Al-Quds Al-Arabi

جلنة حتقيق إسرائيلية في مالبسات «عملية صور» تنطلق اليوم

بعد تأخير استمر 40 عاما

-

بعد 40 ســنة على حادثــة تفجير مقــر االحتالل اإلسرائيلي في مدينة صور اللبنانية عام 1982 تنطلق اليــوم أعمال جلنة حتقيــق حولها ملعرفــة حقيقة ما جرى، وذلك بضغط من عائالت اجلنود القتلى.

منذ 40 عاما كانت قيادات جهاز األمن اإلســرائي­لي مبــن فيهم كل رؤســاء جهاز األمن العام «الشــاباك» حذرين مــن أن يلمســوا احد األحداث القاســية في تاريــخ دولة االحتــالل، رغم جملة الشــهادات التي نشرت بأن اســتنتاجا­ت التحقيق الذي أجري وقتها كانت مغلوطة.

هذا األســبوع قرر رونــني بار، رئيس» الشــاباك «احلالــي، مبوافقة رئيــس األركان واملفتــش العام للشــرطة، في نهاية األسبوع، تشــكيل فريق فحص خاص يحقق في أسباب «مصيبة صور».

يشــار الى ان وزير جيش االحتالل، بيني غانتس كان في العــام املاضي، املســؤول األخير الذي رفض بكل حــزم إعادة فحــص احلادثة املروعة بالنســبة لإلسرائيلي­ني.

وقرار بــار هو عمليا املــرة األولى التــي يعترف فيها جهاز األمن بشكل رســمي بأنه يحتمل أن يكون احلدث، الذي ســمي «مصيبة صور األولى» في واقع األمر نتيجة عملية «إرهابيــة»، وليس حادثة داخلية ناجمة عن انفجار انابيب غاز كما قيل من وقتها وحتى اليوم.

يذكر أنه في أعقاب سلســلة حتقيقات نشــرت في «يديعوت أحرونوت» في العقديــن األخيرين، انتبه الكثيــر من أبناء عائالت اجلنــود القتلى 90( جنديا ورجل مخابــرات) وبدأوا يتســاءلون عمــا عما إذا تلقوا تقريرا صادقا عما حدث ألعزائهم أم أن احلقيقة أخفيت عنهم؟ إلى جانبهم فإن رجال» الشاباك «أيضا، ممن أصيبوا في احلادثــة أو رفاق أولئك الذين قتلوا، بدأوا يطرحون األســئلة على مسؤوليهم. بعضهم بدأ يتهم صراحة جهاز األمن باإلخفاء والطمس.

الذكرى األربعون

وفي األســابيع األخيرة ملناسبة مرور 40 سنة على املصيبة، التقى رئيس» الشاباك «الكثير من الناجني، أبنــاء العائالت الثكلــى وكبار رجــاالت اجلهاز من تلك الفترة ممــن ال يزالون على قيــد احلياة. كما أنه قرأ الوثائق التي اســتندت إليها حتقيقات» يديعوت أحرونوت «التي نفى» الشــاباك «على مدى الســنني مجرد وجودها.

هذا األســبوع وفي نهاية العملية، قــرر بار بأن ما سمعه وقرأه بالفعل يثير شكا مهما، فبادر إلى تشكيل الفريق.

للتذكيــر فإنه فــي 11 نوفمبــر/ تشــرين الثاني 1982 انهار مبنى احلكم العســكري اإلســرائي­لي في صور حيث أقيمت قيادات حرس احلدود، والشــرطة العســكرية، و«الشــاباك». وقتل 90 إســرائيلي­ا في االنهيار، ومعهم 15 أسيرا فلســطينيا و لبنانيا كانوا في املبنى. بعد احلــادث، عني قائد جيش االحتالل في حينه، رفائيــل ايتان، جلنة للتحقيق في مالبســات احلادثة، وترأس اللجنة مئير زوريع، الذي توصل في غضون أســبوع فقط إلى استنتاج مريح لكل األطراف اإلســرائي­لية مفاده ان االنفجار الــذي أحدث انهيار املبنى كان بســبب خلل في أسطوانات غاز الطبخ في املطبخ. كما أن حتقيق الشــرطة العسكرية لم يستبعد اســتنتاجا­ت جلنة زوريع، فيما أســقط مــن التقرير النهائي له شــهادات واضحة علــى أن االنفجار نتج عن سيارة مفخخة اندفعت إلى داخل املبنى في عملية مقاومة جريئة.

جملة إخفاقات

في حينه كشــفت سلســلة التحقيقــا­ت جملة من اإلخفاقات في التحقيق في حادثــة صور، إلى جانب أعمال اســتهدفت إخفاء مالبســاته­ا. هكذا مثال تلقى شــخص، كان يعمل في وقت احلادثة ضابط ارتباط للجيش اإلســرائي­لي مع منظمات دولة في لبنان، قبل بضعــة أيام من احلــدث، طلبا من رجــال «األونروا» اشتكوا من سرقة إحدى سياراتهم. بعد أن سمع بأنه يحتمل أن يكــون االنفجار نتيجة لســيارة مفخخة، امتثــل الضابط ذاته أمام جلنــة زوريع وروى يقول: «حني رويت لزوريع عن الســيارة املسروقة ألقوا بي من مكتبه مكلــال بالعار. إذ قال لي أنــا أعرف أن هذا حادث غاز، شهادتك انتهت».

كما انكشــف أيضا أن محققي الشــرطة العسكرية اإلسرائيلي­ة جمعوا شهادات للبنانيني اثنني رويا أنه في يوم احلادثة رأيا ســيارة بيجــو 504 تندفع نحو املبنى وتتفجر. بل عثر على بقايا الســيارة في ساحة االنفجــار إلى جانب بقايا جثة لــم تكن تعود ألي من رجال املبنى.

وعن ذلك قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس اجلمعة : «أســقطت هذه التفاصيل من تقرير التحقيق النهائي. وفقط نحمان طال، نائب رئيس «الشــاباك» األسبق، الذي اطلع على مواد التحقيق، أقام في 2013 فريق فحص، في إطار قســم التاريخ في «الشاباك»، توصل إلى االســتنتا­ج بأن احلادثــة، باحتمال عال، كانت عملية. غير أن اجلهاز ورئيسه في حينه، يورام كوهن، حتفظا على ذلك ولم يكونا مســتعدين لفحص األمر.

في أعقاب ما نشــر في» الصحيفة شهد سلسلة من كبار املســؤولن­ي الســابقني في «الشــاباك» و«أمان» و«املوســاد «بأنه في جهاز األمن كان معروفا منذ زمن بعيد أن كارثة صور هــي بالفعل عملية، وعمليا كانت هذه عملية «اإلرهاب» األهم واألولى لـ «حزب الله».

من وقف خلــف العملية كان عماد مغنيــة، القائد العســكري للتنظيم، الذي حســب منشورات أجنبية اغتالته إســرائيل والواليات املتحدة في دمشــق في .2008

وحســب بعض أولئك املســؤولن­ي، فضل اجليش اإلسرائيلي وصف الكارثة كحادثة انفجار أسطوانات غاز الطبخ، وإال فإن هذا ســيكون إهماًال واســعًا في حراسة املبنى في وجه تهديدات «اإلرهاب».

وتوضــح «يديعوت أحرونوت» أيضــا أن تعريف احلــدث كعمليــة كان أيضا ســيلقي بالذنــب على» الشــاباك”، الذي كان يفتــرض أن يعــرف ما الذي يخطط له مغنية ويحبط العملية.

وتتابع الصحيفة العبرية في هذا الســياق تعقيبا على تشــكيل جلنة حتقيق جديدة: «انتصرنا»، تقول اوداليا البو شفايتســر، التي أصيب أبوها، إسرائيل دوف شفايتســر، اصابة شــديدة في احلادثة، التي كانــت الروح احليــة من خلــف مســاعي العائالت لالعتراف مبصيبة صور كعملية».

«رغم مرور 40 سنة نعرف جميعنا ان الكارثة كانت عملية وليســت حادثة، وقد كنست القضية من حتت البساط في ظل املس اخلطير بذكرى القتلى والعائالت الثكلى. حــان الوقت لتخرج العدالة إلــى النور. من احملزن لي أن أبي الذي توفي قبل أقل من سنة لم يحظ بالوصول إلى هذه اللحظة».

اجتاهان متعاكسان في الدين والسياسة

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom