Al-Quds Al-Arabi

آثار اليمن في المزادات العالمية: ثنائية النهب والبيع

-

ذكر تقرير استقصائي ميني، أنه حصر ووثق 4265 قطعة أثرية منهوبة ومهربة، مت عرضها في املــزادات اإللكتروني­ة في ست دول وهي، أمريكا 5 مـزادات، تليها بريطانيا 4 مزادات، ثم فرنسا 3 مزادات، وإسرائيل 2 مزادين وأملانيا وهولندا مزاد واحد لكل منهما، خالل الفترة 1991 آب/ اغسطس 2022 منها 2610 قطعة أثرية مت نهبها وتهريبها منذ بـدء العمليات العسكرية للتحالف في اليمن منذ اذار/ مارس .2015

واستهدف التقرير 16 مزادا إلكترونيا قامت بعرض وبيع القطع األثرية اليمنية بأعداد متفاوتة خالل فترة زمنية امتدت لـ 31 سنة.

وأصـــدر مركز «الـهـدهـد» للدراسات األثرية في صنعاء (غير حكومي) اخلميس املاضي، تقريرا رصد ووثق بعض القطع األثرية اليمنية، التي مت نهبها وتهريبها من اليمن، وتباع في املزادات اإللكتروني­ة ودور عرض اآلثــار في أنحاء العالم، ليكشف بذلك عن واقع نزيف صادم لذاكرة بلد ال ذنب له إال أنه ابتلي بقوى تتصارع للغلبة على السلطة متجاهلة كل شيء في سبيل ذلك.

وجـاء حتديد فترة التقرير بني 1991 وآب/أغسطس 2022 باعتبارها شهدت رواجــا كبيرا لتهريب القطع األثرية إلى خارج اليمن، وبدأت تظهر بشكل واضح وجلي في املزادات حسب التقرير.

وأوضحت هديل الصلوي مدير البرامج والدراسات في املركز لـ«القدس العربي» أن التقرير اعتمد في تلك األرقام فقط على عينة عشوائية من املزادات ودور العرض، والتي مت اختيارها من مزادات ودور عرض كثيرة.

وقـالـت: «تعاملنا مـع هــذه املـــزادا­ت ودور العرض كعينة على أمل أن تتولى املؤسسات احلكومية مهمة استكمال تقصي ومتابعة بقية املزادات».

وأضافت: أن النتائج جاءت مخيفة في حجم اآلثار التي تذهب إلى تلك املزادات ومتثل استنزافا لتراث اليمن الثقافي.

وحذرت من خطورة الوضع الذي يتهدد آثــار اليمن منذ بـدء احلــرب، مؤكدة أن أعمال النهب والتهريب مستمرة، وأعداد القطع األثرية في املـزادات ودور العرض في تزايد مخيف، وهذا اتضح لنا خالل إعداد هذا التقرير.

وأشـارت إلى أن اجلهود اليمنية يجب أن تتحرك بنفس املستوى الـذي حترك من خالله العراق وسوريا في تعاملهم مع آثارهم املنهوبة وقد استعادوا بعضها.

وقـالـت: نأمل ان اليمن يخطو نفس اخلطوات باجتاه استعادة آثاره املنهوبة.

وظهرت البدايات األولى لتهريب اآلثار اليمنية منذ بـدء الرحالت التي قـام بها العديد من املستكشفني، الذين زاروا اليمن بغية التعرف إلـى ما يحويه من وثائق وكـنـوز وآثـــار منذ الـقـرن الثامن عشر امليالدي. وكانت أول بعثة أوروبية وصلت إلـى اليمن عـام 1763 تتكون من خمسة علماء مـن الــدمنــا­رك والسويد وأملانيا برئاسة الدمناركي نيبور. ومن ذلك الوقت بدأ تسريب قطع اآلثار اليمنية إلى خارج البالد عبر من وصل من الرحالة والباحثني وبدأ ما يعرف بالتجارة لبيع اآلثار من قبل املواطنني للرحالة األجانب.

وفي سبيل حفظ اآلثار شهد اليمن في القرن العشرين إنشاء عدد من املتاحف بلغ عـددهـا 32 متحفا مـا بـني متاحف عامة وشعبية وحربية وتعليمية وغيرها. وتعرض عدد من هذه املتاحف في العقد األخـيـر وعلى فـتـرات مختلفة لإلهمال واإلغــالق والقصف اجلـوي من طائرات التحالف عام 2015 والبعض اآلخر تعرض للعبث والسرقة في فترات سابقة، منها متحف عدن الذي تعرض للسرقة أكثر من مـرة. ففي عام 1994 متت سرقة حوالي 60 قطعة أثرية ذهبية وفضية منه، وفي عام 2009 سرقت منه 858 عملة أكسومية 326و مسكوكة رومانية، وفي العام 2019 مت ضبط أكثر من 60 جنبية (خنجر ميني) إلى جانب سيوف في نقطة أمنية مبحافظة حلج بعد سرقتها وتهريبها من املتحف باإلضافة إلـى عملية سرقة أخــرى عام .2013

وفي عام 2007 تعرض متحف العود لسرقة 48 قطعة أثرية وفي العام 2012 تعرض متحف زجنبار في ابني ومخزن احلوطة في حلج لنهب محتوياتهما من القطع األثرية خالل مواجهات مع مسلحي جماعة تنظيم القاعدة. وفي اذار/مـارس 2013 تعرض متحف املكال للسرقة، ومن أهـم املقتنيات التي مت سرقتها كرسي عــرش السلطان القعيطي، وفــي شهر تشرين األول/اكـتـوبـر من العام نفسه تعرض املتحف الوطني في صنعاء لسرقة سبعة سيوف وأربعة رقوق قرآنية أعلن فيما بعد عن استعادتها لكنها كانت في وضع غير سليم.

احلــروب التي عاشها اليمن مبا فيها حـرب صيف 1994 وصــوال إلـى احلرب الراهنة تسببت في تنشيط أعمال السرقة والنبش والنهب والتهريب. واستهدفت احلرب املستعرة نحو 80 موقًعا ومعلًما أثريا في املناطق التي استطاعت الهيئة الـعـامـة لــآلثــار واملـتـاحـ­ف فــي صنعاء الوصول إليها.

كما نشطت خالل السنوات األخيرة من احلرب املتواصلة عرض وبيع آثار مينية في مزادات ودور عرض عاملية في أنحاء مختلفة من العالم وخصوصا في أوروبا وأمريكا.

مركز «الهدهد» للدراسات األثرية تولى

مهمة رصد وتوثيق اآلثار اليمنية املنهوبة واملهربة في عينة من املزادات هي 16 مزادا ودار عرض إلكترونية قامت بعرض وبيع مئات القطع األثرية اليمنية في مختلف أنحاء العالم.

ورصـد التقرير 2167 قطعة أثرية في أمريكا 972و قطعة في هولندا 501و في إسرائيل 421و في بريطانيا 135 في فرنسا و96 قطعة في أملانيا.

وتنوعت مـــادة صنع القطع األثـريـة اليمنية املعروضة في املزادات اإللكتروني­ة منها احلجرية بعدد 1155 قطعة، واملعدنية 1704 قطع، وخمس قطع خشبية، وأربع قطع قماشية، وقطعة زجاجية، بينما كان للمخطوطات النصيب األوفـر، حيث بلغ عددها 1369 مخطوطة.

أما القطع التي مت التأكد من بيعها فهي 2523 قطعة مببلغ تقديري يصل إلى حوالي )12.257.854( دوالر قيمة القطع املباعة أما القطع التي ما زالت معروضة أو لم يتم التأكد من بيعها فبلغت 1742 قطعة.

وأورد التقرير بيانًا مــزوًدا بالصور بالقطع األثرية اليمنية ما بيع منها وثمن البيع في 16 مزادا استهدفه االستقصاء، ومـن هـذه املـــزادا­ت ودور العرض مزاد «اليــف اكشونرز» األمريكي الــذي ضم 1902 قطعة ومنصة «لوت آرت» الهولندية التي ضمت 972 قطعة، فيما ضم املزاد اإلسرائيلي «كيدمي» 388 قطعة، ومزاد شركة «كرستيز» البريطانية 218 قطعة. وفي موقع «سوثبيز» األمريكي 148 قطعة، وفي موقع «بونهامس» البريطاني 118 قطعة، وفي موقع «بيد سكوير» األمريكي 105 قطع.

وكــانــت جـهـود قــد بـذلـت فــي سبيل التعريف باآلثار اليمنية املنهوبة واملهربة، ومـن أبــرز هـذه اجلهود صــدور قائمتني توضحان القطع األثرية املنهوبة من اليمن خـالل الفترة األخـيـرة. القائمة األولــى: أصدرها حتالف اآلثار في أيار/مايو 2018 وحتتوي على سجالت لعدد 1631 قطعة مت نهبها من اليمن. وتتثمل في مجموعة من النقوش بخط املسند وعمالت معدنية ومتاثيل حجرية وغيرها. وتعد قائمة الـطـوارئ احلـمـراء للممتلكات الثقافية املهددة باخلطر في اليمن التي أصدرها اجمللس الدولي للمتاحف في العام 2018 منطلقا أساسيا حسب التقرير، ميكن االستفادة منه في حتديد اآلثـار اليمنية في أي بقعة من بقاع العالم، حيث تضمنت مناذج من املمتلكات الثقافية اليمنية لتكون أمثلة للقطع التي يتم املتاجرة بها حول العالم.

أما القائمة الثانية فأصدرتها الهيئة اليمنية العامة لآلثار واملتاحف خالل الفترة ايار/يوليو 2022 باسم «آثارنا املنهوبة» وحتتوي على 507 قطع أثرية منهوبة ومهربة من اليمن.

وشهدت سنوات احلرب املستعرة حاليا ارتفاعا في عدد القطع األثرية املنهوبة واملهربة في اليمن واملعروضة في مزادات ودور عرض اآلثار العاملية، فبينما كان عدد القطع املعروضة في 16 مزادا ودار عرض (العينة) 85 قطعة عام 2014 وصل الرقم خـالل العام األول من احلــرب إلـى 198 قطعة، وبلغ في العام 2022 نحو 340 قطعة؛ ما يؤشر إلى أن واقع املعروض من اآلثار اليمنية املنهوبة في جميع املزادات ودور العرض في العالم يتجاوز ذلك بكثير ما يتطلب من احلكومة اليمنية التحرك اجلاد من خالل املنظمات الدولية وفي مقدمتها منظمة األمم املـتـحـدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» وغيرها في سبيل استعادة اآلثار كمهمة وطنية إنسانية.

ويعلن الباحث واخلبير في اآلثار اليمنية عبدالله محس بني فترة وأخـرى مواعيد وأمـاكـن عــرض آثــار مينية فـي مــزادات عاملية، وأعلن مؤخرا أن لندن ستستضيف في السادس من كانون األول/ديسمبر مــزادا لبيع أشهر جـداريـة مينية أثرية. وأوضـح أن اجلدارية كانت من مقتنيات متحف فيتزويليام كـامـبـردج، اململكة املتحدة، رمزها في املراجع األكادميية وفي مدونة النقوش اليمنية ‪458 CIH«‬

‪»460 RES‬ تـعـرض اجلــداريـ­ـة خمس منحوتات حيوانية، رأس الظبي اللولبي القرون يحمل بني قرنيه حزمة من سيقان احلبوب يرمز للزراعة واخلصب، وبجواره رأس تنني برقبة طويلة ثم خط منحني من الوسط يرمز ملزعوم املعبود السبئي إيل مقه، ثم رأس وعل ثم صوجلان، رأس حربة يتقاطع مع حزام يرمز للسلطة، وفي أسفل اجلدارية نقش مسند «نصب عثتر وسحر».

وأعلن محسن أن 30 تشرين الثاني/ نوفمبر سيشهد في مزاد اونالين تقيمه دار مــزادات ليون وتورنبول في أدنبرة بيع شاهد قبر مستطيل من احلجر اجليري الــذي تشتهر بـه مـــأرب، والـــذي يسمى باللهجة احمللية «بلق» عمره 2300 عام، وهو من مجموعة خاصة، لندن، حصلت عليه في التسعينيات. وأوضــح محسن أنه يبرز من الشاهد رأس ذكر ملتح بشكل بارز، مع أنف طويل نحيف، وعينان على شكل لـوز حتت حواجب عميقة وأذنـني صغيرتني، مع بقايا نقش مكتوب باملسند (زيد). وأشار إلى أن أكثر املناطق تشهد نبشا ونهبا لآلثار في اليمن هي اجلوف/ شمال وشبوة/جنوب شرق.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom