Al-Quds Al-Arabi

موجة إضرابات واحتجاجات في القطاعات املهنية السودانية

- من ميعاد مبارك:

بدأ املعلمون السودانيون، أمس اإلثنني، إضرابا عاما عن العمل في واليات البالد اخملتلفة، مطالبني بزيادة احلد األدنى لألجــور، وفيما أغلق جتار الذهب وســط اخلرطوم محالهم التجارية، متهمني الشــركة الســوداني­ة للمــوارد املعدنية (حكومية) بـ«التغــول على حقوقهم» وتنفيــذ «انتهاكات» واســعة ضد التجار، بالتعاون مع الشــرطة، نفذت بائعات الشــاي واألطعمة، والعامالت في القطــاع غير املنظم، وقفة احتجاجية، أمام مقر املفوضية الســامية حلقوق اإلنســان، رفضــا للحمالت التــي تقوم بها الشــرطة فــي مواجهتهم ومصادرة أدوات العمل اخلاصة بهم.

وســلمت املشــاركا­ت في الوقفة مذكرة احتجاجية ملكتب املفوضية، جاء فيها أن «ظــروف احلرب والنزوح والهجرة من مناطق داخل الســودان ومن دول اجلــوار مثل إثيوبيا، وإريتريا و السودان، فضال عن فقدان معيل األسرة، دفعت ما يقدر بنحو 50 ألف ســيدة في العاصمة السودانية اخلرطوم للعمل في القطاع غير املنظم».

وأشــارت املذكرة إلــى أن «معظم هؤالء النســاء يقطن في أطراف املــدن ومناطق تنعدم فيها اخلدمات األساســية للكهربــاء واملياه والصحة والتعليــم، وأنهن في ظل العجز عن تلبية االحتياجات األساســية ألســرهن وضعف فرص العمل في القطاع املنظم، اتخذن من الشوارع واألسواق وظل األشجار واملباني غير مكتملة التشييد واألسواق مكانا للعمل وكســب الرزق والعيش الكرمي كبائعات للشــاي واألطعمة وبائعات متجوالت حتت مســمى العامالت فــي القطاع غير املنظم».

ولفتت إلى إن انقالب 25 أكتوبر/ تشرين األول 2021 أعاد قانون «النظام العام» املقيد للحريات العامة، حتت مسميات جديدة مثــل «املكافحة والقضــاء على الظواهر الســالبة» و«الشــرطة اجملتمعية» التي اتهمتها مبمارســة العنف ضد النساء عموما والعامالت في القطاع غير املنظم بشكل خاص.

واتهمت املذكرة أجهزة الدولة النظامية بترويع املواطنني وانتهاك حقوقهم وكرامتهم، مشــيرة إلى تنفيذ الســلطات حملة واسعة ضد البائعات في عدد من املناطق في العاصمة اخلرطوم، تزايدت خالل األسابيع املاضية.

ولفتت إلى مقتل إحدى العامالت فــي القطاع غير املنظم

برصاص الشــرطة خالل حملة في حي ود البشــير جنوب اخلرطوم في سبتمبر/ أيلول املاضي.

وإضافــة للعنف الــذي ميــارس عليهن تقــوم وحدات مشتركة مكونة من األجهزة النظامية واألمنية وموظفي إزالة اخمللفات باحملليات، بالتغول على معدات العمل اخلاصة بهم، وفق املذكرة التي اعتبرت ذلك «تعديا واضحا على حقهن في العمل والتملك».

وأشــارت إلــى «تعرضهن ألشــكال متعددة مــن العنف اللفظي واجلســدي خالل دفاعهن عن تلك املمتلكات»، مبينة أن «عمليــات العنف تتصاعد بالتزامن مــع قمع التظاهرات واالحتجاجا­ت الرافضة لالنقالب العسكري في البالد».

وأضافت: «ظلت هذه الوحدات النظامية املشتركة تالحق العامــالت بصورة متكــررة وتقوم بتخريــب أدوات العمل ومصادرتهــ­ا، ثم فــرض مبالغ مالية ضخمة الســترجاع­ها، فضال عن اجلبايات الباهظــة التي تفرضها احملليات وتعجز العامالت على دفعها».

وطالبت بـــ «اإليقاف الفوري للحمالت التي تســتهدف بائعات الشــاي واألطعمة وعموم العامالت في القطاع غير املنظم في واليــة اخلرطــوم وواليات الســودان اخملتلفة، وإيقــاف العنف املمنهج املتبــع من قبل األجهــزة النظامية واألمنية املصاحبة لتلك احلمالت وإحالة من تثبت ممارسته للعنف إلى التحقيق الفوري».

وأكدت كذلك على «ضــرورة توفير احلماية للعامالت في القطاع من خالل بطاقات حماية حقوقية، ومنحهم الشرعية في قوانني العمل السودانية وتخصيص أماكن عمل مناسبة للنســاء العامالت في القطاع غير املنظــم، وتخصيص دعم اجتماعــي وصحــي وتعليمي للعامــالت وإشــراكهن في مستويات احلكم القاعدية واجملالس احمللية».

كما طالبت «منظمات اجملتمع املدنــي الوطنية واإلقليمية والدولية باملســاهم­ة في تخفيف حدة الفقر والعوز لبائعات الشــاي والعامالت فــي القطاع غيــر املنظم عبــر برامجها التنموية اخملتلفة».

في املوازاة، أغلقت مباني عمارة الذهب وســط اخلرطوم بالكامل، وعلق جتار الذهب الفتات طالبوا من خاللها شركة املــوارد املعدنية بااللتــزا­م مبنع عمليــات التفتيش من قبل القوات النظامية حملالهم التجارية، والتي تسببت في أحداث عنف ونهب عديدة، كما دعت لتوفير احلماية داخل أســواق الذهب عبر قوات نظامية معروفة حلفظ األمن.

وفــي يونيو/ حزيــران، نفذ جتار الذهــب إضرابا عاما، بعد حمالت تفتيش قامت بها الشــركة الســوداني­ة للموارد

من إضراب املعلمات واملعلمني في السودان امس

املعدنية التابعة للحكومة، شــملت تفتيــش خزائن التجار والتفتيش الشــخصي لــكل من يدخل أو يخــرج من احملال اخلاصة بالبيع عبر قوات نظاميــة، وقيام مجموعات تدعي أنها نظامية، بعمليات نهب واســعة خاصة في عمارة الذهب وسط اخلرطوم.

والحقا تلقى جتار الذهب وعودا من شركة املوارد املعدنية بحمايــة محالهم وإيقــاف تلك احلمــالت، إال أنهــم عادوا لإلضراب واإلغالق الشــامل حملالهم متهمني الشــركة بعدم تنفيذ وعودها. كذلك أكد رئيس جلنة املعلمني الســوداني­ني، حسن عبد الكرمي، جناح اليوم األول

إلضراب املعلمني واستجابتهم بشكل واسع للدعوات التي أطلقتها اللجنة.

وحســب بيان له، فــإن «اإلضراب في يومــه األول جدد التأكيد على وحدة صف العاملني فــي قطاع التعليم وعدالة مطالبهــم»، مبينــا أن «تقارير الرصــد امليداني أوضحت أن نسبة االستجابة لإلضراب وصلت إلى .»٪96

وأشــار إلى أن «مطالبهم التي تشــمل حتســني األجور وحتســني بيئة العمل وزيادة حجــم الصرف احلكومي على قطــاع التعليم ليصل إلى 02٪ من ميزانية الدولة، ليســت مــن أجل حقوق املعلمني فقط، وإمنا من أجل كل أفراد اجملتمع الســوداني كأصحاب حق ومصلحة في تعليم جيد منصف ومجاني ومتاح للجميع». وأضــاف: «التحية للمعلمني وهم يقفون كل يوم في املدارس من أجــل تعليم النشء والتحية لهم اآلن وهم وقوف من أجل حقوق املعلمني والطالب».

كمــا أصدرت اللجنة بيانا، خاطبت خالله أســر الطالب، أشــارت فيه إلى أن «املعلمني ترددوا لفترة طويلة في إعالن إضرابهم، بســبب قلقهم من آثاره علــى التالميذ والطالب، باإلضافة إلــى الوعود التــي تلقوها من الدولة بتحســني أوضاعهم».

وأشار البيان إلى أن «ما وصل إليه حال املعلمني واملعلمات في البالد، فاق كل ما ميكن تصوره».

وقال كذلك إن «كل األبواب أوصدت في وجوه املعلمني في ظل األوضاع اإلقتصادية املتردية في البالد ولم يتبق لهم إال

اإلضراب لتحقيق مطالبهم»، التي وصفها بـ «املشروعة».

ومنذ صبيحة األمــس توجه املعلمون فــي أنحاء البالد اخملتلفــة إلى املدارس ووقعــوا على دفتر احلضــور، بينما امتنعوا عن تقدمي احلصص الدراســية ورفعوا الفتات كتب عليها «أنا معلم مضرب».

وأكدت أكثر من ثالثني نقابة جلنة تســييرية مهنية دعمها للمعلمني في إضرابهم، وقالت في بيان مشترك إن «العاملني في مؤسســات التعليم االبتدائي واملتوســط والعالي ظلوا يطالبون بحقوقهم املشــروعة في حتســني شروط اخلدمة بينما تواصل السلطات» التي وصفتها بـ«املستبدة» جتاهل تلك املطالب»، مشــيرة إلــى أن إضراب املعلمــني حلقة من سلســلة املقاومة الطويلة التي يقوم بها الشعب منذ انطالق ثورة ديسمبر/ كانون األول .2018

وشهدت البالد موجات متتالية من اإلضرابات املطلبية في عدد من القطاعات املهنية الســوداني­ة، احتجاجا على ضعف األجور في ظل األزمة االقتصادية التي تضرب البالد، والتي تفاقمت منذ انقالب العســكر على احلكومة االنتقالية في 25 أكتوبر/ تشرين األول املاضي.

ومنذ ســبتمبر/ أيلول 2020 بدأت الســلطات السودانية برامــج رفع الدعم عــن الوقود واخلبز والســلع واخلدمات االستهالكي­ة.

وفي مقابل الزيادات العالية في أسعار السلع األساسية، التي ترتبت على رفــع الدعم، تراوح أجور املوظفني والعمال الســوداني­ني مكانها، األمر الذي تسبب في موجة واسعة من اإلضرابات.

يأتي ذلك في وقت تتصاعد التظاهرات الرافضة لالنقالب العســكري في البالد واملطالبة باحلكــم املدني الدميقراطي، وسط دعوات لإلضراب العام والعصيان املدني.

وراح ضحية قمع األجهزة األمنيــة للتظاهرات الرافضة لالنقــالب 121 قتيال، معظمهم بالرصــاص وفق إحصاءات جلنة أطباء الســودان املركزية، بينما جتــاوز عدد مصابي االحتجاجات 6000 حســب منظمة «حاضرين» الناشطة في عالج مصابي الثورة السودانية.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom