مخاوف التلوث تزيد اإلقبال على شراء منتجات الزراعة العضوية في لبنان
■ بيــروت - األناضــول: دفع اإلقبــال املتزايد على شــراء املزروعات العضوية في لبنان، ليصبح لها أســواق ومتاجر مخصصة في العاصمة بيروت، في مشــهد يناقض الواقع االقتصادي الصعب الذي يرزح حتته البلد.
وبالرغم مــن أن املزروعات العضوية ســعرها مرتفع مقارنة مبثيالتها من الزراعــة التقليدية، إال أن عوامل عدة تدفع كثيرا مــن اللبنانيني نحو هذا اخليار، ملا في ذلك من منافع صحية.
وفض ًال عن أنهــا منتجات تنمو طبيعيا بعيد ًا عن األســمدة واملبيدات املصنعة كيماويا، تعد التقارير حول تلوث مياه الري سببًا كافيًا جلعل كثير الناس يبحثون عن مصدر نظيف لغذائهم.
وقبــل أســبوعني، حــذر وزير الصحــة فراس األبيض، في تصريحات صحافية، من تفش واســع للكوليرا، بســبب ري املزروعات في بعض املناطق مبياه ملوثة.
كما يعاني نهــر الليطاني األطول في البالد 170( كلم) من تلوث حاد، وفقا لتقارير رســمية، ما أفقده دوره الرئيسي في ري األراضي الزراعية احمليطة به بشكل سليم وصحي.
وتعتمــد الزراعــة العضويــة على اســتخدام الطرق البيولوجية وامليكانيكية بدال من اســتخدام املواد املصنعة ما يؤمن إنتاج ًا زراعي ًا ســليم ًا وآمن ًا ويحافظ علــى البيئــة ويضمن اســتدامة املوارد الطبيعية.
ووفقــا لبيانــات وزارة الزراعــة، يوجد نحو 150 مؤسســة حائزة على تراخيص تخولها إنتاج مزروعات بطريقة عضوية.
وبناء على قانــون تنظيم الزراعــة العضوية، متنح الوزارة شهادات وتراخيص للمؤسسات التي تطّبق الشروط واملواصفات املطلوبة، ووفقًا لتقييم ومراقبة من شركات عاملية متخصصة في هذا اجملال.
مع أن اإلقبال على شراء هذا النوع من املزروعات يتزايد إال أن نســبة األراضي املزروعــة بها ال يزال ضئيال جدا مقارنة بالزراعة التقليدية.
لذلك تســعى وزارة الزراعة إلى حتسني القدرة التنافســية للزراعــة العضويــة وزيادة مســاحة األراضي العضويــة حتى تصل إلى 5 فــي املئة من إجمالي اإلنتاج الزراعي
وال تســتخدم فــي الزراعة العضويــة املبيدات احلشــرية، إمنــا تتــم مكافحتها بطــرق يدوية أو بيولوجيــة، كما يجــب أن تكون خاليــة من املواد الكيميائيــة االصطناعيــة واملواد املعدلــة جينيا وترسبات مياه الصرف الصحي.
وتقصد سهى هيدموس، إحدى املواطنات، التي تفضل شــراء منتجات زراعية عضوية، كل أسبوع سوق امخصصة لبيع املنتجات الزراعية العضوية في منطقة مار مخايل في بيروت.
وقالــت هيدموس أنها تشــتري اخلضار من هذا الســوق لعلمها بأنها غيــر ملوثــة ومروية مبياه نظيفة، كما أنها تتغذى بشــكل طبيعــي بعيدا عن الكيماويات. أما بالنســبة لألســعار، فأشارت إلى أنها أغلى من أســواق ومحالت منتجــات الزراعة التقليدية، لكن النوعية والطعــم تعوض عن ذلك، لكنها تستحق هذا السعر.
ومع أن اإلقبــال أصبح الفتًا مؤخرًا على شــراء املزروعــات العضوية إال أن هذا النــوع من الزراعة ليس جديدا، إمنــا بدأ في التســعينات، وفق مرمي عيد، رئيسة مصلحة الصناعات الزراعية بالوزارة.
وقالــت عيد «هناك قوانني ومواصفات قياســية وضعتها الــوزارة، تنظم وتتحكم بهــذا النوع من الزراعة، ما يعكس اهتمامــًا حكوميًا بها». وأضافت «نعتبــر أن هــذه الزراعة قيمة مضافــة للمنتجات اللبنانية، وتســاعد علــى رفع قيمــة املنتجات في األسواق احمللية واخلارجية».
وأشــارت عيد، إلى وجود شركات خاصة تراقب هذا النــوع من الزراعــات، من أجــل احلفاظ على جودتهــا، وتطبيــق املعايير من مرحلــة الزرع إلى التســويق. طارق رباح، أحــد املزارعني احلاصلني علــى شــهادة وترخيــص وزارة الزراعــة إلنتاج مزروعــات عضويــة، يتوجه إلــى مزرعته صباح كل يــوم لالعتناء بأرضه وفق الشــروط واملعايير الالزمة. ولفت رباح إلى أن «الزراعة التقليدية تقوم على زراعــة األراضي من صنف واحد، أما العضوية فتعتمد على تنويع الزراعات ضمن األرض الواحدة، ما يؤمن توازن ًا طبيعي ًا وحيوي ًا».
وقــال إن «زراعة األرض بصنــف واحد أمر غير محبب ســواء للطبيعــة أو للمحصــول، لذلك فإن الزراعــة الناجحة ال ســيما العضويــة، هي التي تعتمد على تنويــع املنتجات». وأضاف رباح «نزرع الطماطم واخليار وكل أنواع الورقيات (مثل اخلس والبقدونس)، ننتج حوالــي 100 نوع من اخلضار بطريقة عضوية وفقا لكل موسم».
واعتبر أن «الزراعــة العضوية بهذه الطريقة لها طعم آخــر، فضال عن أنها صحية وغيــر ملوثة، أما أســعارها فمرتفعة بنحو ضعف أســعار املنتجات التقليدية».
وأوضــح ربــاح أن «أســعارها مرتفعــة، ألنها تتطلب اهتماما أكبــر، خصوصا أننا نحاول العناية بها وحمايتها من احلشــرات واألمــراض من دون استخدام سموم ومبيدات كيماوية».