إيران: السلطات تعزز وجود احلرس الثوري في املناطق الكردية واحتجاجات في مدن عدة بعد صالة اجلمعة

ذكرت وسائل إعالم إيرانية رسمية، أمس اجلمعة، أن احلرس الثوري عزز وجــوده في مناطق كردية مضطربة ضمن حملة تهدف الحتواء االحتجاجــات، وأظهر مقطع مصور عشــرات األشــخاص وهم يتظاهرون في مناطق ألقلية البلوش في اجلنوب الغربي.

وسرعان ما انتشرت االحتجاجات، التي أشعلتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في 16 سبتمبر/ أيلول بعد أن احتجزتها شــرطة األخالق، في أنحاء البالد إال أنها أكثر حدة في املناطق التي تســكنها أقليــات عرقية أغلبها من السنة.

ودعــا رجل الدين الســني البــارز املنتمي إلــى أقلية البلوش، مولوي عبد احلميد، خالل صالة اجلمعة، أمس، إلى إنهــاء قمع االحتجاجات باالعتقــاالت والقتل. ونقل موقعه اإللكتروني على اإلنترنت عنه قوله: «احتجاجات الشــعب تظهر أن سياســات األعوام الثالثــة واألربعني املاضية وصلت إلى طريق مسدود».

وذكرت وكاالت أنباء حكوميــة أن املزيد من الوحدات املدرعة والقــوات اخلاصة التابعة للحــرس الثوري في طريقها للمناطق احلدودية في الغرب والشــمال الغربي حيث تقطــن األقلية الكردية، بعد اإلعــالن عن تعزيزات سابقة يوم األحد.

ونشرت وكالة أنباء تسنيم شبه الرسمية صورة لقادة مبتسمني من احلرس الثوري وهم يعتلون مركبة عسكرية ويحيون صف ًا طوي ًال من القوات.

إطالق نار

وكان نشــطاء قد دعوا إلى تظاهرات في أنحاء البالد هذا األســبوع تضامنًا مع محافظة كردستان التي تعّد مع سيستان بلوشســتان األكثر معاناة جراء احلملة األمنية التي أوقعت قتلى. ويســمع في شريط مصور في عاصمة سيســتان بلوشســتان زاهــدان، إحدى املــدن القليلة ذات الغالبية الســنية فــي إيران، متظاهــرون يهتفون: «كردستان كردستان سوف ندعمك».

كما يسمع متظاهرون في تسجيل آخر نشر على مواقع للتواصــل االجتماعي ولم يتم التأكــد من صحته، «أكراد وبلوش إخوة، متعطشــون لدم القائد»، في إشــارة إلى املرشد األعلى، علي خامنئي.

وقال نشــطاء في وقت الحق، إن قــوات األمن أطلقت النار علــى متظاهرين في املدينة. وقالت «حملة نشــطاء البلوش» ومقرها لندن، على قناة تلغرام، إن «العشــرات قتلوا أو جرحوا». ولم يكن من املمكن التأكد من احلصيلة. امرأة تضع صورة ملهسا أميني في «باالسيو دي ال مونيدا» في تشيلي أثناء تظاهرة ضد اضطهاد النساء في إيران

ونشــرت اجملموعة تســجيال مصورا يظهــر عددا من الرجال وهم يحملون جريحا على ما يبدو، من مسجد زكي في زاهدان، على األرجح، أكبر مساجد السنة في إيران.

كما نــزل متظاهــرون إلى شــوارع مدن إيرانشــهر، وخاش، وسراوان، في سيستان بلوشستان، وفق حملة نشطاء البلوش وحساب .»ريوصت1500«

وقالت منظمــة حقوق اإلنســان في إيــران (هيومن رايتــس إيــران) ومقرها أوســلو، إن احلــرس الثوري اإليراني اســتخدم معدات عســكرية من بينها رشاشات ثقيلة، لقمع األهالي. وتشــهد احملافظتــان الواقعتان في غرب وشمال غرب إيران تظاهرات بشكل خاص منذ وفاة أميني عقب توقيفها في طهران.

وتتهم إيران الدول الغربية بتأجيج االضطرابات، كما تتهم احملتجني في مناطــق األقليات العرقية بالعمل نيابة عن جماعات انفصالية.

وصعــدت الســلطات حملتهــا القمعية فــي املناطق

الكردية، وأشــار مفوض األمم املتحدة حلقوق اإلنســان يوم االثنني إلى تقارير تفيد بســقوط أكثر من 40 قتيًال في تلك املناطق خالل األسبوع الســابق. وأعلنت إيران يوم الثالثاء أنها قصفت جماعة كردية في شمال العراق.

كما ندد مولوي عبد احلميد، في خطبته، مبا يتردد عن تعرض معتقالت إلساءة معاملة وانتهاكات. وقال: «تتردد في وســائل اإلعالم أمور مروعة عن إساءة معاملة نساء، ال يســعني تكرارها»، في إشــارة على ما يبدو إلى تقارير تتحدث عن اغتصاب معتقالت.

وأعلنت «منظمة النشطاء البلوش»، عبر حسابها على تلغــرام، مقتل أمان اللــه باجي زهي، أحــد زعماء قبائل البلوش البارزين مبحافظة سيســتان وبلوشستان، إثر تعرضه لهجوم من قبل مجهولني في شارع باسيت مبدينة زهدان، مساء اخلميس. بدوره، قال املدعي العام حملافظة سيستان وبلوشســتان، مهدي شمس آبادي، إنه مت فتح حتقيق لكشف مالبسات احلادثة، وأن الشرطة تعمل على

حتديد الفاعلني، حســبما نقلت عنه وسائل إعالم محلية. وقــال نائــب مديــر شــرطة زهــدان، العقيــد خداراهــم فروغــي، إن «املعلومــات األوليــة تشــير إلــى خــالف قبلــي» وراء مقتــل باجــي زهــي. فيما زعمت منظمة النشــطاء البلوش أن «هناك شائعات حــول مقتــل باجي زهــي على يــد احلرس الثــوري». يشــار إلى أن جنل الزعيم القبلي املذكــور، حميد باجي زاهي، قتل في اشــتباك مع القوات العســكرية في أيلول/ ســبتمبر املاضي فيما عرف بأحداث «اجلمعة الدامية» في زهدان، بحسب املنظمة.

رفض قرار األمم املتحدة

وفــي األثناء، نددت وزارة اخلارجيــة اإليرانية بقرار مجلس حقوق اإلنسان التابع لألمم املتحدة القاضي بفتح حتقيق دولي حول قمع االحتجاجات.

وأعلنــت وزارة اخلارجيــة فــي بيان صدر، مســاء اخلميس، أن اجلمهورية اإلســالمية تعــارض االجتماع اخلاص جمللس حقوق اإلنسان وتعتبر القرار الصادر عنه «مرفوضًا»، مؤكدة أنها «ال تعترف رســميًا باملهمة املوكلة إليه».

وصادق مجلس حقوق اإلنسان، اخلميس، على القرار الذي قدمته أملانيا وأيســلندا بتأييــد 25 صوتا في مقابل ســتة أصوات رافضــة وامتناع 16 دولة عــن التصويت، خالل اجتماع طارئ للمجلس في جنيف.

ولفتت وزارة اخلارجية إلى «وجود اللجنة املتخصصة للتحقيق في وفاة الســيدة مهســا أميني، ووجود جلنة حتقيق وطنيــة مكونة مــن محامني ومبشــاركة ممثلني مســتقلني». واعتبرت بالتالي أن «تشكيل أي آلية جديدة للتحقيق في قضايا الشــهرين املاضيني في إيران يعد أمرا غير ضروري وانتهاكا للسيادة الوطنية للبالد وال تعترف باملهمة املوكلة له في هذا الصدد».

وحــذرت وزارة اخلارجية مــن أن «احلكومة األملانية وبعض احلكومــات الغربية التي شــاركت في تقدمي هذا القرار بناء على حســابات خاطئــة وحتت ضغط بعض اللوبيات السياســية واألخبار الكاذبة لبعض وســائل اإلعالم املكشــوفة املعادية إليران املعروفة، ارتكبت خطأ استراتيجيًا»، مشــيرة إلى أن «مرور الوقت سُيظهر بأن قصر نظرهم السياسي هذا سينتهي به األمر إلى اإلضرار مبصاحلهم». ونددت بـ»التوجهات االنتهازية واستغالل قضية حقوق اإلنســان أداة من قبــل مجموعة معينة من البلدان». وأقر أعضاء مجلس حقوق اإلنسان، اخلميس، فتح حتقيق دولي حــول القمع الدامي لالحتجاجات التي أشعلتها وفاة الشــابة مهسا أميني في إيران، بهدف جمع أدّلة حول االنتهاكات التي ارتكبت متهيدًا ملالحقة محتملة للمسؤولني عنها.

وخالل مناقشة مشــروع القرار، أطلق املفوض السامي حلقوق اإلنســان فولكر تورك، الذي لم يلــَق بعد رّدًا من طهران على طلبه زيارتها، نداء إلى اجلمهورية اإلسالمية ناشدها فيه «وقف االســتخدام غير املفيد وغير املتكافئ للقوة» ضد املتظاهرين.

وأفادت وكالة أنباء نشــطاء حقوق اإلنسان «هرانا»، التــي تتخذ من الواليــات املتحدة مقرا لهــا، أن ما ال يقل عن 455 شــخصا على األقــل لقوا حتفهم حتــى اآلن في االحتجاجات.

وقــدرت الوكالة عدد األطفال الذيــن قتلوا بـ 36، وأن عدد االعتقاالت بلغ 18 ألفــا و071، مع حتديد هوية 3234 من احملتجزيــن. وقالت أيضا إن 57 من أفــراد األمن لقوا حتفهم في االحتجاجات. وقالــت هرانا إن 156 مدينة في جميع أنحاء إيران شاركت في التظاهرات.