Al-Quds Al-Arabi

عملية القدس المزدوجة: نحو نموذج العمليات «المنفردة والمنظمة» معا

-

حسب صحيفة «هآرتس» اإلسرائيلي­ة فإن «عملية القدس هي جتسيد لكوابيس الشاباك» حيث تضيف أنه ألول مرة منذ 6 سنوات ونصف حتدث عملية بواسطة عبوة فتاكة، مت تفجيرها عن بعد في محطة احلافالت.

مـن هـذا التقييم املكثف ميكن القول إنه ومبا ال يدع مجاال للشك فإن احلالة النضالية الفلسطينية الـتـي تتصاعد أسبوعيا قادرة على إرباك األعداء وإدهاش الفلسطينين­ي وزيادة ثقتهم في أنفسهم، فكلما توقع املراقبون أن احلالة قد هدأت يحدث العكس من خـالل حـدث ميداني جديد يعيد ترتيب األوراق مرة أخرى.

فبعد توقعات ضمور حالة املقاومة إثر ضربات إسرائيلية موجعة متكن خاللها االحتالل من تصفية قيادات في مجموعة «عرين األسـود» قبل أسابيع قلب تفجير القدس املزدوج احلالة، وخلخل توقعات املـراقـبـ­ني كما املـسـؤولـ­ني األمنيني في امليدان.

وقـد كانت أجهزة األمـن اإلسرائيلي­ة قد تنفست الصعداء قبل أسبوع تقريبا بعد تفجر سيارة مفخخة على أطـراف مدينة جنني كانت معدة للتفجير في موقع عسكري أو حاجز احتاللي، حسب تقييمات االحتالل وحتقيقاته، لكن عملية القدس املزدوجة قلبت املعادلة وأعادت كوابيس املقاومة الفلسطينية في الداخل اإلسرائيلي.

وامللفت فـي هــذه املـــرة أنــه كلما ظن الفلسطينيو­ن أنهم وصلوا طريقا مسدودا إال وحــدث التجلي املـقـاوم واإلبـداعـ­ي امليداني، ففي اللحظة التي كـان العمل األمني اإلسرائيلي منصبا على «عرين األســود» في نابلس و«كتيبة جنني» في جنني وخاليا تتشبه بهما، كان هناك عقل فلسطيني يخطط منذ أسابيع لتنفيذ عملية فدائية بطريقة قدمية جديدة.

وحسب محللني سياسيني فإنه وبعد أن تعودنا على العمليات الفردية االرجتالية التي أطلق عليها جتـاوزا «الذئب املفرد» حيث كـان يحمل شابا سكينا أو يقود سـيـارة ويسير بهما إلــى أقـــرب جتمع للجنود واملستوطنن­ي، أصبحنا أمام حالة جديدة ميكن أن نطلق عليها العمليات الفردية املنظمة واخملطط لها بدقة وعناية.

في هذا السياق يؤكد األكادميي وباحث احلراكات الشابية أحمد جميل عزم أن هناك إعــادة متوضع للحالة النضالية اجلديدة واملتوقع أن يترتب عليها فعل مقاوم أكثر تنظيما.

وبعد عملية القدس املزدوجة اعترف غالبية خــبــراء األمـــن واالسـتـخـ­بـارات اإلسرائيلي­ني، وهم ضباط سابقون في جيش االحتالل والشرطة و«الشاباك» بأن عودة االنفجارات لتضرب في القدس أعــادت بسرعة البرق حالة الرعب التي كانت سائدة في املدينة خالل االنتفاضة الـثـانـيـ­ة، حـيـث بـلـغ الــشــعــ­ور بـاألمـن الشخصي أدنـى مستوياته، ألن املدينة كانت الهدف األكبر للعمليات التفجيرية.

زراعــة العبوات الناسفة املوجهة عن بعد يوصف لدى اخلبراء األمنيني بأنه األمر وصل إلى أن تطلق وسائل اإلعالم اإلسرائيلي­ة على املعركة احلالية واملقبلة بإنها مبثابة «حرب أشباح». ففي هجمات زراعــة العبوات الناسفة املوجهة ميلك املنفذ زمام املبادرة بينما املستهدف يكون في دائــرة رد الفعل. وال تصل مثل هذه العمليات مرحلة التنفيذ إال بعد فشل اجلهد االستخباري الوقائي املتواصل الذي يقع على عاتق جهاز «الشاباك» في مثل هذه احلالة، إضافة إلى إخفاق العمل الشرطي في موقع التفجير.

غير أن األكثر مدعاة للصدمة حسب صحيفة «يسرائيل هيوم» هو أن العبوات الناسفة املستخدمة في العملية أعدت بطريقة احترافية من الناحية الكيميائية واإللكترون­ية إضافة إلى أن استعدادات العملية تستمر ألسابيع طويلة، بدءا من جتميع مكونات العبوات ثم تصنيعها ثم جمع معلومات استخبارية تسبق التنفيذ، وفــي كـل هــذه املـراحـل فشلت اجلهود االستخباري­ة فـي رصــد القائمني على العملية.

ووصلت الصحيفة إلى نتيجة يؤكدها محللون فلسطينيون، فالعملية تعكس عمال منظما، فيما عليهم االستعداد لتقسيم جهودهم ملواجهة العمليات «املنفردة واملنظمة».

ومــــا كــــان يــشــي بـالـفـشـل األمــنــي اإلسرائيلي فإن اإلنـذارات الساخنة لدى الشرطة حول نية جهات فلسطينية تنفيذ عمليات في القدس الساعات املقبلة جاءت

تاريخ من التفجيرات

ويقدم تاريخ العمليات التفجيرية في األراضـــي الفلسطينية احملتلة ومدينة الــقــدس جتـربـة مــريــرة لإلسرائيلي­ني استعيدت األربعاء املاضي، وكذلك صدمًة للمؤسسة األمنية اإلسرائيلي­ة، نظًرا لتوقيتها ومكانها، وعـدم امتالكها أّي معلومات عن املنفذين حتى بعد مرور أكثر من 48 ساعة على العملية.

لـقـد أعــــادت العملية الفلسطينين­ي واإلسرائيل­يني معا إلى سنوات االنتفاضة الثانية مع فارق التجربة واخلبرة.

يذكر أنه ومع انتهاء االنتفاضة الثانية، انخفضت وتيرة هذا النوع من العمليات بشكٍل كبير، ولم تعد إّلا بشكٍل ُمتقطع بسبب استهداف البنية التحتية للفصائل الفلسطينية املقاومة وتفكيكها.

وكان من أبرز العمليات التفجير الذي حصل فـي 23 آذار/مــــارس 2011 حيث فجرت عبوة ناسفة بالقرب من محطة للحافالت وسط القدس، وأوقع التفجير قتيًال و76 جـريـًحـا. وكـشـف التحقيق اإلسرائيلي أن التفجير ارتـبـط بخلية لتصنيع املتفجرات في مدينة اخلليل، ومتكن املقاوم الفلسطيني من إيصال عبوة ناسفة إلى وسط مدينة القدس.

وفي عام 2012 وخـالل العدوان على غزة انفجرت عبوة ناسفة في حافلة في تل أبيب بعد تفجيرها عن بعد، ما أدى إلى إصابة 20 مستوطنا بجروح وصفت 5 منها باخلطيرة واملتوسطة.

في عام 2016 متكن مقاوم فلسطيني من مخيم عايدة في بيت حلم من الوصول إلى مدينة القدس احملتلة حامًال عبوًة ناسفًة زرعها في حافلة إّلا أن خلال فنًيا أصاب العبوة، ما أدى النفجارها باملقاوم داخل احلافلة، حيث استشهد فيما أصيب 21 مستوطنا.

في 10 أيار/مايو 2016 أسفر تفجير عبوة ناسفة قرب حاجز حزما عن إصابة جندي بجروح طفيفة وضابط برتبة عميد بجروح خطيرة، حيث كانت دورية حتاول معاينة جسم مشبوه، وهي العبوة التي انفجرت موقعة إصابتني.

وفــي عــام 2018 كـانـت مجموعة من اجلـنـود يـحـاولـون إزالـــة علم فلسطني من على السياج الفاصل بني قطاع غزة ودولــة االحـتـالل، عندما انفجرت عبوة ناسفة مربوطة بالعلم، متسببة مبقتل جندي وإصـابـة ثالثة آخـريـن. وأعلنت ألوية الناصر صالح الدين مسؤوليتها عن العملية.

 ?? ?? بعد العملية وليس قبلها، وهو بلغة األمن فشل أمني مضاعف.
بعد العملية وليس قبلها، وهو بلغة األمن فشل أمني مضاعف.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom