Al-Quds Al-Arabi

«مطاردة عنصرية»: صحنا «حلوى وسَلطة» يتسببان في فصل طبيب فلسطيني من مستشفى إسرائيلي

-

القدس احملتلة ـ «القدس العربي» ـ من سعيد أبو معال:

يوما إثر يوم تتعمق مظاهر العنصرية التي ميارسها اجملتمع اإلسرائيلي، وهــذه املرة امتدت وظهــرت في مهنة اإلنســاني­ة وهي الطــب، حيث فصل مستشفى هداســا الطبيب أحمد محاجنة، استجابة لضغوطات من متطرفني إســرائيلي­ني، بذريعة تقدميه احللوى للطفل األســير محمد أبو قطيش أثناء تلقيه العالج في املستشفى بعد إصابته بالرصاص.

وفــي تفاصيل القضية يقــول محاجنة مــن مدينة أم الفحــم في الداخل الفلســطين­ي احملتل عام 1948 إن «قرار فصله وصله باألمس وهو صادر عن إدارة مستشــفى هداســا في القدس، لكن ذلك ال يعني أننــي مفصول، حيث أن القرار املكتوب يفيد بنية إدارة املستشــفى فصلــي لكون فصل طبيب من املستشــفي­ات يستوجب التوجه ألكثر من جهة، ومن ضمنها اللجنة املسؤولة عن األطباء في إسرائيل وهي ضد قرار الفصل».

وتابع في حديث صحافي: «املستشــفى اليوم في مــأزق كبير واحلل هو التوجه للمحكمة اإلسرائيلي­ة من أجل البت في القضية».

ويكشف محاجنة أن قرار مستشفى «هداسا» من ناحيته قام بفعل الفصل، كما أنه مبعد منذ 4 أسابيع عن العمل» حيث دخلت في إجازة إجبارية».

األسير محمد أبو قطيش

وعن طبيعة ما جرى في املستشفى في الواقعة التي تسببت بالفصل يقول محاجنة أن املوضوع بسيط جدا، ويتابع: «بتاريخ 26 أكتوبر/ تشرين األول املاضي كان هناك في القســم الذي أعمل به احتفال بســيط كوني اجتزت أنا وزميــل لي امتحان التخصص، حيث أحضرنا أكال بســيطا وحلويات، وبعد أن أنتهى االحتفال اقترحت عامالت النظافة أن نقوم بتوزيع بقايا األكل على املرضى في القســم، وهو األمر الذي رحبت به، حيث كان من املرضى األربعة في القسم األسير محمد أبو قطيش».

وأضــاف أنه «حلظة إدخال عامالت النظافة واملســاعد­ات صحن احللوى وصحنــا آخر من الســلطة للمريض أبو قطيش صادف أننــي كنت بالغرفة، وخالل وجودي ســألت املريض عن حاله، وقمــت بفحصه وانتهى األمر، في هذه األثناء وضعت العاملة األكل».

وشــدد على أنه كان يجلس إلى جانب املريض ضابطان من الشرطة، ولم يعترضــا على ما فعلته املمرضــة، وفي وقت الحق توجه لــي أحد الضباط، وبطريقــة عنصرية طلب هويتي رغم أني مبالبس العمل، وأخبرته أنه ميكنه أن يذهب إلى مديري في القسم لالستفسار عن هويتي. الطبيب أحمد محاجنة (الصورة من صفحته على فيسبوك)

وتابع محاجنة سرد املوقف بدقة: «بعد وقت قليل قام الضابط بتصويري. قلت له: «تافه جد أن تقوم بتصويري». وانتهى النقاش بيني وبينه عند هذا احلد.

ويشــدد أنه بعد 3 أســابيع من هذه احلادثة «دعي للتحقيق لدى شرطة في القدس، وبعدها كانت هناك جلسة اســتماع في املستشفى وأنا واحملامي أوضحنا أن من أدخل الطعام هو عاملة النظافة، وهو أمر أكدته شهادة زميلي في القسم، لكن كل ذلك لم يؤثر في قرار الفصل الذي كان جاهزا من قبل».

وحــول تفاصيل التحقيق قــال محاجنة إن إحدى االدعــاءا­ت متثلت في

قولهم إنني ذكرت كلمة شــهيد في وصف األســير، وهو كالم كاذب ومضلل والســبب أننا ال نصف األسرى بالشهداء. وال يجد محاجنة سوى تعبيره أن هناك «مطاردة عنصرية» له أســوة بوالده وأخيه احملامي وهما من احملامني الذين تولوا اإلشراف والترافع عن أسرى سجن جلبوع (نفق احلرية).

ويضيــف أنه «منــذ تلك الفتــرة، أي بعد ظهورهما فــي اإلعالم أصبحت النظرة العنصرية الغريبة ضدي تتزايد، حيث مت وصف أهلي بإنهم «داعمون لإلرهاب».

ويحكي قصــة إحدى املمرضــات اليهوديات عندما كتبــت على مجموعة «واتس آب» ونشــرت الحقا على شــكل صورة بالصحف العبرية أن «أحمد مخرب»، وهو أمر يأتي ضمن مسلسل حتريض منظم واستهداف متواصل.

يذكــر أن الطبيــب أحمد محاجنة هو جــراح قلب ورئتــني، عمل في عدة مستشفيات آخرها هداســا، وهو جنل احملامي رسالن محاجنة، الذي يدافع عن األسرى الفلسطينين­ي، وهو ما أشارت إليه صحيفة «يسرائيل هيوم» في تقرير حتريضي نشرته ضده.

وأنهى محاجنة لقبه األول في جامعة أولم األملانية، والتحق بقسم جراحة القلب مبستشفى «هداسا» حيث جنح في االختبارات بتفوق.

وســبق أن اشــترك الطبيب الفحماوي في عملية لزراعة قلب اصطناعي ملريض من منطقة القدس. يذكر أن أطبــاء كثيرين أعربوا عن أملهم بأن تقف إدارة مستشفى هداســا بجانب أطبائها املتميزين، وأن تسمح للطبيب أحمد محاجنة بالعودة بسرعة إلى عمله في املستشفى إلنقاذ املرضى.

حملة حتريضية

ومن اجلدير بالذكر أن من قاد احلملة التحريضية ضد محاجنة هو احملامي حاييم باليخر، وهو ناشــط في اليمني املتطرف وشــاركت فيه وسائل إعالم مكتوبة ومسموعة، وقد استدعت إدارة هداسا الطبيب أحمد جللسة استماع، ثم قررت في النهاية فصله من عمله.

أما الفتى األســير اجلريح محمد أبو قطيش فقداعتقل في تشــرين األول/ أكتوبر املاضي بعد إصابته برصاصة وســط مالعب حي الشــيخ جراح في القدس، بزعم تنفيذه عملية طعن.

وفي سياق متصل اســتنكر الدكتور ســالم أبو خيزران - رئيس مجلس إدارة واملديــر العام ملركز رزان الطبي لعالج العقــم وأطفال األنابيب رئيس جمعية اخلصوبة والوراثة الفلســطين­ي، ورئيس مجلس إدارة املستشــفى العربي التخصصي، ورئيس مجلس إدارة املستشــفى االستشاري، استنكر بشــدة فصل الطبيب محاجنه من قبل إدارة مشفى هداســا بذريعة انه قدم احللوى لطفل فلسطيني مصاب في املشفى.

وقــال في حديث صحافــي إن أبــواب مجموعة مشــافي العربية الطبية تفتح ذراعيها للدكتور محاجنــة. وأكد أنه ال يجب أن يثنينا الفعل االحتاللي العنصري عن التمســك باملهنية «مهما حاول الطرف اآلخر أن يضعنا باملربع الالإنساني فإننا ال يجب أن ننجر ملثل ما يفعل».

وأضاف: «ما قام به محاجنة هو قمة اإلنسانية وما قام به الطرف اآلخر هو قمة الالإنساني­ة، وهو ما يجعل لدينا أمال كبيرا، فالطرف اآلخر ميارس أعماله التي حتمل دليل يأس وإحباط، ونحن على الطريق الصحيح».

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom