Al-Quds Al-Arabi

السوداني من طهران: لن نسمح باستخدام أراضينا لتهديد أمن إيران

رئيسي اعتبر أن إخراج القوات األجنبية كفيل بتحقيق األمن في املنطقة

- من مشرق ريسان:

أكد رئيــس الــوزراء العراقي، محمد شــياع الســوداني، أمــس الثالثاء، من طهــران، رفض بالده اســتخدام أراضيهــا لالعتــداء على دول اجلــوار، مشــيرا إلى عــدم الســماح للمجاميع واألطراف املناهضة للنظام في إيران واملتواجدة على األراضي العراقيــة باإلضرار واإلخالل بأمن دولة إيران، فيما شــكك املرشد األعلى للجمهورية اإلسالمية، آية الله علي خامنئي في هذا التعهد.

وتّتهم احلكومــة اإليرانّيــة الفصائل الكردية املعارضة بتشــجيع االضطرابات التي تشــهدها إيران منذ 16 أيلول/ســبتمبر بعد وفاة الشــابة اإليرانية مهســا أميني 22( عامــا) بعدما أوقفتها الشــرطة في طهران لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة في اجلمهورية اإلسالمية.

ورغم تأكيد الســوداني أن بغداد مصممة على عدم «الســماح باســتخدام األراضــي العراقية لتهديد أمن إيــران»، رد املرشــد األعلى على هذا املوقــف بالقول «لألســف يحدث هــذا األمر في بعض مناطق العراق»، وفق مــا نقلت عنه وكالة اجلمهورية اإلسالمية لألنباء «إرنا».

وتابع: «احلل الوحيد يكمن في توسيع سيطرة احلكومة العراقية على تلك املناطق أيضا».

وأكــد على «ضــرورة تنفيذ جميــع االتفاقات املبرمة في وقت ســابق بني طهران وبغداد»، كما حذر مــن بعض النوايــا التــي ال ترغب حصول اتفــاق وتعــاون بــني هذيــن البلديــن»، وفق الوكالة اإليرانية، مشــيرا خصوصا إلى التعاون االقتصادي والتبادل التجاري وسكك احلديد.

وصل الســوداني إلى طهران، في زيارة يجري خاللها عددا من اللقاءات وجلسات املباحثات مع القادة واملسؤولني اإليرانيني.

وقــال في مؤمتــر صحافي عقده مــع الرئيس اإليرانــي إبراهيم رئيســي: «نحن فــي طهران لبحث العالقات الثنائية بني البلدين في اجملاالت االقتصادية والسياســي­ة واألمنية، وكذلك بحث مستجدات املنطقة والوضع الدولي».

وزاد: «بالتأكيد زيارتنا هذه هي إلدامة أواصر العالقــة التاريخيــ­ة بني العــراق وإيــران، وما يتخللها من مشــتركات على األصعدة كافة، األمر الذي يحتم علينا العمل والتنســيق املشــترك في مختلف اجملاالت».

«احلق ضد الباطل»

وأثنى، على الدعم املقدم مــن إيران إلى بالده منذ العــام 2003 ولغاية احلرب مع تنظيم «الدولة اإلســالمي­ة»، منوها بــأن «هذا الدعــم جتلى في أماكن كبيرة. واإلخوة اإليرانيون قدموا أرواحهم

مع إخوتهم العراقيني في خندق مواجهة احلق ضد الباطل».

وطبقا للســوداني، فــإن «هذا مــا يدفعنا إلى أهمية هــذا العمل ملواجهة التحديــات والتطرف واخملدرات التي تهدد شعوب املنطقة»، معتبرا أن «هذه اللقاءات والزيارات ضرورية لتوفير قاعدة صلبة للدفع في اجتاه تنشيط العالقات في جميع اجملاالت بني البلدين».

وتطرق إلــى امللف االقتصادي خــالل املؤمتر قائال: «هــذا امللف يحظى بأهميــة كبيرة من بني اهتمامات احلكومة العراقية، وإننا نعتقد أن هذه الزيارة ســتمثل ركيزة في الدفع باالقتصاد ليس بني البلدين في املنطقة وحسب بل بالعالم».

ونوه إلى «االتفاق مع إيران على تفعيل اللجنة االقتصادية املشــتركة وضرورة عقد اجتماعاتها في أقرب وقت ممكن، لكــي تكون هناك مخرجات ترفــع إلــى رئيس مجلــس الــوزراء ونائبه في الشؤون االقتصادية».

كمــا ثمــن «موقــف إيران فــي دعــم العراق واســتمرار إمدادات الغاز والكهربــا­ء»، موضحا أنه «أكدنا على استمرار هذه اخلدمات حلني إكمال مشاريعنا في هذا اجملال».

وأشار إلى أن «العراق سوف يبذل جهدا إلتباع آلية بشأن االلتزامات املالية مع إيران واملتطلبات الدولية، وستكون لنا جهود على مستوى اللجان املشتركة بني البلدين، وســيكون لنا بحث خالل الزيارة حول هذا األمر».

وزاد: «سوف نبحث مشاريع نقل النفط اخلام للتصفيــة ونقل الغاز ومعاجلتهــ­ا، وفق مذكرات ســابقة ســيتم بحثها في هذه الزيارة وزيارات أخرى في بغــداد»، كاشــفا عن «بحــث العالقة والتعــاون في اجملــال األمني»، مؤكــدا أن «أمن البلدين وحدة كاملة ال تتجزأ، وهي قطعا جزء من أمن املنطقة».

ولفــت إلــى أن حكومتــه «ملتزمــة «بتنفيذ الدســتور وعدم الســماح ألي مجاميع وأطراف تســتخدم األراضي العراقيــة لإلضرار واإلخالل بأمــن إيران»، مشــددا علــى أن «هذه سياســة العراق، ولن يكون محطة ونقطة إنطالق لإلضرار بدول اجلوار».

ومضــى يقــول: «سياســتنا فــي العالقــات اخلارجية، هدفها إقامــة عالقة متوازنة مع الدول الشــقيقة وفق مبــدأ االحتــرام املتبــادل وعدم السماح بأن يكون العراق مصدر قلق وضرر لدول اجلوار».

وتعهد في ختــام كلمته بأنه «ســيكون هناك بحث للمشــاكل األمنية، وســتكون هناك صيغة للتفاهم في إيجاد آلية للعمل والتنســيق امليداني لتجنب أي تصعيــد في املنطقــة، ونحن نرى أن احلوار والتفاهم أســلوب أمثــل»، مؤكدا «التزام احلكومة العراقية علــى تطوير التعاون مع إيران في اجملاالت كافة».

أما رئيســي، فقد اعتبــر أن، خــروج القوات األمريكية وحلفائها من العراق كفيل بإحالل األمن واالستقرار في هذا البلد.

وقال خالل املؤمتر، إن «عالقتنا بالعراق ليست عالقــات عادية، هــي تتجذر في القيــم والثقافة للبلدين، وهذه اجلذور املترسخة والعميقة تضع البلدين واحلكومتني جنبا إلــى جنب في ازدهار هــذه العالقات التي تتجلى في املراســم اخلاصة في زيارة األربعينية لإلمام احلسني، واالستضافة املتكاملة التي يقدمها العراقيون للزوار اإليرانيني لزوار الشعوب األخرى».

وأضــاف أن «احلكومة العراقيــة بدأت مهامها برئاســة الســوداني، وحصلت على دعم جميع األطراف السياسية واملكونات العراقية لكي ينجح السوداني في تقدم اخلدمات اخملتلفة إلى الشعب ويرفع املشــاكل واملعاناة، ويقدم خدمات مخلصة للشعب».

كما شــدد على «التعاون مع جمهورية العراق وتضامنها مع دول املنطقــة»، معربا عن أمله بأن «يرتقي مســتوى التعاون ويزداد ويتوسع وأن يشمل اجملاالت كافة».

وأكد أن «مكانة العراق مهمة في إرساء السالم واالستقرار واألمن في املنطقة، ومن اجملاالت التي يرغب الطرفــان التعاون فيهــا ملكافحة اجملاميع اإلرهابية والتصــدي للجرائم املنظمة والتصدي ألي عامل يــؤدي إلى زعزعة األمن واالســتقر­ار في البلدين»، مبينا أن «هذه األمور حتظى بإرادة مشتركة من قبل البلدين».

وأشــار إلــى أن «أمــن املنطقــة، والســالم واالستقرار فيها، يجب أن يكون منطلقا من جهود املســؤولن­ي في حكومــات املنطقــة، وأن حضور األجانب ســوف ال يــؤدي إلى إيجــاد األمن بل ســيفاقم من املشــاكل العالقة، لذلك، رأينا يتمثل بــأن حضور الواليــات املتحدة في أفغانســتا­ن لم يؤِد الســتتباب األمن، ونرى خــروج القوات األمريكية والقوات األجنبية من العراق هو الكفيل في إحالل األمن في العراق».

ووفقا له فإن «هنــاك العديد من القضايا التي ســنتناوله­ا خالل الزيارة من بينهــا االتفاقيات واملذكرات والقضايا املصرفية والنقدية وموضع تصدير الكهرباء والغــاز»، الفتا إلى أن «دون أي شــك هذه الزيارة واملباحثات التــي جتري فيها سوف تساعد على حل بعض املشاكل العالقة بني البلدين».

وعقــب املؤمتــر الصحافي، عقد الســوداني، والوفــد الرســمي املرافق له، جلســة مباحثات موسعة مع اجلانب اإليراني في العاصمة طهران، ترأسها رئيسي.

وطبقا لبيان ملكتب الســوداني فإن اجللســة شــهدت «البحــث فــي العالقــات الثنائية بني البلدين، ومناقشة امللفات ذات االهتمام املشترك، فــي مقدمتها ملف التنســيق األمنــي، والتبادل التجاري، والتعاون في مجال الطاقة واالستثمار وتنظيم الســياحة والزيارات الدينية املتبادلة،

فضال عــن ملف املياه ومواجهــة حتديات التغير املناخي وآثاره االقتصادية».

وضــ ّم الوفد العراقي ك ّل ًا مــن وزير اخلارجية فؤاد حســني، ووزيــر النفط حيان عبــد الغني، ومستشــار األمــن القومــي قاســم األعرجي، ومدير مكتب رئيس الوزراء إحســان العوادي. ومن اجلانــب اإليراني، حضر وزيــر اخلارجية حســني عبد اللهيان، ووزير االقتصاد والشؤون املالية إحســان خاندوزي وعددا من املســؤولن­ي اإليرانيني.

وجــرت، صباح أمــس، في القصر الرئاســي في طهران، مراسم اســتقبال رسمي للسوداني، بحضور رئيسي.

وحســب الكاتب واحمللل السياسي العراقي، علي البيدر، فإن الزيارة، تأتي على وقع خشــية طهران من تقرب احلكومة العراقية من واشنطن.

وحسب تدوينة له، فإن «زيارة السوداني الى إيران جاءت بعد خشــية اجلارة الشرقية تقرب احلكومة اجلديــدة من اجلانــب األمريكي الذي كشفته الزيارات املعلنة، فكيف بالسرية منها؟»، مبينــا أن طهران «حتاول اإلبقــاء على حظوظها

داخل املشــهد العراقي مهما كلــف األمر، حتى لو كان ذلك على حساب سيادة البالد».

كذلك، أكــد زعيم ائتــالف «الوطنيــة»، إياد عــالوي، على ضرورة أن تبنــى عالقات البلدان الشقيقة وفق املصالح املشتركة وعدم التدخل في الشأن الداخلي.

وذكــر مكتــب اإلعالمــي أن ذلك جــاء خالل اســتقباله، أول أمس، في مكتبه في بغداد سفير اجلمهورية اإلسالمية، محمد كاظم آل صادق.

وفيما يخــص تكرار االعتــداء­ات على مناطق اقليــم كردســتان في العــراق، بني عــالوي أن «العالقــات بــني البلــدان الشــقيقة والصديقة يجب أن تبنى وفق مبدأ تبــادل املصالح وتعميق املشــتركا­ت وعدم التدخل في الشــأن الداخلي»، مؤكــدا في الوقت ذاته «رفضه القاطع اســتخدام األراضــي العراقية كمنطلق لالعتــداء على دول اجلوار».

ودعا إلى «عقد حوار جدي وصريح»، مشــيرا إلى أن «مؤمتر شرم الشــيخ الذي عقد عام 2004 وضع األسس السليمة للعالقات مع اجلوار»، فيما أكد أن «مجلس العالقات العربية والدولية كان قد قرر إرســال وفٍد إلى إيران للحديث حول األزمات فــي املنطقــة والســبل الكفيلة بحلهــا وحتقيق السالم».

منع خرق السيادة

في الشأن ذاته، كشف ائتالف «إدارة الدولة»، عقب اجتماعه األخير الذي عقده في بغداد مساء أول أمس، عــن «حــوارات واجتماعــا­ت رفيعة املســتوى ملنع خرق السيادة العراقية من أي جهة خارجية»، مؤكدا «عمل العراق اجلاد ملنع استعمال أراضيه منطلقا لزعزعة أمن دول اجلوار».

وتســتهدف، إيران منــذ أســابيع، بعمليات عســكرية، مناطق في إقليم كردســتان العراق، يتخ ّذها معارضون لطهران مالذ ًا لهم، وسط ت ّنديد احلكومتــن­ي االحتادية في بغداد، وحكومة اإلقليم في أربيل.

وســبق أن اتفــق رئيــس إقليم كردســتان، نيجيرفــان بارزاني والســودان­ي، علــى «عدم الســماح بوجــود فصائــل مســلحة فــي إقليم كردستان».

توعدوا بإعادة النظر بعالقتهم مع حكومة السوداني

 ?? ?? خامنئي مستقبال السوداني أمس بحضور رئيسي
خامنئي مستقبال السوداني أمس بحضور رئيسي

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom