Al-Quds Al-Arabi

عندما نكتشف اننا حقًا عرب!

- خلدون الشيخ

نعم هو أول مونديال كرة قدم في أرض عربية، وأول جتمع عاملي ألهم حدث رياضي في دولة عربية، وأول مرة أيضا تتجمع جماهير كروية بهذه األعداد أيضا في بلد عربي، وأيضا أول مرة تتجمع االنتقادات واالتهامات بهذه الكثافة على بلد مستضيف لكأس العالم.

أخيرا أظهرت اجلماهير العربية للعالم الغربي وللجماهير األجنبية احلاضرة انها ال تقل عنهم أناقة في التشجيع وفخرا في اظهار الهوية والتراث. وكان االنتصار السعودي الرهيب على األرجنتني مناسبة الظهار املشاعر الفطرية لكل املشجعني العرب من كل صوب وحدب، والذين اصطفوا مع أشقائهم في االحتفال بفوز «األخضر»، والغناء بأعلى صوت «ميسي وينه... كسرنا عينه»، حتى من أنصار برشلونة، الذي يعد النجم األرجنتيني عندهم خطا أحمر. وانتشرت الفيديوهات الرائعة من مكان احلدث في خارج االستاد حتتفي بانتصار السعودية الصادم، مثلما كان التأييد واالحتفاء بتعادلي تونس مع الدمنارك، واملغرب مع كرواتيا، مناسبة البتهاج عربي من اخلليج الى احمليط، حتى انتشرت فيديوهات على احتفاالت في بلدان عربية عدة، كسوريا وغزة واليمن ومصر واجلزائر وغيرها، وهم يطلقون «الزغاريد» ابتهاجا بانتصار «األخضر».

حتى خيبة االقصاء القطري لم تثن العرب من التعاطف واالحتفاء بـ«العنابي»، رغم أنه تقليديا، يكون خروج مستضيف احلدث الكروي من املنافسات يقود عادة الى ثبوط في عزمية املنظمني والى أجواء كئيبة، على اعتبار ان الهزمية الثانية لقطر التي جاءت أمام السنغال أكدت خروجه من منافسات املونديال خصوصا عقب تعادل هولندا مع االكوادور في املباراة الثانية في اجملموعة.

هـذه املشاعر التي تعبر عن هكذا فرحة تأتي من القلب، وال ميكن اصطناعها، بل تعكس أن أي خالف على الصعيد السياسي في هذه االمة لن يثني أن تكون شعوبها واحدة، فرحتكم هي فرحتهم، وكربكم هو كربهم، بل تفاجأت من انتشار فيديو ملراسل قناة تلفزيونية للكيان الصهيوني وهو يشتكي بحرقة من انه لم ينجح مبحاورة أي من املشجعني العرب عقب نهاية مباراة السعودية واألرجنتني، بل تفاجأ من ترديد اسم فلسطني خالل مناكفاته مع املشجعني الذين رفعوا علم فلسطني في وجهه.

انتصار السعودية أعاد إلى األذهـان االنتصار اجلزائري على أملانيا الغربية بالنتيجة عينها في نهائيات إسبانيا ،1982 لكن هذه املرة يراه كثيرون مغايرًا كليًا بعد فترة طويلة من «اإلحباط العربي» في العرس الكروي إال في بعض املناسبات التي توقفت عند الدور الثاني ثالث مرات، أولها للمغرب في مونديال املكسيك ،1986 والسعودية في الواليات املتحدة ،1994 واجلزائر في نسخة البرازيل .2014

من أسباب حتقيق نتائج مفاجأة كانتصار اليابان الرهيب على أملانيا، باإلضافة الى فوز السعودية على األرجنتني، هو قلة التحضير للمونديال، فبالكاد خاضت املنتخبات املونديالي­ة مباراة ودية واحدة قبل االنطالق، فيما أخرى لم تخض أي مباراة استعدادية، أما املنتخب السعودي مثال فخاض 6 مباريات ودية، فكان جاهزا ومستعدا، كما كان للحضور اجلماهيري السعودي الكثيف دور مهم في شد أزر الالعبني، إذ توافد اآلالف عبر احلدود واحتلوا مدرجات ملعب «لوسيل». ورفع الفوز من طموحات اجلماهير السعودية بتجاوز مرحلة اجملموعات للمرة األولى منذ مونديال .1994

ويبدو غريبا ان نتحدث عن مباريات مصيرية مليسي وللمنتخب األملاني مباشرة عقب انتهاء اجلولة األولى، وأن األمر قد ينتهي هكذا ببساطة مليسي في حتقيق حلمه في احراز اللقب الوحيد الذي يفتقده في مسيرته الرهيبة، من الدور األول بعدما راهن املاليني على أن يكون آخر مونديال في مسيرته من نصيبه، مثلما سيكون باستطاعة االسبان ان يكرروا معاناة االملان باقصائهم من الدور األول للمرة الثانية على التوالي بعد خيبة احللول في قاع مجموعته في مونديال روسيا .2018

اآلن قطر تخطت مرحلة تلقي سهام االنتقادات بال رد، ألن العالم بدأ يرى اجلهد اجلبار املبذول في بناء بنى حتتية حديثة وعصرية للترحيب باجلميع من كل انحاء العالم، بل تيقنت أن في ظهرها كل الشعوب العربية املوجودة في أرضها أو خارجها، تدافع عن قيم وتراث وعادات وتقاليد، مزجتها مع العالم العصري واحلداثة العاملية، ولهذا كانت كلمة «ارحبوا» على لسان العربي والعجمي في مونديال عربي خالص.

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom