Al-Quds Al-Arabi

ماذا نفهم من جنون وإثارة بداية كأس العالم؟

- ـ «القدس العربي»: عادل منصور

فاقت اجلولة األولــى لنهائيات كأس العالم، كل التوقعات، بكم هائل من أجود وأرقى الوجبات الكروية الدسمة، وسط أجواء احتفالية يفوح منها كرم الضيافة واالستقبال العربي، وتنظيم خيالي باملعنى احلـرفـي للكلمة، ســـواء داخـــل املالعب املبهجة والفريدة من نوعها، بذاك املزيج العجيب بني املـــوروث الشعبي القطري وفن العمارة، أو في الشوارع والطرقات الصاخبة على مدار اليوم، وبعبارة أخرى ظروف مثالية بالنسبة لالعبني واجلماهير، فكانت احملصلة أو املؤشرات األولـى، ما شاهدناه من مفاجآت وعبر في اجلولة االفتتاحية.

خسائر املضاربني

واحدة من األشياء أو الدروس املستفادة من اجلولة األولى في املونديال القطري، أن الرهان املنطقي في ما يخص توقعات نتائج منتخبات الصفوة مع الصغيرة أو املتوسطة، لم يعد كما كان في السابق، والدليل على ذلـك، أن أحدهم، خسر من ماله 160 ألــف دوالر، بعد رهـانـه على فوز املنتخب األرجنتيني على السعودي في افتتاحية اجملموعة الثالثة في كأس العالم العالم، وذلك بطبيعة احلال، ليس لطمعه في احلصول على 20 ألفا إضافية، كما ورد في رواية صحيفة «ديلي ميل»، بل لثقته العمياء في فوز ليونيل ميسي ورفاقه، للفوارق الفردية الشاسعة بني املنتخبني، لكن على أرض الـواقـع، وفي ظل تسلح األخضر السعودي بأكثر من 50 ألف مشجع في ملعب «لوسيل» حدثت ما وصفها االحتاد الدولي لكرة القدم «فيفا» بـ«أكبر صدمة» في تاريخ املونديال، فيما اعتبرتها شبكة «سي إن إن» أكبر «مفاجأة» في تاريخ البطولة على مدار 92 عاما.

عدوى السعودية

ألنها أول بطولة كأس عالم تقام على أرض محايدة وعلى مسافة واحــدة من

أغلب دول العالم، انتقلت سريعا عدوى السعودية لباقي املنتخبات العربية ومن يعرفون مبنتخبات العالم الثاني والثالث كرويا. فقط استغرق األمر ساعة واحدة، لظهور األعــراض اإليجابية األولــى، بتلك اجلرأة والشخصية التي لعب بها املنتخب التونسي أمام احلصان األسود في يورو ،2020 املنتخب الدمناركي، وحدث ذلك، عكس أغلب التوقعات والترشيحات، بـأن املنتخب االسكندينا­في سيتجاوز نسور قـرطـاج بطريقة أو بـأخـرى، لكن داخل املستطيل األخضر، كانت األفضلية للمنتخب العربي، ورمبا لو حتلى الفريق بقليل مـن الثقة والـشـجـاع­ـة، خلرجوا بالثالث نقاط، لكن نتيجة التعادل على نتيجة البياض تبقى مفاجأة في حد ذاتها، مماثلة للمفاجأة األخــرى التي أحدثها شقيقه املغربي أمام وصيف العالم النسخة املاضية، املنتخب الكرواتي، في مباراة بدت متكافئة أو بني منتخبني على نفس املستوى، وليس كما كانت التوقعات في ردود األفعال بعد إجراء مراسم القرعة، بأن املنتخب املغربي سيكون فريسة سهلة للمنتخب الكرواتي العنيد، ومثل املنتخب التونسي، افتقر رجـال وليد الركراكي، للحدة والشراسة في الثلث األخير من امللعب، لكن في كل األحـوال، كان تعادال بطعم الفوز حلكيم زياش ورفاقه والعكس ملمثل شرق أوروبا، املرشح املفضل ملنافسة بلجيكا على صدارة اجملموعة.

غضب الطبيعة

فـي الـيـوم التالي ملعجزة السعودية أمـام األرجنتني، بـدا وكـأن العالم وكرة القدم واجملـرة والكون احتـدوا جميعا مع املنتخب الياباني في معركته الشعواء ضـد املاكينات األملــانـ­ـي، بعد الرسالة االستفزازي­ة التي بعثها مانويل نوير ورفاقه قبل املباراة، بوضع أيديهم على أفواههم، كرسالة احتجاج أو اعتراض على التقاليد والثقافة الغربية، التي دعمها الفيفا على مضض، مبعاقبة قائد أي منتخب يرتدي شارة حتمل ألوان مختلفة عن علم بالده، باألحرى علم مجتمع «ميم عني»، مبنحه بطاقة صفراء مبجرد إطالق

صافرة بداية املــبــار­اة، كنوع من أنـواع «قلة االحترام» لتقاليد وثقافة البلد املنظم للبطولة واملنطقة بأكملها.

وجاءت الضريبة باهظة الثمن، بتجرع الناسيونال مانشافت، من نفس الكأس مع األرجنتني، وبنفس سيناريو «رميونتادا» الصقور اخلضر، بعودة مذهلة للنينجا الياباني، اكتملت بقلب تأخرهم إلى انتصار للتاريخ بهدفني لـهـدف، وســط إجماع واتفاق احلبيب قبل الشامت، على خطأ األملان، أو باألحرى االحتاد أو احلكومة، بإقحام الالعبني في معركة سياسية، من املفترض أنهم ليسوا طرفا فيها، كما وضح في رسالة وزيرة الداخلية نانسي فيزر، التي تفننت في استغالل نفوذها، لدخول ملعب املـبـاراة بالشارة امللونة، وتوثيق صورها وهي مرتدية الشارة، وسط حماية ودعم رئيس الفيفا نفسه جاني إنفانتينو، وهــذا الـصـراع املصطنع مـن الـعـدم، أثر بشكل سلبي على تركيز الالعبني، وجعلهم يستيقظون على كارثة الهزمية، ومواجهة شبح اخلـروج املبكر من املونديال للمرة الثانية على التوالي، بعد فضيحة اإلقصاء من دور اجملموعات في حملة الدفاع عن اللقب في روسيا.

«من صغري وأنا منبهر باألسطورة مارادونا، وكانت البداية من خالل صفحات مجلة الصقر القطرية التي كنت أتابعها قبل أن تتوقف. كثيًرا ما كنت أشاهد مارادونا في أغلفتها، ومن ًحينها وأنا أرسمه، ومن خالله انطلقت لرسم جنوم الرياضة الحقا» يقول التشكيلي اليمني، شهاب املقرمي، متحدثا لـ«القدس العربي» عن شغفه برسم جنوم الرياضة، وخاصة جنوم كرة القدم، مبن فيهم جنوم املونديال.

ميثل شهاب املقرمي )1967( أحد أبرز رسامي الوجوه في اليمن، وله في هذه التجربة مشروع أسماه «الذاكرة الشهابية» التي تضم وجوه أبرز الشخصيات في العالم في معظم اجملاالت مبن فيهم جنوم الرياضة. على صعيد عالقته برسم جنوم الرياضة، وخاصة كرة القدم، امتدت جتربته من رسم دييغو أرماندو مارادونا إلى رسم جنوم آخرين، بدءا من جنوم كرة قدم مينيني كعلي محسن مريسي، وعلي النونو، وشرف محفوظ، وجنوم عرب أمثال، حسن

رسائل مبكرة

باستثناء عــثــرات الـثـالثـي املـرشـح للذهاب بعيدا فـي البطولة األرجنتني، أملانيا وكرواتيا، فقد أظهرت جل مباريات اجلولة األولى، تقاربا ملموسا في مستوى املنتخبات، ما عدا اجلبابرة، الذين عجلوا بإيصال رسائل التحذير والترهب مبكرا، كما شاهدنا املنتخب اإلنكليزي، ُيشّنع بضحيته املنتخب اإليراني بسداسية مقابل اثنني، وباملثل، بالغ املنتخب اإلسباني في استعراض قوته املفرطة على كوستاريكا، في مهرجان السبعة أهـــداف، وبينهما كشر املنتخب الفرنسي عن أنيابه كما ينبغي، بردع أستراليا بأربعة أهداف مقابل هدف، وكما كان متوقعا، كشف املنتخب البرازيلي عن نواياه وطمعه املشروع في إخضاع الكأس، العصية على بالد السامبا منذ مونديال رونالدو الظاهرة ،2002 وذلك بالفوز السهل واملريح على صربيا بثنائية ريشارليسون، منهم هدف هوليوودي ال يحدث كل يوم في مالعب كرة القدم، أما باقي املواجهات بـدون استثناء، كانت متقاربة وقابلة لكل االحتماالت، وشاهدنا كيف سـرق املنتخب الهولندي خصمه السنغالي، جتسيدا للمقولة الشهيرة «من يهدر األهــداف يستقبلها»، من أفضلية ألسود التيرانغا في أغلب األوقات، وفرص كان باإلمكان استغاللها بطريقة أفضل، إلى االستيقاظ على «آفـة» أفريقا في كل العصور، والتي تكمن في سرحان الالعبني وتشتتهم بدون مبرر في الدقائق األخيرة، بالطريقة التي مكنت فان خال ورجاله في منتخب الطواحني، من خطف هدفني في آخر ست دقائق.

وال ننسى، أن املنتخب البلجيكي املدجج بكوكبة من أملع جنوم أوروبا، انتزع فوزا يـقـال عنه «بشق األنـفـس» مـن املنتخب الـكـنـدي، ولــوال بـراعـة االخـطـبـو­ط تيبو كـورتـوا، وتصدياته املذهلة، منها ركلة جــزاء من جنم بايرن ميونيخ ألفونسو ديفيز، ملـا انتهى اللقاء بـفـوز منتخب الشياطني األحمر بهدف باتشواي الوحيد، حتى األسطورة كريستيانو رونالدو، ظل واقفا على أطراف أصابعه خارج اخلطوط، وعلى وجهه كل عالمات اخلوف والقلق، من عودة املنتخب الغاني في النتيجة أمام البرتغال، في واحـدة من أجمل مباريات البطولة وأكثرها إثارة، خاصة في دقائقها األخيرة، عندما كثف املنتخب األفريقي من ضغطه، إلدراك هدف التعادل الثالث، وهـو مـا كـان سيحدث فـي آخـر حلظات الوقت احملتسب بدل من الضائع، بهدية من احلارس ديوغو كوستا، لكن من حسن حظه، أن املهاجم الغاني تعثر حلظة تسديد الكرة في املرمى الفارغ، واملثير للدهشة واالستغراب، أن املنتخب الغاني، كان ينظر له قبل البطولة، على أنه أضعف ممثلي املاما أفريكا في املونديال، مقارنة مثال باملنتخب الكاميروني، الذي رشحه رئيسه صامويل إيتو للفوز باللقب، ومع ذلك، لم يعبر عن نفسه كما ينبغي في خسارته األولى أمام سويسرا، بأقدام الكاميروني األصل/السويسري اجلنسية إميبولو، الشاهد عزيزي الــقــارئ.. أن مؤشرات اجلولة األولـى تنذر باملزيد من املفاجآت املدوية، على األقل في األجل القريب، إال إذا حدث العكس وأثبتت التجارب أنها كانت مجرد صحوة أو انتفاضة مؤقتة للمنتخبات املكافحة أمام العمالقة.

شحاته ومحمد أبوتريكة، واحلضري، واألخضر بلومي، وانتهاء بنجوم عامليني أمثال: بيليه، وديستفانو، وزين الدين زيدان، وفرانز بيكنباور، وميسي، ورنالدينيو ومحمد صالح وغيرهم، وذلك انطالقا من ولعه بالرسم والرياضة في آن واحد. وكان مارادونا أول وجه رياضي يتعامل معه في الثمانينيا­ت، ومن حينها وهو مهتم برسم وجوه الرياضيني في سياق اهتمامه برسم أبرز وجوه الشخصيات املؤثرة عامليا.

يقول: «أما جنوم الرياضة بشكل عام فقد رسمتهم في منتصف اشتغالي على لوحة (الذاكرة الشهابية)».

وأوضح أنه ال يعرف عدد الوجوه الرياضية التي رسمها «ال أدري كم من جنوم الرياضة رسمت، لكنهم كثيرين، وآخرهم كرمي بنزمية احلائز على الكرة الذهبية مؤخرا».

تتمتع عالقة املقرمي برسم وجوه جنوم الرياضة بخصوصية انطالقا من اهتمامه مبا ميكن تسميته فلسفة املالمح، التي يتعامل معها مستنطقا بواسطتها مالمح الروح الرياضية التي يختزلها

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom