«واشنطن بوست»: اجليش عاد من جديد ليقرر مصير باكستان

نشــرت صحيفة "واشنطن بوســت" مقال رأي للمعلق الباكســتاني حامد مير، قال فيه إن اجليش الباكستاني عاد إلى مركز السياسة في البالد. فبعد أشهر من املؤامرات، أعلنت باكستان أخيرا عن اسم قائد جيشــها، وحصل على الوظيفة اجلنرال عاصم منير، رئيس مؤسســة االستخبارات العامة سابقا (آي آي). وقال الكاتب إن الكثير من الباكستانيني تنفسوا الصعداء ألن هذا جنب البالد أزمة سياسية، على األقل في الوقت احلالي.

والســبب هو أن رئيس الوزراء الســابق عمران خان، ظل يدفع باجتــاه املواجهة مع قادة اجليش البارزين، بشــكل أثار مخاوف الكثيرين من إعالن اجليش عن قوانني الطــوارئ، ويبدو أن التهديد قد زال، على األقل في حاليًا.

ولم يكن أحد قادر ًا على التكهن بالوضع احلالي في عام ،2018 عندما أصبح خان رئيســ ًا للوزراء في انتخابات وصفت بأنها األكثر قذارة في تاريخ البلد، وشــابها التخويف والفساد والتالعب باألصوات. وافترض بشــكل واسع أن وصول خان إلى السلطة مت مبســاعدة من اجليش. وكان منافس خان الذي أطيح به عبر تصويت برملاني لنزع الثقة هذا العام، نواز شريف، واتهم قائد اجليش اجلنرال قمر جاويد باجوا بالوقوف وراء هزميته.

ومتتع خان في األشــهر األولى من احلكم بعالقات جيدة مع اجليــش. وزادت عالقته مع األخير من مصداقيته لدى الهند، مما ســاعده علــى اإلعالن عن مبادرات عدة لتطبيع العالقــات معها، منها وقف إطــالق النار العام املاضي. إال أن اخلالفات بدأت تطفو على الســطح، فقد كان اجلنــرال باجوا، راغبا بالتحرك سريًعا وحتسني العالقات مع الهند، لكن خان بيقي محذًرا.

وفــي خريف عام ،2021 دخل خان في مواجهة مع اجليش حول رئيس االســتخبارات اجلنرال فائز حميد، الذي أراد خان احلفاظ عليه ضد رغبة اجليش في نقله ملنصب آخر. وبدأ معارضو خان بالتشكك من أنه يريد تعيــني حميد قائدا للجيش كي يحقق أهدافه. واتهم مديــر اخملابرات احلالي ندمي أجنوم، خان بأنه طلب من اجليش خدمات "لم يذكرها".

وعندمــا وجدت املعارضــة أن خان لم يعــد يحظى بدعم اجليــش، انتهزت الفرصــة وأطاحت به عبر ســحب الثقة من حكومته، وهذا هو مصدر حنق خان احلالي ضد اجليــش، فهو يعتقد أن حلفاءه السابقني، خانوه سياسيا وحاول االنتقام وعمل ما يستطيع ملنع تعيني قائد جديد للجيش.

وعلينا تذكر أن خان ليس مجرد العب سياسي، بل هو محرك سياسي كبير في البالد. ويسيطر حزبه "حتريــك إنصاف" على واليتني، البنجــاب وخيبر باختون خاوا، إلى جانــب منطقتني صغيرتني، أزاد كشــمير وغيليت بالتستان. وكان رئيس باكســتان عارف علوي، عضوا في حزب "حتريك إنصاف". ومن الناحية الرســمية، على رئيس الوزراء استشارته في تعيني رئيس الوزراء اجلديد، وحاول خان االستعانة به ملنع تعيني قائد اجليش اجلديد. لكن علوي اتخذ موقف ًا حذر ًا، ونصح خان بعدم تنفير قائد اجليش اجلديد أو استعدائه.

وقادت عداوة خان للجيش التهامه اخملابرات مبحاولة اغتياله بداية الشــهر احلالي مع أنه ال توجد أدلة لدعم مزاعمه، حســب الكاتب مير، معتمدا على رواية املنفذ للعملية التــي قال إنها بدوافع دينية، وبدون أية تفاصيل أخرى. وكان خان يخطط ملســيرة من روالبندي إلى إســالم أباد، حيث قرر وقفها لعدم زيــادة التوتر. ويقول نقاد خان إن حملته إلثارة التوتر مــع اجليش قد تكون جنحت، حيث أراد الدفع بانتخابات مبكرة هذا الشــتاء. ويرى آخرون أنه كان يريد مــن اجليش فرض قوانني الطوارئ للتهرب من استبعاده بســبب اتهامات فســاد. وقال في مقابلة: "فلتكن هناك قوانني طوارئ، أنا لست خائفا".

وقال باجوا، قائد اجليش املنتهية واليته في خطاب، إن اجليش ســيظل خارج السياسة، لكن ليس هــذا هو الواقع، ويعــود الفضل في هذا خلان. ولــو كان ال يريد حقيقة إخراج اجليش من السياســة، فالكاتــب يدعمه. فقائد اجليش اجلديــد يواجه حتدي البقاء على احلياد. وعليــه عدم اتخاذ مواقف، ويشــعر أنه أقوى من البرملان وترك األخير لتشكيل السياســة اخلارجية في أفغانستان والهند بدون تدخالت. ويجــب أن يكون تركيزه على األمن، خاصة في املناطق احملاذية ألفغانســتان حيث يتعرض اجلنود يوميا لهجمات. ومشكلة باكستان لم تنته بعد، فقد صعق خان اجلميع عندما قال إنه سينسحب من مجالس الواليات، ولعب ورقته األخيرة، في وقت ينتظر اجلميع اخلطوة املقبلة.