Al-Quds Al-Arabi

12 في المئة فقط نسبة ترشح التونسيات ضعف مشاركة المرأة في االنتخابات البرلمانية المقبلة جرس يقرع ناقوس الخطر

-

تونس ـ «القدس العربي»: روعة قاسم

أثـارت نسبة املشاركة املتدنية للمرأة في االنتخابات التشريعية املنتظرة فـي 17 كـانـون األول/ ديسمبر املـقـبـل حفيظة عديد هيئات ومنظمات اجملتمع املدني في تونس، والتي نادت بضرورة املـسـاواة بني الرجل واملـــرأة في احلـيـاة السياسية، خاصة بعد صدور املرسوم االنتخابي اجلديد الذي نسف مبدأ املناصفة ووصل بسببه عـــدد مـلـفـات الـتـرشـح اخلاصة بالنساء إلى 214 مترشحة من أصل 1429 ملفا.

ويـــــرى عــــدد مـــن اخلـــبـــ­راء والنشطاء بأن هذه األرقــام تنذر مبرحلة قامتة سيشهدها البلد الــذي عـرف في السابق مسيرة إصالحية طويلة على مدى أجيال عــديــدة مــن أجـــل وصـــول املـــرأة ملواقع القرار وتدعيم مشاركتها في احلياة السياسية ونيل حقوقها كاملة. وتبني اإلحصائيات بأن عدد ترشحات النساء لالنتخابات التشريعية لعام 2014 بلغ 5502 ترشحا مــن بــني 11 ألـفـا 686و مــرشــحــ­ا، أي بـنـسـبـة 47 في املـئـة، فـي حـني لـم تتمكن اليوم الناشطات النسويات في العمل العام من استكمال كل الوثائق املطلوبة إلمتــام ملف ترشحهن لالنتخابات املقبلة بسبب صعوبة جمع التزكيات جراء هذا املرسوم اجملحف بحق املرأة وجراء عوامل أخرى، وهو ما يفسر ضعف نسبة املترشحات إلى ما يقارب الـ 12 في املئة فقط من ملفات الترشح بشكل عام.

واحلقيقة أن التونسيني لم يعتادوا مثل هكذا استهداف ملوقع املرأة في اجملتمع ولدورها الريادي فـي احلـيـاة السياسية واعتبر بعضهم أن املـرسـوم االنتخابي الصادر عن قرطاج، واملثير للجدل، جاء في تناقض تام وتضاد مع تطور اجملتمع التونسي ونضاالته احلقوقية. فقد حشر هذا املرسوم املرأة التونسية في الزاوية وحرم الكثيرات من حقهن في الترشح ومتثيل دوائرهن االنتخابية في الـبـرملـا­ن اجلـديـد الـــذي مـا زالـت

مالمحه بعد.

لم تتشكل

ولـم تتوضح

مشهد رجالي بامتياز

لقد أكدت الناطقة الرسمية باسم جمعية ناخبات تونسيات تركية بن خذر في حديثها لـ«القدس العربي» أن انخفاض نسبة مشاركة املرأة في االنتخابات التشريعية املقرر إجـراؤهـا يـوم 17 كانون األول/ ديسمبر، يعود إلـى ضـرب مبدأ التناصف في القانون االنتخابي اجلديد، مؤكدة أن متثيل املرأة في البرملان القادم سيكون األضعف.

وأضافت بالقول: «فيما يتعلق باملرسوم عدد 55 كنا قد وجهنا مذكرة مع اجملتمع املدني النسوي وطالبنا بضرورة حتقيق مطالب النساء السياسية واالقتصادي­ة وأجرينا استبيانا بالنسبة للنساء املنتفعات من الــدورات التدريبية من طرف رابطة ناخبات تونسيات حول موقفهن من حراك 25 متوز/ يوليو. وكانت األجوبة متباينة بني مؤيد ومعارض، ولكن غالبية املشاركات أعربن عن عزمهن على

مواصلة املسيرة واملشاركة في االستحقاقا­ت االنتخابية املقبلة». وتضيف محدثتنا: «أصدرنا دليال شـارك في كتابته نساء من أربع واليات هي جندوبة ونابل ومدنني وتونس الكبرى حـول املشاركة السياسية للنساء بعد 25 متوز/ يوليو في عالقة باملواثيق الدولية وبالدستور وبالنظام االنتخابي وبالنظام الرئاسي، حتى تكون النساء متمكنات من جميع القوانني التي حتميهن كنساء قياديات». وقالت بأن املرسوم 55 لم يشارك اجملتمع املدني في كتابته وجاء مخالفا للدستور الذي ينص على ان الدولة حتمي حقوق اإلنسان االقتصادية واالجتماعي­ة، وينص على التناصف مـن أجــل تكافؤ الفرص وهو مرسوم ألغى التمويل العمومي واشترط التزكيات بـ 400 تزكية بالتناصف. وهو شرط - تعتبره محدثتنا - تعجيزيا بالنسبة للنساء اللواتي ليست لديهن امكانيات مادية.

وشــــددت محدثتنا عـلـى ان هـذه املسألة تكرس «العروشية والقبلية» والـوجـاهـ­ة الرجالية

وهـي عائق يساهم في إضعاف املــشــار­كــة الـسـيـاسـ­يـة للنساء والدليل هو اإلحصائيات األخيرة للهيئة املستقلة لالنتخابات والتي أكــدت ان نسبة قبول ترشحات النساء بلغت 11 أو 12 في املئة وهو أضعف رقم للمشاركة السياسية للنساء منذ سنة 2011 حتى سنة .2019 وأعربت الناشطة املدنية بن خذر عن تخوفها وخشيتها الكبيرة مـن ان يكون املشهد السياسي الــقــادم رجـالـيـا بامتياز حسب قولها.

وأضـافـت بن خــذر: «نحن في رابطة ناخبات، وكجمعية نسوية، هدفنا هو متكني النساء من مراكز القرار ودعمهن في كل نضاالتهن». وأشارت إلى ان هناك فرقا كبيرا بني الواقع والتشريع فيما يتعلق بوصول املرأة ملواقع صنع القرار مــؤكــدة بــان العنف السياسي الذي يستهدف املرأة هو أحد أهم معوقات وصولها ملواقع القرار. وأضــافــت قـائـلـة: «بـالـرغـم من القانون األساسي للقضاء على العنف ضد املــرأة عـدد 58 لسنة 2017 الذي أدرج العنف السياسي كشكل من أشكال العنف حلماية املــــرأة فــي احلــيــاة السياسية والعامة، والــذي بـادر من خالله املــشــرع إلــى جتــرمي هــذا العنف املنصوص عليه في الفصل 18 من القانون على غـرار العنف املادي واملعنوي واالقتصادي واجلنسي، إال ان هناك حتـديـات عـديـدة ما زالـت تطرح حـول مسألة العنف السياسي».

نكسة مزدوجة

الباحث في علم االجتماع هشام احلاجي أكد لـ«القدس العربي» ان «القانون االنتخابي اجلديد ميثل نكسة في مستويني على األقـل، أوال اعتماده نظام الدائرة الفردية دون إحالة أو دون ان تكون هناك مرجعية سياسية للمترشحني معلومة. ودون ان يسمح لأحزاب بــان ترشح مـن تـريـد. وهــذا في حد ذاتـه تراجع كبير عما حتقق من مكاسب فيما يتعلق باحلق فـي التنظيم وفيما يتعلق بـدور األحـــزاب السياسية فـي تونس وهو دور قدمي يعتبر التخلي عنه نكسة كبرى». ويضيف احلاجي قائال: «ان هذه النكسة مزدوجة ألنها طالت تـواجـد النساء في احلياة العامة خاصة في مؤسسة مهمة وهي املؤسسة التشريعية. فعدد املترشحات ضعيف للغاية وقد يزداد األمر خطورة فيما بعد في عملية التصويت، خاصة ان التزكيات وكل ما سبق من إعداد الترشحات يكشف لأسف ان الوعي الذكوري األبـوي ما يزال قويا وهو ما يحول دون متكن عدد كبير من النساء من احلصول على التزكيات املطلوبة».

وقـــال احلــاجــي: «إن النزعة احملافظة تتمدد وتواصل احلضور بقوة، وهـذا من مفارقات ما بعد 14 كـانـون الـثـانـي/يـنـايـر11­02 ألننا دخلنا في مرحلة ظاهرها تــكــريــ­س لــلــحــر­يــات وتـكـريـس للمساواة وتكريس حلق املشاركة السياسية، وباطنها الكثير من آلـيـات االستبعاد الـتـي تضرب خاصة النساء. وهذا مؤشر سلبي ويدل على أننا ندخل في مرحلة الوعي احملافظ بكل ما في ذلك من مخاطر».

ضرب مبدأ التناصف الدستوري

راضية اجلربي رئيسة االحتاد الوطني للمرأة التونسية قالت في حديثها لـ «القدس العربي» إن القانون االنتخابي اجلديد يعتبر لأسف تراجعا على ما حتقق من مكاسب وهو يتناقض باألساس مـع مـبـدأ التناصف املنصوص عليه فــي الــدســتـ­ـور التونسي ولــم يكن مالئما ومنسجما مع الـنـص الـدسـتـور­ي فيما يتعلق مبسألة التناصف في االنتخابات

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom