأضاف: «من الواضح أن ذلك لن يســاعد في حل املشكلة»، داعيا إلى حذف فقرة رئيسية منه.

وأقر اجمللس القرار بأغلبية 25 دولة، ومعارضة ست دول وامتناع 16 عن التصويت. وتنص الفقرة املعنية على تشكيل «بعثة دولية لتقصي احلقائق» تكون جاهزة للعمل حتى أوائل عام .2024

وطالب مفوض األمم املتحدة الســامي حلقوق اإلنســان، فولكر تــورك، أمس اخلميــس، إيران بـ»وقــف احلملة الداميــة» علــى االحتجاجات اجلاريــة. وتابع أن إيــران تشــهد «أزمة حقوق إنسان متكاملة األركان» باعتقال نحو 14 ألفا حتى اآلن من بينهم أطفال. وأدلى بتلك التصريحات قبل اجللسة اخلاصة في جنيف.

وقالت الســفيرة األمريكية ميشــيل تيلور، إن «الشــعب اإليراني يطالب بشــيء بسيط للغاية، وهو أمــر يعتبره معظمنــا مفروغا منــه: القدرة على التحــّدث وعلى أن ُيســمع»، وذلك فيما كان أعضاء في الوفد األمريكي يلوحون بصور وأسماء للضحايا.

وعقــدت دول اجمللس الـ 47 اجتماعــًا طارئًا، اخلميــس، للبحــث فــي «تدهور وضــع حقوق اإلنســان» في إيران، بطلب من أكثر من خمســني دولة عضوا فــي األمم املتحدة ومببادرة من أملانيا وآيسلندا.

وقال فولكر تورك في مطلــع االجتماع: «يجب وضــع حد لالســتخدا­م غيــر الضــروري وغير املتناســب للقــوة. األســاليب القدميــة وعقلية احلصانة لدى من ميارســون الســلطة ال تنجح. فــي الواقع، هي فقط جتعل الوضع أســوأ». وندد مبن «يسعون إلى نزع الشــرعية عن املتظاهرين وممثلي اجملتمع املدني والصحافيني، ويصفونهم بأنهم عمالء لألعــداء ودول أجنبية»، واصفا هذه األساليب بأنها «الرواية النموذجية لالستبداد».

وأكد تورك أنه لم يتلَّق جوابًا من طهران بشأن اقتراحه زيارة إيــران. وقال للصحافيني: «عقدت اجتماعني مع السلطات اإليرانية. عرضت الذهاب إلى إيــران. كذلــك، عرضت تعزيــز وجودنا في إيران. ليس لدينا مكتب هناك. ولكن حتى اآلن، لم أتل َّق أ ّي جواب».

وأدى قمــع التظاهرات إلى مقتــل ما ال يقل عن 416 شــخصًا، بينهم 51 طفًال، وفقًا ملنظمة حقوق اإلنسان في إيران التي تتخذ في أوسلو مقرا.

وعقدت اجللســة على وقع االحتجاجات التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني البالغة 22 عامًا بعد أيام من توقيفهــا النتهاكها قواعد اللباس في اجلمهورية اإلسالمية.

وقــال تورك إن نحــو 14 ألف متظاهر ســلمي

مفوض األمم املتحدة السامي حلقوق اإلنسان فولكر تورك

أوقفوا، مما يشكل «رقمًا صادمًا». وأصدر القضاء اإليراني حتى اآلن ستة أحكام باإلعدام على صلة بالتظاهرات.

وقبل التوصــل لقرار فتح التحقيق، قالت وزير اخلارجية األملانية أنالينا بيربوك للصحافيني في جنيف: «هذا القــرار، إذا مت إمراره، يعني الكثير.

ال نعرف مــا إذا كان )...( ميكــن أن ينقذ األرواح غدا. لكن ما نعرفه على وجه اليقني هو أنه سيعني العدالة، العدالة للشعب».

وأكدت أنــه يجب محاســبة املســؤولن­ي عن أعمال العنف ضد متظاهرين ســلميني من الرجال والنساء واألطفال، في إيران.

وقالت بيربــوك أمام مجلس حقوق اإلنســان التابع لألمم املتحدة في جنيــف، إن إيران تنتهك حقــوق املواطنني في حريــة التعبير عــن الرأي وحريــة التجمع. وقالــت الوزيرة إنــه يجب أال يشاهد العالم، وهو مكتوف األيدي، الطريقة التي «يتم بها قتل أشــخاص وأمهات وآبــاء وأخوات

وأخوة وأطفال أبرياء».

وأضافت أمــام الدبلوماسـ­ـيني: «اليــوم يتم اختبار شــجاعتنا فــي األمم املتحــدة على رفع أصواتنا»، مشــيرة إلــى أن املواطنــن­ي في إيران يرغبون ببساطة في العيش بكرامة ودون متييز.

وقالــت الوزيرة بيربوك، إن حقوق اإلنســان ال تدع مجاال إلدخال تفســيرات عليها، وأكدت أن احلق في حرية التعبير مكفول ويســري أيضا في إيــران، وأضافت: «لقد مت إنشــاء مجلس حقوق اإلنســان ليكون صوتــا لألشــخاص الذين يتم حرمانهم مــن حقوقهم غير القابلــة للتجزئة في أوطانهم».

وتابعت: «عندما تتم إساءة استخدام احلق في السيادة من أجل قمع الشعب وانتهاك ميثاق األمم املتحدة، سيتعني على األمم املتحدة حينئذ أن ترفع صوتهــا»، وقالت إن صورة فتــاة صغيرة راكعة أمام نعش أمها وهي تصرخ رافعة وجهها للســماء أثر فيها للغاية، وأضافت أنها ســارت بنفسها في مظاهرات كثيرة، وأحيانا بعربة أطفال.

وقالت املندوبة الفرنسية إميانويل الشوسيه: «امرأة، حيــاة، حرية. بهذا الشــعار البســيط، والقوي للغاية، يذكر النساء والرجال اإليرانيون، منذ أكثر من شهرين، بالقيم التي يدافعون عنها».

ورفضــت ممثلــة احلكومــة اإليرانيــ­ة جميع االتهامــا­ت، وهاجمــت أملانيــا بصفــة خاصة، وقالت إن أملانيا تنتهك حقوق اإلنســان اخلاصة باإليرانيـ­ـني، بالتعاون مــع دول أخرى من خالل العقوبات التي فرضت علــى طهران، وأضافت أن وضع النســاء في إيران في أفضل حــال، وأنهن يتمتعن بالفرص الوظيفية ذاتها في كل مكان.

وقالت خديجة كرميي، مساعدة نائب الرئيس لشــؤون املرأة واألســرة، في كلمة أمام اجمللس: «تأســف اجلمهورية اإليرانية اإلســالمي­ة بشدة الســتغالل مجلس حقوق اإلنسان مجددا من قبل بعض الدول املتغطرسة الستعداء بلد ذي سيادة عضو باألمم املتحدة وملتزم متاما بتعهداته لدعم وحماية حقوق اإلنســان». وأضافــت: «اختزال القضية املشــتركة حلقوق اإلنسان وحتويلها إلى أداة ألغراض سياســية من مجموعات بعينها من الدول الغربية أمر بشع ومخز».

وكما هو متوقع، أعلنت الصني وفنزويال وكوبا دعمها إليران، إذ دعا الســفير الصيني شــني شو إلى «احلوار والتعــاون... لتعزيز وحماية حقوق اإلنسان». كذلك، شــددت باكســتان على أهمية احلصول علــى موافقة الدولة املعنية للمباشــرة بالتحقيقات، بينما أعلنت البرازيل أنها ســتمتنع عن التصويت.

وتتشــكل مقاومــة متزايدة بدفع من روســيا والصني وإيران نفســها داخــل اجمللس في وجه اجلهود التي غالبا مــا تبادر اليها الدميوقراط­يات الغربيــة من أجل إدانــة دول التهامهــا بارتكاب انتهاكات حلقوق اإلنســان. وأصيــب الغربيون بنكسة كبيرة الشــهر املاضي حني حاولوا إدراج القمع الذي متارســه بكني في منطقة شــينجيانغ على جدول أعمال اجمللس.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom