النيابة اجلزائرية تلتمس 124 سنة سجنا نافذا في محاكمة جمعت أبرز رؤساء حكومات ووزراء بوتفليقة
بلغ مجمــوع العقوبات التي التمســتها النيابة اجلزائرية خالل احملاكمة التــي جمعت عدة وزراء من فترة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، 124 سنة ســجن ًا نافذ ًا، وذلك عن تهم فساد ثقيلة تتعلق مبنــح صفقات ومشــاريع خارج القانــون وتبديد أموال عمومية.
ويعد هذا امللف فريدا من نوعه، إذ جمع ألول مرة ثالثة رؤســاء وزراء في عهد الرئيس بوتفليقة، هم أحمد أويحيى وعبد املالك سالل والوافد اجلديد على الســجن نور الدين بدوي، كما ضم أشــهر الوزراء وأكثرهم نفوذا مثل وزير الصناعة الفار عبد السالم بوشوارب، ووزير األشغال العمومية ورئيس حزب تاج سابقا عمار غول. وخالل مرافعته، التمس وكيل اجلمهورية لدى محكمة ســيدي أمحمــد االبتدائية بالعاصمة، إنزال عقوبة 15 ســنة حبســًا نافذًا في حق رئيســي الوزراء السابقني أحمد أويحيى وعبد املالك سالل، و21 سنة ســجنًا نافذًا على نور الدين بدوي. كما طالب بإدانة الوزير األســبق للصناعة، عبد الســالم بوشــوارب، بإدانته بـ02 سنة حبسا نافذا، مع أوامر بالقبض الدولي عليه.
كما التمس ممثل احلق العام 10 ســنوات حبسا نافذا لوزير النقل واألشــغال العمومية عمار غول، و21 سنة حبســًا نافذًا لوزير املوارد املائية السابق حسني نسيب و51 ســنة ملن خلفه على رأس القطاع
أرزقي براقي و01 ســنوات حبســًا نافــذًا لكل من وزيري البريــد وتكنولوجيات االتصال إميان هدى فرعون وعمار تو، كما طلبت النيابة 5 سنوات حبسا نافذا لوزير املالية األسبق محمد لوكال.
وتدور وقائــع القضية حول صفقات املشــاريع املمنوحة لشــركات اإلخوة كونينــاف، وهي مجمع كان يحصل على صفقات ضخمة في قطاع األشــغال العمومية ثم منحها لشركات أجنبية، باالستفادة من النفوذ الواسع الذي كان لإلخوة كونيناف، بسبب عالقتهم مع شقيق الرئيس الراحل السعيد بوتفليقة وأغلب الوزراء واملســؤولني الكبــار. واألدهى من ذلك، أن هذه العائلة مت التنــازل لها مببالغ زهيدة، عن مصنع ضخم إلنتاج الزيوت مبيناء اجلزائر، مت استعادته قبل مدة.
ومن بــني الوقائع الواردة ملــف اإلحالة، إجناز قناة للميــاه كلفت نحو 90 مليــون دوالر، وقضايا أخرى تتعلق بقطــاع االتصاالت وحصول شــركة كونينــاف علــى تعويضــات ضخمــة. ويواجــه املتهمون في القضية تهم فساد أبرزها منح امتيازات واعتمادات وإبرام صفقات وإعفاءات من الضرائب، تبديد أموال عمومية واستغالل الوظيفة.
ويتعلق اإلشكال في هذه الصفقات وفق ما ذكره ممثل النيابة، أنهــا كانت تتــم بالتراضي وبطابع االستعجال مثلما حدث في قطاعات الري، األشغال العموميــة، املناطق الصناعيــة واالتصاالت، وهو ما أدى إلى اإلخالل بااللتزامــات التعاقدية وتكبيد خزينة الدولة خسائر كبيرة بسبب التأخر في إجناز املشاريع التي يترتب عنها إعادة التقييم وتخصيص ميزانيات إضافية. ويعد مشكل التأخر في املشاريع إشــكاًال كبيرًا في اجلزائر خالل العشــرين ســنة املاضية التي أطلقت فيها مشاريع ضخمة، حيث يقدر بعض اخلبراء نسبة الزيادة في التكلفة بنحو 70 في املئة في املشاريع.
واجلديد الذي حملتــه هذه احملاكمة، هو الظهور األول أمــام القضــاء آلخر رئيس للــوزراء في عهد بوتفليقة، نــور الدين بدوي الــذي بقي على رأس احلكومــة إلى غاية رئاســيات 2019 التي أتت بعبد اجمليد تبون رئيسا للبالد. وظل بدوي بعد خروجه من احلكومة بعيدا عن قضايا الفســاد التي مســت عددًا واســعًا من رجال الرئيس السابق. لكن اسمه بدأ يظهر شيئ ًا فشيئ ًا، في قضايا تتعلق بفترة توليه منصــب محافظ في عدد من الواليــات الكبيرة قبل دخوله احلكومة.
وبــدأ التحقيق معه منــذ نحو ســنة من طرف الضبطية القضائية لوالية قسنطينة شرقي البالد، في ملفات فســاد تخص عددا من املشــاريع املتعلقة بتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية ومخالفة قانــون الصفقات والتصرف فــي أراض بطرق غير قانونية، إلى أن استدعي شهر متوز/ يوليو املاضي أمــام قاضي التحقيق ليتحول رســميا إلى متهم مع وضعه حتت الرقابة القضائيــة، ثم تطورت األمور بسرعة ليودع احلبس املؤقت.