«رايتس ووتش»: حكومة الكاظمي لم تف بوعودها في مساءلة قتلة املتظاهرين
قالــت منظمــة «هيومــن رايتــس ووتــش»، املعنية بالدفــاع عــن حقوق اإلنســان، إن احلكومــة العراقية في عهــد رئيس الوزراء الســابق مصطفــى الكاظمي، لم تف بوعودها باملســاءلة القانونيــة ملوظفي أجهزة األمن التابعة للدولة وعناصر اجلماعات املسلحة التي تدعمها الدولة املســؤولة عن قتل، وتشــويه، وإخفاء مئات املتظاهرين والنشطاء منذ .2019
وأصــدرت املنظمــة تقريــرا فــي 34 صفحــة أمس الثالثاء، حمل بعنــوان: «تنومي القانــون: العنف ضد احملتجــن وإفالت اجلناة من املســاءلة فــي العراق»، يدرس تفاصيل حاالت قتــل، وإصابة، وإخفاء طالت متظاهريــن أثنــاء انتفاضــة 2020-2019 الشــعبية وبعدها في وسط العراق وجنوبه.
وتولى الكاظمي السلطة في مايو/أيار 2020 واعدا بالعدالة فــي جرائم القتل واإلخفــاء، لكن عندما ترك منصبــه فــي أكتوبر/تشــرين األول ،2020 لــم تكــن حكومتــه قد أحــرزت أي تقدم ملموس في محاســبة املسؤولن.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشــرق األوسط في «رايتس ووتــش»، إنه «بعد عامــن ونصف من تولي الكاظمي السلطة، تبين أن وعوده بالعدالة في قضايا العنف الشــرس ضــد املتظاهريــن الســلمين فارغة، والقتلة يســرحون بحرية. ضحى املتظاهرون بالكثير لتحســن الظــروف فــي البــالد، حتــى أنهــم ضحوا بحياتهم، لكن حكومتهم لم تستطع في املقابل منحهم حتى احلد األدنى من العدالة».
وقتــل حوالــي 500 متظاهر فــي األســابيع القليلة األولى فقط من االنتفاضة على يد قوات األمن العراقية واجلماعــات املســلحة املدعومة مــن الدولــة، وفقا لـ «األمم املتحدة». واستمر العنف ضد املتظاهرين حتى بعــد انتهــاء االحتجاجات، مــن خالل حملــة اغتيال استهدفت نشطاء بارزين، كان ينظر إلى معظمهم على أنهم أصوات مؤثرة في حركة االحتجاج.
وبعد ستة أشــهر من توليه منصبه، أنشأ الكاظمي «جلنــة لتقصي احلقائــق» للتحقيق فــي العنف الذي ترتكبــه قوات أمــن الدولة واجلماعات املســلحة ضد املتظاهريــن والنشــطاء. لكن اللجنة لم تنشــر بعد أي معلومات جوهرية حول النتائــج التي توصلت إليها، ولم تكشف حتى عن القضايا التي حققت بها، ناهيك عن نتائج التحقيقات التي أجرتها.
وحققــت «رايتس ووتــش» في 11 حالــة لعراقين تعرضــوا للعنــف بســبب االحتجــاج والنشــاط السياســي. قتل خمســة منهم، بينهم امرأتان. أصيب خمسة آخرون واختطف أحدهم وما زال مفقودا.
ورفع الضحايا وأســر القتلــى أو اخملفين، قضايا قانونية لدى الشــرطة والسلطات القضائية، لكن بعد إبداء السلطات اهتماما أوليا، مثل جمع تفاصيل هذه القضايا، لم تســتأنف الشــكاوى القانونية ولم تتابع الســلطات عمليا حتقيقاتها أو محاوالت حتديد هوية املسؤولن ومحاسبتهم.
وأصر بعض األشــخاص الذين قابلتهم املنظمة، إن قضاياهم « ُن ِّومت» ببساطة.
وكان أمجــد الدهامات 56( عاما) ناشــطا بارزا في العمــارة، عاصمة محافظة ميســان في جنوب شــرق العــراق. فــي 6 نوفمبر/تشــرين الثانــي ،2019 وبعد أســابيع من املظاهرات، اغتيل الدهامات بعد مغادرته اجتماعا مع قائد كبير في الشــرطة في مركز الشرطة الرئيســي في العمارة، حســبما قال نشــطاء آخرون حضروا معه االجتماع. وقعت اجلرمية على بعد بضع مئات األمتار فقط من مقر الشرطة.
ورفع شــقيقه علــي 52( عاما) دعــوى قضائية إلى الســلطات دون نتيجة تذكر. لم ُتنَّفذ أي اعتقاالت في القضية. وخالل كفاحه بغية حتقيق العدالة لشــقيقه، تلقــى علــي الدهامات، تهديــدات بالقتــل وأجبر على الفــرار من العمارة، وتنقل مــن مدينة إلى أخرى خوفا من أن يقتل هو أيضا.
ورغــم عدم إحراز تقــدم في التحقيقات واملســاءلة القانونية، قدمت احلكومــة العراقية تعويضات مالية إلى معظم عائالت القتلى. وفقا لألمم املتحدة، إذ تلقت معظــم عائالت املتظاهرين القتلى تعويضات مالية من «مؤسسة الشهداء» العراقية، وهي مؤسسة حكومية.
ووعدت احلكومة أيضا بتعويض آالف املتظاهرين الذيــن ُشــّوهوا أو أصيبوا خــالل االحتجاجات. لكن عــددا قليــال فقط منهــم حصل علــى تعويضــات عن إصاباتهــم، ومت ذلــك بعد فترات انتظــار طويلة ـ في بعــض احلاالت تصــل إلى عامن ونصــف ـ وبتكلفة مالية كبيــرة. عين الكثيــرون محامن للمســاعدة في مطالباتهم، وحتــدث بعضهم عن اضطرارهم إلى دفع رشاوى للمسؤولن للعمل على طلباتهم.
وطبقــا للمنظمة احلقوقيــة فإنه «ينبغــي حلكومة رئيس الوزراء العراقي اجلديد محمد شياع السوداني نشر معلومات بشأن حتقيقات جلنة تقصي احلقائق في عمليات قتــل املتظاهرين، وإصابتهــم، وإخفائهم أثناء االنتفاضة وبعدها»، كما «ينبغي للحكومة أيضا حث الســلطات القضائية على اإلفصاح عن املعلومات املتعلقة بوضع التحقيقات وسير القضايا».
ودعت حكومة الســوداني إلــى «مضاعفة اجلهود لتعويــض ضحايــا العنــف، بإجراءات تشــمل وضع سياســة تعويض للمصابن تكون واضحة وموجزة، وحتديد خطوات مباشرة تقلل العقبات البيروقراطية التي تعيق احلصول على التعويضات».
وقــال كوغــل: «أســقطت انتفاضــة 2020-2019 احلكومة ودفعت إلى إجراء انتخابات مبكرة، وطالب املتظاهــرون مبحاســبة مرتكبــي أعمال العنــف التي تعرضــوا لها. ميكن لرئيس الوزراء، وينبغي له، العمل لتحقيق العدالة التي لم يحققها سلفه».