هل ستجد اجلزائر سوقا الحتياجاتها احلربية أم ستواجه السيناريو اخلليجي؟

بعد تخصيص أكبر ميزانية عسكرية في تاريخها

صادقت احلكومــة اجلزائرية على ميزانية خاصة باجليش بلغــت 22 مليار دوالر للســنة املقبلة، وهي األكبر من نوعها في تاريخ البلد بل في القارة اإلفريقية وتتجاوز ميزانيــة الكثير من الــدول األوروبية مثل إسبانيا. ويبقى التساؤل وســط املهتمني هل ستجد اجلزائر متطلباتها من األســلحة في السوق الدولية وخاصة من روســيا، أم ســتراهن على دول جديدة مثل الصني وتركيا، أم ســتجد نفسها أمام السيناريو اخلليجي.

وعمليــا، تأتــي اجلزائر ومنذ ســنوات في قائمة الدول التي تخصص ميزانية ضخمة للجيش مقارنة مــع اإلنتــاج القومي اخلــام للبالد فــي العالم وفي إفريقيا. وتتنافس في هذا الشــأن مع مصر بحكم أن ســيطرة اجليش املصري على نسبة مهمة من اقتصاد البالد يجعل ميزانيته غيــر واضحة وأكثر بكثير من املعلن عنها.

ومن خالل ميزانيــة لم تتجاوز 10 مليارات دوالر، جنحت اجلزائر في التحول إلى قوة العسكرية الثانية في إفريقيا بعــد مصر، وفق الترتيــب الذي تصدره مؤسسة غلوبال فاير بوير، وانتقلت اجلزائر إلى هذه املرتبة خالل السبع سنوات األخيرة بفضل األسلحة النوعية التي اقتنتها من الصناعة العسكرية الروسية باألســاس، وعلى رأســها الغواصات واملقاتالت من نوع ســوخوي وامليغ وأنظمة دفاع جــوي مثل إس 400 عالوة على صواريخ مجنحة من إسكندر وكلبير. ويوجد تأويالت لعملية التســلح الكبــرى، بني رأي يتحدث عن ضمان تفوق كبير على املغرب، وأطروحة أخــرى تذهب الى التســلح لتحقيق تــوازن مع دول جنوب أوروبــا تفاديا لســيناريوهات مفاجئة مثلما حدث مع ليبيا إبان الربيع العربي.

وعمليــا، ســتخصص وزارة الدفــاع اجلزائرية فــي أقصى احلــاالت ســتة مليــارات دوالر لألجور والتعويضات وامليزانيات الفرعية والتســيير عامة واللوبيات واملناورات العســكرية، وبالتالي سيكون لها فائض يتجاوز 16 مليار دوالر لسنة 2023 لتوظيفه في شــراء األســلحة. وتنضاف ميزانية التسلح إلى ميزانيــات ســابقة خاصة بالتســلح لصفقات بقيت معلقــة. غير أن الســؤال الذي يطرح نفســه هو هل ســتجد اجلزائر متطلباتها من األســلحة في السوق الدولية حاليا.

في هذا الصدد، رفعت معظــم دول العالم ميزانية الدفاع، وخصصت ميزانيات إضافية لشراء األسلحة بســبب التطورات العاملية املرتبطة باحلرب الروسية ضد أوكرانيــا. لكن ما يقع هو أن الــدول التي تصنع األســلحة تخصص اآلن اإلنتاج جليوشها وتعمد إلى جتميد كثير من الصفقات وتأجيلها، أي يعيش العالم حالة مثل اجلائحة عندما جمدت الدول تصدير األدوية حتى تلبي حاجياتها الوطنيــة أوال. وتعتمد اجلزائر بشــكل كبير على اســتيراد الســالح الروسي الذي يشكل العمود الفقري للجيش اجلزائري. وعليه، هل ميكن لروسيا اآلن التي حتارب في أوكرانيا وتتخوف من اتساع رقعة احلرب تلبية حاجيات اجلزائر خالل السنة املقبلة بل خالل اخلمس ســنوات املقبلة، ذلك ألن اجليش الروسي سيحتاج إلى سنوات لتعويض اخملزون من العتاد الــذي يوظفه اآلن في احلرب ضد أوكرانيا وسيعطي األولوية الحتياجات الوطن على حساب اخلارج.

عمليا، ستوقع اجلزائر صفقات أسلحة مع روسيا، وقد تكون أســلحة نوعية مثل احلصول على مزيد من الصواريخ ومقاتالت ســوخوي خاصة اجلديدة سو 57 واحلصول على أنظمة دفاعية إضافية من إس .400 في الوقت ذاته، ستراهن على أسواق جديدة-قدمية مثل الصناعة العســكرية الصينية التي حققت قفزة نوعية كبرى في الصناعة احلربية عالوة على السوق التركية، ألن روســيا لن تلبي كل االحتياجات بسبب احلرب.

فــي الوقــت ذاته، قد جتــد اجلزائر نفســها أمام الســيناريو اخلليجــي، أي حالة بعــض الدول مثل الســعودية التي تخصص ميزانية دفاع كبيرة لكنها ال جتد في السوق األســلحة الكافية القتنائها خاصة بعض الفيتــو األمريكي على بيعهــا الكثير من أنواع العتاد العســكري املتطور. ومن أبــرز احلاالت عدم حصول اإلمارات على مقاتالت إف .35

وأمام هذا السيناريو، رمبا ســيكون الرهان على اجلزائر من خالل هذه امليزانية أكثر على االســتثمار احمللي فــي الصناعــة احلربية باتفاق مــع دول مثل تركيا والصني وخاصة روسيا. وأمام تطورات احلرب األوكرانية، تدرس روســيا فرضيــة تصنيع جزء من صادراتها من األســلحة في مصانع ستتم إقامتها في الدول احلليفة لها.