Al-Quds Al-Arabi

أنور إبراهيم رئيس وزراء ماليزيا اجلديد

-

■ لنــدن- رويتــرز: أدى رئيــس الــوزراء املاليزي اجلديد، أنــور إبراهيم 75( عاما)، اليمني الدســتوري­ة، أمس اخلميس، ليختتم مسعى دام ثالثة عقــود للحصول على املنصــب الذي راوغه مرات كثيرة وتسبب في قضائه نحو عشر سنوات في السجن.

وينهي تعيينه خمســة أيام شــهدت أزمة غير مســبوقة في البالد بعد االنتخابــ­ات األخيرة، إال أن هــذا التعيني قد يكون بدايــة حلالة جديدة من عدم االستقرار إذ يتحداه منافسه، رئيس الوزراء الســابق محيي الديــن ياســني، أن يثبت متتعه باألغلبية في البرملان.

ولــم يحصــل أي منهمــا علــى األغلبيــة في االنتخابات التــي جرت، الســبت املاضي، إال أن احلاكم الدســتوري امللك الســلطان عبد الله عني أنور بعد مشاورات مع العديد من أعضاء البرملان.

ويتولى أنور املنصب في وقت مليء بالتحديات، فاالقتصاد متباطئ والبالد منقسمة بعد انتخابات شهدت تنافســًا محتدمًا بني حتالف أنور التقدمي وبني حتالف محيي الدين الذي يغلب عليه الطابع احملافظ وال يضم سوى املسلمني من عرق املاليو.

وتفاعلت األســواق إيجابيا مــع انتهاء األزمة السياســية. وســجلت عملة الرجنيت أفضل أداء يومي في أسبوعني وزادت األسهم ثالثة في املئة.

وهددت حالة عدم التيقن التي تلت االنتخابات بإطالة أمد عدم االســتقرا­ر السياســي في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، التي شهدت تعاقب ثالثة رؤســاء للوزراء على املنصــب خالل ثالث

ســنوات، كما أنها تهــدد بتعطيل اتخــاذ قرارات بشــأن السياســات ضرورية لتشــجيع التعافي االقتصــاد­ي. وعبر أنصار أنور عــن أملهم في أن تتمكــن حكومته من منع عــودة التوتر التاريخي بــني األغلبية املســلمة التي تنتمي لعــرق املاليو واألقليات العرقية الصينية والهندية.

وقال أنــور في مقابلــة قبــل االنتخابات إنه سيســعى حال تعيينه رئيســا للوزراء «لتعزيز احلوكمة ومكافحة الفســاد، وتخليص البالد من العنصريــة والتعصــب الديني». وفــاز حتالفه، املعروف باســم باكاتان هارابان (حتالف األمل)، بأكبر عــدد من املقاعد في انتخابات يوم الســبت إذ حصل على 82 مقعدا، مقابل 73 لكتلة بيريكاتان ناســيونال (الرابطــة الوطنيــة) بزعامة محيي الديــن. إال أن الطرفــني لم يحققــا األغلبية التي تؤهلهم لتشــكيل احلكومة باحلصــول على 112 مقعدا.

وحصلت كتلة باريســان (اجلبهــة الوطنية) احلاكمــة منذ فتــرة طويلة على 30 مقعــدا فقط، في أســوأ أداء انتخابــي للتحالف الــذي يهيمن على السياسة منذ االســتقال­ل عام .1957 وأعلنت باريسان، اخلميس، أنها لن تدعم حكومة يقودها محيــي الدين، إال أنها لم تتطــرق إلى أنور. وبعد تعيني أنور طالبه محيي الدين بإثبات أغلبيته في البرملان.

وتدخــل امللك لتعيــني رئيس الــوزراء بعدما جتاوز كل من أنور ومحيي الدين مهلة انتهت عصر يوم الثالثاء لتشكيل حتالف يتولى احلكم.

وعندما كان زعيم ًا معارض ًا، قاد أنور عشــرات اآلالف من املاليزيني في احتجاجات في الشــوارع في تســعينيات القرن املاضي ضــد مهاتير محمد، معلمه الــذي أصبح خصمــه. وبدأ أنــور كزعيم شبابي إسالمي مثير لالضطرابات والقلق قبل أن ينضم إلى حزب مهاتيــر محمد رئيس الوزراء في ذلــك احلني، وهو حزب املنظمــة الوطنية املتحدة للماليو الــذي يقود ائتــالف اجلبهــة الوطنية. والعالقــة املتوترة مــع الزعيم اخملضرم شــكلت مسيرة أنور واملشهد السياســي في ماليزيا أيضا لنحو ثالثة عقود.

وفي الفتــرة الزمنية بني توليــه منصب نائب رئيس الــوزراء في تســعينيات القــرن املاضي وانتظاره بدءًا من عام 2018 لتولي منصب رئاسة الوزراء رســميا، أمضى أنور نحو عقد في السجن بتهم «املثلية والفساد» فيما قال عنها إنها اتهامات وراءها دوافع سياسية.

وكان مهاتير يصف أنــور بأنه صديقه وربيبه وبأنه ســيكون خليفتــه، لكن فيما بعد، وســط اتهامات جنائية وخالفات بشــأن كيفية التعامل مع األزمة املالية اآلســيوية عام ،1998 قال مهاتير إن أنور غير مؤهل للقيادة «بســبب شخصيته». ومــا كاد االثنــان يتجــاوزان اخلالفــات لفترة وجيزة عام 2018 لإلطاحة بالتحالف السياســي الذي كانا ينتميان إليه من قبل من الســلطة حتى وقعت اخلالفــات بينهما مرة أخــرى في غضون عامني لتنتهي حكومتهما بعد 22 شهرا في السلطة وتسقط ماليزيا في فترة من عدم االستقرار.

وعلى مدار عقود، دعا أنور إلى احتواء اجلميع وإصالح النظام السياســي في الدولــة متعددة األعراق.

ونحو 70 % من ســكان البالد البالغ عددهم 33 مليون نسمة من عرقية املاليو، معظمهم مسلمون، وتشكل مجموعات السكان األصليني ذوي اجلذور العرقية الصينية والهنود النســبة الباقية. ودعا أنور إلى التخلــص من السياســات التي حتابي املاليو والقضاء على احملسوبية التي أبقت ائتالف اجلبهة الوطنيــة ألطول فترة في حكــم ماليزيا. ولقي شعاره املدوي «اإلصالح» قبوًال حسنًا على الصعيد الوطني وما زال هذا هو الوعد الرئيســي لتحالفه.

وعبــر مؤيــدو أنور عــن أملهم فــي أن تؤدي حكومة زعيمهم صاحب الشــخصية اآلســرة إلى تفادي عودة التوتر التاريخــي بني عرقية املاليو واألغلبية املسلمة واألقليات العرقية ذات اجلذور الصينية والهندية. وقالت مســؤولة عالقات عامة في كواالملبور طلبت أن يشــار إليها باسم عائلتها فقط، تاجن، إن «كل ما نريده هو وســطية ماليزيا، وأنور ميثل هــذا». وأضافت: «ال ميكــن أن تكون لدينا دولة منقسمة على أساس العرق والدين ألن هذا يعيدنا عشر سنوات أخرى للوراء».

وحذرت الســلطات بعد التصويــت في مطلع األســبوع من تصاعد التوتر العرقي على وسائل التواصــل االجتماعــ­ي، وقالــت منصــة املقاطع املصــورة القصيرة تيك توك إنهــا في حالة تأهب قصوى للمحتوى الذي ينتهك معاييرها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom