Al-Quds Al-Arabi

الصني: احلكومة تؤكد أن سياستها حيال كوفيد «ستنجح» رغم تظاهرات واسعة

بريطانيا تندد باعتقال صحافي يعمل في «بي بي سي» أثناء تغطيته االحتجاجات

-

أكدت الســلطات الصينية، أمــس اإلثنني، أن معركتها «ضــد كوفيــد-91 ســتتكلل بالنجــاح» غــداة حركة احتجاجيــة غاضبة اتخذت بعدا غير مســبوق لصينيني سئموا من القيود الصحية وطالبوا مبزيد من احلريات.

فاألحد، نزلت حشــود مــن املتظاهرين لبــوا دعوات عبر شــبكات التواصل االجتماعي، إلى الشــارع في بكني وشنغهاي ووهان خصوصا، ما باغت القوى األمنية.

ومــن الشــعارات التــي هتف بهــا احملتجــون: «ال لفحوصات كوفيد، جنن جياع» و»شــي جينبينغ استقل! و»احلزب الشــيوعي الصيني انســحب!» و»ال للحجر، نريد احلرية».

ويشــكل هذا احلراك نظرا إلى اتساعه اجلغرافي، أهم تعبئة منذ التظاهــرا­ت املناديــة بالدميقراط­ية في العام .1989 ويشــكل انفجار االستياء الشــعبي الذي استمر بالتعاظم في األشــهر األخيرة في الصني وهي من الدول القليلــة في العالم التي تســتمر بتطبيق سياســة «صفر كوفيد» الصارمة جدا مع عمليــات إغاق وحجر متكررة وفحوصــات «بي ســي آر» شــبه يومية. وحفــز حريق حصد أرواحا في أورومتشــي عاصمة مقاطعة شينجيانغ في شــمال غرب الباد، غضب الكثير مــن الصينيني وقد حمل بعضهم القيود الصحيــة الصارمة بعرقلة عمل فرق اإلطفاء واإلغاثة.

واتهمــت وزارة اخلارجيــة الصينية، أمــس اإلثنني، «قــوى ذات دوافع مبيتة» بإقامة رابــط بني هذا احلريق و»االســتجاب­ة احمللية لكوفيد-91» على مــا أكد الناطق باســم الوازرة جاو ليجيان. وأوضح هذا األخير: «نعتبر أن معركتنــا ضد كوفيد-91 ســتتكلل بالنجــاح بقيادة احلزب الشيوعي الصيني ودعم الشعب الصيني».

إال أن االحتجاجــ­ات ظّهرت أيضــًا مطالبات مبزيد من احلريات السياسية ال بل مبغادرة الرئيس شي جينيبينغ الذي أعيد اختياره لوالية ثالثة غير مســبوقة على رأس الباد.

وشوهد انتشــار للشــرطة في بكني وشنغهاي صباح اإلثنني قرب مواقع جتمعات األحد. وفي شــنغهاي أوقف شخصان قرب شــارع أورومتشــي حيث جرت تظاهرة األحد. وأوضح شــرطي أن أحــد املوقوفني «لــم يحترم تدابيرنا».

وكان عناصــر الشــرطة يعمــدون إلــى أخــذ بعض األشــخاص في املكان جنبا طالبني منهم حذف صور عن هواتفهم على ما نقلت وكالة «فرانس برس».

وجتنبت شرطة شــنغهاي رغم األسئلة املتكررة، حتى صبــاح اإلثنني توضيح عــدد املوقوفني فــي عطلة نهاية األسبوع. وفي شــنغهاي، نصبت كتل زرقاء على جانبي شارع شــهد تظاهرات خال الليل منعا ألي جتمع جديد. ووقعت مواجهات األحد بني القــوى األمنية ومتظاهرين الذين حمل بعضهم أزهارًا أو أوراقًا بيضاء في إشارة إلى الرقابة. وقد أوقف عدد منهم.

وقرب نهر ليانغما في بكني حيث جتمع أكثر من 400 من الشباب الصينيني مساء األحد ساعات عدة هاتفني «نحن جميعا أبناء شينجيانغ!» ركنت سيارات للشرطة فيما قام عناصر بدوريات راجلة على طول اجملرى.

وقالــت امرأة في العشــرين من العمــر كانت متارس رياضــة اجلري في احلــي «هــذه التظاهرة أمــر جيد» موضحة أنها تابعتها عبر وســائل التواصل االجتماعي. وأضافت الشابة طالبة عدم الكشف عن هويتها: «وجهت التظاهرة رسالة إلى أن الناس ســئموا من القيود املبالغ بها». وأكدت: «أظن أن احلكومة فهمت الرســالة وستعمد إلى تخفيف سياستها». وتابعت تقول: «الرقابة لم تتمكن من أن تلحق بالوتيــرة» عندما اندلعــت التظاهرات في مناطق مختلفة من الباد.

إال أن الرقابة متكنت بعد ذلك من إحكام قبضتها. فعلى شبكات التواصل االجتماعي الصينية حذفت، اإلثنني، أي معلومة تتعلق بالتظاهرات.

وعبر منصة «ويبــو» املرادف الصيني لتويتر ال تفضي عمليــات البحث مــع اســتخدام عبارتي «نهــر لينغما» و»شارع أورومتشي» إلى أي نتيجة مرتبطة بالتعبئة.

نقطة غليان

وتعقــد هيمنة الســلطات الصينية علــى املعلومات املتوافرة والقيود الصحية الصارمة على الســفر داخل الباد، عملية التحقق مــن العدد اإلجمالي للمتظاهرين خال عطلة نهاية األســبوع. إال أن حتركا بهذا االتساع اجلغرافي نادر احلــدوث في الصني نظــرا إلى قمع أي شكل من أشكال املعارضة للحكومة.

وســجلت تظاهرات أيضــا في كانتون وشــينغدو وهونغ كونغ فضا عن مدينة ووهان في وســط الباد حيث رصــدت أول إصابة في العالــم بكوفيد-91 قبل ثاث ســنوات تقريبا. ونشــرت صحيفة «الشــعب»، اإلثنني، نصا يحذر من أي «شــلل» جراء سياسة «صفر كوفيد» من دون الدعوة إلى وقفها.

وأوضــح ألفــرد وو مولــوان اخلبير في السياســة الصينية في جامعة ســنغافورة الوطنية: «بلغ الناس اآلن نقطة الغليان بســبب غياب توجه واضح للسبيل الذي ينبغي ســلوكه بعد انتهاء سياسة صفر كوفيد». وأكد أن «احلزب (الشــيوعي احلاكم) استخف بغضب الســكان». وأثارت التظاهرات قلق املستثمرين ففتحت البورصات اآلسيوية على تراجع ملحوظ اإلثنني.

صحافي «بي بي سي»

وفي الســياق، نددت احلكومة البريطانية، أمس، مبمارســات الشــرطة الصينية بعدما أفادت هيئة اإلذاعــة البريطانية (بي بي ســي) عن اعتقال أحد صحافييها وتعرضه للضرب خال تغطيته االحتجاجــ­ات في شــنغهاي. وقالت «بي بي ســي» إن إد لورنس الذي يعمل في الصني كصحافي معتمد، اع ُتقل لع ّدة ساعات تع ّرض خالها لاعتداء والركل من قبل الشــرطة. وبعد إطاق ســراحه، غّرد لورنس عبر تويتر اإلثنني شــاكرًا متابعيــه، وقال إنه يعتقد بأ ّنه « ُألقي القبض على مواطن مح ّلي واحد على األقل بعد محاولته منع الشرطة من ضربي».

ووصف وزيــر اخلارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، احلادث بأنه «مقلق للغاية». وكتب على تويتر: «يجب احترام حرية اإلعام وحرية التظاهر. ال توجد دولة مستثناة». وأضاف: «يجب أن يكون الصحافيون قادرين على القيام بعملهم من دون ترهيب». بدوره، قــال وزير األمن، توم توغندهــات، إن اعتقال لورنس كان «صدى للقمع الذي ميارسه احلزب الشيوعي الصيني في أماكن أخرى».

وأضاف بعد ورود تقارير عن قيام الصني بتشغيل مراكز شرطة غير معلنة فــي دول أجنبية مبا في ذلك بريطانيــا، أن «محاوالت الصــني قمع الدولة هنا في اململكة املتحــدة تذ ّكرنا باحلاجة املل ّحة للدفاع عن حرياتنا».

وأعربت «بي بي سي» عن «قلق بالغ» بعدما مت تصوير لورنس وهو ُيقتاد بعيدًا عن أحد االحتجاجات في شــنغهاي. وقالت: «لم نتلق أي تفســير أو اعتذار رسمي من الســلطات الصينية، سوى ادعاء املســؤولن­ي الذين أطلقوا ســراحه في ما بعد أنهم اعتقلوه ملصلحته لئا يصاب بكوفيد وسط احلشــد». وأضافت: «ال نعتبر ذلك تفسيرا ذا مصداقية».

وصرحــت وزارة اخلارجية الصينية، اإلثنــني، بأن لورنس لم يعرف عن نفســه على أنه صحافي. وقال املتحدث باســم الوزارة جاو ليجيان: «بناء على ما علمنا به من ســلطات شــنغهاي ذات الصلــة، لم يع ّرف عن نفســه كصحافي ولم يقــ ّدم طواعية أوراق اعتمــاده الصحافيــة». وطلب جاو مــن اإلعام الدولــي «اتباع القوانني واألنظمة الصينية أثناء وجودها في الصني».

غير أّن منظمة مراســلون با حدود دانت أيضًا اعتقال لورنس وتعرضه املفترض لاعتداء. وقالت فــي تغريدة: «تقف (منظمة) أطباء با حــدود إلى جانب كل هؤالء الذين ميارســون الصحافة املبنية علــى احلقائق في الصني وتدعو النظــام إلى احترام حقهم في تغطيــة االحتجاجــ­ات». دان احتاد البــث األوروبي لإلذاعة والتلفزيــ­ون، أكبــر حتالف وســائل إعاميــة عامة فــي العالم، «االعتــداء­ات» على الصحافيني الذين يغطــون االحتجاجات ضد القيود الصحية في الصني.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom